من أجل نضال وحدوي يلفّ كافة أقسام الشغيلة التعليمية حول ملف مطلبي مركزي

 

نظمت الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي مسيرة احتجاجية بمناسبة  اليوم العالمي للمدرس [5أكتوبر]، في سياق هجوم متصاعد على مكاسب الشغيلة كما جاء في بيان مكتبها الوطني ليوم 14 شتنبر والذي أشار فيه إلى تزايد وتفاقم الاختلالات التي عرفتها المواسم السابقة من اكتظاظ وضعف البنيات وتعدد المستويات خصوصا بالمناطق المعزولة والمهمشة، مع تدبير شؤون الموظفين بمنطق كمي لا يُراعي الأبعاد البيداغوجية ولا يأخذ بعين الاعتبار استقرار نساء ورجال التعليم، فضلا عن غياب حوار اجتماعي مركزي مجد وتعطل الحوار القطاعي” و دعى في نفس السياق “التنظيمات والاطارات المعنية بالدفاع عن قضايا نساء ورجال التعليم وعموم الجماهير، إلى إعلان رفضها لكافة المرجعيات والأطر التي استُخدمت للهجوم على الحق في التعليم وخوض المعارك التي تقتضيها المرحلة تفاديا لتكرار ما سبق كفضيحة تمرير الإصلاح المزعوم للتقاعد” .

إنّ الهجوم الذي تخوضه الطبقة البورجوازية على الطبقة العاملة وعموم الأجراء يستهدف الأجور المباشرة (ما نتلقاه كل شهر كجزء مما نستحقه) وغير المباشرة (ما نستفيد منه من ضمان اجتماعي وخدمات عمومية) وشروط العمل (ما نحصل عليه من شروط صحة وسلامة في أماكن العمل) سواء في القطاعات الصناعية أو الخدماتية أو الفلاحية، كما يشمل هذا الهجوم أجيرات وأجراء القطاع الخاص والقطاع العام. هذا الهجوم الذي تصده الشغيلة بصفوف مبعثرة وقوى مشتتة، وتحت قيادات مركزيات نقابية تضع مصالح المقاولات الرأسمالية والتوازنات المالية للحكومات البورجوازية قبل مصالح منخرطيها. 

في هذا السياق يأتي احتداد الهجوم الذي يستهدف التعليم العمومي من خلال استهداف شروط عمل شغيلته، من حيث الضمانات القانونية (استقرار العمل…) والمكاسب الاجتماعية (التقاعد…) وكذا من خلال تجميد الأجور والترقي. وإذا كانت احتجاجات أقسام من شغيلة التعليم لا تتوقف، فالملحوظ أن انتصاراتها ليست بحجم تضحياتها، والسبب أن نضالاتها مجزأة وغير ممركزة حول قضايا ومطالب تلف جل الشغيلة. فجل هذه النضالات تخوضها فئات من الشغيلة التعليمية (ضحايا النظامين الأساسيين 1985 و2003 + التنسيق النقابي لأساتذة الزنزانة 9 + التنسيق النقابي لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات العليا + التنسيقية النقابية للدكاترة العاملين بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي + المنسقية الوطنية للملحقين التربويين وملحقي الإدارة والاقتصاد + التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فُرِض عليهم التعاقد…)، وهذا ما خلق انطباع بأن لكل فئة مشاكلها الخاصة ويمكن حلها رغم أن الهجوم يستهدف القطاع في مجمله.

إن الشروط التي يتحرك فيها النقابيون المتطلعون لعمل نقابي كفاحي، يصب في مصلحة الشغيلة بمجملها، مطبوعة بانحدار في الوعي الطبقي للشغيلة وبسيطرة خط تعاون مع البورجوازية ودولتها في مجمل القيادات النقابية في المركزيات والنقابات الوطنية. هذا الوضع يصعب استيعاب الشغيلة في مجملها لخطورة ما تتعرض له وبالتالي يكون ردها النضالي دون مستوى صد العدوان. هكذا نجد معظم النقابات التعليمية موافقة على مضامين ما يسمى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، أي السياسية النيوليبرالية في التعليم، وساهمت فيه وانضبطت لاختياراته، هذا الميثاق الذي منه انحدر المخطط الاستعجالي والرؤية الاستراتيجية ومشروع قانون -إطار يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. رغم مقاومة فروع نقابية واستياء جزء ليس بيسير من مناضليها. لكن ذلك لم يتبلور بعد في قوة نقابية جديدة بملف مطلبي وحدوي وأشكال تنظيم وتسيير وتكوين ونضال تستجيب لتطلعات الشغيلة ومستفيدة من الخبرة التاريخية المتراكمة بانتصاراتها وهزائمها.

إن المجهودات التي تبذلها الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي منذ تشكلها عقب التعسف الذي طال مناضلين نقابيين بالاتحاد المغربي للشغل في 5 مارس 2012، سواء إبان تجربة ما عرف بالتوجه الديمقراطي، أو بعد تفكيكه من طرف قيادته وانسحاب القطبين الاخرين منه (جامعة الفلاحة وجامعة الجماعات المحلية)، رغم الظروف الصعبة والحصار، تثبت أنه يمكن بناء عمل نقابي جاد. 

لكن هذه المجهودات يجب تدعيمها بمزيد من توضيح آفاق النقابة التعليمية، وتدقيق مطالبها بالشكل الذي يجعلها مرجعا للشغيلة التعليمية، هذه المطالب يجب أن تكون نابعة من الحاجيات الملحة للشغيلة، وكذا ذات طابع صدامي مع المنطق البورجوازي الذي يعصف بقطاع التعليم (من قبيل خفض عدد  ساعات العمل إلى 20 ساعة في الأسبوع لكل المستويات 30 للطاقم الاداري و خفض عدد التلاميذ في الاقسام إلى 20 تلميذ في الأولي والابتدائي على ألا يتعدى 30 تلميذ في الاعدادي والثانوي – الأجر المتساوي للعمل المتساوي – وأجور ذات قدرة شرائية وتساعد على تلبية الحاجات الأساسية في السكن والتغذية والترفيه… تقاعد عند سن 55 سنة للنساء على اعتبار الثقل الأسري الذي ينزل عليهن –  خفض سن التقاعد إلى 60 سنة  لكي يتمكن الشباب من العمل – توحيد أنظمة التقاعد على قاعدة أفضل المكاسب لكافة الشغيلة والحفاظ على طابعها التضامني وإبعاد الرأسماليين عن التجارة فيها – قروض سكن للأجراء بنفس فائدة بنك المغرب، مؤسسات مجهزة بكافة الوسائل الأساسية والضرورية لتعليم يواكب العصر، من مكتبات متعددة الوسائط وملاعب وقاعات عروض وتنشيط مسرحي وموسيقي مجهزة بما يلزم ولجميع التلاميذ… كما يجب جعل التنظيم والتكوين نقطتين محوريتين في عمل النقابة لكي تساهم في انبعاث وعي طبقي لدى الأجراء… وهذا ما يتطلب بناء فروع نقابية قوية تجمع كافة فئات الشغيلة التعليمية و أن تكون مقراتها فضاء للتكوين و النقاش والاشعاع النضالي و التكويني لأعضائها وعموم الشغيلة و كذا باقي المهتمين من المواطنين بقضايا التعليم، كل ذلك بروح طبقية وحدوية هدفها تجميع وتوحيد قوى شغيلة التعليم. هذا العمل تلوح شروط نجاحه نتيجة تجدد قاعدة الشغيلة التعليمية بالتحاق أجيال شابة من النساء والرجال لها طاقة نضالية واعدة، وهي في مواجهة المدفع البورجوازي المدمر للمكاسب والتطلعات لتعليم عمومي مجاني موحد وذي جودة في خدمة كل أبناء الشعب العامل. 

إنّ بناء نقابة كفاحية يكون وجودها في خدمة الشغيلة يقتضي أن ينخرط فيها أكبر عدد ممكن من الأعضاء وأن يخصصوا لها من وقتهم وجهدهم ومالهم قدر وعيهم بأهميتها للدفاع عن أنفسهم وإسماع صوتهم في ظل تعالي ضجيج الهجوم البورجوازي. النقابة التي لا نحرص على الذهاب لاجتماعاتها ومحطاتها النضالية ونتأخر عن تسوية التزاماتنا المالية نحوها، لا يمكننا أن ننتظر منها غير الموت، ومهما كانت الصعاب والمشاكل التي تواجه العمل النقابي لابد من الصمود داخل النقابات، فالعبد المأجور مهما تحسنت وضعيته يظل خاضعا لمصلحة الرأسمالي ودولته. ولا ضمانة له للدفاع عن نفسه سوى توحيد قواه مع أمثاله على درب إنهاء العمل المأجور لفائدة مجتمع مبني على تملك جماعي لوسائل الانتاج وخدمات عامة تضع نصب عينها تلبية حاجات المجتمع في احترام للوسط الطبيعي، وضد كل أشكال الاضطهاد على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الدين.       

مشارك في المسيرة

8 أكتوبر 2018

شارك المقالة

اقرأ أيضا