الصين، تمرد عمالي في فوكسكون*:  آلاف العمال المضربين يواجهون القمع 

بلا حدود28 نوفمبر، 2022

منذ الأربعاء 23 نونبر، دخل عمال مصنع فوكسكون في تشنغتشو في إضراب، ويستبسلون في مواجهة قمع النظام. مشاهد التمرد العمالي مذهلة، كردٍ على ظروف العمل والسياسة الصحية السلطوية للنظام الصيني.

يؤثر الإضراب على المركب الصناعي لفوكسكون في تشنغتشو، عاصمة إقليم خنان، أكبر مصانع أيفون بالعالم الذي يُشغل أكثر من 200.000 عامل. بفعل بروز إصابات جديدة بكوفيد 19، قررت فوكسكون غلق المكان وعزل العمال داخله، تنفيذا لسياسة  صفر كوفيد المفروضة من طرف شي جين بينغ.

تُبرز مشاهد المواجهات مع الشرطة في الصين ارتفاع التعبئات منذ صباح الأربعاء. ترمز التعبئة في تشنغتشو إلى تذمر خطير بوجه السياسة الصحية المفروضة من طرف بيروقراطية الحزب الشيوعي الصيني. في الواقع، كانت سابقا فوكسكون مسرحاً لإضرابات رئيسة (على إثر انتحارات وسوء المعاملة) وهي تعتبر واحدة من أسوء الشركات استغلالا للطبقة العاملة الصينية.

انطلقت المظاهرات، بحسب العديد من المضربين، باكرا صباح يوم الأربعاء من أجل التنديد بخطة أرباب فوكسكون التي استهدفت تأخير أداء بعض العلاوات. قام العمال بعدها، مطوقين برجال شرطة يلبسون بدلات صحية بيضاء، بترديد ” أعطونا أجورنا! “. في حين نرى ببعض الصور، أجراء فوكسكون يهدمون بغضب الحواجز الصحية التي تجبرهم على البقاء في الحجر لحدود اللحظة في المصنع، في حين تُظهر أخرى رمي قنابل مسيلة للدموع من طرف الشرطة على المتظاهرين.

في فيديوهات أخرى، العديد من عربات الإطفاء مطوقة برجال شرطة بملابس واقية تظهر بالقرب من المباني السكنية في الوقت الذي يُسمع فيه نداء على مكبر الصوت:” إلى كل العمال، المرجو العودة إلى البيوت، لا تختلطوا بأقلية صغيرة من العناصر الخارجة عن القانون”.

يطالب العمال باحترام ظروف العمل في الشركة. يعمل المصنع بنظام أدنى الأجور ( أقل من 300 دولار في الشهر) خلال الموسم المنخفض، ما يدفع العمال إلى العمل بساعات إضافية خلال مواسم الذروة لكسب أجر سنوي لائق.

وفق راديو فرنسا الدولي، التي تلقى شهادة عامل داخلي استدعته السلطات البلدية للعمل في فوكسكون، فإن الشركة باشرت، كما قال، ” تعبئة شبه عسكرية في مدن وقرى خنان (…) لأن هناك خصاص كبير في اليد العاملة في فوكسكون. كان على كل مدينة إرسال شخص واحد على الأقل إلى المصنع. قاموا باستدعائي من أجل التأكد من استمراري في العمل لغاية حصولي على العلاوة. إن رجال الحكومة هم القائمون مباشرة بتجنيد اليد العالمة “.

نلاحظ في فيديوهات أخرى عمالا يشجعون رفاقهم: ” فلندافع عن حقوقنا! “، حين كانوا محاصرين من طرف الشرطة. أعلن أحد العمال بأن” فوكسكون لا تعامل البشر على أنهم بشر”.

قامت شرطة مكافحة الشغب بالإقليم بقمع المضربين بوحشية. تُظهر الصور الشرطة وهي تركل رؤوس العمال وصدورهم حين يكونون ممددين على الأرض وغير قادرين على الحركة.

وفضلا عن ظروف العمل الرهيبة التي يُخضع لها أجراء/ات فوكسكون، يندد هؤلاء بسياسة الحجر الخاصة بالمقاولة. حيثُ يُفرض عليهم المبيت في مناماتها مع زملائهم المؤكد حملهم لفيروس كوفيد 19 (بينما المفترض ان يمنع الحجر أي عدوى داخلية)، ما جعل أجراء يهربون ليلا  دون ترخيص المقاولة. أضف إلى ذلك أن حقبة ذروة بررت زيادة في وتيرة الإنتاج من قبل أرباب العمل بقصد زيادة هوامش ربحهم في فترة أعياد نهاية السنة. والعمال مجبرون على  تبني نظام الدورة المغلقة هذا داخل المصنع، إحدى أسوأ  فزاعات عقود النمو الاقتصادي الصيني.

مع هذا النظام، المشجع بوجه خاص من قبل المشغلين التايوانيين، يذهب العمال من سلاسل الإنتاج الى المنامات المصنع، ممضين شهورا داخل مقرات المقاولة، مكدسين في شروط صحة وسلامة رهيبة، مجبرين على العودة الى المصنع كل لحظة.  خلف وجوب تفادي عدوى داخلية، كان الوضع الصحي في المقاولة ذريعة لتبرير انتاج بكثافة عالية.

في بلاغ نشرته فوكسكون يوم الأربعاء، ـأكدت الشركة بوقاحة أنه كان هناك “عنف” في المصنع واعترفت ان العمال اشتكوا من الأجور وظروف العمل في المصنع.

فوكسكون هي أكبر منتج لهواتف أي فون آبل ، مُسهمَةً بنسبة 70% من صادرات آيفون في العالم. معظم الهواتف المحمولة قادمة من مصنع تشنغتشو  Zhengzhou ، مع أن لها مواقع انتاج أخرى في الهند  وفي جنوب الصين.

الاستياء من قواعد الحجر الصارمة، وفرط الاستغلال المفروض من المقاولة، وانتشار الجائحة في ظل نظام حجر  في المصنع فضلا عن الظروف  الرهيبة، و الأجور غير المدفوعة، وأوضاع نقص غذاء دفعت العمال إلى الفرار من المصنع.

انه أهم اضراب في الصين، في أكبر مصنع تجميع هواتف آيفون في العالم.  يكاد هذا الوضع يكون عالما موازيا لما شهدت الصين قبل اسابيع، في ظل أبهة المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني الذي وضع شي جين بينغ على عرش ولاية ثالثة مع صفة قائد الدفة الجديد.

انتفاضة عمال فوكسكون مثال لا يريد شي جين بينغ بأي وجه أن يذيعه، لأنه قد يتيح تحالفات بين العمال والطبقة الوسطى الحضرية في المراكز الكبرى ضد سياسة صفر كوفيد. أدت هستيريا سياسة الحجر  إلى اغلاقات بالجملة في أكبر مدن الصين، منها شانغاي وتيانجين وتشنغدو و شنغن. بات اليأس يطال قطاعات الطبقة الوسطى التي استفادت لحد الان من إصلاحات النظام.

فوكسكون أكبر مشغل في القطاع الخاص في الصين، مع ما يفوق مليون شخص يعملون عبر البلد في ثلاثين مصنعا ومؤسسة بحث. قد يحفز اضراب عمال فوكسكون الجديد  هذا عمالا اخرين متضررين  من سياسة شي جين بينغ على الاحتجاج. ومن شأن صراع الطبقات في الصين أن  ينسف إحدى الاعمدة الأساسية  للسياسة الرجعية للبيروقراطية الحزب الشيوعي الصيني ويشكل تشجيعا  لعمال العالم قاطبة.

+ هي شركة هون هاي المحدودة للصناعات الدقيقة التي يتم تداولها باسم مجموعة هون هاي التكنولوجية في الصين وتايوان، أو فوكسكون (Foxconn) دوليًا، هي شركة تصنيع إلكترونيات تايوانية متعددة الجنسيات يقع مقرها الرئيسي في توشنغ، مدينة تايبيه الجديدة، تايوان، التي تأسست في عام 1974

ترجمة المناضل-ة

المصدر

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا