لينين: فاتح مايو،

إشتراكية30 أبريل، 2020

ترجمة فريق الترجمة بجريدة المناضل-ة الموقوفة

أيها الرفاق العمال
يقترب عيد عمال العالم قاطبة. إنهم يحتفلون يوم فاتح مايو باستيقاظهم إلى النور وإلى المعرفة، وائتلافهم في اتحاد أخوي واحد من أجل النضال ضد كل اضطهاد، وضد كل صنوف التعسف، وضد كل استغلال، ومن أجل تنظيم اشتراكي للمجتمع. إن كل الذين يعملون، ويُغذون بكدحهم الناس الأغنياء والأقوياء، ويقضون حياتهم في إنجاز عمل فوق قدراتهم من أجل أجر بائس، ولا يتمتعون بثمار عنائهم، ويعيشون مثل الدواب وسط بذخ حضارتنا وسطوعها، كل هؤلاء يمدون الأيدي لبعضهم البعض في نضال من أجل التحرر وسعادة العمال. تسقط العداوة بين عمال مختلف القوميات ومختلف الأديان! إن هكذا عداوة لا تخدم سوى النهابين والطغاة الذين يعيشون من جهل البروليتاريا وتقسيمها. يهود ومسيحيون، أرمن وتتار، بولونيون وروس، فنلنديون وسويديون، لوتونيون وألمان، كلهم يسيرون متحدين تحت راية مشتركة، راية الاشتراكية. كل العمال إخوة، واتحادهم المتين هو الضامن الوحيد لرفاهية وسعادة البشرية الكادحة والمضطهدة برمتها. في فاتح مايو اتحاد عمال كافة البلدان هذا، تستعرض الاشتراكية الديمقراطية العالمية قواها، وترص صفوفها من أجل كفاح جديد، لا يكل، ولا يلين، من أجل الحرية والمساواة والأخوة.
أيها العمال!
نحن الآن عشيةَ أحداث كبيرة في روسيا. بدأنا النضال النهائي والشرس ضد الحكومة الاتوقراطية القيصرية، ويجب أن نسير قُدما حتى النصر النهائي. انظروا إلى المصائب التي أوصلت إليها حكومة الجلادين والطغاة هذه شعب روسيا برمته، حكومة المُمالقين عديمي النزاهة وخدام رأس المال! لقد ألقت حكومة القيصر الشعب في حرب جنونية ضد اليابان. مئات آلاف الشباب جرى انتزاعهم من الشعب والتضحية بهم في الشرق الأقصى. وما من كلمات للتعبير عن الشرور الناشئة عن هذه الحرب. ولماذا شن هذه الحرب؟ بسبب منشوريا التي انتزعتها حكومتنا المكونة من لصوص من الصين! بسبب أرض أجنبية يُسال الدم الروسي ويُخرب بلدنا. وتغدو حياة العامل والفلاح أشد فأشد إرهاقا، ويُحكم الرأسماليون والموظفون تضييق الخناق. أما الحكومة القيصرية، فترسل الشعب لنهب بلاد أجنبية. لقد أضاع جنرالات القيصر عديمو الكفاءة والموظفون المرتشون الأسطول الروسي، وأنفقوا الملايين والملايين من ممتلكات الشعب، وضحوا بجيوش كاملة، لكن الحرب مستمرة وتسبب تضحيات جديدة. حل الخراب بالشعب، والشللُ بالتجارة والصناعة، والجوع والكوليرا يُخيمان على البلد، لكن الحكومة الاتوقراطية العمياء تواصل السياسة ذاتها، وهي على استعداد لفقد روسيا لإنقاذ حفنة جلادين وطغاة؛ وتبدأ، فضلا عن الحرب مع اليابان، حربا ثانية، الحرب ضد الشعب الروسي قاطبة.
لم يسبق لروسيا أن شهدت هكذا استيقاظا، بعد قرون من الخمود، والاضطهاد والعبودية. كل طبقات المجتمع تتحرك، من العمال والفلاحين حتى المالكين العقاريين والرأسماليين؛ وتصاعدت صيحات الاستياء بكل مكان، من بطرسبرغ إلى القوقاز، ومن بولونيا إلى سيبيريا. يطالب الشعب في كل مكان بإنهاء الحرب، وبإدارة شعبية حرة، وبدعوة نواب يمثلون كافة المواطنين بلا استثناء في مجلس تأسيسي، من أجل تعيين حكومة شعبية لإنقاذ الشعب من الهاوية التي تدفعه إليها الأوتوقراطية. ذهب عمال بطرسبرغ، مائتا ألف تقريبا، عند القيصر، مع الأسقف غاپون، يوم 9 يناير ليعرضوا عليه مطالب الشعب. استقبل القيصر العمال استقبال الأعداء، وقتل بالرصاص مئات العمال العُزل في شوارع بطرسبرغ. والآن يستعر النضال عبر ربوع روسيا برمتها؛ العمال يضربون عن العمل، مطالبين بالحرية وبحياة أفضل، ويسيل الدم في ريغا وفي بولونيا، وعلى الفولغا وفي الجنوب، وينتفض الفلاحون بكل مكان. لقد أصبح النضال من أجل الحرية نضال الشعب برمته.
واستبد الذعر بحكومة القيصر. وتسعى إلى الاقتراض لمواصلة الحرب، لكن لم تعُدْ تجدُ من يقرضها. وتعِدُ بدعوة ممثلي الشعب لكن لا جديد في الواقع، وتستمر صنوف الاضطهاد، ويقترف الموظفون دوما تعسفاتهم، وليس ثمة تجمعات شعبية حرة، ولا جرائد شعبية مرخص لها، وتظل السجون حيث يسقم المحاربون من أجل القضية العمالية مغلقة. وتجهد الحكومة القيصرية لتأليب شعوب ضد أخرى، ونظمت مذبحة في باكو، بتحريض التتار ضد الأرمن؛ وتعد الآن لمذبحة جديدة ضد اليهود بإيقاظ حقد الشعب المخبول.
أيها الرفاق العمال!
لا، لن نقبل مزيدا من إذلال الشعب الروسي. سندافع عن الحرية، وسنصدُّ كل من يسعى إلى حرف الغضب الشعبي عن عدونا الحقيقي. وسنفجر انتفاضة مسلحة لإطاحة الحكومة القيصرية والظفر بالحرية لكافة الشعب. هبوا إلى السلاح، أيها العمال والفلاحون! نظموا اجتماعات سرية، وشكلوا ميليشيات شعبية، وتجهزوا بأي سلاح، وفوِّضوا رجال ثقة للتفاهم مع حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي! وليكن أول مايو هذا العام عيد الانتفاضة الشعبية، ولنستعد، وننتظر إشارة الهجوم الحاسم ضد الطاغية. تسقط الحكومة القيصرية! سنُسقطها ونعين حكومة ثورية مؤقتة من أجل دعوة مجلس تأسيسي شعبي. وليُنتخبْ نواب الشعب بالتصويت العام، المباشر والمتساوي، وبالاقتراع السري. وليخرجْ المدافعون عن الحرية من السجون وليعودوا من المنفى؛ ولتنعقد الاجتماعات الشعبية علانية ولتنشرْ جرائد الشعب بلا رقابة من الموظفين الملعونين. وليتسلح الشعب كله، ولتُعط بندقية لكل عامل كي يقرر الشعب برمته، وليس حفنة نهابين، مصيره. ولتتشكلْ لجان الفلاحين الحرة في القرى من أجل إسقاط نظام المالكين العقاريين الإقطاعي، ومن أجل تخليص الشعب من تنغيصات الموظفين، ومن أجل استعادة الفلاحين للأراضي المنتزعة منهم.
هذا ما يريده الاشتراكيون الديمقراطيون، ولأجل هذا يدعون إلى حمل السلاح: من أجل الحرية التامة، ومن أجل الجمهورية الديمقراطية، ومن أجل يوم عمل من 8 ساعات، ومن أجل لجان الفلاحين. استعدوا للمعركة الكبرى، أيها الرفاق العمال، أوقفوا المعامل والمصانع يوم فاتح مايو، أو احملوا السلاح حسب توجيهات لجان حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي. لم تحن بعدُ ساعة الانتفاضة، لكنها وشيكة. عمال العالم ينظرون اليوم، منقبضي القلب، صوب البروليتاريا الروسية البطلة التي تجشمت تضحيات لا تُعد من أجل قضية الحرية. لقد أعلن عمال بطرسبرغ يوم 9 يناير المجيد: الحرية أو الموت! يا عمال روسيا بكاملها، إننا نطلق من جديد صيحة المعركة هذه، ولن نتراجع أمام أي تضحية، وسنسير بالانتفاضة حتى الحرية، وعبر الحرية حتى الاشتراكية!
عاش فاتح مايو، عاشت الاشتراكية الديمقراطية الأممية!
عاشت حرية شعب العمال والفلاحين. عاشت الجمهورية الديمقراطية، ولتسقط الأوتوقراطية القيصرية!
مكتب لجان الأغلبية
هيئة تحرير فبريود [1] —
صدر في شكل منشور في 1905، وأعيد طبعه من قبل لجن اشتراكية ديمقراطية محلية عديدة.[1] فبريود: (إلى الأمام) جريدة بلشفية سرية ، صدر منها 18 عددا في جنيف من 22 ديسمبر 1904 (4 يناير 1905) إلى 5(18) مايو 1905. كان لينين محركها ومديرها.
==== المصدر: أعمال لينين الكاملة بالفرنسية ، الجزء 8 – صفحات 349-352

شارك المقالة

اقرأ أيضا