رسالة مفتوحة إلى نقابيي ونقابيات قطاع الصحة
علي حموت، نقابي بالنقابة الوطنية للصحة، كدش
رفيقاتي ورفاقي
منذ بداية هذا الشهر تتالت الوقفات والمسيرات الاحتجاجية في أكادير والصويرة ومراكش وزاكورة وتاونات… والحبل على الجرار. نضالات من أجل الحق في التطبيب والعلاج الجيدين، في المستشفيات وفي أبسط شروط الصحة العمومية. معارك تعبر عن وعي شعبي متنامٍ بحقيقة السياسات التفقيرية الممنهجة التي تستهدف الصحة العمومية وتحولها إلى سلعة، كما تستهدف باقي الخدمات الاجتماعية من تعليم وسكن وماء… وتذكرنا هاته المعارك بحَراكات الريف وجرادة وطاطا وغيرها. القاسم المشترك هو النضال من أجل خدمات اجتماعية(التعليم و الصحة ..) مجانية وجيدة للجميع.
لكن ما يثير القلق هو الغياب شبه التام للحركة النقابية في هذه المعركة، وبالأساس غيابُ موقف التضامن من طرف نقابات قطاع الصحة، وكأن المعركة لا تعنينا نحن شغيلة قطاع الصحة، والحال أننا جزء حي من السكان ولسنا خارجهم. فمطالب الجماهير الشعبية في الحق في الصحة العمومية هي الوجه الأخر لمطالب شغيلة الصحة.
حين يطالب السكان بتوفير الأدوية والمعدات وتجهيز المستشفيات بما يلزم من خدمات، فهم يطالبون بوسائل العمل التي نفتقدها نحن الشغيلة يوميًا. وحين تطالب الجماهير بحقها في الطبيب والممرض وتوفير الأطقم بشكل كافٍ، فهي تطالب في العمق بظروف عمل إنسانية لنا نحن، من أجل تخفيف الضغط علينا عبر تشغيل مزيد من الشغيلة. وحين تصرخ ضد التهميش الصحي الذي تعرفه العديد من المناطق، مقابل تنامي القطاع الصحي الربحي وتسليع الخدمات العلاجية، فإنها تفضح نفس السياسات التي تحاول سحق حقوقنا؛ نحن الشغيلة؛ وتدمير ما تبقى من مكتسباتنا عبر القضاء على الوظيفة العمومية في قطاع الصحة.
لقد خضنا؛ نحن شغيلة الصحة؛ خلال أكثر من خمسة أشهر من السنة الفارطة، معارك قوية حول ملف مطلبي يرتكز على مطالبنا المهنية الخاصة بنا كشغيلة (الوضعية الاعتبارية والقانونية، والمطالب ذات الأثر المالي). غير أن ما غاب عن ملفنا المطلبي، طيلة ذلك الحراك، هو الدفاع عن المجانية والطابع العمومي للصحة. وهو تغييب لا يمكن قراءته إلا كقبول ضمني لسياسة الدولة التي تستهدف رفع الطابع العمومي والمجاني عن خدمات الصحة. وكما أوضحنا في مقالات منشورة سابقا، فإن هذا المنحى هو بمثابة التفريط في جوهر النضال النقابي: ربط مصالح الشغيلة بمصالح الجماهير الشعبية.
أيها الرفاق والرفيقات
لقد فوَّتنا سابقًا فرصة تاريخية لتلاقي نضالات شغيلة الصحة مع شغيلة التعليم خلال حراك 2023، تحت ضغط سياسة “الشراكة الاجتماعية” و”السلم الاجتماعي” التي لم تكن سوى أدوات لكبح النضال وتفتيت وحدته. وها نحن اليوم نكرر الخطأ نفسه، بتجاهل معركة الجماهير الشعبية المنتفضة من أجل الحق في الصحة.
إن القبول بجعل الصحة خدمة مؤدى عنها، سواء عبر الأداء المباشر في المستشفيات والمصحات أو الأداء غير المباشر عبر أنظمة التغطية الصحية، هو المدخل الحقيقي لتفكيك أنظمة وقوانين الشغل القار. إنها نفس السياسات التي تستهدف الحقوق الجماعية للشعب، كما تستهدف حقوقنا نحن كشغيلة. وهكذا إن معركة المواطنين-ات من أجل صحة عمومية مجانية وجيدة هي معركتنا والتفريط فيها هو تفريط في علة وجودنا: النضال من أجل الحقوق والعيش بكرامة للجميع.
لذلك، فإن واجبنا اليوم هو، بذل كل الجهود التنظيمية والنضالية والإعلامية الممكنة، وبشكل سريع لأجل أن تكون منظماتنا النقابية وأشكالنا التنسيقية القائمة أو الممكن قيامها جزء أصيلا في حراك المواطنين-ات من أجل الحق في صحة عمومية مجانية وجيدة، في كل مدن المغرب حيث خرجت التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، من أجل:
- الدفاع عن الطابع المجاني والعمومي للخدمات الصحية والانتفاض ضد كل سياسات التسليع والخوصصة التي تستهدف قطاع الخدمات العمومية والاجتماعية (التعليم والصحة والسكن والماء …)، وإدراج مطلب المجانية والطابع العمومي للصحة ضمن قلب الملف المطلبي للشغيلة الصحية.
- ربط النضال النقابي بالنضال ضد السياسات المعادية لحقوق الشعب في خدمات وعمومية مجانية وجيدة، وهذا شرط أساسي لبناء ميزان قوى حقيقي في مواجهة السياسات التي تحرمنا من حقوقنا.
أيها الرفاق،
إن مستقبل النقابة كأداة نضال، كما تركها لنا أسلافنا النقابيون-ات، لا يتمثل في سياسة الشراكة الاجتماعية والسلم الاجتماعي، بل في تجميع قوى الشغيلة لا تقتصر على الدفاع عن أوضاعها المادية، بل تناضل ضد مجمل سياسات الدولة المدمرة للخدمات العمومية والاجتماعية.
عاش نضال الشغيلة الصحية
لا تنازل عن المجانية والعمومية
عاشت وحدة النضال العمالي والشعبي
اقرأ أيضا