نزاع اجتماعي من أضخم ما شهدت أيت ملول: مصبرات ضحى (بيشا) تشرد أكثر من 700 أسرة عمالية.

 

 

السلطة متواطئة بغضها الطرف عن المادة 16 من مدونة الشغل، ومساندة لرب العمل بقمع العمال.
يوم الخميس 16 ابريل 2015، استكمل كفاح عاملات مصبرات ضحى [ بيشا] بايت ملول شهرا، دفاعا عن التنظيم النقابي. وهو اليوم الذي حجت الى معتصم العاملات أمام المعمل، بالحي الصناعي على طريق القليعة، عشرات المتضامنين مع العمال و العاملات من أجل حقهم في التنظيم، منهم طلاب و ناشطون بجمعيات، ومناضلون حزبيون وآخرون نقابيون، فضلا عن عاملات من معامل الحي الصناعي.

إنه إحدى اكبر النزاعات الاجتماعية بايت ملول وبمنطقة اكادير عموما. هذا لأن مصير زهاء 700 اسرة عمالية يوجد في كف العفريت الرأسمالي. رب العمل هو اسرة بيشا المستغلة لآلاف العمال في قطاعات متعددة من تصبير اسماك وفواكه، بناء ، ومحطات بنزين ، وعجلات ، وتوزيع المواد الاستهلاكية ، وفلاحة …. . كان حتى حدود العام 2011 يقهر العاملات والعمال بظروف العمل القاسية والاجور الناقصة ( نصف الاجر القانوني) و انعدام الضمان الاجتماعي.
في خضم موجة نضالات العام 2011 (حركة 20 فبراير و ما رافقها)، اهتز معمل التصبير ضحى بانتفاضة عمالية : تأسس مكتب نقابي تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وفرضه العمال باضراب دام ثلاثة اسابيع بعد ان طرده رب العمل. وتلا ذلك انتزاع مكاسب تاريخية: الأجر القانوني، الضمان الاجتماعي، الغاء العقود محددة المدة، الحق النقابي….
وكان من نتائج هذا الانتصار نهوض عاملات معمل أخر لنفس البرجوازي: معمل افيرو للتصبير، بيد أن رب العمل تمكن من هزم عاملات افيرو وعماله بطرد كثيف، و تلفيق التهم ومحاكمة العاملات وسجن احداهن وطرد العشرات.
ووعيا من رب العمل أن النقابة معدية طالما بقيت في معمل ضحى، بسبب القهر المفروض على عمال قطاع التصبير وسواه، عمل بكل ما في مقدرته لتدميرها في معمل ضحى، بالضغط على العاملات والبحث عن كل مبرر ممكن لمعاقبتهن.
مباشرة بعد تجديد المكتب النقابي سنة 2014 شددت الادارة معاملتها للنقابة العمالية، برفض التفاوض، ثم قامت بطرد كل المكتب النقابي عن آخره (23 عامل و عاملة )،وشنت حربا شاملة عبر:
– اعتبار المكتب النقابي غير شرعي
– طرد عمال و عاملات آخرين ليصل عدد المطرودين الى 48.
– افتعال الخلافات و الشجار مع النقابيين و النقابيات و استدعاء البوليس لاعتقال عاملة بمبرر بتعنيف عاملة اخرى.
– محاولة ترهيب العاملات باستقدام مفوضين قضائيين، وحراس الأمن الخاص، الى أماكن العمل .
– فرض لائحة مندوبي عمال دون انتخابات او ترك باب الترشيحات مفتوح.

bichaa

كان رد العمال:
– سحب الثقة من مندوبي الادارة ( 730 عامل و عاملة سحبوا ثقتهم من مناديب الادارة ) و انتخاب مناديب جدد للأجراء.
– رفض تواجد المفوضين القضائيين و عناصر الأمن الخاص ( حيث ان الهدف هو نصب فخاخ قصد اصطياد العمال وتلفيق محاضر ضدهم )
– مطالبة الإدارة بتفاوض حقيقي.
غير أن ادارة الشركة تمسكت بموقف الرفض المطلق للتراجع عن قراراتها التعسفية، و امتنعت عن تفاوض فعلي، ما اضطر العاملات والعمال إلى قرار معركة جديدة من اجل ارجاع المطرودين و احترام الحرية النقابية .
يوم 16 مارس 2015 التحق العمال و العاملات بالحي الصناعي امام المعمل من اجل الاعتصام ليلا، الا ان حراس و خدام رب العمل، قاموا بمنع العمال و العاملات من تنفيذ هذا الاعتصام ، بدعم من قوات القمع، وذلك باستعمال القوة حيث نكلوا بالعمال و العاملات و عنفوهم ، كان ذلك على الساعة 11 ليلا .
منذ ذلك اليوم و اضراب اكثر من 700 عاملة مستمر، فيما قام رب العمل بتشغيل عاملات وعمال جدد، متحديا قانون الشغل الذي ينص في مادته 16 على منع تشغيل عمال جدد مكان المضربين، مستفيدا بذلك من تواطؤ السلطات بجميع مستوياتها. فما من سلطة تدخلت لفرض احترام المادة 16 من مدونة الشغل. وبهذا تتحمل السلطات تلك كامل المسؤولية عن كل ما قد ينتج عن هذا النزاع الاجتماعي من تعقيدات.
بعد اسبوع من الاضراب و الاحتجاج الصاخب امام المعمل بعثت ادارته رسائل الى العمال لاستفسارهم عن “الغياب” وطلب تبريره والتهديد باعتباره استقالة.
منذ بداية هذا النزاع الاجتماعي الضخم، لم تتدخل السلطة سوى لقمع العمال، سواء لمنع اعتصامهم او لاشاعة التخويف باستعراض القوات يوم القافلة التضامنية (16 ابريل 2015).
وكل آليات “الحوار الاجتماعي” التي لا تكف الجهات الرسمية عن التطبيل لها أصابها الشلل، و كل خصوم العمال ينتظرون ان تفك التعبئة العمالية تحت ضغط التجويع و عناء الاعتصام.
لقد عبرت قطاعات كونفدرالية عن تضامنها العملي باشكال متنوعة، وهبت للمشاركة في قافلة التضامن، بهذا يتضح مجددا ان لا نصير للعمال غير رفاقهم العمال، وقوى النضال التي ابدت تضامنها.
أن المقدرة على الانتصار موجودة في استعداد العاملات المعتصمات، وفي تضامن القطاعات الأخرى، إنما يجب ان نأخذ بالاعتبار أن رب العمل شغل الة ارباحه بعمال جدد، وبذلك خف عليه ضرر الاضراب، وهو يراهن على تفكك التعبئة .
يجب التفكير ونقاش سبل مواصلة النضال على نحو يمارس ضغطا قويا على رب العمل و على السلطة التي تتصرف في احد اكبر النزاعات الاجتماعية بقبول خرق قانون الشغل.
من بين الخطوات الممكنة تنظيم مسيرات عمالية بالحي الصناعي، ومسيرة لجميع القطاعات العمالية باكادير، و نقل الاعتصام العمالي الى مكان اكثر ضغطا على المسؤولين، و تنظيم اضراب عام في قطاع التصبير، وخلق صندوق تضامن مادي مع عاملات ضحى تشارك فيه جميع القطاعات لتأمين شروط الصمود، وغير هذا مما يمكن ان ينتجه عقل العمال الجماعي.
يجب على كل المناضلين النقابيين تحمل كامل مسؤوليتهم في مناصرة عمال مصبرات ضحى، لان انزال الهزيمة بهم سيؤدي الى تشريد مئات العائلات العمالية، و إلى تصعيد الحرب على النقابة العمالية في باقي معامل التصبير ، وغيرها من وحدات النتاج بالحي الصناعي بايت ملول وغيرها.
مع الاسف لا معنى هنا للتنسيق الثلاثي بين نقابات كدش، والاتحاد المغربي للشغل و الفيدرالية. فالاتحاد المغربي للشغل لم يبد حتى تضامنا معنويا، فيما وضعت الفيدرالية محليا خدماتها رهن اشارة رب العمل، حيث احتضنت مكتبا نقابيا زائفا من صنع رب العمل و خدامه لتنظيم كسر الاضراب و التطبيل لسياسة الادارة.
سيعقد اجتماع يوم الاثنين 20 ابريل 2015 بالعمالة، وعند اتضاح استمرار إصرار رب العمل و السلطة على ترك النزاع الاجتماعي بدون حل يعيد الحق الى العمال، يجب مباشرة تنظيم حملة تضامن واسعة على صعيد اقليمي، ووطني، وتنظيم حملة اعلامية دولية. لجلب تضامن الحركة النقابية بالخارج.
يجب الاستعداد لمعركة طويلة النفس .
المراسل

شارك المقالة

اقرأ أيضا