مبادرات النضال الوحدوي بوزارة التربية الوطنية، التنسيقيات الفئوية تتلمس الطريق نحو النصر

 

 

شكل قطاع التعليم العمومي في الآونة الأخيرة بعد قطاع الصحة الجبهة التي تلقت أقسى الضربات، والتي لم يسلم منها أي قطاع، في ظل حكومة الواجهة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، هذه الحكومة النجيبة في خدمة الاستبداد ما فتئت  تنفذ أوامر المؤسسات الدولية لشن غارات تلو أخرى على قوت الكادحين، والتملص من مكتسبات حققت بفضل تضحيات الأجيال السابقة، وذلك بمبررات شتى من ضمنها شح الموارد المالية للميزانية. وفي المقابل تجتهد بشتى السبل في تيسير مصالح الرأسمال الوطني والأجنبي، وإن اقتضى الأمر إغراق البلد في دوامة المديونية.هكذا وضع أفرز العديد من الضحايا التأمت في تنسيقيات فئوية للدفاع عن ما أجهزت عليه الحكومات من مكاسب، خاصة في وقت لجمت فيه القيادات البيروقراطية النقابات في القيام حتى بجزء يسير من أبسط مبررات وجودها.

قطاع واحد وتنسيقيات متعددة ونضال مفكك الأوصال

تعج وزارة التربية الوطنية بفئات كثيرة تناضل لنيل مكاسبها الفئوية من أبرزها التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد والتنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات، وأساتذة الزنزانة 9 (السلم 9) وتنسيقية حاملي الإجازة وتنسيقية الدكاترة المطالبين بتسوية وضعيتهم بناءا على شهادة الدكتورة وضحايا النظامين وتنسيقيات المدراء والمفتشين وغيرها. لكن الغالب على هذه التنسيقيات أنها تقاتل بمعزل عن بعضها البعض وكأنها تنتمي لقطاعات مختلفة من جهة، ومن جهة أخرى لا تعير أدنى اهتمام بمطالب أخرى تهم جميع نساء ورجال التعليم خارج مطالبها الفئوية، في الوقت الذي تستعد فيه الدولة للهجوم من جديد على جزء من أجورها في إطار إصلاح (تخريب) أنظمة التقاعد ووضع قوانين جائرة تلجم ممارسة حق الإضراب وغيرها من تعديات.

لقد نجحت دولة الاستبداد في سياستها الجائرة بخلق مشاكل فئوية، فككت اللحمة الطبقية بين شغيلة أكبر قطاع مشغل بالمغرب، ومؤثر في الشبيبة التعليمية، وتكفلت القيادات النقابية البيروقراطية في إطار سياسة تعاون طبقي وسلم اجتماعي موهوم ببناء سور صيني عظيم بين منخرطيها من شغيلة القطاع. وتعززت الهوة واتسعت بين الفئات بإحساس كل منها أن ملفها تبدو عليه بوادر الحل أو أن مطلبها غير مكلف للخزينة ولا يتطلب غير قرار إداري أو إصدار مرسوم، لأنهم لا يشكلون سوى أقلية مقارنة مع غيرها من الفئات، لكن لا أحد سأل، ماذا تنتظر الدولة لتتخذ قرار حل ملف غير مكلف؟ هل كل هذه المدة لم تكن كافية لاتخاذ قرار إداري أو كتابة مرسوم؟ هل الوزراء المتناوبون عن هذه الوزارة كلهم يجهلون بالملف؟ هل البرلمان البورجوازي يحتاج لمن يطلعه على الملف؟ وبالمقابل، لماذا تسرع الدولة في تمرير قوانين واتخاذ تدابير جد مكلفة عندما يتعلق الأمر بمصالح البورجوازيين؟

التنسيق النضالي بين المتعاقدين وحاملي الشواهد، بوادر تلمس طريق النضال الموحد في الأفق

شكلت المحطة النضالية المشتركة للتنسيقية الوطنية للاساتذة المفروض عليهم التعاقد والتنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشواهد يوم 13 دجنبر 2018، الومضة الأولى للسير في الاتجاه نحو توحيد النضالات المشتتة لتنسيقيات قطاع التربية الوطنية، زكتها الفروع النقابية بالانخراط في هذا النضال، إما فرادى أو بتنسيق بين فروع نقابية مختلفة، وتواصل ذلك بحضور مناضلي التنسيقية الوطنية للأساتذة المفروض عليهم التعاقد في بعض وقفات التسيقية الوطنية لحاملي الشهادات أمام الاكاديميات يوم 16 دجنبر 2018 ولو بشكل رمزي، والتنسيق بين حاملي الشهادات والزنزانة 9 ونقابة المفتشين بوقفة أمام أكاديمية طنجة تطوان الحسيمة يوم 18 دجنبر، ويرتقب أن يكون يوم 03 يناير 2019 استمرارا لهذا التنسيق بانخراط تنسيقيات أخرى على الصعيد الوطني في تجسيد إضراب وطني موحد.

 تزامن هذا التنسيق مع استمرار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة المناضلة تدعو التنسيقيات الوطنية للوحدة الميدانية، كحل أمام نضالات مفككة ومعزولة لم تصل بأي ملف للحل، وقرب انتهاء النصف الأول من هذا الموسم دون تململ أي من هذه الملفات، ومنها ملفات عمرت طويلا رغم أنها غير مكلفة.

ما الواجب لتطوير التنسيق الميداني؟                                                               

يقتضي التنسيق النضالي الحالي التسريع باتخاذ إجراءات عملية لتطويره وتوسيعه عبر ما يلي:

– الاستمرار في إبداء التضامن مع كل التنسيقيات الوطنية

– تتمين كل تنسيقية لانخراط باقي التنسيقيات في تنفيذ برنامجها النضالي

– اعتبار البرنامج النضالي المسطر من قبل كل تنسيقية برنامج باقي التنسيقيات الأخرى التي تنسق معهاوعليها تنفيذه عمليا في إطار التضامن

– تكوين لجن المؤسسات من أعضاء التسيقيات المختلفة للتعبئة وإقناع المعنين بتنفيذ الخطوات الموحدة

– عقد لقاءات جهوية ومحلية موسعة تدمج فيها كل أعضاء التنسيقيات واتخاذ قرارات موحدة وتسطير برامج نضالية محلية وجهوية موحدة

– وضع برامج تكوينية تثقيفية نقابية موحدة لرفع الوعي لدى شغيلة القطاع كمثال: ” التشغيل بالتعاقد وتأثيره على باقي أجراء القطاع ” للتحسيس أن مشكل العقدة لا يهم المتعاقدين فقط بل سيضر في الأمد القريب حتى بمصالح المرسمين، أو ” قانون الإضراب وأثره على نضال التنسيقيات” للتحسيس أن هذا القانون يمس في الدرجة الأولى بنضال التنسيقيات، برامج تثقيفية حول سياسة الدولة في القطاع “النظام الأساسي للوظيفة”.

– وضع ملف مطلبي أولي مفتوح في وجه مطالب تنسيقيات أخرى حسب التحاقها.

– توجيه رسائل لباقي التنسيقيات للالتحاق بالنضال الموحد وبالتنسيق النضالي

– التعريف الإعلامي بالتنسيق الميداني

– وضع لجن محلية ووطنية للتنسيق الميداني

– إحصاء منفذي الخطوات النضالية محليا وجهويا ووطنيا والاتصال نضاليا بباقي ” المعنيين غير المنفذين لها” لكسبهم لجبهة النضال

– عقد مجلس وطني يضم كافة أعضاء المجالس الوطنية للتنسيقيات التي تنسق فيما بينها

– دعوة المكاتب النقابية المحلية للانخراط في البرنامج النضالي وتنفيذ الخطوات فأغلب أعضاء التنسيقيات منخرطة بالفروع

– التعامل الايجابي مع أية دعوة نقابية للنضال

– فتح المجال أمام انسحاب أي تنسيقية من التنسيق النضالي في أي وقت سواء تحقق مطلبها أو بدونه.

إن لم نحقق حلا لملفاتنا حالا فسنكون قد وضعنا النضال النقابي على سكته الحقيقية لإرغام الدولة على وقف تعدياتها والتراجع على ما اقترفته على مكاسب الشغيلة التعليمية من إجهاز. فقوتنا في وحدتنا النضالية، فدولة البورجوازيين لا تريد أن يتعلم الكادحون أن النضال طريق النصر، ولو كان الحل لن يكلفها (ولا مليم). إن التنسيق والوحدة النضالية بين الفئات مهما اختلفت مطالبها لا غنى عنها لتحقيق النصر، فتوقف 10 مدرسين دفعة واحدة في مؤسسة مهما اختلفت فئاتهم ومطالبهم، ليس هو توقف 2 هذا الأسبوع و3 في الأسبوع الثاني و5 في الأسبوع الذي يليه، بل أحيانا أستاذ واحد في المؤسسة. فبنضالنا الموحد نشد من عضد بعضنا البعض، ونشجع الآخرين على الانخراط، ويكون لإضرابنا أكبر تأثير.

سامي علَّام

شارك المقالة

اقرأ أيضا