جميعا، نقابات وتنسيقيات، في الحملة الوطنية للدفاع عن الحق النقابي 

تنظم نقابة الاتحاد المغربي للشّغل حملة دفاع عن الحريات النّقابية، وذلك طيلة شهر ديسمبر الجاري. 

لاشك أن العمل النقابي مستهدفٌ بشكل دائم بالحصار والقمع. فأرباب العمل، والدولة كمُشغل، وكمعبر عن المصلحة العامة للرأسماليين، بحاجة إلى سلم اجتماعي، أي إلى استسلام اليد العاملة لما يقتضيه أكبر استغلال ممكن. هذا الاستسلام غير متيسر لأن الأجراء يدافعون عن حقوقهم في ظروف عمل حسنة، وفي دخل يضمن حياة لائقة. النتيجة أن أرباب العمل، والدولة، يعملان سويا ما بوسعهما لإضعاف النقابة العمالية. أول أدوات الإضعاف هذا هو إبقاء مستوى البطالة مرتفعا، فالعامل المقهور يتوق إلى الدفاع عن خبزه، لكن شبح البطالة يرعبه، فيتراجع  ليحافظ على فرصة العمل بكل ما فيها من عذاب، فعذاب البطالة أشد منه فتكا بالعامل وبأسرته. كما أن أشكال العمل الهش، متزايدة الانتشار، والتي يسرتها الدولة بقوانين خاصة، وسيلة فتاكة لمحاربة النقابة العمالية. فكل عامل لدى شركة مناولة يعلم علم القين، وبناء على التجربة، أن مصيره فقدان فرصة عمله إن هو أبدى اعتراضا على ظلم أو عبر عن مطلب. 

 مصيبة البطالة وهشاشة التشغيل تتطلب حملة نقابية خاصة، دائمة حتى فرض مكاسب تنقص من تدميرهما للعمل النقابي. ومع الأسف ما يزال وضع حركتنا النقابية بعيدا عن  الاهتمام النضالي بمشكل البطالة الكثيف والعمل الهش المتزايد استشراء.

 ثاني أداة  لتدمير التنظيم العمالي هي القمع المباشر. يتخذ قمع النقابة أشكالا متنوعة. منها المكرس بقانون، مثل الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يستعمل لتجريم الإضراب، وبمقتضاه تم سجن المئات من النقابيين والنقابيات.  وثاني هجوم على النقابة هو طرد النقابيين، وهي ممارسة سائدة، لا سيما في القطاع الخاص. يجرى الطرد في الغالب فور تأسيس النقابة، وغالبا ما تتفرج الدولة في حين أنها تتدخل لضرب العمال وفك اعتصاماتهم بالقوة. 

 انتهاك أرباب العمل لحق العمال في النقابة ترعاه الدولة في الواقع لأن المنطق المتحكم هو أن احتجاجات العمل تعرقل الاستثمار وتَقدمَ الإنتاج.  ولا حماية للحق النقابي إلا في الحدود التي يفرضها النضال العمالي. لهذا تسعى الدولة إلى مزيد من تضييق الخناق على العمل النقابي بمشروعها حول ما يسمى تنظيم ممارسة الإضراب، تنظيم ليس أقل من منع عملي. 

وثمة أيضا شتى صنوف المضايقات ،وأشكال الميز التي يتعرض لها المناضلون والمناضلات النقابيات لثنيهم عن العمل النقابي. فمن  تعيين في أماكن عمل خطرة أو شاقة، إلى الحرمان من مكاسب يستفيد منه أجراء آخرون، يظل المناضل-ة النقابي-ة طريدة يتربص بها رب العمل لاصطياد أقل هفوة لتبرير الاضطهاد. يحاكم آلاف العمال، ويطرد مئات آلاف، لدفاعهم عن حقوقهم. ولا مرة حوكم رب عمل لأنه  هضم حقوق العمال.

 يطالب العمال بتطبيق  مقتضيات في قانون الشغل، وقانون الضمان الاجتماعي، والدولة مدركة لمستوى انتهاك القوانين الاجتماعية، لكنها تترك أيادي أرباب العمل حرة طليقة في اضطهاد النقابيين/ات. 

لذا لا يطلب العمال رحمة الدولة، بل يتصدون لسياستها القمعية، بمزيد من التضامن ونشر الوعي الطبقي، وتنظيم أقسام إضافية من الطبقة العاملة. 

لهذا تمثّل خطوة الاتحاد المغربي للشغل لتنظيم الحملة الوطنية ضد قمع النقابة بادرة ايجابية وجب على كل مناضل/ة أن ينهض ضمنها بواجبه الطبقي. لا فرق في ذلك بين النقابات. حملة النضال ضد قمع النقابة ستكون أشد قوة لو توحدت بشأنها كل المنظمات النقابية، مادام الهدف مشتركا. وكان على قيادة الاتحاد المغربي للشغل إن تدعو النقابات الى حوار لتنظيم حملة وطنية مشتركة، تكون لبنة على طريق  بناء عمل نقابي موحد، ما أحوجنا إليه في ظل الهجوم البرجوازي المتصاعد. غير ان عدم دعوة إ.م.ش للنقابات الأخرى ليس عذرا لتخلف هذه عن واجبها في مناهضة قمع النقابة. وهنا يأخذ شعار الجبهة الاجتماعية الذي رفعته أطراف نقابية قريبة من فيدرالية اليسار أحد معانيه. إن تلك الجبهة النضالية ضرورة لا يجادل فيها غير من يعادي مصلحة العمال وعامة المقهورين. وبناؤها سيكون بخطوات موحدة تدريجية، ومتنامية تذيب شيئا فشيا ما ترسب طيلة عقود من تنافر وحزازات لا مكان لها أصلا في الصف العمالي.

 لذا فنحن النقابيون/ات، بمختلف الانتماءات، ومواقع العمل، مدعوون للمشاركة في الحملة الوطنية للدفاع عن الحق النقابي بتجديد المطالبة بما يلي:

  • إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي وعدت الدولة بمراجعته منذ 2003
  • إلغاء المادة 5 من مرسوم  فبراير 1958 الذي يجرم إضراب الموظفين
  • السحب التام والنهائي لما يسمى مشروع قانون الإضراب
  •    إلغاء قانون التسخير الاستعماري الصادر عام 1938
  • التسليم الفوري لوصول إيداع المكاتب النقابية
  • إرجاع النقابيين المطرودين إلى عملهم
  • السبورات  والمقرات النقابية بكل أماكن العمل بالقطاعين الخاص والعام
  •  حق اجتماع الأجراء، لمناقشة مشاكلهم المهنية، بأماكن العمل خارج أوقاته
  • تكريس إلزامية التفاوض مع المكاتب النقابية قانونيا

وكل ما تراه النقابات الوطنية والقطاعية والمحلية ضروريا للممارسة الفعلية للحق النقابي. 

 يجب ان نجعل من الحملة الوطنية التي أطلقها الاتحاد المغربي للشغل فرصة لتجسيد الوحدة العمالية من أجل أهداف  في مصلحة طبقتنا، ولترسيخ تقاليد التضامن الطبقي. الوضع بساحة الصراع الاجتماعي متدهور من الجانب العمالي بسبب الحالة الراهنة لمنظمات العمال، تلك الحالة التي لا يسر لها غير أعداء العمال. فكفى من التجزئة والتشتيت، وإلى أمام من أجل توحيد الفعل النضالي العمالي. ومصلحة الطبقة العاملة فوق جميع الاعتبارات. 

بقلم، محمود جديد

شارك المقالة

اقرأ أيضا