إيران: نظرة إلى السنوات الثلاث المنصرمة منذ بداية انتفاضة ”المرأة، الحياة، الحرية“
بقلم: الاتحاد النقابي متضامون-ت
Solidaires
في 16 سبتمبر 2022، قتلت الشرطة الأخلاقية الشابة الكردية جينا-ماهسا أميني بتهمة ”ارتداء ملابس غير لائقة“. كُتب على شاهد قبر جينا: ”حبيبتي جينا، لن تموتي؛ اسمك سيكون رمزًا“. وبالفعل، أثارت جريمة قتلُ نساءٍ هذه على يد الدولة غضبًا امتد إلى ما وراء إيران.
وظهرت موجة عارمة من الأعماق اتخذت شعار ”المرأة، الحياة، الحرية“. لم تقتصر مطالب حركة ”امرأة، حياة، حرية“ على مسألة ارتداء الحجاب الإلزامي، بل امتدت إلى رفض ديكتاتورية الملالي، والدفاع عن الحريات، وحقوق النساء والجندر، والأقليات العرقية، والشغيلة، إلخ.
بدأت التحركات في البداية على يد نساء، لا سيما في مناطق ذات أغلبية من الأقليات القومية مثل كردستان وبلوشستان، ثم امتدت إلى جميع أنحاء البلد، وإلى قسم كبير من السكان. تشهد أكثر من 155 مدينة على الشجاعة اللامحدودة للنساء والرجال الذين واجهوا بلا هوادة قوات القمع التي أطلقت الرصاص الحي. سُجلت، في شهر الحركة الأول وحده، أكثر من 434 حالة وفاة، من بينها ما لا يقل عن 50 طفلاً. وحتى 12 يناير 2023، تم اعتقال أكثر من 19000 شخص، منهم عديد من الشباب تلقوا تعليمهم في مدارس الجمهورية الإسلامية، ولا سيما الطلاب والصحفيين والفنانين والرياضيين. حشد النظام الإسلامي كل أجهزته الأمنية لقمع المظاهرات، انتهى بها الأمر إلى إنطفاء. ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف القمع، حيث جرى، في عام 2025، اعدام أكثر من 889 شخصًا حتى 5 سبتمبر، منهم ما لا يقل عن 50 شخصًا بسبب التزامهم النضالي [1].
أشكال مقاومة متعددة
تحت الرماد، بقيت الجمرات ساخنة.
– تحدت العديد من النساء، خاصة في المدن الكبرى، السلطة بالتجول في الشوارع دون ارتداء الحجاب. ونتيجة لذلك جرى ، في 15 ديسمبر 2024، إلغاء قانون الحجاب الإلزامي.
– اندلعت إضرابات بشكل دوري، على الرغم من القمع وارتفاع معدلات البطالة وتعميم الهشاشة [2].
– نجحت منظمات نقابية أو جمعيات في الحفاظ على وجودها أو تم إنشاؤها [3].
لا يقتصر عمل هذه الهياكل على دعم النضالات من أجل المطالب الآنية ورفض القمع. ففي 15 فبراير 2023، على سبيل المثال، أطلقت بعضها نداءً من القاعدة الشعبية لإنشاء بديل لنظام الملالي [4].
حرب الـأيام الإثني عشر
في 13 يونيو 2025، وعلى امتداد 12 يوماً، عانى سكان إيران من حرب وقائية شنتها إسرائيل التي تواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني [5]. وقُتل، في أعقاب التدخلات العسكرية لإسرائيل ثم الولايات المتحدة، 657 إيرانيًا وأصيب 2037 آخرون [6].
كما جاء في بيان شارك فيه الاتحاد النقابي متضامنون Solidaires ، ” إننا نرفض، في موقف موحد مع كل من يناضل في إيران منذ عقود من أجل الحرية والمساواة و العدالة الاجتماعية، أي تغيير للنظام “من أعلى” أو عن طريق تدخلات أجنبية. يجب ألا تنتج أي إطاحة للجمهورية الإسلامية سوى عن نضال شعوب إيران.“ [7]
إن ادعاء أن هذه الهجمات تروم تحرير الشعب هو أمر مشين. بل على العكس من ذلك، استغل النظام الحرب لتشديد القمع بشكل كبير ضد المعارضين-ت أو المشتبه في أنهم معارضون-ت، متهمًا إياهم-ن بالعمالة لإسرائيل أو الولايات المتحدة، فتم تنفيذ أكثر من 250 إعدامًا بعد قصف يونيو، وصدرت أحكام أخرى قاسية. سمح التدخل العسكري الخارجي للسلطة بتقليص مساحات الاحتجاج ومحاولة قمع التعبير عن السخط.
ومع ذلك، أدانت عدة منظمات نقابية أو جمعيات بشجاعة، في 16 يونيو، القصف الإسرائيلي وأعلنت معارضتها الشديدة لنظام الملالي [8].
على العكس من ذلك، بينما كانت إسرائيل والولايات المتحدة تصب طوفان قنابل على البلد، كان بعض الإيرانيين في المهجر يتطلعون بالفعل إلى العودة إلى البلد في عربات الجيش الأمريكي لإرساء سلطتهم هناك. لكن ترامب سرعان ما أعلن وقف إطلاق النار، فاضطروا إلى تأجيل آمالهم إلى وقت لاحق [9].
بلد في حالة كارثية
ليست أزمة المياه الحالية مجرد نتيجة لأزمة المناخ العالمية. إن استنزاف المياه الجوفية ناتج إلى حد كبير عن وجود عدد لا يحصى من السدود التي شيدتها قوات الحرس الثوري، وهي العنصر المركزي في الجهاز العسكري والأمني حيث يستشري الفساد.
ويمثل تحويل مجاري الأنهار لصالح شخصيات بارزة في النظام سببا آخر لهذه الجفاف. وبسبب نقص المياه هذا، يهدد الانقراض جزءًا من الحيوانات والنباتات، ويشهد المزارعون انخفاضًا في إنتاجهم.
وبينما تملك إيران ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم وثالث أكبر احتياطي للنفط، يوجه نقص المحروقات ضربة قاسية لاقتصادها المستنزف أصلا.
تؤدي انقطاعات الكهرباء المتكررة إلى توقف متكرر لأنظمة التكييف/التدفئة وعمليات العمل في المصانع. ويجري إغلاق المدارس والمؤسسات الحكومية بشكل دوري.
فقدت العملة الإيرانية أكثر من نصف قيمته في غضون عام .
وقد تفاقم تدهور الاقتصاد الإيراني بسبب:
– من ناحية، الكلفة الباهظة لتمويل الميليشيات المسلحة في العديد من البلدان المجاورة، وسنوات من دعم الديكتاتورية السورية السابقة، ومواصلة البرنامج النووي الإيراني؛
– من ناحية أخرى، ثقل العقوبات الاقتصادية الدولية، التي يستفيد منها بشكل أساسي شبكات التهريب المرتبطة بمسؤولي الأجهزة الأمنية [10].
التضخم مهول، لا سيما اسعار المنتجات الغذائية. الطبقات الشعبية هي أول ضحايا هذا التضخم. فقد تضاعف سعر البطاطا، الغذاء الأساسي للفقراء، خمس مرات في غضون عام واحد. ويوقف العديد من الإيرانيين علاجاتهم الطبية التي أصبحت باهظة الثمن، وبعضهم يتخلى حتى عن تلقي العلاج.
في مواجهة ذلك، من الضروري أكثر من أي وقت مضى:
– دعم النقابات والمنظمات الإيرانية التي تكافح القمع وتدافع عن حقوق المضطهدين-ت والمستغلين-ت؛
– تقديم تضامن ملموس مع النضالات الجارية ومع ضحايا القمع؛
– المساعدة في تهميش قوى الشتات في المهجر التي تسعى للاستيلاء على السلطة في إيران في أعقاب تدخل غربي.
تدعم نقابة Solidaires بشكل خاص:
– حق النساء المطلق في التصرف بأجسادهن، بما في ذلك حقهن في ارتداء الحجاب أو عدم ارتدائه؛
– إلغاء أي تمييز ضد النساء، و مجتمع الميم عين (LGBTIQ+)، والأقليات القومية والدينية؛
– الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء الرأي، بمن فيهم شريفه محمدي، وكذلك جميع النقابيين، بمن فيهم داوود رازافي من نقابة VAHED؛
– الإلغاء الفوري لعقوبة الإعدام واستخدام التعذيب؛
– حرية التعبير والتنظيم والتظاهر والإضراب، وتفكيك أجهزة القمع القائمة؛
– مكافحة تدمير البيئة.
باريس، 10 سبتمبر 2025
إحالات[1] الصفحة الأولى من مدونة التضامن الاشتراكي مع العمال في إيران[2] كما هو الحال في قطاعات الهيدروكربونات، وصناعة الصلب، والتعليم، والتمريض، والنقل البري، إلخ.[3] لا سيما في وسائل النقل العام في طهران وضواحيها (VAHED) التي سُجن أحد مسؤوليها (Davood RAZAVI) منذ عام 2022، وفي مصنع السكر Haft-Tapeh، وبين المعلمين والمتقاعدين، إلخ.[4] https://blogs.mediapart.fr/les-invites-de-mediapart/blog/310523/pour-une-societe-degalite-et-de-liberte-nous-soutenons-les-iranien-nes[5] تحظى سياسة إسرائيل الحربية بدعم نشط من ترامب وتساهل العديد من البلدان.[6] وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان
https://www.en-hrana.org/[7] https://blogs.mediapart.fr/les-invites-de-mediapart/blog/110725/solidarite-avec-les-peuples-en-lutte-contre-la-guerre-le-colonialisme-et-la-dictature[8] https://laboursolidarity.org/fr/n/3500/declaration-commune-des-organisations-independantes-en-iran[9] هذا هو الحال على وجه الخصوص بالنسبة لابن الملك السابق الذي يمتلك ثروة هائلة جمعها والده على حساب الشعب الإيراني، وله صلات مع سياسيين من مختلف البلدان، بما في ذلك إسرائيل. وهذا هو الحال أيضًا بالنسبة لمنظمة مجاهدي خلق الشعبية التي تمتلك جيشًا خاصًا، والتي تتخذ من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (CNRI) الذي نصب نفسه بنفسه واجهة لها، والذي يمارس أيضًا الضغط على المستوى الدولي. ويستخدم هذان التياران علم الملكية الإيرانية التقليدي (مع الأسد والسيف) كشعار لهما.[10] بإدراج السلع الاستهلاكية في نطاق العقوبات، تعاقب القوى الغربية في المقام الأول سكانًا لا مسؤولية لهم على الإطلاق عن سياسة قادتهم.
=====
المصدر:
https://solidaires.org/sinformer-et-agir/actualites-et-mobilisations/internationales/iran-retour-sur-les-trois-annees-ecoulees-depuis-le-debut-du-soulevement-femme-vie-liberte/
اقرأ أيضا


