اليونان: نصر مرتقب وما يترتب عنه من مهام

بيانات25 يناير، 2015

 

قبيل بضع ساعات من النتائج الانتخابية الأولى باليونان (استطلاعات عند أبواب أماكن الاقتراع في الساعة 19 بتوقيت اثينا)، اُعتبرت هزيمة حكومة ساماراس أكيدة من قبل كل المحللين، حتى بكبريات وسائل الإعلام التي ساندت حملته الانتخابية. وقد كانت حملة يمين متطرف بنبرات تعيد إلى الأذهان نهاية الحرب الأهلية (1949)، أو صيغ حقبة الديكتاتورية بين 1967 و 1974. كما تمثل هزيمة حكومة ساماراس- فنيزيلوس هزيمة لحزب الديمقراطية الجديدة وحزب بازوك (الحركة الاشتراكية بعموم اليونان). وسُيقرر مصير ساماراس داخل حزب الديمقراطية الجديدة حيث تناقش مسألة زعامة جديدة من قبل المنتسبين الى تقاليد كونستانتينوس كارامانليس. اما فيما يخص حركة سيريزا الراديكالية، فانه حصولها على أغلبية مطلقة، إذ يمثل نصرا سياسيا بالغ الأهمية لصالح اليسار، سيكون بداية تحديات حقيقية. ما كان بنظر معظم الملاحظين في عداد المستحيل قبل خمس سنوات. يشير تركيب نتائج استطلاعات نوايا التصويت بين 20 يناير و 23 منه إلى ما يلي: 29,2% لحزب الديمقراطية الجديدة؛ 36,2% لسيريزا؛ 6,9% لحزب بوتامي (النهر)؛ 6,9% لحزب الفجر المذهب (فاشي)؛ 5,2% للحزب الشيوعي؛ و 4,9% لحزب بازوك .

فيما يلي افتتاحية “اليسار العمالي” التي تصدر عن منظمة اليسار العمالي الأممي العضو في سيريزا

يمثل فوز سيريزا في انتخابات 25 يناير ” لحظة بالغة الأهمية” في النضال الطبقي للعمال، و للفئات الشعبية و المفقرة وكذا الشباب الذين يعبرون على هذا النحو عن آمالهم المعقودة على سيريزا و اليسار. إن إطاحة حكومة ساماراس التي طبقت آخر خطة تقشف ينزع من ممثلي الطبقة السائدة نظام المذكرة (أمالي الاتحاد الأوربي و صندوق النقد الدولي) المستعمل ” آلة” لسحق الحقوق الاجتماعية و إنزال هزيمة كاسحة بالطبقة العاملة .
هذا النصر هو بالمقام الأول نصر لعالم الشغل و للحركات الاجتماعية التي تمكنت بنضالاتها من النيل من الموارد السياسية للأحزاب الماسكة بالحكومة (الديمقراطية الجديدة وبازوك) التي طبقت المذكرات، مطيحة بذلك ثلاث حكومات. يأتي هذا النصر والرأسمالية و الامبريالية العالمية في أزمة و حيث تبرز شقوق في الهياكل المؤسسة لمنطقة اليورو.
يجب على سيريزا و اليسار ان يستجيبا لتطلعات الجماهير الكادحة و الحركات الاجتماعية في اليونان أولا ، ثم على صعيد أوربا أيضا وحتى أبعد من ذلك. يجب على نحو ما أن يستجيبا ” لتفويض سياسي تاريخي”.
لكن لا مجال لأي وهم، فهذا الانتخاب، أيا كانت أهميته وطابعه الحاسم على الصعيد السياسي، لا يمثل إلا مرحلة أولى.
انه يضع نقطة انطلاق جديدة على طريق صعب، سيكون محفوفا بمعارك ضارية- قد تكون حاسمة- ضد النظام. إن أصحاب الملايير مالكي وسائل الإعلام اليونانية، ورجال البنوك والصناعة في اليونان، وأمثال فولفغانغ شويبله (وزير مالية ألمانيا) و ماريو دراغي (رئيس البمك المركزي الأوربي) سيسعون إلى إخماد نار “التمرد” اليونانية ضد التقشف. وسيستعملون لهذه الغاية العصا والجزرة، التهديد و الابتزاز. هذا مع اقتراح” مساومات مشرفة” بقصد تمديد الإطار ” الضابط” الخاص بنظام المذكرات [ توازن الميزانية، إعادة هيكلة الديون… ].
لقد بدأ إسقاط سياسة التقشف. لكن الامتحانات الحاسمة لا تزال أمامنا. يجب أن نظل متشبثين غاية التشبث بالأهداف الأساسية من قبيل إلغاء المذكرات ورفض جذري لسياسة التقشف بقصد التأهل للظفر بالمعارك الكبرى المقبلة ورفع حظوظ إيجاد مخرج حقيقي وظافر للسيرورة الجارية. يجب أن نتصدى في الآن ذاته “لعصا” الابتزازات و”لجزرة” ” المساومة المشرفة” التي ستظل في إطار المذكرات القسري.
يجب، كي ننجح، أن نستعمل “أسلحتنا” الخاصة بنا، أي التعبئة السياسية الأشد حزما لهياكل سيريزا و أعضائها وجهازها. هذا مع مواصلة الجهود من أجل جبهة موحدة لمنظمات اليسار وأحزابه، لكن بوجه خاص بحفز تدخل العمال و الفئات الشعبية الكثيف في النضال، وهو ما يتعين ان نشجعه ونسهله ونسانده بكل الوسائل المناسبة. تحت شعار ” لنستعد كل ما يحق لنا” ، يجب أن نظفر بما ضاع منا في سنوات المذكرات وحتى ما لم نستطع الظفر به لحد الآن.

تعريب المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا