غلاءُ المعيشة: الصفُوف المُشتتة لن تُوقف العُدوان البُرجوازي

الافتتاحية13 فبراير، 2023

غلاء المعيشة pdf

بلغ غَلاء المعيشة مُستوى لم يسبقهُ نظير، دفع الجماهير الشعبية إلى التعبير عن الغضب، لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الأحاديث اليومية، بانتقاد حكومة الواجهة والسخرية من وُزرائها. واقدمت الدولة على إجراءات لا تطالُ الأسباب الجوهرية لوقع الغلاء، بما سمته “ضبط الأسعار والتموين”، للتملص من مسؤوليتها، وإلقاء الجريرة على الغشاشين والمُضاربين…
بلغ السيل الزبى، لكن هذا لم يؤد بعدُ إلى موجة نضالات من الأعماق، كيف لا والكادحون/ات معدومُو أدوات النضال، والقليل منها، أي النقابات العمالية، ليس في مستوى مُتطلبات اللحظة النضالية. فالدعوات إلى الاحتجاج لا تنم على خطة نضال حقيقية لوقف العدوان البرجوازي بقدر ما هي ردود آنية يدفع إليها ضغط درجة الغضب العمالي والشعبي، غايتها استبعاد المسؤولية عن فتور النضال، وتبرير هذا لاحقاً بعدم تجاوب الجماهير. هذه الدعوات مُتشتتة، لم يسبقها أي تشاور بين الأجهزة النقابية لتوحيد الفعل النضالي: الاتحاد المغربي للشغل ينظم وقفات محلية، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل تدعو إلى مسيرات احتجاجية إقليمية يوم الأحد 19 فبراير الجاري، ومسيرة وطنية لم يحدد لها تاريخ. أما الجبهة الاجتماعية فإلى مسيرات أو وقفات احتجاجية محلية، يوم الاثنين 20 فبراير الجاري. وعلى صعيد النضال بالإضراب تلوح الك.د.ش بإضراب عام في الوظيفة العمومية في أفق غير محدد. ورغم تسجيل المجلس الوطني للاتحاد المغربي للشغل في ديسمبر تملص الدولة من اتفاق 30 أبريل 2022، اكتفى بتنبيهها من أي اجراءات أحادية ودعوة إلى الاستعداد لكافة اشكال النضال، لكن دون خطة فعلية.
وميدانيا تستمر الدينامية ناقصةً ومُتشظيةً في قطاع التعليم أساساً، بتمديد أساتذة التعاقد المفروض إضرابهم أيام 13 و 14 و 15 فبراير، ونداء جامعة التعليم/توجه ديمقراطي إلى اضراب وطني بالقطاع يومي 20 و 21 فبراير. فيما امتنعت نقابة تعليم الك.د.ش عن الاضراب مكتفية بدعوة الى مشاركة في مسيرات كدش الإقليمية يوم 19. كما يشهد قطاع التعليم حالات من التنسيق النقابي المحلي، واضرابات محلية، هذا علما أن هذه المبادرات الاضرابية، الوطنية والمحلية على حد سواء، مهنية لا تولي مسألة غلاء المعيشة الأهمية التي لها لدى الشغيلة وعامة مقهوري المغرب ومقهوراته. إجمالاً، مُعظم الحركة النقابية مُمتنعٌ عن النضال بالإضراب، ما يفرض على أقليته المكافحة حدودا لا تتيح السير صوب الخطوات النضالية النوعية التي يقتضيها الوضع الاجتماعي.

ليس من تفسير لضراوة الهُجوم البُرجوازي غير إفلاح الدولة من تعطيل مُعظم الجسم النقابي الذي انساقت قياداته إلى “الشراكة الاجتماعية” أي دور المساعد في تمرير التعديات على الصُعد كافة. ولا مخرج من هذا المستنقع غير تطوير التعاون في الفروع النقابية، بتباين انتماءاتها، والضغط من أجل برنامج نضال وحدوي يعيد للحركة النقابية هويتها الكفاحية، انطلاقا من النضالات الجارية، بالدعم والتضامن، لاستعادة ثقة الشغيلة في النضال، واعتماد المنظور الشمولي، المتجاوز للنزوع القطاعي والفئوي، للدفاع عن المصالح الاجمالية للطبقة العاملة بوجه الهجوم البورجوازي الشامل. ومن اللحظة يقتضي الواجب النضالي الأولي توحيد الدينامية الجارية في قطاع التعليم وانخراط الجميع فيها، بلا حسابات ضيقة، والعمل لجعل الاضراب العام الذي دعت إليه الك.د.ش في الوظيفة العمومية خطوة موحدة بانضمام باقي النقابات إليه، والإتفاق على تاريخ يلتفُ حوله الجميع، يكون حلقة ضمن برنامج نضالي مُترابط الحلقات يستهدف إيقاظ مُجمل طبقة الأجراء وكافة صغار المنتجين/ات والمحرومين/ات من العمل والدخل، على أرضية مطالب رئيسية ثلاث: تطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور للعودة بالقدرة الشرائية لمستويات ما قبل موجة الغلاء، ومطلب زيادة عامة في الأجور لتحسين تلك القدرة ومطلب توفير دخل لا يقل عن الحد الأدنى للأجور للمحرومين/ات منه. برنامج يتصاعد في اتجاه اضراب عام وطني يشل الإقتصاد والإدارة والنقل أي مجمل آلة الأرباح الرأسمالية، فهذه هي اللغة الوحيدة التي تفهمها الدولة البرجوازية غير المترددة في تجويع الشعب بالغلاء الفَاحِش.

المناضل-ة

13 فبراير 2023

شارك المقالة

اقرأ أيضا