إيدير، الحداثي، مقال مترجم بتصرف لكاتبه نادر دجرمون

بلا حدود5 مايو، 2020

لقد غادرنا المغني إيدير. أصبح الفنان معروفًا في العالم أجمع منذ أغنيته الأولى “A Vava Inuva”، حيث أعيد غنائها بعدة لغات حول العالم. حينئذ اختار حياة الفنان، حيث أصبح أفضل سفير للأغنية الجزائرية في نسختها الأمازيغية والقبيلية.
دون أن يكون مغنيًا “ملتزما” أو مناضلاً موالياً، قبايلي الولادة والثقافة، في الجزائر ذات الديمقراطية المعاقة والرأسمالية المتخلفة والتابعة، كان إيدير حاضرًا من خلال فنه في جميع المعارك الديمقراطية كان يمثل راية الدفاع عن الثقافة الأمازيغية.
كانت بداياته في الأغنية تشبه شبابنا وبداياتنا أيضا في المعارك من أجل التحرر التي أوصلتنا إلى حراك اليوم. كنا في المدرسة الثانوية في نهاية السبعينيات، في المدرسة الداخلية لمدرسة الحمادية الثانوية في بجاية. كان سيظهر إيدير على شاشة التلفاز: كان هذا حدثاً! بعد ظهر أحد أيام الأسبوع، وليس في المساء: لا يجب إرباك الجدول الرسمي. لذلك كان علينا التغيب عن الصف للذهاب إلى البهو لمتابعة إيدير. هذا ما فعلناه بعد مفاوضة صعبة. على أي حال، كان هذا أو الإضراب …
كنا نستمع إلى أغاني إيدير على الراديو، قناة قبايل 2، في شرائط كاسيت. لكن ليس على شاشة التلفاز. كانت السلطة تعتبره من “المشاغبين” خلال تلك الفترة. مشاغب من خلال المضمون، ولكن أيضا من خلال الموسيقى… كان حداثياً.
كان الجميع يستمع لإيدير
نعم، كان القبايليون المعاصرون مشاغبون. كانت هناك موجة صدمة 68 مايو الفرنسي، لكن المعاصرين في ذلك الوقت عاشوا إلى حد ما كحاملي الثقافة الغربية في الموسيقى. كان جمال علام بمثابة مستكي القبايل(نسبة إلى الفنان Georges Moustaki). كان هناك فرحات إيمازيغن، بمثابة Ferrat. سليم، رسام الكاريكاتير لـ “زيد يا بوزيد” أطلق عليه لقب Jean Ferhat! كان هناك نور الدين شنود مع هارمونيكا، كان يغني بوب ديلان في القبايل… يمكننا أيضًا ذكر الأبرانيس، كانوا يُغنون موسيقى الروك الحديثة مثل Rolling Stones… ولكن كل هذا العالم الجميل، الذي كان يغني جيدًا لجمهور من الشباب، تلاميذ وطلاب المدارس الثانوية… وكان هناك إيدير القبايلي الحداثي بامتياز. كان الجميع يستمع إليه. الرجال والنساء والشباب والجدات والمتعلمين والأميين والرعاة والفلاحين وسائقي سيارات الأجرة، في صالونات تصفيف الشعر، في الحفلات، في المقاهي …
حملت نصوصه وموسيقاه طابع الحداثة. غنى من أجل تحرر الثقافة الامازيغية (Muqlegh)، من أجل حرية المرأة (Weltma)، والشباب (Arrach-negh)، الأخلاق، من أجل حرية الوعي. غنى القليل من الحب (Thayri)، من ناحية أخرى أبرز تضحية وصمت الأمهات (Essendou)، حتمية الموت (Lmuth). غنى عن الفرح (Zwit Rwit)، وصرخة التمرد التي تعلن نهاية الظلم (Thigri Bewgdoud)، أشاد بالنشاط السياسي (Izumal)، مَجَدَ التضامن (Thiwizi) وندد بالجحود (Azguer). غنى عن المنفى والفراق (Aghrib, Serhiyi) ومجد الثورة (Tagrawla)، دفع باتجاه الوحدة في النضال (Lefhama)، وبقي حداثياً طوال هذا المسار… مؤخرًا قام بدعم للـ”حراك” عبر تخصيص أغنية له. قال “أحببت كل شيء في هذه التظاهرات: ذكاء هذا الشباب، وروح فكاهته، وتصميمه على البقاء سِلميًا. أعترف أنني عشت لحظات النعمة هذه منذ 22 فبراير مثل نسمات الأوكسيجين”.
لذلك كان من الصواب التغيب عن الصف للذهاب لمشاهدته، لأول مرة، على شاشة التلفاز، في تلك الأوقات التي ليست بالبعيدة.
المصدر:
https://www.pst-algerie.org/i-dir–le-moderne/?fbclid=IwAR2UCLBn9kLT0XLkvkqCEyV7wnLe-AFTWA_4XptW1BypIdpMpRFhM-8PQzs
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماكرون يد تسبح و يد تذبح
نعى الرئيس الفرنسي ماكرون، ممثل الطبقة الحاكمة، الشعب الجزائري في وفاة الفنان إيدير. وقبله كان قد صرح بشكل غير رسمي بأن فرنسا ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية. ليس تصريح ماكرون غير نفاق لكسب ود الفرنسيين ذوي الأصول الجزائرية. إن الذي ينعي اليوم هو الذي يدافع عن مصالح الشركات المتعددة الجنسية في فرنسا. إن الاستعمار وجرائمه يستمر لكن بطرق أخرى غير مباشرة. يواصل ماكرون علي بابا والأربعين حرامي 1 (cac 40) استنزاف وسرقة خيرات شعب الجزائر وتحويلها لحساباتهم البنكية أو من خلال استحواذهم على السوق الداخلية لتصريف بضائعهم. إن الشركات الفرنسية العاملة في الجزائر تحتل المرتبة الاولى حيث تشتغل نحو 400 شركة بالبلد2.
إن قسما عظيما من الويلات (البطالة الهائلة، غياب الديمقراطية، الفساد، الفقر، هشاشة التشغيل…) التي خرج الشعب الجزائري في المسيرات الأسبوعية للنضال ضدها، لا زال ماكرون والطبقة الحاكمة يتحملون جزءا كبيرا من مسؤوليتها. إذا ماكرون! لا تحزن فقد مرر إيدير المشعل لجيل الشباب ولا يبدو أنه سيقبل بمجرد الاعتذار أو النعي.
احالات:
1- مؤشر أكبر أربعين شركة فرنسية : https://fr.wikipedia.org/wiki/CAC_40
2- https://www.alaraby.co.uk/economy/2019/4/20/%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A9-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A4%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%AA

شارك المقالة

اقرأ أيضا