فنزويلا: عودة إلى دورة التعبئات وأعمال العنف في أبريل-يوليوز 2017

بلا حدود15 يناير، 2018

على مدى أربعة أشهر، هزت فنزويلا أزمة سياسية حادة. يأتي ذلك في سياق الانهيار الاقتصادي الذي شهدته البلاد مند عام 2014. وتؤدي الطبقات الشعبية الفنزويلية ثمنا باهظا وتعاني من شتى أشكال العنف.
لقد أثارت السيرورة البوليفارية آمالا كبيرة في صفوف اليسار الجذري، وهي اليوم في وضع حرج. بين شهري أبريل ويوليوز، شهد البلد مواجهات عنيفة. وصل التقاطب السياسي بين داعمي الحكومة والمعارضين إلى مستويات عالية جدا، في حين أن غالبية السكان، الذين يواجهون الهشاشة المتزايدة، غائبة عن كلا المعسكرين. ينتج عن انخفاض أسعار النفط وانهيار العملة صعوبات اقتصادية كبيرة بالنسبة للطبقات الشعبية الفنزويلية: التضخم المتفشي والنقص الهائل خاصة في المواد ذات الأولوية.

عنف سياسي من كل صوب وحدب
في الفترة ما بين أبريل ويوليوز، كانت فنزويلا مسرحا لمظاهرات المعارضة، تلتها مواجهات عنيفة أسفرت عن مقتل 124 شخصا وعدة آلاف من الجرحى. أعلن تقرير للأمم المتحدة، اعتبرته الحكومة منحازا، عن حملة قمع وحشية من طرف أنصار الحكومة، حيث حمل مسؤولية مقتل 46 شخصا لقوات الشرطة ووفاة 27 شخصا للجماعات المسلحة الموالية للحكومة. في حين أن المعارضة مسؤولة عن مقتل 28 شخصا (15 بفعل حوادث متعلقة بالمتاريس، و8 من أفراد الشرطة تم تصفيتهم و5 من المناضلين التشافيزيين تم سحلهم).1
خلال هذه الأشهر الأربعة، نظمت المعارضة مظاهرات بمئات الآلاف من الناس. بعضها كان عنيفا، من طرف الغواريمبيروس guarimberos، ومعظمهم من الشباب، يشتبكون مع قوات الشرطة، ويطلقون على أنفسهم “ريسيستنسيا Resistencia”. يجب التمييز في هذه الأعمال العنيفة التي تواجه الحكومة بين أفعال تميزت بروح انتقام اجتماعي ضد مناضلين بسطاء أنصارٌ تشافيز، وهي أعمال تنعم برضى معين من قبل قادة المعارضة المحافظة. وفي مثل هذا السياق، تظهر ردود أفعال عصيانية مباشرة، كما جرى خلال هجوم بقنبلة يدوية بالمحكمة العليا للعدل وبوزارة الداخلية من قبل جندي سرق مروحية تابعة للشرطة، أو الهجوم على القاعدة العسكرية Naguanagua من طرف عشرين رجلا يدعون تنفيذ “عملية مدنية وعسكرية”.
على الجانب الحكومي، نلاحظ أيضا مجموعات مسلحة، colectivos، جد مختلطة .2 هناك مجموعات قديمة، بقايا حرب العصابات في سنوات 1960، محافظة على بعض الاستقلالية عن الحكومة، تقوم بتطوير عمل اجتماعي فعلي وضمان أمن أحيائها ضد الجانحين. وهناك مجموعات أخرى، بالمقابل، أُنشئت مؤخرا، بمثابة “قوات صدامية” موالية للحكومة، وتهدد أولئك الذين لا يدعمون نيكولاس مادورو بطردهم من البرامج الاجتماعية وتمنع جسديا في بعض الأحيان تنظيم الاحتجاجات السلمية. لقد هاجم بعضهم الجمعية الوطنية، واحتجزوا النواب والأجراء الموجودين بالمكان لمدة تسع ساعات بتواطؤ نسبي للحكومة. من جانبهم، يحافظ الجيش والشرطة على النظام باستعمال القمع أكثر وأكثر. وتحُدُ حالة الاستثناء والطوارئ الاقتصادية السارية لمدة سنة ونصف من الحق في الاحتجاج؛ وبموجب خطة زامورا، يحال المتظاهرون المعتقلون على المحاكم العسكرية.

جمعية تأسيسية مثيرة للجدل
اندلعت هذه الاحتجاجات، في 30 مارس الأخير، على إثر قرار TSJالمحكمة العليا للعدل (التابعة لمادورو) تجريد الجمعية الوطنية (التي تسيطر عليها المعارضة) من صلاحياتها ورفع الحصانة عن البرلمانيين. وقد تراجعت السلطات الفنزويلية عن هذه المبادرة، ولكن منذ فوز المعارضة بالانتخابات البرلمانية في دجنبر 2015، ألغيت قرارات الجمعية الوطنية بدريعة شكوك حول حدوث تزوير في انتخاب النواب الثلاثة لأمازوناس Amazonas. وأرادت المعارضة الدعوة إلى استفتاء إلغائي، ينص عليه دستور 1999، ضد مادورو. تم تأخير تنفيذه بشكل منهجي، ثم عُلق في الواقع من طرف السلطات الانتخابية المؤيدة لمادورو.
في مواجهة هذه الأزمة، دعا نيكولاس مادورو في الأول من ماي لجمعية وطنية تأسيسية انتخبت في 30 يوليوز. تألفت هذه الأخيرة من 545 عضو، ثلث المنتخبين حسب القطاع والثلثين الباقيين بالاقتراع العام، مع زيادة تمثيل للمناطق الريفية حيث التشافيزية تقاوم أكثر. في المرحلة الأولى، تبين أن خمسة ملايين فنزويلي لم يستفيدوا من التصويت القطاعي (3). ولأن المعارضة قاطعت التصويت، فقد كان التحدي الوحيد هو حجم المشاركة.
لقد أعلنت الهيئات الرسمية أن حوالي 8.1 مليون ناخب أي “أكبر تصويت للثورة” حسب تعبير مادورو. وفي غياب مراقبي المعارضة، يصعب التحقق من هذه الأرقام. ومع ذلك، من المستبعد نوعا ما أن تحشد حكومةٌ تحظى بنحو 20٪ من الآراء المؤيدة، أكثر مما حشده هوغو تشافيز في فترة أقصى شعبية له. ويجب أن يوضع هذا الاقتراع في سياق تقاطب سياسي قوي للغاية. لقد هدد نيكولاس مادورو شخصيا العاملين في القطاع العام والمستفيدين من البرامج الاجتماعية بالانتقام في حالة امتناعهم عن التصويت.4 وفي العديد من المناطق، قام المعارضون بترهيب الناخبين لمنعهم من الذهاب للتصويت، مما اضطر الحكومة إلى تركيز أغلب المكاتب في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وتم إعلان المرشحين المناهضين للحكومة المنغرسين في قطاع ما، من قبل الهيئات الانتخابية، كمرشحين في قطاع آخر، حيث حظوتهم أقل، وفقا لستالين بيريز، رغم تأييده للجمعية التأسيسية. 5
وصلت الاحتجاجات إلى النخب التشافيزية. فالنائبة العامة لويزا اورتيجا، المعينة من قبل أنصار تشافيز انتقدت عن حق مرسوم TSJ الذي صب النار على الزيت، وحجم القمع أو الدعوة لجمعية تأسيسية دون استفتاء مسبق كما فعل هوغو شافيز. اتهمت بكونها المحرضة الفكرية لأعمال العنف التي شهدها الربيع، وتم تجميد حساباتها كما منعت من مغادرة البلاد. وكان عزلها أول قرار اتخذته الجمعية التأسيسية الوطنية ANC. وفي مثل هذا السياق من الاستقطاب، حيث يصعب على المرء البقاء مستقلا عن التشافيزية والمعارضة، فقد طلبت اللجوء، وهي الآن تحت حماية الحكومات المحافظة في المنطقة.

أي تدخل في مثل هذه الأزمة السياسية؟
إن قائمة الوحدة الديمقراطية MUD ليست بديلا سياسيا تقدميا. لا يزال يقودها النيوليبراليون الذين لم يقبلوا قط وجود قائد في السلطة ذو أصول بسيطة تدعمه الطبقات الشعبية، هوغو شافيز ثم نيكولاس مادورو. وعلى مدى قرابة عقدين من الزمن، بقيت قاعدتها الاجتماعية أكثر تركيزا على الطبقات المالكة، على الرغم من أن الطبقات الشعبية الحضرية في السنوات الأخيرة تحولت بشكل متزايد عن التشافيزية. وعلى مستوى الحريات العامة، ليس هناك ما يثبت أنها ستكون أقل استبدادا. فخلال الانقلاب الفاشل في أبريل 2002، عزل المعارضون فورا جميع السلطات ومارسوا قمعا على السكان. وفي فبراير 1989، أدى التطبيق الأرثوذكسي لخطة تقويم هيكلي من صندوق النقد الدولي إلى إطلاق تمرد تعرض لقمعٍ خلف 000 1 قتيل.
إن انزياح حكومة مادورو التسلطي لا يطال فقط النخب السياسية المعارضة. في شركة الصلب، SIDOR، أو في شركة النفط العامة، PDVSA، تم تأجيل الانتخابات النقابية إلى أجل غير مسمى. وفي هاتين الشركتين الإستراتيجيتين، الاحتجاجات قديمة (6)، لكن تأجيل الانتخابات يترجم خوف الحكومة من فوز المعارضين، وهم من اليسار غالبا. إن “منظمات تحرير الشعب”، المسؤولة عن تثبيت الأمن في الأحياء الشعبية، متهمة، من طرف منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، بارتكاب عشرات الاغتيالات.
اليسار منقسم بخصوص هذه المبادرات. فمن جهة، شارك الحزب الشيوعي في فنزويلا أو لوشاس Luchas في الجمعية التأسيسية التي حسبهم يمكن أن تشكل فرصة لوقف هجوم اليمين وتعميق سيرورة التغيير. ومن جهة أخرى، تقوم جماعات بالتعبئة في الشوارع، وتندد بحكومة سلطوية دافعت عن الجمعية التأسيسية لمجرد البقاء في السلطة بأي ثمن رغم تزايد عدم شعبيتها. على سبيل المثال، يعتمد حزب le Partido Socialismo y Libertad شعار “ارحل مادورو” ويشارك في التحركات السياسية للمعارضة. وبالمقابل، تحافظ كل من Marea Socialista و la Liga de Trabajadores por el Socialismo على استقلالية عن كلا المعسكرين، في محاولة صعبة لتجسيد نهج بديل للطبقات الشعبية الفنزويلية.
لقد أجريت انتخابات جهوية في 15 أكتوبر شهدت انتصار الحكومة في 18 ولاية من أصل 23، أساسا بفعل وقف المعارضة لتحركاتها (7). غير أن الأزمة السياسية لم تنته لسببين: يظل التقاطب قويا في البلاد والحالة الاقتصادية حرجة.
انهيار نموذج اقتصادي ريعي
سواء بقي نيكولاس مادورو بالسلطة أو رحل عنها، وسواء شُكلت حكومة وحدة وطنية أو لا، سيبقى الوضع الاقتصادي للطبقات الشعبية الفنزويلية مقلقا. تعتبر الحكومة أن هذه “حرب اقتصادية” تشنها النخب السابقة بهدف الانتقام. وتتهم السلطة التنفيذية أيضا أولئك الذين يبيعون المنتجات المدعومة على الجانب الآخر من الحدود، المدعوون بـ “باشاكيروس”. يجمع هذا المصطلح حقائق جد مختلفة، من الأسرة التي تحاول إيجاد حلول فردية لضمان البقاء على قيد الحياة حتى المجرم الموجود على رأس تجارة مربحة تذر أرباحا بعشرات الآلاف من الدولارات. ولتجنب هذا التهريب للمنتجات المدعومة، قررت الحكومة إنشاء لجان محلية للتموين والإنتاج (CLAP) تقوم بتوزيع المنتجات مباشرة على المستفيدين. وهذا التنفيذ المضفى عليه طابعا فرديا متهم بالانحراف الزبائني في تخصيص البرامج الاجتماعية.
منذ اكتشاف الذهب الأسود، منذ قرابة قرن، تم ترك الاستثمار في الفلاحة لصالح استخراج النفط (8). ومنذ ذلك التاريخ، أصبح اقتصاد البلد ريعيا، مرتهن بالنفط الذي أصبح يمثل أكثر من 95٪ من صادرات البلاد، وأكبر الاحتياطات العالمية المؤكدة. إذا كان هوغو شافيز قد أعاد توزيع جزء من الثروات على الأكثر فقرا، فإنه لم ينوع مصادر الدخل. وببقائه سجين عملية الاستخراج هاته، يعاني الاقتصاد الفنزويلي، بشدة من الانخفاض الكبير لأسعار النفط منذ صيف عام 2014.

الهروب إلى الأمام الاستخراجي
في هروب يائس إلى الأمام، ابتداء من عام 2016، أصدرت حكومة مادورو المرسوم «قوس التعدين أورينوكو” « l’Arc minier de l’Orénoque » الذي يتعهد بتقديم 112،000 كلم2 أو 12٪ من التراب الوطني إلى العشرات من الشركات متعددة الجنسيات الأجنبية (الصينية، والروسية ولكن أيضا الغربية مثل la Gold Reserve canadienne) لاستغلال الذهب، والماس، والحديد، والكولتان والبوكسيت والمعادن الأخرى (9).
يتناقض هذا المشروع مع التأكيد على السيادة الوطنية على الثروات الباطنية، المعلن في الدستور الصادر أثناء وصول هوغو شافيز إلى السلطة. يدين مرسوم “قوس التعدين أورينوكو” بوجوده القانوني لوضعه كمنطقة اقتصادية للتنمية الوطنية، الترجمة الفنزويلية للمنطقة الاقتصادية الخاصة الصينية غير الخاضعة للضرائب وقانون الشغل… وهذا المشروع مضر للأجراء/الأجيرات وأيضا لعشرات المجتمعات الأصلية التي تعيش على هذه الأراضي منذ قرون.
وراء هذا المشروع، نلاحظ الحفاظ على النموذج الاستخراجي في توقعات الحكومة، وهو النموذج الذي أدى إلى الأزمة الاقتصادية الحالية، مشددا الارتهان بالنفط، ومهملا تنويع مصادر الدخل، وجاعلا الانسانية حبيسة منطق المدى القصير. وإذا كانت المعارضة الليبرالية تنتقد جذريا مشروع الجمعية التأسيسية، فهي لا تناهض “قوس التعدين أورينوكو” في اتفاق عميق مع حكومة مادورو على مشروع نزع أراضي المجتمعات الأصلية، واستغلال العمال وتدمير البيئة.

التلاعب بمعدل الصرف
ظاهرة أخرى تسهم في هذه الأزمة الاقتصادية، هي انهيار العملة. فمنذ خمسة عشر عاما تقريبا، تتلاعب الشركات الكبيرة على رقابة الصرف، بالتواطؤ مع كبار المسؤولين الحكوميين، عن طريق المغالاة في فوترة الواردات أو طلبات الدولار المدعومة من أجل واردات غير حقيقية. ويشير اقتصاديون أن هناك هروب لعدة مئات من المليارات بهذه الطريقة. (10)
واليوم، فإن الفرق بين أسعار الصرف الرسمية وغير الرسمية هو من 1 إلى أكثر من 3000. وتحد هذه الفجوة من الواردات، بما في ذلك المواد ذات الأولوية. ويعاني الفنزويليون، منذ أكثر من عام، نقصا في الغذاء والأدوية. ويشهد معدل التضخم ارتفاعا مهولا. وفقا لصندوق النقد الدولي، بلغ 69٪ في 2014، و181٪ في 2015 و255٪ في 2016. ومن المتوقع أن يبلغ 1134٪ في 2017 و2530٪ في 2018. ولا تزال الأجور بعيدة جدا عن مسايرة هذا التطور. إن “الأجر الكامل”، الذي يشمل الحد الأدنى من الأجر وتذاكر الإطعام التي تمثل أغلبته، تشكل 24.5 ٪ فقط من النفقات الغذائية الشهرية لأسرة واحدة و18.7٪ من النفقات الأساسية (بما في ذلك الصحة، والسكن، إلخ.)

في مواجهة “نهاية دورة” الحكومات التقدمية
إن حكومة مادورو لم تضعف نتيجة أزمة سياسية واقتصادية فحسب، بل أيضا بفعل وصول التحالفات المحافظة إلى السلطة في بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى. فخلال خمسة عشر عاما، تم انتخاب حكومات تقدمية بفضل الدعم النشط للحركات الاجتماعية والاستفادة من ارتفاع أسعار المواد الأولية. وفي حين استفاد هوغو تشافيز من دعم نظرائه القاريين في فترات حرجة: الانقلاب الفاشل في أبريل 2002 أو الحصار الاقتصادي بين دجنبر 2002 وفبراير 2003، فإن مرحلة أخرى بدأت خريف 2015 في أمريكا الجنوبية.
لقد مثل انتخاب الرئيسين الليبراليين في الأرجنتين والبيرو، والانقلاب المؤسساتي في البرازيل الكثير من الأخبار السيئة بالنسبة لنيكولاس مادورو. هذه البلدان التي تأرجحت يمينا مؤخرا تمارس الضغط على حكومة مادورو لقبول مطالب المعارضة. وقد تم تعليق عضوية فنزويلا في منظمة التجارة الحرة الجهوية le Mercosur بمبرر “التراجع عن النظام الديمقراطي”، وهو للمفارقة ادعاء لم يتم الاحتجاج به ضد البرازيل خلال الانقلاب المؤسساتي في ربيع 2016، مما يدل على الطابع السياسي لوسم “الديمقراطي” كأداة لإضفاء الشرعية أو نزع الشرعية.

إضفاء الطابع المؤسساتي على السيرورة البوليفارية
تختلف الظرفية الفنزويلية كثيرا عن الفترة 2002-2004، عندما قامت المعارضة أيضا بتبني استراتيجية تمرد للإطاحة بحكومة هوغو تشافيز. في النصف الأول من سنوات القرن الحادي والعشرين، كان أرباب العمل لاعبا رئيسا في الائتلاف الانقلابي. كان الرئيس المؤقت الذي جاء به انقلاب ابريل 2002 هو زعيم اتحاد أرباب العمل الرئيسي، فيديكاماراس Fedecámaras. ولم يكن لدى حكومة تشافيز سيطرة كاملة على قوات الشرطة ومؤسسات القضاء، ولكنه استخدم شعبيته الكبيرة لدى الطبقات الشعبية لدحر محاولات الإطاحة به.
وبعد أكثر من عقد، تتشاور الحكومة الآن باستمرار مع أرباب العمل في إطار المجلس الوطني للاقتصاد الإنتاجي، الذي اجتمع 48 مرة في العام 2016. ويستعمل نيكولاس مادورو الآن سلطته على المؤسسات القضائية، وقوات الشرطة في محاولة لاحتواء الاستياء المتنامي للطبقات الشعبية ضده.
ضغط دائم من الإمبريالية الأمريكية
إذا ما كانت هناك استمرارية طوال الفترة، فهي المواجهة الدبلوماسية بين حكومة تشافيز والقوة الإمبريالية بالمنطقة، الولايات المتحدة. وكان العم سام، الذي كان يرأسه جورج دبليو بوش، واحدا من بلدين في العالم (مع اسبانيا خوسيه ماريا أثنار) اعترفا بالحكومة الانقلابية المؤقتة في أبريل 2002. وفي مارس 2015، قام باراك أوباما، عبر مرسوم، باتخاذ تدابير ضد القادة الفنزويليين قائلا إن “غياب ضمانات حقوق الإنسان في فنزويلا… يشكل تهديدا غير طبيعي وغير اعتيادي لأمن الولايات المتحدة” .
إن الوصول، غير المتوقع، لرئيس مثل دونالد ترامب يمكن أن ينذر بتطور، بالنظر إلى ما كُشف عن تمويل ترشحه من قبل الحكومة الفنزويلية بمبلغ يصل إلى نصف مليون دولار عبر Citgo، الفرع الأمريكي التابع للشركة الفينزويلية البترولية PDVSA 11. إن عقوبات البيت الأبيض من خلال تجميد الأصول، التي تطال نحو 20 من المسؤولين بما في ذلك مادورو، تدخل في نطاق عقد ونصف من التدخلات الأمريكية في الشؤون الفنزويلية الداخلية. وبهروبه إلى الامام الحربي، قام ترامب حتى بتهديد فنزويلا بخيار عسكري لم تصحبه عمليات عسكرية، ما يبدو، حتى الساعة، مجرد مبالغة أخرى للرئيس الأميركي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تميزت العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا منذ فترة طويلة ببراغماتية اقتصادية معينة. بعد أكثر من ثمانية عشر عاما من وصول هوغو شافيز إلى السلطة، لا تزال الولايات المتحدة أول زبون ومورد لفنزويلا. وفي المقابل، فإن فنزويلا هي ثالث مورد للنفط إلى أمريكا الشمالية، وهي قريبة جغرافيا، ومن شأن وقف هذه التدفقات أن يؤدي إلى ارتفاع سعر البنزين.
وحتى الآن، كانت للمواجهات الدبلوماسية نتائج تجارية محدودة. لقد انخفض إجمالي الصادرات والواردات مع الولايات المتحدة بمقدار 10 نقاط بين النصف الأول والثاني من رئاسة تشافيز، في حين ارتفعت المبادلات التجارية مع البرازيل، بل وأكثر مع الصين، بنسبة مماثلة. ومع ذلك، أصدرت إدارة ترامب مرسوما يحظر شراء سندات جديدة صادرة عن فنزويلا أو PDVSA. ومن المرجح أن يترتب على هذا القرار عواقب وخيمة في بلد يعيش بالفعل في أزمة ويمكن أن يعجل بإعلان العجز عن سداد الديون. ورحب MUD تحالف المعارضة اليمينية الفنزويلية بهذه التدابير، كاشفا أكثر طبيعته الرجعية.
إعادة بناء بديل مناهض للرأسمالية
تعيش الطبقات الشعبية الفنزويلية حاليا وضعا مأساويا جدا لأسباب متعددة، في نفس الوقت أزمة سياسية واقتصادية. وتواصل الحكومة، غير القادرة على وضع حد لهذا التدهور، الأداء الكامل لديون خارجية متزايدة سيكون من الصعب أكثر وأكثر تأديتها بفعل العقوبات الأمريكية. وإذا استمر اتجاه الأشهر الأخيرة، فلا يمكن استبعاد إقامة نظام استبدادي بتأثير قوي من الجيش.
ليست بتاتا معارضة MUD(قائمة الوحدة الديمقراطية) بديلا تقدميا. ليس من شأن توجهها النيوليبرالي ولا دعوتها للقوات المسلحة أن يؤدي إلى تحسين حياة الطبقات الشعبية الفنزويلية. وبوجود نموذج اشتراكي لصيق خطأ بحكومة مادورو، فإن القوى اليسارية لديها الآن مساحة أقل للحركة. وفي هذه الظروف الصعبة، يجب أن نعلن تضامننا مع كل الذين/اللواتي يواصلون النضال من أجل بديل يعيد توزيع الثروة من خلال التنظيم الذاتي للسكان.

Pedro Huarcaya

تعريب جريدة المناضل-ة 

هوامش
1.
Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights (OHCHR), « Human rights violations and abuses in the context of protests in the Bolivarian Republic of Venezuela from 1 April to 31 July 2017 », Genève, août 2017.
2.
Voir l’interview d’Alejandro Velasco par Pablo Stefanoni, « Pourquoi les secteurs populaires ne descendent-ils pas des collines ? », revue l’Anticapitaliste n° 90 de septembre 2017.
3.
Edgardo Lander, « La asamblea constituyente madurista », Brecha, le 4 août 2017.
4.
« Maduro ordena revisar votos de trabajadores de la Administración Pública y beneficiarios de programas sociales », aporrea.org, le 18 juillet 2017.
5.
« Stalin Pérez Borges : “La ANC debe crear condiciones para un nuevo Estado verdaderamente democrático y participativo” », aporrea.org, le 4 août 2017.
6.
Thomas Posado, « L’Etat régional du Bolívar au Venezuela. Reflet du désalignement entre le gouvernement chaviste et le mouvement ouvrier », Mouvements, n°76, 2013, pp.105-116.
7.
Sur ces élections, voir les analyses de Pablo Stefanoni, Fernando Molina et Marc Saint-Upéry, https ://alencontre.org/ameriques/amelat/venezuela/venezuela-elections-du-15-octobre-ni-le-gouvernement-ni-lopposition-ne-sattendaient-a-ce-resultat.html, ainsi que de Patrick Guillaudat, https ://npa2009.org/actualite/international/elections-regionales-au-venezuela-une-victoire-en-trompe-loeil-pour-maduro
8.
Fernando Coronil, « El Estado mágico. Naturaleza, dinero y modernidad en Venezuela », Caracas, Ed. Nueva Sociedad, 2002, p.99.
9.
Emiliano Teran, « Orinoco al extremo : la Faja Petrolífera y el Arco Minero, extractivismos de alto riesgo », in « Extremas. Nuevas fronteras del extractivismo energético en Latinoamérica » (sous la coordination de Hernán Scandizzo), Oilwatch Latinoamérica, 2017, pp.74-81.
10.
« Sinfonía de un Desfalco a la Nación : Tocata y fuga… de Capitales », aporrea.org, 8 septembre 2014.
11.
« El Gobierno de Caracas donó medio millón de dólares para la investidura de Trump », El País, 20 avril 2017.

URL source: https://npa2009.org/actualite/international/venezuela-retour-sur-le-cycle-de-mobilisations-et-violences-davril-juillet

شارك المقالة

اقرأ أيضا