رسالة مفتوحة إلى مسؤولي المنظمات العمالية: المس بالتقاعد إضرار بالأجراء سيكون باب مزيد من المصائب

رسالة مفتوحة للتحميل (أنقر هنا)

إلى مسؤولي النقابات العمالية بالأجهزة الوطنية، والقطاعية، والمحلية

في هذه اللحظة الحاسمة حيث تسير الدولة نحو فرض مخططها بشأن التقاعد، الذي تسميه إصلاحا فيما هو تدمير لمكاسب نضالات عقود من الزمن، نتوجه إليكم بهذه الرسالة المفتوحة ليكون الجميع أمام مسؤوليته التاريخية.

بعد حملة  التضليل التي اشتدت منذ تأسيس “اللجنة الوطنية للتقاعد” قبل 11 سنة، وكانت غايتها تهيئ الرأي العام العمالي لتقبل الضربة، هاهي الدولة تبدي العزم على الإضرار بحقوق الأجراء في التقاعد رغم اعتراض أبدته معظم  النقابات  العمالية، ورغم استياء سائد بين المعنيين في قاعدة النقابات وخارجها.

وضعية أنظمة التقاعد سببتها سياسة الدولة التي ترفض تشغيل ما يكفي من مستخدمين لتلبية الحاجات الاجتماعية المتنامية، وهي تسعى الآن إلى حلها على حساب الأجراء برفع سن التقاعد ونسبة الاقتطاع وخفض مبلغ المعاش.

التقاعد مكسب من مكاسب وجود حركة نقابية، ونضالها طيلة عقود، وهو الآن مهدد، وسيكون نجاح الدولة في فرض مخططها مدخلا لمزيد من الإضرار بحقوق الطبقة العاملة ومكاسبها: مزيد من الهشاشة في الوظيفة العمومية (عمل بالعقدة، وتشديد استغلال الموظف ومعاملته كمورد لا كإنسان…)، وإلغاء حق الإضراب (بمبرر تقنينه)، وإخضاع النقابات للدولة، وتحطيم القدرة الشرائية (رفع الأسعار وإلغاء نظام المقاصة، رفض السلم المتحرك للأسعار والأجور،…) وهلم جرا

جوهر سياسة الدولة لا يتغير، مهما تبدلت حكومات الواجهة، قوامها رعاية الرأسمال وتمكينه من التراكم بأسرع ما يمكن، والاستمرار في خدمة المديونية، على حساب الأغلبية الكادحة، أي من يعيشون ببيع قدرتهم على العمل، ومن جرى إلقاؤهم إلى أهوال البطالة. وإن نجاح الدولة وأرباب العمل في تمرير خططهم ناتج عن نقص قدرة الطبقة العاملة على التصدي، وهذا النقص قابل للتدارك بتعبئة القوى وتوحيد فعلها. فالاحتجاجات المتوالية في مختلف القطاعات، ولدى فئات متنوعة، دليل على إمكان صد العدوان بخطة نضالية تستنهض تدريجيا قوى الكفاح وتعيد الثقة في جدوى النضال إلى أقسام طبقتنا التي نال منها اليأس وسقطت في الاستسلام.

 أيها المسؤولون النقابيون بمختلف المستويات

كان الامتناع عن الرد على اقتطاع أجور الموظفين المضربين، رغم تصريحات مسؤولين نقابيين عديدين تهدد بالتصدي، ضربة قوية للعمل النقابي، وخدمة لمن يشككون في جدوى المنظمات النقابية. وإذا ما تم التعامل بنفس المنطق مع الهجوم على التقاعد، فتسير حركتنا النقابية نحو الهلاك لما سينتج عن تمرير مخطط الدولة من يأس وسقوط المعنويات، وتراجع التنظيم وخفوت الإقبال عليه.

إن توحيد فعل الأجراء النقابي ممكن، بدءا بمبادرات محلية تطلقها فروع ومكاتب نقابية، وصولا إلى تعزيز التنسيق النقابي القائم بين الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين والفيدرالية الديمقراطية للشغل.

تقوية هذا التنسيق يمر أولا بالجواب على سؤال: لماذا لم تؤد نضالاتنا في  الفترة الأخيرة (4 مسيرات وطنية، ثلاثة بالدار البيضاء 27  مايو 2012- 6 أبريل 2014، 29 نوفمبر 2015)، وبالرباط (31 مارس 2013)، وإضراب وطني (29 أكتوبر 2014)، إلى أي نتيجة ايجابية ؟

الجواب واضح: نضالنا لا يسير وفق خطة استنهاض حقيقي لقوى الطبقة العاملة: إن نقابات تعبر فعلا عن مصالح الطبقة العاملة يجب أن تكون لها خطة تعبئة: أن يكون انشغالها الدائم هو جعل كل خطوة تحضيرا للخطوة التالية، محركة بذلك كل مرة مزيدا من العمال. إن انضمام المترددين رهين بثقتهم في عزم البادئين بالنضال. قبل الانخراط في خطوة نضالية يجب أن يعرف العمال أنها ستكون متبوعة بأخرى في أجل غير بعيد. يجب أن يشعر المشاركون أن الحركة تتسع من خطوة إلى أخرى.

إن تفكيك النضالات، وتجزيئها دون معرفة ما سيلي تلك الخطوات المشتتة، لا يسهم في تعبئة الطبقة العاملة بل يُـنهك كفاحيتها ويستنزف قواها، ويحطم معنوياتها.

ويمثل توحيد الفعل النقابي باستعمال سلاح الإضراب العام خطوة نحو تقوية كفاحية حركتنا النقابية، لكن الإضراب العام لا يكون بضغط على زر، بل بحملة تعبئة ممتدة في الزمان والمكان، وبجعل الإضراب العام أداة نضال فعلية بعدم اقتصاره على يوم واحد تعود آلة الإنتاج والإدارة بعده إلى حركتها، بل نضالا قابلا للتمديد ما لم تستجب الدولة لمطالبنا. وستزداد قوة الإضراب العام بقدر تسييره من قبل المضربين أنفسهم بواسطة جموع عامة تناقش وتقرر وتراقب التنفيذ.

أيها المسؤولون النقابيون، على جميع المستويات:

مصير معركة التقاعد بين أيديكم، فالقاعدة النقابية تضع ثقتها فيكم، وتسير وفق توجيهاتكم. وسيكون موقفكم العملي من خطة الدولة لضرب مكسب التقاعد حاسما لنتيجة المعركة من جهة ولمستقبل العمل النقابي برمته من جهة أخرى. فلتكن مصلحة الطبقة العاملة فوق جميع الاعتبارات، وليتحمل كل مسؤول نقابي، في أي من مستويات المسؤولية، من المكتب النقابي المحلي حتى القيادة الوطنية، ما عليه من مسؤولية تاريخية في هذه اللحظة المصيرية بالنسبة للطبقة العاملة ونضالها.

لا تترددوا، فالدولة مصممة وترددكم يقويها. نظموا تجمعات عمالية، واعقدوا ندوات، وخوضوا وقفات احتجاج، وعبئوا في الميدان بالشارع والأحياء العمالية وفي أماكن العمل، واحشدوا لنزال حاسم على واحدة من قضايا العمال والعاملات الأساسية.

تيار المناضل-ة    

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا