معالجات رصيد العائلات من الوثائق

إن رصيد العائلات من الوثائق يستحق، نظرا لطابع العقود التكراري، ولوفرتها في طول البلاد وعرضها، وتبعثرها في المكان، أن يدرس دراسة منهجية، ويصنف ويعالج إعلاميا، حتى نستخلص منه أحداثا خاما صالحة لمعرفة معمَّقة بحياة البلاد الاجتماعية والاقتصادية. إنها وثائق حقيقية كثيرا ما وضعها كتاب شرعيون أغلبهم مؤهلون (Qualifiés) : رغم تسليمنا بأن الواضعين، بما أن أدوارهم كانت متنوعة وتصعب معرفتها، كانوا قادرين على إخفاء أشياء كثيرة. ولكن نظرا لأن المكتوب، كان، في تلك الأيام، عقودا ملزمة للطرفين، وخارج مراقبة الدولة أو أي طرف ثالث، فقد كان لا يعرف من حدود سوى حدود الشرع، وما من كاتب عدل، جدير بهذا الاسم، يقبل صياغة عقد غير شرعي. ومن ثم، نرجّح أن قيمة الأشياء فيه، مثلا، هي أصدق من قيمتها اليوم، حيث تخضع القيمة للضرائب.

إن هذه الممتلكات الوثائقية غالبا ما تحفظ على الطريقة التقليدية. فالأوراق تلفّ وتدخل في أنبوبة من القصب تغلقها سدّادة من الورق، بل كسرة من عنق الذُّرة. وقد تُلفُّ أيضا في أنابيب معدنية، أو تلصق على جلد ماعز، أو غزال، إذا كانت أوراقا ذات حظوة خاصة. وغالبا ما يكدس الكل في سلل صغيرة من الحلفاء أو صناديق خشبية صغيرة، بل في صناديق حديدية كبيرة، أو في صفيحة ما. المهم هو حفظها من زيارة الديدان والشحيمات والقوارض.

إن أصحاب هذه الوثائق غالبا ما يفرضون، وعن حق، تسليم وثائقهم للباحثين بهدف معالجتها. ولهذا ينبغي القيام بذلك في عين المكان. إن النسخ الفوتوغرافي مستحيل في البوادي مؤقتا، ولهذا ينبغي تصوير النصوص تصويرا شمسيا: وهذه عملية طويلة ومكلفة، ولكنه ثمن الدراسة الشاملة للوثائق.

وبما أن النصوص غالبا ما تكون ملفوفة لفّا ضيقا جدا، فغنه يصعب تثبيتها بغرض التصوير. أما تعليقها بدبّوس على خشبة، أو إلصاقها باللصيقة الشفافة، فهما عمليتان ينبغي نبذهما بسبب الأضرار التي تلحقانها بوثائق حالتها سيئة أصلا. إن الحل الأمثل هو وضعها تحت لوحة زجاجية مجلوبة لهذا الغرض، [وتوضع اللوحة] على نضد التصوير.

أفضل عدسة صالحة للحصول على صور جيدة هي عدسة ماركو من حجم 50م م. وإن إضافة مرشِّح أصفر تسمح بزيادة حدة التبايُنات، لأن ورق هذه الوثائق تغلب عليه الصفرة. أما إذا كان الغرض هو الاقتصاد بهدف التقاط مجموعة من النصوص في صورة واحدة، وحتى يسهل الضبط، فإن عدسة زوم من حجم 35 م م- 70م م هي العدسة المثلى.

1-لا ينبغي القيام بأي فرز، لأن جميع الوثائق مفيدة قبليا. إن قطعة من الورق تحمل، أحيانا، الجواب على سؤال طرحه نصّ رئيسي. ولهذا ينبغي تصوير مجموع الوثائق تصويرا شمسيا أو نسخها فوتوغرافيا، حتى تبقى [للباحث] عن كل نص ورقة.

2-الإحالة: ينبغي أن يرد في أعلى النسخة الفوتوغرافية اسم الرصيد الوثائقي، أي مكان الإيداع، واسم المؤسسة أو الشخص الذي توجد في حوزته. مثال: إليغ -تزروالت -الراجي –تامسولت –أوُنين.

3-تعيين التاريخ: يرد التاريخ الهجري في ثمانية أرقام: اليوم، والشهر، والسنة. أما بالنسبة للأيام غير المحددة، والتي يشار إليها بـ«فاتح، ومنتصف، ومُتم» شهر ما، فينبغي التدليل عليها بـ:

00 بالنسبة للربع الأول: أوائل، افتتاح.

55 بالنسبة لمنتصف الشهر: انتصاف.

99 بالنسبة للربع الأخير: أواخر، انسلاخ.

وعندما تتعذّر قراءة لفظة ما، ينبغي استبدالها بحرف س.

مثال: 1 س. 07. 1288

عندما نقرأ «( )° عشر»

أما النص غير المؤرخ فيرقم بـ: س س –س س –س س س س

أحيانا يجد الباحث نفسه أمام رقم تصعب قراءته، ولكنه متأكد من تأويل النصّ، نظرا لمعرفته بسياقه وتعوّده على كتابة صاحبه، إلا أن قارئا آخر قد يشكك في قراءته، ولهذا ينبغي له أن يكتب: (3)1-07-1288.

وإذا كان عدد من النصوص يحمل نفس التاريخ، فينبغي إضافة رقم آخر:

13-07-1288 (2)

س س –س س –س س س س (43)

بإمكاننا ترجمة التاريخ الهجري إلى حساب الأعياد الغريغوري، بفضل جداول المطابقة بين التواريخ الميلادية والتواريخ الهجرية ، والتي نشرها ه.ج.كاتنوز (H.G.Cattenoz) بالرباط.

إن هذه القواعد تسمح بالمرور إلى التناول الإعلامي إذا ما رغب الباحث في ذلك لاحقا.

4-التصنيف والترقيم: إن المنهج الأفيد هو التصنيف التاريخ، وحسب الترتيب:

س س –س س –س س س س (من 1 إلى ن)

س س-07-1288

3 س-07-1288

س1-07-1288

13-07-1288

وحالما يتيقن الباحث بأن لديه الوثائق كلها، فمن مصلحته ترقيم جميع النصوص حسب سلسلة متصلة، إن عملية التأريخ تستعمل فعلا عشرة أرقام ونقطتين على الأقل، أي ما مجموعه عشرة رموز (بل وأكثر عندما يرد عدد من النصوص الحاملة لنفس التاريخ). ومن ثم، لو كان لدينا مائة نص مثلا، حصلنا على ألف رمز على الأقل بدل حصولنا على 189.

وعندما نُعدّ المتن ونرقّمه، فإن رقم النص سيصبح مرجعنا الوحيد للإحالة.

5-التحليل الأول: تسمح القراءة السريعة للنصّ بالتقاط المعطيات الأولى والضرورية للفهرسة.

المرسل، والمرسل إليه، والأمكنة والعرق وأسماء الأشخاص، والموضوع خصوصا.

إن المنهج الأكثر ملاءمة هو تشكيل جدول، أي لوحة تحليلية بها فراغ كاف لإيواء أي من هذه الفهارس. ويمكن لنا تخصيص فراغ، على يمين الجدول، للترميز (Codage) الإعلامي اللاحق. (انظر المثال الملحق أدناه).

ينبغي للباحث ملء جدول للفهرسة خاص بكل نصّ. ويمكن الإشارة إلى الوثائق التي تهمّه أكثر من غيرها برموز من اختياره (!، +++…).

6-الفهرست: إن تجميع الفهرسات الموضوعة في كل جدول يسمح بتشكيل الفهرسات الأبجدية.

.فهرست الأشخاص (ينبغي لنا احترام ما اصطلح عليه في نقل الحروف من لغة إلى أخرى احتراما دقيقا).

.الفهرست العرقي

.فهرست الأماكن

.فهرست الموضوعات

كم مثالا: عبد الله بن محمد الجشتيني 8، 43، 50، 66.

مجّاط 5، 6، 22، 63

العار 5، 21، 41، 70، 78، 79، 80

وبإمكاننا، انطلاقا من هذه الفهرسات، تشكيل ترميزات استعدادا للتناول الإعلامي.

وينبغي للفهرسات، طبعا، الإجابة على هموم وإشكالية الباحث. من ثم، فإن اختصاصيا في ميدان النّقود سيشكل فهرستاً أكثر تفصيلا عن هذا الموضع، كما أن باحثا يدرس الزواج أو ثمن المواد الغذائية، أو الأحداث العسكرية سيركز على هذه الموضوعات. 7-العرض النهائي للمتن الأساس: بإمكاننا، عندئذ، عرض رصيد الوثائق على هذه الصورة.

أ-مقدمة تفسر الاكتشاف، وتصف خصائص المتن (العدد،الفترة، التوترات…)،وتعطي بعض التوضيحات حول تاريخ الفترة في هذه المنطقة، كما ترفق بها خارطة للموقع.

ب- سلسلة النصوص المرقمة.

ج- الفهرسات

8-الخلاصة: يبقى لنا تحليل النصوص واستخراج مادة منها صالحة لبحث تاريخي أو سوسيولوجي. هذا هو العمل الأساس، ويتعلق بكل باحث على حدة. وغالبا ما نكتشف، من ناحية أخرى، أن المتن موضع الدراسة غير كاف. ولكن الأمر الهام، [في هذه الحالة]، وهو إنقاذه من النسيان والتلف، وتقديمه في صورة تُفيدها في بحثنا الخاص، كما تفيد باحثين آخرين.

29 أبريل/نيسان 1984

بقلم: بول باسكون

نقل النص عن الفرنسية: مصطفى كمال

عن «المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع» (B.E.S.M)، عدد مزدوج. 155-156، يناير/كانون الثاني 1986، (خاص ببول باسكون) ص ص: 103-106.

———–

1-يتعلق الأمر بدراسة غير منشورة. إنه نصّ ذو هدف تعليمي، وضعه باسكون تحت تصرف الوثائقيين والمؤرخين الذين يعملون معه.

2-Tables de concordance des éres chrétiennes et hégiriennes, éd. H-G Cattenoz. Rabat

شارك المقالة

اقرأ أيضا