الحزب الشيوعي والبرلمانية: من قرارات المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية المنعقد في يوليو 1920 بروسيا.

 

 

 

 

 

أنظر النصوص الكاملة للمؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأممية الشيوعية. ترجمة لينا عاصي وتدقيق كميل داغر. دار الالتزام للطباعة والنشر والتوزيع. 1987.

  1. العصر الجديد والبرلمانية الجديدة

في عصر الأممية الأولى، كان موقف الأحزاب الاشتراكية حيال المسألة البرلمانية يقوم، في الأصل، على استخدام البرلمانات البرجوازية من أجل التحريض. فكانت المشاركة في العمل البرلماني تطرح من وجهة نظر تطور الوعي الطبقي، أي استيقاظ عداء الطبقات البروليتارية تجاه الطبقات الحاكمة. هذا الموقف قد تبدل، ليس بتأثير إحدى النظريات، بل بتأثير التقدم السياسي. لقد اكتسبت الرأسمالية ومعها الدول البرلمانية استقرارا مستديما بفعل تنامي القوى المنتجة غير المنقطع، وتوسعا مجال الاستغلال الرأسمالي.

ومن هنا، برز تكثيف التكتيك البرلماني للأحزاب الاشتراكية مع العمل التشريعي “العضوي” للبرلمانات البرجوازية، والأهمية المتزايدة باستمرار للنضال من أجل إدخال الإصلاحات ضمن أطر الرأسمالية، وهيمنة برنامج الحد الأدنى للأحزاب الاشتراكية وتحول برنامج الحد الأقصى إلى برنامج معد للنقاشات حول “هدف نهائي” بعيد. على هذه القاعدة تطورت الوصولية البرلمانية، وتطور الفساد والخيانة، الواضحة أو المموهة، لمصالح الطبقة العاملة الأساسية.

لا يتحدد موقف الأممية الثالثة من المسألة البرلمانية انطلاقا من نظرية جديدة، بل انطلاقا من تحول دور البرلمانية نفسها. ففي العصر السابق كان البرلمان، أداة الرأسمالية النامية، قد عمل، بمعنى من المعاني، لصالح التقدم التاريخي. أما في الظروف الحالية، التي تتميز بجموح الإمبريالية، فقد أصبح البرلمان أداة الكذب والغش وأعمال العنف والدمار وأعمال اللصوصية. لقد فقدت الإصلاحات البرلمانية، المجردة من الثبات والاستقرار، والمتصورة من دون خطة شاملة، كل أهمية عملية بالنسبة للجماهير الكادحة.

لقد فقدت البرلمانية استقرارها مثلها مثل المجتمع البرجوازي بأكمله، فيما يخلق الانتقال من المرحلة العضوية إلى المرحلة الحرجة قاعدة جديدة لتكتيك البروليتاريا في الحقل البرلماني. وهكذا كان الحزب العمالي الروسي (البلشفي) قد حدد أسس البرلمانية الثورية في المرحلة لسابقة، بعد أن فقدت روسيا توازنها السياسي والاجتماعي مند عام 1905 ودخلت مند ذلك الحين في مرحلة من الاضطرابات والتقلبات.

وعندما يشير بعض الاشتراكيين، التواقين إلى الشيوعية، إلى أن ساعة الثورة لم تحن بعد في بلدانهم، ويرفضون الانفصال عن الانتهازيين البرلمانيين، فإنهم يعملون، بالحقيقة، وفق تصور واع أو غير واع، للمرحلة التي ندخلها، المعتبرة مرحلة استقرار نسبي للمجتمع البرجوازي الإمبريالي، ويظنون، لهذا السبب، بأن التعاون مع أمثال توراتي ولونجي يمكن أن يقدم على هذه القاعدة نتائج عملية في النضال من أجل الإصلاحات.

ينبغي أن تتخذ الشيوعية الدراسة النظرية لعصرنا كنقطة انطلاق (أوج الرأسمالية، اتجاهات الإمبريالية نحو نفي نفسها بنفسها وتدميرها الذاتي وتفاقم الحرب الأهلية المستمر، الخ…). ويمكن أن تأخذ العلاقات السياسية والتجمعات أشكالا مختلفة من بلد لآخر، ولكن جوهر الأشياء يبقى هو نفسه في كل مكان: يتعلق الأمر، بالنسبية لنا بالإعداد الفوري السياسي والتقني للانتفاضة البروليتارية الجديدة.

بالنسبة للشيوعيين لا يمكن البرلمان أن يكون بأي حال من الأحوال، في المرحلة الراهنة، مسرحا للنضال من اجل الإصلاحات وتحسين وضع الطبقة العاملة، كما حصل في بعض الأحيان في المرحلة السابقة. لقد خرج مركز ثقل الحياة السياسية من البرلمان كليا ونهائيا. من جهة ثانية فإن البرجوازية مجبرة، بحكم علاقاتها مع الجماهير الكادحة، وأيضا تبعا للعلاقات المعقدة القائمة داخل الطبقات البرجوازية، على جعل البرلمان بمختلف لأشكال، يصادق على بعض أعمالها، هذا البرلمان الذي تتصارع الكتل فيه على السلطة، وتستعرض قواها وتظهر نقاط ضعفها وتعرض نفسها للشبهات، الخ …

لذا فإن الواجب التاريخي المباشر للطبقة العاملة هو أن تنتزع هذه الأجهزة من الطبقات الحاكمة وتحطمها وتدمرها وتستبدلها بالأجهزة الجديدة للسلطة البروليتارية. يضاف إلى ذلك، أن هيئة الأركان الثورية للطبقة العاملة مهتمة بأن يكون لها في المؤسسات البرلمانية البرجوازية كشافة يسهلون عملها التدميري، إننا نرى بوضوح منذ الآن وصاعدا الفارق الأساسي بين تكتيك الشيوعيين الآتين إلى البرلمان لأهداف ثورية وبين تكتيك البرلمانية – الاشتراكية الذي يبدأ من الاعتراف بالاستقرار النسبي للنظام واستمراريته غير المحدودة. إن البرلمانية – الاشتراكية تضع لنفسها مهمة الحصول على الإصلاحات بأي ثمن كان. وهي مهتمة بأن تدرج الجماهير كل مكسب في حساب البرلمانية – الإشتراكية (توراتي ، لونجي ، وشركاهما).

لقد اسُتبدلت البرلمانية الهرمة القائمة على التكيف ببرلمانية جديدة، تشكل إحدى الوسائل للقضاء على البرلمانية بشكل عام. لكن تراث التكتيك البرلماني القديم المحبط يقرب بعض العناصر الثورية من المعادين للبرلمانية من حيت المبدأ (عمال العالم الصناعيين، والنقابويين الثوريين، وحزب العمال الشيوعي الألماني).

ونظرا لهذا الوضع، فإن المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية توصل إلى النتائج التالية:

2) الشيوعية. النضال من أجل ديكتاتورية البروليتاريا و “من أجل استخدام” البرلمان البرجوازي

أ

1) لقد أصبحت النزعة البرلمانية الحكومية الشكل “الديمقراطي” لسيطرت البرجوازية، التي تتطلب في مرحلة معينة من تطورها خرافة تمثيل شعبي ظاهري عن “إرادة الشعب” وليست إرادة الطبقات، ولكنه يشكل في الواقع أداة إكراه واضطهاد بين يدي الرأسمال السائد.

2) إن البرلمانية هي شكل محدد للدولة. لهذا فإنها لا تناسب المجتمع الشيوعي بأي شكل من الأشكال، الذي لا يعرف الطبقات ولا الصراع الطبقي ولا السلطة الحكومية بأي نوع من أنواعها.

3) إن البرلمانية لا يمكن أن تكون أيضا شكل الحكومة “البروليتارية” في المرحلة الانتقالية من ديكتاتورية البرجوازية إلى ديكتاتورية البروليتاريا. وفي اللحظة الأخطر من الصراع الطبقي عندما يتحول هذا الأخير إلى حرب أهلية، يجب على البروليتاريا حتما أن تبني تنظيمها الحكومي الخاص، باعتباره تنظيما نضاليا لا يقبل فيه ممثلو الطبقات المسيطرة القديمة، وستكون كل خرافة حول الإرادة الشعبية، خلال هذه المرحلة، مضرة بالنسبة للبروليتاريا. فهذه الأخيرة لا حاجة لها أبدا إلى الفصل البرلماني بين السلطات، الذي لا يمكن أن يكون إلا وبالا عليها. إن جمهورية السوفياتات هي شكل ديكتاتورية البروليتاريا.

4)  إن البرلمانات البرجوازية التي تشكل أحد الأجهزة الأساسية للآلة الحكومية للبرجوازية لا يمكن أن تستولي عليها البروليتاريا مثلما لا يمكنها أن تستولي على الدولة البرجوازية بشكل عام. وتقوم مهمة البروليتاريا على نسف الآلة الحكومية البرجوازية وتدميرها، ومن ضمنها المؤسسات البرلمانية، سواء كانت مؤسسات جمهورية أو مؤسسات الملكيات الدستورية.

5) وينطبق الشيء نفسه على المؤسسات البرجوازية البلدية أو القروية التي من الخطأ نظريا اعتبارها متعارضة مع الأجهزة الحكومية، فهي بالحقيقة تشكل جزءا من الآلة الحكومية البرجوازية، ويجب أن تدمرها البروليتاريا الثورية وتستبدلها بسوفياتات نواب العمال.

6) ترفض الشيوعية، إذن، أن ترى في البرلمان أحد أشكال مجتمع المستقبل، وترفض أن ترى فيها شكل ديكتاتورية طبقة البروليتاريا، وتنفي إمكانية الاستيلاء المتمادي على البرلمانات. إنها تضع إزالة البرلمانية كهدف لها. ومن الآن وصاعدا لا يمكن أن يكون واردا إلا استخدام المؤسسات الحكومية البرجوازية بهدف تدميرها. بهذا المعنى وبهذا المعنى فقط يمكن أن تطرح المسألة.

ب

7) إن كل صراع طبقي هو صراع سياسي، لأنه في نهاية الأمر، صراع من أجل السلطة، وكل إضراب يشمل البلد بأكمله، يصبح تهديدا للدول البرجوازية ويكتسب من هنا بالذات طابعا سياسيا. فالعمل من أجل إطاحة البرجوازية وتحطيم الدول البرجوازية هو دعم لنضال سياسي. وأن ننشأ لأنفسنا جهازا حكوميا وجهاز إكراه بروليتاريا، طبقيا، ضد البرجوازية العاصية، هو أن نستولي على السلطة السياسية، مهما كان هذا الجهاز.

8)  لا يقتصر الصراع السياسي إذن على مسألة موقف من البرلمانية، بل يطول كل النضال الطبقي للبروليتاريا، إذ أن هذا النضال يكف عن أن يكون نضالا محليا أو جزئيا ويتجه لإطاحة النظام الرأسمالي بشكل عام.

9) إن الطريقة الأساسية لنضال البروليتاريا ضد البرجوازية، أي ضد سلطتها الحكومية، هي قبل كل شيء طريقة النشاطات الجماهيرية. وتقوم المنظمات الجماهيرية للبروليتاريا (النقابات والأحزاب والسوفياتات) بتنظيم هذه النشاطات وقيادتها، تحت الإشراف العام للحزب الشيوعي، الموحد بشكل متين، والمنضبط والممركز. إن الحرب الأهلية هي حرب. وعلى البروليتاريا في هذه الحرب أن تمتلك كوادر سياسية جيدة وهيئة أركان جيدة تقود شتى العمليات في جميع ميادين النشاط.

10) يشكل نضال الجماهير نظاما كاملا من النشاطات المتنامية باستمرار التي تتأرجح بفعل شكلها بالذات، وتقود منطقيا إلى الانتفاضة ضد الدولة الرأسمالية. في هذا النضال الجماهيري، المدعو بأن يصبح حربا أهلية، ينبغي على الحزب القائد للبروليتاريا، كقاعدة عامة، أن يعزز جميع مواقعه الشرعية، ويجعل منها نقاط ارتكاز ثانوية لنشاطه الثوري، ويخضعها لخطة الحملة الرئيسية، أي النضال الجماهيري.

11) إن منبر البرلمان البرجوازي هو أحد نقاط الارتكاز الثانوية، ولا يمكن التذرع بالصفة البرجوازية للمؤسسة نفسها للوقوف ضد النشاط البرلماني. فالحزب الشيوعي يدخل هذه المؤسسة ليس للقيام بنشاط عضوي، بل من أجل تقويض الآلة الحكومية والبرلمان من الداخل (مثلا: نشاط ليبكنخت في ألمانيا، والبلاشفة في دوما القيصر وفي “الكونفرنس الديمقراطي” وفي “البرلمان” وفي ” البرلمان الأولي” لكيرنسكي وفي الجمعية التأسيسية والبلديات، وأخيرا في عمل الشيوعيين البلغار).

12) هذا العمل البرلماني الذي يقوم بشكل خاص على استخدام المنبر البرلماني لأهداف تحريضية ثورية، ولإحباط مناورات الخصم، وتجميع الجماهير حول بعض الأفكار، هذه الجماهير التي تنظر إلى المنبر البرلماني، خاصة في البلدان المتخلفة، بكثير من الأوهام الديمقراطية، يجب أن يخضع كليا لأهداف نضال الجماهير خارج البرلمان، ومهمات هذا النضال. إن للمشاركة في الحملات الانتخابية والدعاوة الثورية من أعلى المنبر البرلماني دلالة خاصة من أجل الكسب السياسي لأوساط الطبقة العاملة، التي بقيت حتى الآن ذ، كما الجماهير الكادحة الريفية =، بعيدة عن الثورة وعن السياسية.

13)  على الشيوعيين، إذا حازوا الأغلبية في البلديات:

أ‌) أن يشكلوا معارضة ثورية للسلطة المركزية للبرجوازية.

ب‌) أن يعملوا بمختلف الوسائل لتقديم خدمة للجزء الأكثر فقرا من السكان (إجراءات اقتصادية، إنشاء أو محاولة إنشاء مليشيا شعبية مسلحة، الخ… ).

ج‌) أن يكشفوا، في كل مناسبة، العوائق التي تضعها الدولة البرجوازية بوجه أي إصلاح جذري.

د‌) أن يطوروا دعاوة ثورية حازمة، على هذا الأساس، دون الخوف من النزاع مع السلطة البرجوازية.

ه‌) أن يستبدلوا البلديات، في بعض الظروف، بسوفياتات نواب العمال، وينبغي أن يندرج كل نشاط يقوم به الشيوعيون في البلديات بالنشاط العام لتقويض النظام الرأسمالي.

14) ينبغي أن تجري الحملة الإنتخابية نفسها ليس باتجاه الحصول على الحد الأقصى من المقاعد البرلمانية، بل باتجاه تعبئة الجماهير تحت شعارات الثورة البروليتارية. ولا يجب أن ينحصر النضال الانتخابي بقيادة الحزب فقط، بل ينبغي أن يشارك فيه مجموع الأعضاء، ويجب أن تستخدم كل حركة جماهيرية (إضرابات، تظاهرات، إضرابات في الجيش والأسطول، الخ …) فيقام اتصال وثيق بهذه الحركة، ويصار إلى استثارة نشاط المنظمات البروليتارية باستمرار.

15) باستيفاء هذه الشروط المشار إليها في توجيه خاص، يدخل العمل النيابي في تعارض كامل مع “الحرتقة” السياسية المثيرة للاشمئزاز للأحزاب الاشتراكية في البلدان كافة، التي يذهب نوابها إلى البرلمان بهدف دعم هذه المؤسسة “الديمقراطية”، وفي أحسن الأحوال، من أجل “الاستيلاء عليها”. لكن الحزب الشيوعي لا يمكن أن يقبل إلا بالاستخدام الثوري فقط للبرلمانية، على طريقة كارل ليبكنخت وهوغلند والبلاشفة.

فــــي البرلمـــــــــــــان

ج

16) ليست “معاداة البرلمانية” مبدئيا، المتصورة كرفض مطلق وقاطع للمشاركة في الانتخابات وللعمل البرلماني الثوري، إلا عقيدة طفولية وسطحية لا تصمد أمام النقد. وهي في بعض الأحيان نتاج قرف صحي من السياسيين البرلمانيين، ولكنها لا تلحظ فضلا عن ذلك، إمكانية البرلمانية الثورية. ويحصل أن يرتكز هذا الرأي كذلك على مفهوم خاطئ كليا للحزب باعتباره ليس الطليعة العمالية الممركزة والمنظمة من أجل المعركة، بل نظاما غير ممركز لمجموعات لا تملك ارتباطا قويا فيما بينها.

17) من جهة أخرى، لا تنبع ضرورة المشاركة الفعلية في انتخابات وجمعيات برلمانية معينة أبدا من الاعتراف المبدئي بالعمل الثوري في البرلمان. فكل شيء يتعلق هنا بسلسلة من الشروط الخاصة. إن خروج الشيوعيين من البرلمان يمكن أن يصبح ضروريا في لحظة معينة، كما كان الحال عندما انسحب البلاشفة من البرلمان الأولي لكيرنسكي، بقصد نسفه، وجعله عاجزا دفعة واحدة، ومواجهته بسوفيات بتروغراد بشكل أوضح، عشية الوقوف على رأس الانتفاضة. وكانت هذه الحال عندما نقل البلاشفة مركز ثقل الأحداث السياسية إلى المؤتمر الثالث للسوفياتات. وفي بعض الظروف قد تفرض مقاطعة الانتخابات نفسها أو التدمير المباشر للدولة البرجوازية والزمرة البرجوازية عن طريق القوة، أو يمكن أن تتطابق أيضا المشاركة في الانتخابات مع مقاطعة البرلمان نفسه، الخ.

18) إن الحزب الشيوعي معترفا على هذا الشكل كقاعدة عامة، بضرورة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية وبالعمل في البرلمانات والبلديات، يجب أن يحسم المسألة تبعا للحالة الملموسة، مستوحيا الخصائص المميزة للوضع. إن مقاطعة الانتخابات أو البرلمان، وكذلك الخروج من البرلمان أمران مقبول بهما خاصة حين توجد شروط تسمح بالانتقال المباشر إلى النضال المسلح من أجل استلام السلطة.

19) من الضروري أن يراعى باستمرار الطابع الثانوي نسبيا لهذه المسألة. فبما أن مركز الثقل هو النضال خارج البرلمان من أجل السلطة السياسية، من المسلم به أن المسألة العامة لدكتاتورية البروليتاريا والنضال الجماهيري من أجل هذه الديكتاتورية لا يمكن أن تقارن بالمسألة الخاصة لاستخدام البرلمانية.

20) لهذا السبب، تؤكد الأممية الشيوعية، بشكل قاطع، أنها تعتبر كل انشقاق أو محاولة انشقاق مفتعلة داخلة الحزب الشيوعي بسبب هذه المسألة وبسببها فقط خطأ كبيرا بحق الحركة العمالية. ويدعو المؤتمر كل أنصار النضال الجماهيري من أجل ديكتاتورية البروليتاريا إلى تحقيق الوحدة الكاملة بين العناصر الشيوعية، تحت قيادة حزب ممركز على جميع منظمات الطبقة العاملة، على الرغم من تباين الآراء المحتمل فيما يتعلق باستخدام البرلمانات البرجوازية.

ob_734a21_2427551753-small-1

3-التكتيك الثوري

تفرض الإجراءات التالية نفسها من أجل ضمان التطبيق الفعلي للتكتيك الثوري في البرلمان:

  • يتأكد الحزب الشيوعي بأكمله ولجنته المركزية، منذ المرحلة التحضيرية التي تسبق الانتخابات، من إخلاص أعضاء المجموعة البرلمانية الشيوعية وقيمتهم الشيوعية، وله الحق الذي لا نقاش فيه بأن يطعن في أي مرشح تعينه إحدى منظمات الحزب، إذا لم يكن لديه الإقتناع بأن هذا المرشح سينفذ سياسة شيوعية فعلا. وينبغي على الأحزاب الشيوعية أن تمتنع عن العادة الإشتراكية الديمقراطية الهرمة، عادة الانتخاب الحصري لبرلمانين “مجربين”، ومحامين بشكل خاص. فالمتبع أن يتم اختيار المرشحين من بين العمال: ولا يجب أن يخشى تعيين أعضاء بسيطين دون كبير تجربة برلمانية وعلى الأحزاب الشيوعية أن ترفض باحتقار لا رحمة فيه الوصوليين الذين يأتون إليها بهدف وحيد وهو الدخول إلى البرلمان، وعلى اللجان المركزية ألا تصادق إلا على ترشيحات الأشخاص الذين قدموا، طوال سنوات عديدة، البراهين الثابتة على إخلاصهم للطبقة العاملة.
  • ما أن تنتهي الانتخابات، تقوم اللجنة المركزية حصرا بتنظيم المجموعة البرلمانية، سواء كان الحزب الشيوعي شرعيا أو غير شرعي. وينبغي أن تصادق اللجنة المركزية على اختيار رئيس مكتب المجموعة البرلمانية وأعضاءه. وسيكون للجنة المركزية ممثل دائم يتمتع بحق الفيتو. وفي كل المسائل السياسية الهامة، يجب أن تلتزم المجموعة البرلمانية بطلب التوجيهات المسبقة من اللجنة المركزية. ويحق للجنة المركزية – ومن واجبها – أن تعين خطباء المجموعة المدعوين للمداخلة حول مسائل هامة أو تطعن فيهم، وأن تفرض إخضاع الموضوعات والنصوص الكاملة لخطبهم، الخ…لوافقتها. وأن يوقع كل مرشح مسجل على اللائحة الشيوعية تعهدا رسميا بأن يتخلى عن نيابته عند أو بإيعاز من اللجنة المركزية، كي يكون الحزب قادر دائما على استبداله.
  • وفي البلدان التي نجح فيها اصلاحيون أو أنصاف – إصلاحيين، بل مجرد وصوليين في دخول المجموعة البرلمانية الشيوعية (وهذه هي الحال في مجموعة من البلدان)، على الأحزاب الشيوعية أن تقوم بتطهير جذري لهذه المجموعات، مستوحية المبدأ القائل بأن مجموعة برلمانية قليلة العدد ولكن شيوعية حقا تخدم بشكل أفضل بكثير مصالح الطبقة العاملة، من مجموعة كبيرة العدد دون سياسية شيوعية حازمة.
  • ينبغي أن يلتزم كل نائب شيوعي، بناء على قرار اللجنة المركزية، بأن يجمع بين العمل غير الشرعي والعمل الشرعي. وفي البلدان التي لازال النواب الشيوعيون يتمتعون فيها، بموجب القوانين البرجوازية، بنوع من الحصانة البرلمانية، يجب أن تخدم هذه الحصانة تنظيم الحزب ودعاوته غير الشرعية.
  • إن النواب الشيوعيين ملزمون بإخضاع مجمل نشاطهم البرلماني لعمل الحزب خارج البرلمان. أما التقدم بمشاريع قوانين ذات هدف برهاني محض، ليس بهدف أن تتبناها الأغلبية البرجوازية، ولكن من أجل الدعاوة والتحريض والتنظيم، يجب أن يحصل تبعا لتوجيهات الحزب ولجنته المركزية.
  • يتوجب على النائب الشيوعي، في المظاهرات والنشاطات الثورية، أن يقف على رأس الجماهير البروليتارية في مكان ظاهر كليا، بالصف الأول.
  • يتوجب على النواب الشيوعيين أن يلتزموا، بكل الوسائل، بإقامة (تحت إشراف الحزب) علاقات مراسلة وعلاقات أخرى مع العمال والفلاحين والشغيلة الثوريين من جميع الفئات، دون أن يقلدوا، بأن حال من الأحوال النواب الاشتراكيين الذين يعملون على إقامة علاقات عمل مع ناخبيهم، وأن يكونوا دائما بتصرف المنظمات الشيوعية من أجل العمل الدعاوي في البلاد.
  • يلتزم كل نائب شيوعي في البرلمان بأن يتذكر أنه ليس “مشترعا” يبحث لغة مشتركة مع المشترعين الآخرين، بل محرض حزبي مرسل إلى العدو من أجل تنفيذ قرارات الحزب. والنائب الشيوعي مسؤول ليس أمام جمهور الناخبين المجهول، بل أمام الحزب الشيوعي سواء كان شرعيا أو غير شرعي.
  • على النواب الشيوعيين أن يتحدثوا في البرلمان لغة يفهمها العامل والفلاح والغسالة والراعي، وبشكل يمكن الحزب من نشر خطبهم ببيانات يوزعها في أقصى أرجاء البلاد.
  • على العمال الشيوعيين في عداد النواب، حتى لو كانوا في بداية تجربتهم البرلمانية، أن يعتلوا دون خوف منصة البرلمانات البرجوازية ولا يتركوا مكانهم لخطباء أكثر “تجربة”. وعند الضرورة، يكتفي النواب العمال ببساطة بقراءة خطبهم، المعدة للنشر في الصحافة أو بواسطة البيانات.
  • على النواب الشيوعيين أن يستخدموا المنبر البرلماني ليس من أجل فضح البرجوازية وخدمها الرسميين وحسب، بل الاشتراكيين – الوطنيين أيضا والإصلاحيين، والسياسيين الوسطيين المراوغين، وبوجه عام، أخصام الشيوعية، وكذلك بهدف نشر أفكار الأممية الثالثة على نطاق واسع.
  • يتوجب على النواب، حتى لو كان نائبا واحدا أو اثنين، أن يتحدوا الرأسمالية بكل مواقفهم ولا ينسوا أبدا أن من يستحق أن يحمل اسم الشيوعية، هو من يظهر كعدو للمجتمع البرجوازي، وخدامه الاشتراكيين – الوطنيين بالأفعال وليس بالأقوال.
شارك المقالة

اقرأ أيضا