مُقاومات النّساء في منطقتنا: ما السبيل لتجذيرها وبناء حركة نسائية جماهيرية مناهضة للذكورية والرأسمالية؟

النساء2 يونيو، 2021

نظمت جريدة المناضل-ة في 27 مارس 2021، ندوة نسائية الكترونية حول: “مُقاومات النّساء في منطقتنا: ما السبيل لتجذيرها وبناء حركة نسائية جماهيرية مناهضة للذكورية والرأسمالية؟”، في إطار حملة اعلامية امتدت طيلة شهر مارس 2021. شارك في هذه الندوة كل من فاطمة الزهراء البلغيتي عن جمعية أطاك المغرب، ونادية محمود عن منظمة أمان للنساء بالعراق، وعتيقة الفيزازي عن لجنة العاملات الزراعيات بفيدرالية النقابات الديمقراطية بالمغرب، ووسام زيزي عن حزب العمال الإشتراكي بالجزائر. ننشر أرضية الندوة ومداخلات المشاركات تعميما للفائدة.

رابط فيديو  الندوة بصفحة فيسبوك المناضل-ة

أرضية الندوة

تحية لكل نساء منطقتنا الكادحات، المناضلات والصامدات في وجه القهر والاستغلال.

تحية لشعوب منطقتنا في الذكرى العاشرة لأعظم نهوض جماهيري خلال فترة ما بعد الاستعمار المباشر، ذكرى انطلاق شرارة ثوراتها ضد أنظمة حكم الرأسمالية التابعة العفنة، انتصرت الجماهير في إسقاط بعض من رموزها.

أطلقت جريدتنا حملة إعلامية نضالية تحت شعار: “لنحول غضبنا إلى قوة نضال ضد المجتمع الرأسمالي والذكوري” في إطار الحملة الأممية لتخليد 08 مارس يوما للأضراب النسائي وابراز وضع النساء واستغلالهن في سيرورات الإنتاج وإعادة الإنتاج الاجتماعي، ونختتم الحملة بهذه الندوة المنظمة اليوم.

نخلد 08 مارس كيوم للنضال النسائي ضد الاستغلال الرأسمالي والاضطهاد الذكوري في ظل جملة أوضاع عامة أكتفي بذكر أهمها:

  • بلوغ تناقضات الرأسمالية مستويات بالغة الخطورة على الوجود البشري على كوكبنا. باندفاع محموم لجني الأرباح وفي حرب منافسة شرسة تستنزف الثروات الطبيعية بجنون وتخرب الشركات الكوكب بملوثاتها القاتلة ما جعل الإنسانية على مشارف كارثة بيئية مدمرة.
  • غوص الرأسمالية في أزمتها الاقتصادية فترمي ملايين العمال والعاملات إلى البطالة وإفلاس صغار المنتجين والمنتجات واندلاع الحروب التجارية بحثا عن أسواق جديدة ونهب الثروات وتكثيف استغلال يقع عبؤه الأكبر على النساء.
  • أدى سعي الرأسمال إلى الربح إلى تدمير التوازن البيئي وتصنيع الغذاء وتسميمه والتلوث العام، وبروز أوبئة فيروسية بشكل دوري وخراب نظام الصحة العمومية. والنتيجة هي تهديد صحة الملايين خصوصا المفقرات والمفقرين، وبات الدواء وتقديم العلاج تحت رحمة سيطرة شركات صناعة الدواء. لقد أجبر كوفيد- 19 سكان الكرة الأرضية على الاختباء وتأثر الإنتاج والتبادل وتضررت الشعوب. تسدد النساء فاتورة الوضع الجديد فهن أول ضحايا التسريح من العمل كما يتحملن تبعات الحجر الصحي بفعل اضطلاعهن بالعمل المنزلي والتكفل بالأطفال والعجزة والمرضى، كما فاقم الحجر المنزلي العنف ضد النساء فهن مجال التنفيس عن الضغوط الاجتماعية والنفسية المصاحبة لاحتدام الازمة الاقتصادية والاجتماعية .
  • إن شدة أزمة الرأسمالية وعنفها وسحق الطبقات الوسطى يدفعها للبحث عن المتسبب في خرابها وكبش فداء تحمله وزر دمارها. غالبا ما تكون الأقسام الهشة من الطبقة العاملة هدفا لهجوم التيارات اليمينية الرجعية ومشجبا سهلا لتفسير مشوه ورجعي لأزمة الرأسمالية: الطبقة العاملة والمهاجرون- ات والنساء والأقليات الدينية والعرقية …الخ.
  • انطلاق موجة ثانية من السيرورة الثورية بمنطقتنا بجملة بلدان كالجزائر والسودان ولبنان والعراق. بالرغم من أن جائحة كوفيد- 19 أوقفتها لفترة لكن بقاء الجذور الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحفزة لها على حالها، تشير إلى أن هذه السيرورة عصية عن التراجع رغم شراسة الثورة المضادة وإجرامها غير المحدود.
  • أظهر المنعطف التاريخي الذي دخله الصراع المحموم في منطقتنا بين الثورة والثورة المضادة بشكل ملموس محورية نضالات النساء في التحولات العميقة الجارية. فقد كن في مقدمة النضالات الجماهيرية في اعتصامات الميادين وفي مقدمة المسيرات وكمحرضات ومنظمات وتعرضن للسحل والتعذيب والتحرشات والاغتصاب وكشف العذرية واستهدفن بالتشهير وبالقتل، وتحملن وزر اللجوء القسري وفقدان المعيل وتم سبيهن وتحولن لموضوع انتقام الثورة المضادة. لكن مطالبهن الخاصة لم تسمع ولم يشاركن في الانتفاضات كنساء بالقدر اللازم بل كجزء من كتلة جماهيرية وضعت نصب أعينها إسقاط أنظمة الاستبداد، دون رفع المطالب الخاصة بالشرائح والفئات والنوع الأكثر اضطهادا ومنها النساء.
  • شهدت النضالات النسوية موجة صعود تاريخي وشهدنا إضرابات نسائية عظيمة واستطاعت الحركة النسائية انتزاع مكاسب بعد صراع شرس ضد الدولة المتقشفة المسنودة بقوى رجعية راسخة القوة. لقد عرفت جملة بلدان نضالات هائلة كما دولة اسبانيا والأرجنتين وبولونيا والشيلي والولايات المتحدة الامريكية… إلخ. لقد أعادت هذه النضالات اكتشاف قضايا كانت في صلب الحركة النسوانية الاشتراكية ووضعت بالمقدمة الإضراب النسوي مبرزة تلاقي النضالات النسوية مع كل النضالات التي يخوضها المضطهدون كما عززت النضال العمالي والشعبي بخبراتها وبأساليب عملها وبمطالها وخصوصا طابعها الأممي ضد الرأسمالية والذكورية.

أيها الرفيقات والرفاق

إن اضطهاد النساء كنوع اجتماعي ذو بعد عالمي، ويمد جذوره الراسخة في بنية الرأسمالية ذاتها، فإعادة إنتاج الرأسمالية وإعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية الرأسمالية يقع جزء كبير من عبئها على كاهل النساء كمنتجات للقيمة وفي نفس الوقت كمجددات ومعيدات إنتاج قوة العمل الحالية ورعاية السابقة ومنجبة قوة العمل المستقبلية… وكلها أعمال مجانية تقع في المنطقة المظلمة (المنزل كسجن للنساء) دون اعتراف اجتماعي بتلك الوظائف التي يزيد ثقلها مع موجات التقشف والقضاء على الطابع العمومي لخدمات الاستشفاء والرعاية الاجتماعية والتعليم.

تتمثل خصوصية منطقتنا في حدة الاضطهاد الذكوري المسنود بأنظمة استبدادية وأيديولوجيات مغرقة في الرجعية والظلامية، ما يستدعي نضالا جبارا ينخرط في الموجة العالمية الجديدة للنضال النسوي.

نحن على وعى تام بضعف الحركة النسائية بمنطقتنا وبعدها الشديد عن الدينامية الأممية للموجة الصاعدة للحركة النسوية، كما ندرك خطورة صعود وتمدد قوى رجعية شديدة العداء للنساء ولمطالبهن والأخطر أن قاعدة إسنادها تمثلها جماهير النساء أنفسهن.

إن تحديات بناء حركة نساء جماهيرية ضد الاستغلال الرأسمالي والاضطهاد الذكوري بمنطقتنا تواجه تحديات عظيمة لكن ما نحن مقتنعون به بشدة أكبر أن لا تحرر شامل وعميق لشعوبنا من ديكتاتورية أنظمة الرأسمالية التابعة وفسادها الا باضطلاع النساء بدور مركزي في السيرورة الثورية الحالية وهذا بدوره غير ممكن دون لعبهن دورا قياديا وتحدثهن بلسانهن وخوضهن نضالهن بأنفسهن في اطار حركة نسوانية لا تقهر.


فاطمة الزهراء البلغيتي الكاتبة العامة لجمعية أطاك المغرب. عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية.

عناصر الإجابة على أسئلة الندوة الإلكترونية “مقاومات النساء في المنطقة: ما السبيل لتجذيرها وبناء حركة نسائية جماهيرية مناهضة للذكورية والرأسمالية ” المنظمة من طرف جريدة المناضل-ة يوم 27 مارس 2021
عملت جمعية أطاك المغرب طيلة 20 عاما من وجودها وبشكل رئيسي على إنتاج تحاليل مناهضة للخطاب النيوليبرالي وكشفت من خلال دراسات وكتب عواقب العولمة الرأسمالية على بلدنا، وفي الصدد أصدرت كتابا بعنوان نساء المغرب في زمن العولمة، هل لك رفيقة أن تعرض علينا عصارة هذا الإسهام؟
يعد كتاب “نساء المغرب في زمن العولمة” ثمرة جهد جماعي لمناضلات جمعية أطاك المغرب، ويسعى هذا العمل التثقيفي الأولي لحفز النقاش الجماعي حول أسباب تردي أوضاع النساء والتفكير في محاور النضال النسائي الجماعي لتغيير حياة البؤس والفقر و اللامساوة. يعرض هذا الإصدار كيف تتأثر حياة نساء البلدان التابعة، المغرب نموذجا بعواقب العولمة الرأسمالية من خلال ست محاور هي:” النساء وكيف كن عرضة للتميز والإقصاء من حقهن في التعليم”،” أوضاع النساء في ظل تفكيك خدمات الصحة العمومية”،” عواقب العولمة الرأسمالية على مكانة النساء في سوق الشغل”،” مخاطر العولمة، العاملات الزراعيات نموذجا”،” خدعة التنمية الموجه للنساء”،” النساء في مقدمة النضالات الاجتماعية”. تحلل هذه المواضيع أوضاع النساء التي تزداد سوءا في ظل نظام السيطرة الذكوري وتدمير العولمة الرأسمالية لكل مقومات الحياة اجتماعيا، اقتصاديا، بيئيا وزراعيا في البلدان التابعة.
يقوم نظام العولمة الرأسمالية على عولمة الأرباح من خلال تحويل العالم إلى سلعة و سوق استهلاكية يتحكم فيها مالكي الرساميل، وتتكدس أرباح أقلية مقابل عولمة الفقر والبؤس وكل أشكال الظلم. بفعل السياسات النيوليبرالية المملاة من قبل المؤسسات المالية الدولية ويفرضها من يحكمون البلد جرى تسليع خدمات الصحة والتعليم، وتعميم الهشاشة في سوق الشغل وتكثيف استغلال اليد العاملة خاصة النساء في القطاعات التصديرية، وتتقلص فرص الشغل القارة، كما عملت الدولة على توطيد نموذج زراعي تصديري قائم على استيلاء مالكي الرساميل على الأرض واستنزاف الماء وتدمير البيئة، والقضاء على الفلاحة المعاشية في القرى التي تشكل مصدر عيش النساء وأسرهن. وتتأثر النساء بشكل بليغ خاصة المتحدرات من الطبقات الشعبية بهذه السياسات، إذ لا تملك غالبية النساء الكادحات دخل، وحتى في حالة توفرهن على دخل يكون جد منخفض بسبب هشاشة التشغيل في صفوفهن، وتعتمد النساء المفقرات في تلبية حاجيتهن الأساسية على دخل الزوج ،الأخ أو الأب.
تنتشر الأمراض في أوساط النساء نتيجة تدني مستوى عيشهن وعدم قدرتهن على الولوج لخدمات صحية أساسية أصبحت مؤدى عنها، وشكلن علاوة على ذلك القسم الكبير الذي حرم من حقه في التعليم. ترتفع معدلات الأمية بالنسبة للنساء بشكل خاص وتعادل 44% وطنيا بينما تصل إلى 61 % بالنسبة لنساء القرى، ورغم تغني الدولة بارتفاع معدلات الولوج الكمي وصلت نسبة النساء البالغات خمسة عشر سنة فما فوق وبدون أية شهادة 57 % سنة 2018 و2019، تكشف هذه الأرقام إحدى مستويات الظلم الاجتماعي المرتبطة بشكل أساسي باضطهاد النوع. تعاني النساء على نحو متزايد من البطالة بالمقارنة مع الذكور، حوالي 80 % هي نسبة النشيطات العاطلات عن العمل، ومن أصل 10 نساء يشتغلن 6 منهن لا يتوفرن على أية شهادة، ويقوي تدني مستوى التكوين لدى النساء التمييز ضدهن في التشغيل، لدى نشهد تركزهن بأعداد كبيرة كيد عاملة في القطاعات الهشة مثال القطاع الزراعي التصديري، المعروف بكثافة الاستغلال وانخفاض مستوى الأجور وضعف الحماية الاجتماعية.
يتغدى الميز والعنف الذي كرسهما المجتمع الأبوي ولازال تجاه النساء من عنف اجتماعي اقتصادي نتيجة سياسات تقشف نيولبرالي ينهجها الحاكمون بتعاون مع المؤسسات المالية الدولية.
يتبين من خلال حديثك رفيقة عن هذا الإصدار كيف عمق تبني الدولة للبرامج النيوليبرالية فقر نساء المغرب الكادحات وازدادت اللامساواة تجاههن كنوع مضطهد، ما هو إذن منظوركم – كن في جمعية أطاك المغرب لنضال النساء من أجل تحررهن؟
يكشف انخراط النساء الواسع في النضالات الاجتماعية التي تنتشر بمدن وقرى المغرب ضد التهميش والفقر عن خواء برامج التنمية النيوليبرالية التي تنهجها الدولة تجاه النساء، وشكلن قاعدة النضال الاجتماعي والشعبي في الريف وجرادة وزاكورة، وكن في مقدمة مقاومة نزع الأراضي السلالية وتفويتها لشركات استثمارية لإقامة مشاريع خاصة.
يصطدم ظفر النساء بحقوقهن الأولية بسياسات الانفتاح الليبرالي المخلفة للتفقير والبطالة والعوز، وتتطلب معركة تحقيق المساواة النضال ضد سياسات الدولة التقشفية التي تقصف حياة ملايين النساء وتحكم عليهن بالعيش في تبعية اقتصادية دائمة. ونرى في التضامن والانخراط المباشر في نضالات توجد بها النساء ومناصرتها إحدى أوجه عملنا النسوي، ونشارك في نضالات النساء لدعم وحفز أشكال تنظيمهن الذاتي.
نشتغل على أوجه عنف السياسات النيوليبرالية تجاه النساء، من أجل تثقيف شعبي نسوي يرتبط بمقاومات ونضالات النساء الجارية. ونعي في جمعية أطاك المغرب أن انفكاك النساء من قيود المجتمع الذكوري وعواقب اقتصاد تبعي هو نضال يومي وسط النساء من أجل فرض مطالبهن الخاصة كجنس والتصدي لسياسات الحيف والظلم الاجتماعي.

يعرف العالم منذ 2016 صعود موجة جديدة لحركة النضال النسوي، ما الذي يميز هذه الموجة؟
تشكل موجة النضال النسوي الجديدة قطيعة مع النسوية الليبرالية المؤمنة بإمكانية حضوض المساواة في ظل النظام الاجتماعي والاقتصادي الحالي القائم على الرأسمالية النيوليبرالية . تدعو هذه النسوية الليبرالية على سبيل المثال النساء في البلدان التابعة إلى الانخراط في برامج سياسية نيوليبرالية كالمشاريع الصغيرة المدرة للدخل بالاستعانة بالقروض الصغرى، وتعتبر إدماج نساء أقلية محظوظات في مؤسسات سياسية مساواة سياسية: أي المشاركة في إدارة نفس سياسات السيطرة والقمع سواء على صعيد المؤسسات السياسية أو على صعيد المقاولة، أو نسوية المقاولة كما وصفها “بيان نسوية من أجل 99%” . تخدم هذه النسوية جهاز السيطرة الطبقي وتضفي عليه الشرعية، وتلخصن المساواة في مساواة نساء مع رجال نفس الطبقة المسيطرة.
تركز الموجة الجديدة الصاعدة من حركة نضال النساء على آلية الاضراب النسوي، وتتخذ من يوم 8 مارس يوما لتوحيد نضال النساء وتضفي بذلك طابعا أمميا على نضال النساء، وتستعيد من جديد النفس الجدري للنضال النسوي في العالم ، خاصة بعد افلاس النسوية الليبرالية باندماجها في مؤسسات مجتمع قائم على الاستغلال. وتقاوم هذه الموجة الجديدة اضطهاد النساء ببعد مناهض للرأسمالية ولكل اشكال الاضطهاد العنصري والعنف الجندري والجنسي المتجذر في بنية المجتمع الرأسمالي، وتتصدى لبرامج التقشف النيوليبرالي المدمرة للخدمات العمومية، وسطو شركات الأغذية الصناعية على مصادر الغذاء، الأرض، البدور، الماء، كما تتقاطع نضالاتها مع مقاومات جميع ضحايا الاستغلال والاضطهاد وترفض أنصاف التدابير وتشيد بالنضال ضد الرأسمالية.

ما هي بعض المقترحات لحفز تعاون مشترك بين النسويات المناضلات المناهضات للرأسمالية والذكورية بعموم منطقتنا لدفع صوت النساء في الديناميات الثورية القادمة؟
– تكثيف فضاءات التلاقي للتفكير الجماعي والتواصل بين نسويات المنطقة
– متابعة أوضاع النساء في المنطقة والتعريف بمقاومات النساء ومطالبهن
– خلق مبادرات عمل تنسيقي تضامني بين النسويات وتبادل تجارب النضال
– تنظيم ندوات ولقاءات مشتركة.
– إبراز راية المطالب النسوية بتنظيم حملات اعلامية تثقيفية واسعة على مستوى المنطقة.


مداخلة نادية محمود- من منظمة أمان للنساء- العراق

السؤال الاول: دور المرأة في انتفاضة اكتوبر 2019، مطالبها، وفيما اذا وضعت لبنات لحركة مطلبية نسوية.

كانت مشاركة النساء في الانتفاضة مشاركة استثنائية. الانتفاضة بحد ذاتها كانت حدثا استثنائيا. اشتركت الشابات والنساء بأشكال مختلفة. اولا وقبل كل شيء، كان اعتصام الخريجات العاطلات عن العمل والذي امتد ل 104 ايام، والذي تم فضه من قبل قوات مكافحة الشغب بالماء الحار الذي القي على تجمع حاملات شهادة الدكتوراه في بغداد يوم 25 ايلول، خمسة ايام قبل الانتفاضة، هو احدى الشرارات التي قادت لأحتجاج اول اكتوبر.

شاركت الشابات والنساء في مواجهة قوات الشغب من اجل ابعادهم عن اعتصامات تجمعات المتظاهرات والمتظاهرين في الساحات العامة، مثل ساحة التحرير في بغداد. ساهمن بعلاج الجرحى والمصابين، فقد تواجدت الطبيبات والصيدلانيات، والممرضات، وطالبات الكليات الطبية في خيم خاصة بهن لمعالجة المصابين. ساهمن بتقديم الدعم المالي، واحيانا اعطن مصوغاتهن الذهبية، وحتى طالبات المدارس الثانوية والمتوسطة جمعن مصروفهن اليومي ليقدمن الدعم المالي للمنتفضات والمنتفضين. قامت النساء بتوفير الطعام من الطبخ سواء في الساحات العامة او اعداد الطعام وجلبه من بيوتهن. قمن بترتيب الاماكن والخيام في الساحات، والتنظيف جنبا الى جنب الشباب والرجال. قمن بالمشاركة في اعمال الرسم والكرافيتي على الجسور وفي الساحات من اجل بث اجمل الصور التي تعطي الامل بالانتصار والتي تعبر عن الاحتجاج. ساهمت بالاغاني والاعمال الفنية الاخرى. اضافة الى مشاركتهن في التظاهرات التي كانت تنظم في قلب الانتفاضة من قبيل تنظيم المسيرة الوردية والتي اطلقت احتجاجا على نداء الفصل بين الجنسين في الساحات، وتنظيم مناسبة الثامن من اذار، يوم المرأة العالمي.

مع كل هذه المشاركة النسوية، الا انه لم تسمع المطالب النسوية بشكل واضح وقوي في الانتفاضة. تم عزو رفع المطالب النسوية الى ثلاثة تصورات سائدة بين النساء والشابات المنتفضات وهي:

اولا: ان رفع مطالب نسوية في قلب الانتفاضة سيؤدي الى تشتت المطالب، ولا يسهم بمحورتها حول مطالب محددة ومعينة.
ثانيا: ان النساء والشابات خرجن لمساندة اخوتهن من الرجال، وان دورهن هو دور داعم.
ثالثا: ان تغيير النظام اذا حدث، فانه سيشمل الجميع، وان النساء سينلن حصتهن من التغيير في اوضاعهن، ونحو الافضل.

نحن في منظمة أمان للنساء سعينا الى توضيح خطأ هذه التصورات. وسعينا عبر ندواتنا الالكترونية ولقائاتنا مع الناشطات اللواتي يحملن اسم” ناشطات مدنيات” الى توضيح بان النضال هو نضال نسوي ايضا، حيث تعاني النساء ضعف ما يعاني منه الرجال من افقار وحرمان من الحقوق. ان النساء هن صاحبات المصلحة في التغيير، لان اضطهادهن مزدوج. لقد كان لتنظيم مدرستنا النسوية التي ابتدأت من منتصف الشهر الاول لهذا العام، هو وسيلة لتوضيح مصلحة النساء في النضال من اجل تغيير اوضاعهن، ومن اجل تسليط الضوء على مختلف جوانب هذه الاضطهاد واسبابه، ومن ثم معرفة ” ما العمل” للخروج من اوضاع الاستعباد التي فرضت على النساء. سعينا الى عقد الندوات من اجل توضيح اهمية ان ترتبط العاطلات عن العمل من خريجات وغير خريجات، في شبكات للعاطلات عن العمل، او حتى مع العاطلين عن العمل. لازالت النساء والشابات، يظهرن استعدادات عالية للانخراط في تلك الاعتصامات، الا انهن لا يبدين نفس الاستعداد في تشكيل شبكات منظمة تربط مطالب نساء العراق مع بعضهن البعض. ان عدم ادراك اهمية التنظيم، هي عائق حقيقي امامنا. هنالك نزوع نحو العفوية، وبشكل عام ليست هنالك استجابة لمسألة التنظيم.

ان اللبنات التي نسعى الى وضعها هي اولا وقبل كل شيء نشر الوعي، باهمية النضال النسوي، باستبعاد نصف المجتمع عن التغيير، وعن تهميش هذا النصف، وابعاده عن زجه في النضال السياسي من اجل التغيير. السعي الى تعزيز وتعميق الوعي باهمية التنظيم، باهمية ان نتصل بعضنا ببعض ونفكر مع بعضنا البعض بما العمل. نركز عملنا في ضرورة وضع مطالب محددة، والعمل على انتزاع المطالب والحقوق. بدون الانتزاع التدريجي لهذه المطالب يصبح صعبا ان تشارك النساء بعملية التغيير.

السؤال الثاني: ماهي الاستراتيجيات التي اتبعتها النساء في منظمة أمان للنساء من أجل إحداث التغييرات المطلوبة؟

نؤكد في منظمة أمان على عدد من الاستراتيجيات:
1- المقاومة تبدأ من المنزل، والشارع ومكان العمل، للتصدي للمعاملة الدونية التي تتعرض لها النساء والشابات. مقاومة العنف المنزلي، مقاومة ارغام القاصرات على الزواج، او الزواج رغم ارادة النساء، او الزواج خارج المحاكم. التصدي للتحرش في المنزل ومواجهته. التصدي لمنع النساء من العمل، او التعليم. ان حجر النساء في البيوت، ومنعهن من الخروج من المنزل الا بموافقة ولي أمرهن من الرجال، هو عائق حقيقي لمنع اشراك النساء في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية.
في هذا الامر، نرى إن دور الرجل، دور مهم. لذلك نسعى إلى رفع وعي الرجال أيضا، بضرورة الاشتراك في هذه المقاومة، المقاومة من المنزل.

2- اشراك الرجال في النضال النسوي أمرٌ في غاية الاهمية، نسعى، رغم قلة اعدادنا، ان نصل الى الرجال والشبان، وان نجعلهم ينخرطون في هذا النضال. للأسف لحد الان، لطالما نسمع من الشبان والرجال الجمل والكلمات التي تدور حول: ان مجتمعنا مجتمع محافظ، وعشائري، والخ من هذه التبريرات. نرى ان هذا تخلي عن المسؤولية، مسؤولية المشاركة في تقوية النساء ومساعدتهن على المقاومة. ان القيام بإية اعمال مهما كانت صغيرة، يمكن ان يكون لها تأثيرات كبيرة. نسعى الى زج الاباء، والاخوان، والاباء الى ان يتحركوا لدعم النساء والفتيات، وان لا يقفوا مكفوفي الايدي تجاه ما يجري. يجب ان يلعب الرجال دورهم في تحرير النساء. وبامكانهم القيام بذلك. نحن نتحدث هنا عن الرجال الذين يؤمنون بمساواة المرأة وبحقوقها.

3- ضرورة واهمية خلق شبكة للعاطلات عن العمل في عموم العراق من اجل مصالحهن الاقتصادية. ان أمان المرأة الاجتماعي، اي حمايتها من العنف ومن الاذلال مرتبط الى حد كبير باستقلالها الاقتصادي. المرأة التي لا تمتلك سبل العيش تتعرض الى مختلف انواع الاهانة والاذلال والعنف، وتدفع الى ممارسة الكثير من الأعمال المؤذية لها فقط من اجل تأمين سبل العيش. لحد اللحظة شاركت النساء والشابات بالاعتصامات، وقد ساندتهن اسرهن في ذلك. ولكن نحتاج الى تطوير نضالهن الى اشكال اكثر رقيا، اكثر تطورا وتنظيما من اجل ان يكون اكثر تأثيرا، لاجل انتزاع تأمين سبل العيش للنساء.

4- التنظيم، ثم التنظيم، ثم التنظيم حول مطالب محددة، والعمل على انتزاع تحقيق هذه المطالب والمحافظة عليها. فالسلطات خبيرة بان تقدم شيئا في يد، وتسلبه في اليد الاخرى، وهي ايضا خبيرة، في قطع التزاماتها، ما لم تكن هنالك قوة ضاغطة، وضاغطة بشكل مستمر. لا يمكن لنا الحديث عن القضاء على نظام طبقي رأسمالي، واحلاله بنظام قائم على اساس المساواة، نظام لا طبقي، دون ان يكون هنالك انتزاع للحقوق تحقق هنا وهناك وبشكل مستمر ومتواصل. ان هذه تدريبات وخطوات اساسية لا بد منها لاحداث تغيير حتى في قلب النظام الرأسمالي الراهن. ان ذلك مرهون بميزان القوى، ومرهون بقدرتنا على التعبئة والتحشيد والتنظيم.

السؤال الثالث: ما هي السبل لتطوير والتعاون بين ناشطات الحركة النسوية ضد الذكورية والرأسمالية.

من الضروري ان يكون لدينا وبيننا حوارات واتصالات مداومة ومستمرة حول مختلف القضايا التي تتعلق بنضالنا النسوي. ان نفكر مع بعضنا البعض، وان نتشارك الافكار، والاستراتيجيات، وان نتعرف على مشاريع عمل بعضنا البعض. وان نعطي اراءا وملاحظات حولها. يجب ان نتعلم من خبرات بعضنا البعض، وبأية اشكال ممكنة. يجب ان نبني جسورا من العمل النسوي. لقد سمعنا عن الاضراب النسوي. لا نعرف، وعلى حد علمي، وفي منظمتنا، ماهو الاضراب النسوي الذي تتحدث عنه رفيقاتنا في المغرب. يجب ان نناقش هذه النشاطات وهذه الاعمال. لقد تعلمت كثيرا من حديث عتيقة حول مطالب النساء الزراعيات في المغرب. حسب علمي، ان العمل الزراعي يدار هنا في العراق عبر العوائل. وفي الغالب النساء هن من يقمن بالعمل الزراعي في كل مراحله، ولكن حين يصل الامر الى التسويق، يقوم الرجال بهذه المهمة، ويضعوا ايديهم على الاموال والارباح، دون ان يكون للنساء قولا في هذا. ولم تتحول قوتهن في العمل وقوتهن الاقتصادية، الى قوة لهن داخل المنزل، اولا وفي المقام الاول، ناهيك ان يكون لهن قوة داخل المجتمع. نحتاج ان نتعلم من بعضنا البعض، في مختلف المجالات. تقول وسام( احد المتحدثات في الندوة) ان العمل النسوي بدأ يتسع، ولم يعد قصرا على النخب، او الفئات المتعلمة، بل اصبحت الشابات يدخلن العمل النسوي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. اي اتسعت رقعة الاعتراض النسوي بفعل التطور التكنولوجي، السؤال هو كيف نحول هذا التغيير، وهؤلاء الشابات الى قوة مُنظمة.

نحن نعاني في كل دول المنطقة، من استناد قوانين الاحوال الشخصية الى الشريعة الاسلامية، السؤال هو كيف نعمل من أجل الدفع بقضية فصل الدين عن الدولة. ان الاخير هو شرط مسبق من اجل ان تتحرر النساء من المعاملة كأنسان من الدرجة الثانية، كأنسان بحاجة الى ” قوامة” على سلوكه وقراراته. ان هذه قضية مشتركة. كيف نفرض قوانين تجرّم العنف المنزلي، وتضع حدا لهذا العنف، وتوفير المؤسسات لذلك. ان هذه ايضا قضية مشتركة ونحتاج للعمل عليها.


عتيقة فيزازي مناضلة نقابية عضو لجنة العاملات الزراعيات في فيدراليات النقابات الديمقراطية المغرب.

ما هي مكانة المرأة العاملة في الإنتاج وفي انتاج غذاء المجتمع؟
كانت النساء دائما يشتغلن في الأرض وينتجن الغذاء، حتى بعد تعميم نموذج الزراعة الرأسمالي التصديري الذي قضى على الزراعات المعاشية تشكل النساء غالبية اليد العاملة في هذا القطاع. أي أن النساء يساهمن بشكل رئيسي في إنتاج الغذاء، وكذلك في إنتاج الأرباح التي لا يحصلن منها إلا على الفتات.
فالعاملات الزراعيات يشتغلن لساعات طوال في ظروف عمل صعبة، تغيب فيها شروط الوقاية والسلامة، برواتب هزيلة لا تكفي لسد حاجياتهن الأساسية.
كما أن مهام الرعاية التي يتحملنها، تفرض عليهن ساعات عمل (غير معترف بها) إضافية، فهن نهارا يقضينه في العمل وبعد العودة يقمن بالعمل المنزلي المتراكم ليلا الى ساعات متأخرة، وفي الصباح المبكر قبل الذهاب للعمل.

ما هو دور المرأة العاملة في النضالات النقابية؟
تشكل النساء القاعدة الكبيرة للنقابات في القطاع الفلاحي، بحكم أنهن يشكلن غالبية اليد العاملة، وتنخرط النساء بقوة وبكثافة في النضالات النقابية (الإضرابات، المسيرات، الاعتصامات الوقفات،)، لكن هذا الحضور لا ينعكس في الأجهزة النقابية، فهن شبه غائبات في الأجهزة ولا يشاركن حقيقة في اتخاذ القرار.
من خلال تجربة شخصية في الأجهزة القيادية المحلية بشتوكة ايت بها، بالنقابة السابقة التي رشحنا اليها، الا انها صادفت تواطئ البيروقراطيات النقابية الجهوية والوطنية مع الباطرونا الزراعية والسلطات المحلية، مخافة ان تقود النساء النضال في صفوف العاملات الزراعيات اللواتي يشكلن نسبة ساحقة بالقطاع الفلاحي، مما يجعلهن يدافعن عن حقوقهن واسترجاعها، مما عجل في تفعيل مسطرة طردي من العمل ومن النقابة، من اجل ان أكون عبرة لباقي العاملات ليصرن تحت رأي القيادات النقابية ومساعدة الباطرونا في استغلالهن أكثر. فالعمل النقابي الفاسد يحارب العمل النقابي في صفوف العاملات حتى لا يصرن ممثلات بالأجهزة النقابية القيادية، لهذا من واجب النساء العاملات الانخراط الجاد في العمل النقابي من اجل صون حقوقهن.
نعمل في إطار نقابة فيدراليات النقابات الديمقراطية المغرب لتوعية العاملات الزراعيات وتكوينهن وتنظيمهن لينخرطن في العمل النقابي ويشاركن في الأجهزة وفي اتخاذ القرارات.
كما أن تجربة لجنة العاملات الزراعيات فرع شتوكة ايت باها كان الهدف منها، خلق فضاء خاص بالعاملات الزراعيات، فضاء للتكوين والتأطير والتنظيم لفائدة العاملات الزراعيات، من بين ما قامت به لجنة العاملات الزراعيات، هو تخليد اليوم الأممي للنضال من أجل مطالب النساء-8مارس، باعتباره يوما للاحتجاج النسائي وليس يوما للاحتفال، وقد خلدت العاملات الزراعيات 8 مارس 2021 بتنظيم حملة نسوية تفضح كل أشكال الاستغلال والاضطهاد والعنف الممارس على العاملات الزراعيات ممتدة من 01 مارس إلى 11 مارس، توجت بوقفة احتجاجية.

هل تحضر المطالب النسائية في النضالات النقابية؟
في الفرع المحلي شتوكة أيت باها لنقابة فيدراليات النقابات الديمقراطية المغرب، تحضر المطالب الخاصة بالعاملات الزراعيات وأهم هذه المطالب:
+ تطبيق ما جاء في مدونة الشغل، لأن أرباب العمل لا يلتزمون بتطبيق المدونة حتى بعيوبها.
+توفير حضانات داخل أماكن العمل
+إصدار قوانين حقيقية تجرم كل أشكال التحرش داخل أماكن العمل
+توفير نقل يضمن السلامة والكرامة للعاملات
+الزيادة في الأجور
+توفير خدمات صحية وتعليمية عمومية وجيدة
+ملائمة برامج محو الأمية مع أوقات عمل العاملات الزراعيات ليستفدن من دروس محو الأمية.

شارك المقالة

اقرأ أيضا