فاتح مايو في كلميم: لماذا تخلف التوجه الديمقراطي عن الاحتجاج؟

دأبت البيروقراطيات النقابية على تحويل الفاتح من مايو من كل سنة إلى يوم احتفالات وبهرجة ومنصات خطابة خاوية لجرد مكتسبات وهمية، بدل جعله يوم نضال واحتجاج وتضامن عمالي.

يجد هذا الوضع تفسيره بشكل رئيس في الممارسة “النقابية” التي كرستها هذه البيروقراطيات التابع بعضها لأحزاب بورجوازية و الآخر للقصر مباشرة؛ عمل “نقابي” يفضل ما يسمى “الحوار والشراكة” على النضال° والسلم الاجتماعي على الصراع الطبقي.

هذه السنة، تجرأت هذه البيروقراطيات على إلغاء الاحتفالات ذاتها، ويدل ذلك على مدى تحكمها في المنظمات النقابية وتأكدها من ضعف المعارضة النقابية  الشديد، مغطية جريمتها هذه بادعاء عزم على  جعل فاتح مايو شهرا مشتعلا بـ”النضال والاستنكار”.

طبعا.. تأكد واقع أن ضعف المعارضة النقابية قد سهل مأمورية إلغاء احتجاجات فاتح مايو. خلت الساحات من المحتجين، باستثناء بعض المواقع التي تحدت قرار البيروقراطيات فخرجت لكن بشكل بالغ التواضع عدديا.

فاتح مايو في كلميم

شهدت مدينة كلميم تجربة واعدة سنة 2011؛ تمثلت في تنسيق نقابتي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل مع حركة 20 فبراير و”حركة معطلو كليميم” لتخليد فاتح مايو بشكل مشترك، وهو ما أتاح إمكان نجاح ذلك التخليد كما وكيفا.

بعد أربع سنوات من ذلك.. خلت شوارع كلميم من هذا الاحتجاج ما عدا خرجات محتشمة لبعض النقابات لم تتعد “حفل شاي” نظمته الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمقرها، وشهد حضورا مكثفا لعمال القطاع الخاص الذي أبدوا كفاحية عالية في معارك سابقة .

نصبت بعض النقابات الأخرى منصات بالشارع،  مثل المنظمة الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وقد شهد موكب هذا الأخير مشاركة فعالة للطلبة الممرضين الذين سبق قمع أحد اعتصاماتهم.

التوجه الديمقراطي في كلميم: ما سر الامتناع عن الاحتجاج؟

ما آثار الانتباه هو غياب الاتحاد المغربي للشغل- التوجه الديمقراطي- عن ساحة الاحتجاج في يوم العمال العالمي، فقد كان المقر مغلقا ولم يجسد التوجه الديمقراطي محليا ما تضمنته رسالة السكرتاريا الوطنية للتوجه من رفض لإلغاء تخليد فاتح مايو من طرف قيادات النقابات الثلاثة ، فلا المقر فتح أمام المناضلين ولا منصة أقيمت ولا وقفة احتجاجية سجلت، بعكس رفاقنا في التوجه الديمقراطي في طانطان الذين نظموا وقفة احتجاجية، قليلة العدد، لكنها احتجاج ضد تلاعب بيروقراطيات النقابية بمنظمات العمال.

أثار المناضلون النقابيون بالمدينة، بقصد تسويغ تخلفهم عن تخليد فاتح مايو، مبرر “فجائية قرار الإلغاء” ما لم يتح فرصة كافية للتعبئة. إنها حجة مردودة ،وأفدح من زلة الامتناع عن  التخليد؛ فهل كان النقابيون الديمقراطيون والكفاحيون متكلين على تعبئة البيروقراطيات النقابية؟ هل كان النقابيون الديمقراطيون يعبئون لفاتح ماي قبل صدور قرار الإلغاء؟ وهل تعبئة القواعد العمالية للاحتجاج في فاتح مايو رهين بقرارات البيروقراطية؟ أم أن خشية تخليد باهت وضعيف جعل نقابيي التوجه محليا يستقبلون قرار الإلغاء كأنهم كانوا في انتظاره؟ وما العيب في تخليد الفاتح من مايو رفقة مجموعة صغيرة من مناضلين ديمقراطيين وعمال كفاحيين؟ لماذا لم يفتح حتى مقر الاتحاد المحلي يوم فاتح؟ لماذا لم يوزع بيان فاتح مايو وبيان السكرتاريا الوطنية للتوجه الديمقراطي؟

لقد كان غياب الاتحاد المغربي للشغل- التوجه الديمقراطي عن تخليد فاتح ماي، ضربة كبيرة للآمال المعقودة على هذه التجربة محليا، ويعد مجاراة لقرار البيروقراطية النقابية عملا ورفضه قولا بالبيانات. فبناء نقابة ديمقراطية وكفاحية يستوجب التميز عن البيروقراطيات فعلا وعملا.

عسى النقابيين الديمقراطيين أن يقيموا إيجابيا تخلفهم عن الاحتجاج يوم فاتح ماي لتصحيح هذا الخطأ مستقبلا، خاصة أن سابقة أخرى قد سجلت تخلف الاتحاد المغربي للشغل- التوجه الديمقراطي في كلميم عن الاحتجاج الميداني يوم الإضراب العام في 29 أكتوبر 2014.

إلى الأمام

المراسل

=============

° التفاوض لا يتعارض مع النضال، التفاوض اضطراري طالما لم تحسم المعركة النهائية مع الرأسمال، يتفاوض العمال لأجل تسجيل مكاسب بعد نضال، فيما “الحوار الاجتماعي” هو سعي لتغطية هجمات الرأسمال بفتات دون نضال حقيقي.

شارك المقالة

اقرأ أيضا