فشل مؤتمر قمة الأطراف  COP30المرتقب

إشتراكية, البيئة12 نوفمبر، 2025

بقلم: لويز فيليبي ألبوكيركي

  يبدأ مؤتمر قمة الأطراف كوب 30 اليوم 10 نوفمبر 2025 فارغًا ومقاطعًا من قبل بعض الدول شديدة التلويث مثل الولايات المتحدة – ما يجعل حلوله بعيدة كل البعد عما هو ضروري لمعالجة أزمة المناخ.

لم يبدأ كوب 30 بعد، ولكن بات ممكنا قول إن نتائجه ستكون فشلا. ولا يعود هذا القول الجازم إلى الجدل الدائر حول أزمة المضاربة العقارية التي تعاني منها عاصمة بارانا  Paraná عشية الحدث. بل يعود إلى الخلفية التي تقف وراءه.

من المؤسف أن تخيب آمال الرئيس لولا المعلقة على الحدث، ولكن بغض النظر عن نتائج القمة أو الاتفاقات التي قد تبرمها الدول المعنية لمواجهة الأزمة البيئية، فإن لا شيء سيحل التحديات الهائلة المحيطة بقضية المناخ التي نعيشها. والسبب بسيط. لن يكون هناك نقاش حول العنصر المركزي الذي يسبب الكارثة المناخية الحالية، اي أسلوب الإنتاج الرأسمالي، وأقل من ذلك سعي الى تجاوزه.

استخدم العديد من المحللين، في مواجهة النقاش حول الأزمة البيئية، – بمن فيهم أولئك ذوو النوايا الحسنة – مصطلح الأنثروبوسين anthropocène  (حقبة التأثير البشري ) لتعريف الأزمة البيئية التي نعيشها، والتي يعتبر الجنس البشري مسؤولاً عنها. في البداية، يمكن فهم الداعي إلى هذا التصريح، ففي النهاية، لولا تأثير الإنسان على الكوكب، لما حدث التغير المناخي بالسرعة التي يزعمونها. لكن هذا التصريح خاطئ. ويكمن خطأه تحديدًا في تصريحه الرئيس. التغير المناخي لا يحدث بحد ذاته بسبب الأنشطة البشرية على كوكب الأرض، بل بسبب النظام الذي تخضع له البشرية. دون أخذ هذا التحليل في الاعتبار، فإن أي نقاش حول هذا الموضوع يدور في فراغ، ما يمنعنا من التفكير في المخرجات والحلول وسبل تجاوز هذه المسألة.

السؤال هو: ”إنك تقول إذن أن تجاوز  الأزمة البيئية يقتضي أن نمر بعملية ثورية تغير نمط الإنتاج؟“ والإجابة هي نعم. من الباعث على اليأس بعض الشيء أن نعتقد أن حل هذه المعضلة يتطلب القضاء على الرأسمالية كنظام إنتاج، ففي النهاية، لا نرى في المستقبل القريب أي احتمال لحدوث قطيعة حقيقية وعميقة مع هذا النموذج. في غضون ذلك، فإن ”ساعة القيامة“ للكارثة البيئية تسير بسرعة فائقة، وحتى عودتها إلى الوراء لن تكون في المدى القصير، بل ستكون عملية طويلة وتدريجية.

مباشرة إلى الوقائع

عشية انعقاد مؤتمر كوب الثلاثين (COP-30) في نونبر في بيليم دو بارا Belém do Pará ، أطلق معهد القارات الثلاث Tricontinental للبحوث الاجتماعية ملفًا بعنوان ”الأزمة البيئية في سياق أزمة رأس المال“، ساعيًا على وجه التحديد إلى تسييس هذا النقاش، لأن أحد التحديات الرئيسة المحيطة بالأزمة البيئية هو إثبات طابعها الطبقي، الذي يجري طمسه بشكل دائم ومتعمد في النقاش العام بتحميل البشرية مسؤولية هذه المشكلة.

ومع ذلك، فإن منطق التراكم الرأسمالي، المدعوم من قبل الطبقات الحاكمة في بلدان الجنوب والشمال العالمي، هو الذي عرّض وجود الجنس البشري على الأرض للخطر. ففي النهاية، يمثل أغنى 10٪ من سكان العالم حوالي 20 ضعفًا من انبعاثات غازات الدفيئة (GES) مقارنة بأفقر 50٪، في حين أن أكثر 23 دولة متقدمة في العالم، والتي تمثل 12٪ فقط من سكان العالم، تمثل نصف إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون منذ عام 1850؛ وقد تسببت الولايات المتحدة وحدها في 24.6٪ من إجمالي الكربون الذي وصل إلى الغلاف الجوي خلال هذه الفترة.

تُظهر البيانات أيضًا، كما يشير المؤرخ والصحفي الهندي فيجاي براشاد  Vijay Prashad، أن البشرية تستخدم ما يعادل حوالي 1.7 كوكب أرض لدعم مستويات استهلاكنا الحالية. وهذا يعني أننا نستهلك الموارد الطبيعية بوتيرة أسرع بنسبة 75٪ من مقدرة الطبيعة على تجديدها كل عام. ولكن لكي لا نقع مرة أخرى في التحليل المبسط القائل بأن ”كل شيء هو خطأ الإنسان“، يجب أن ننظر إلى هذه الأرقام بتمعن: إذا كنا جميعًا نعيش كشخص متوسط في الولايات المتحدة، فسنحتاج إلى خمسة كواكب أرض؛ وفي الاتحاد الأوروبي، سنحتاج إلى ثلاثة كواكب أرض؛ ولكن إذا كنا جميعًا نعيش كشخص هندي، فسنحتاج إلى 0.8 كوكب أرض؛ وإذا كنا نعيش كشخص في اليمن سنحتاج 0.3 كوكب. كما يشير فيجاي  براشاد  Vijay Prashad ، فإن مفهوم الأنثروبوسين يطمس أكثر مما يكشف.

بالعودة إلى قمة كوب 30، هل الدول التي ستحضر، ولا سيما دول الشمال، مستعدة لإجراء هذا النقاش؟

بشكل عام، كما هو معروف، صناعة الوقود الأحفوري هي التي تصدر أكبر كمية من ثاني أكسيد الكربون. وفقًا لتقرير Carbon Majors، الذي نُشر في عام 2017، فإن مائة شركة فقط تمثل 71٪ من الانبعاثات التاريخية لثاني أكسيد الكربون في العالم. ومن بين هذه الشركات العملاقة Exxon Mobil Shell و BHP Billiton و Gazprom. كشفت دراسة أخرى، نشرها معهد أبحاث Climate Accountability Institute في عام 2019، أن 20 شركة فقط تمثل ثلث إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم منذ عام 1965.

  لكن علينا أيضًا أن ننظر إلى واقع كل بلد على حدة. ومرة أخرى، آسف لإحباط حماس حكومة لولا بشأن قمة المناخ، لكن البرازيل لديها مشكلة صغيرة يجب حلها إذا أرادت حقًا معالجة هذه القضية بالجدية التي تتطلبها. في حالة البرازيل، وبسبب هيمنتنا على إنتاج الطاقة المتجددة بفضل ثروتنا المائية، فإن أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية لدينا ليس الوقود الأحفوري، بل ما يُفترض أنه ”مهنة“ البرازيل: صناعتنا الزراعية العزيزة. إنها المسؤولة الأولى عن انبعاثات غازات الدفيئة (GES) في البلد، حيث تمثل 29٪ من الانبعاثات. أما إزالة الغابات فهي مسؤولة الآن عن 38٪. ولكن هنا سؤال غريب: من الذي يزيل الغابات في البرازيل؟ وفقًا للتقرير السنوي لعام 2022 حول إزالة الغابات، تمثل الزراعة حوالي 96٪ من المساحة التي تمت إزالة الغابات منها في البلد. أي أن الصناعة الزراعية وحدها مسؤولة عن حوالي 65٪ من انبعاثات غازات الدفيئة في البرازيل.

وستندهشون. من بين الممولين الرئيسيين لـ قمة كوب30  تبرز قطاعات التعدين والأغذية والطاقة المتجددة. تعد Vale و JBS وشركة الألمنيوم النرويجية متعددة الجنسيات Norsk Hydro من بين أكبر رعاة القمة.

إذا ركضت سيلحق بك الحيوان، و إذا بقيت في مكانك سيأكلك

مثلما يهبط مصطلح ”الأنثروبوسين“ وحده في فراغ، لا يكفي مجرد إدانة أسباب الكارثة المناخية والمسؤولين عنها.  من الضروري، انطلاقًا من هذا التشخيص الأولي الأساسي، اقتراح نتائج وحلول حتى لا نقع في اليأس المعلن سابقًا. من الضروري أن نرى الضوء في نهاية النفق حتى يتحقق الخروج ويتحول إلى أمل؛ هذا الأمل في خلق حركة، والخروج من السلبية من أجل إدارة العجلة بحثًا عن عالم مغاير ممكن وضروري.

في بعض الحالات، توجد مخرجات؛ وفي كثير من الحالات، تكون حقيقية وجارية بالفعل؛ وفي حالات أخرى كثيرة، سيتعين علينا أن نبتكر ونخلق ونختبر طوال تاريخ البشرية.

أول ما يجب أن نفهمه عن المخرجات هو أنها لن تأتي بالتأكيد من الحلول الزائفة التي تقدمها الطبقات الحاكمة، مثل ائتمانات الكربون، والسيارات الكهربائية، والانتقال إلى الطاقة، و”غابات“ سوزانو Suzano الخضراء، ومقترحات Vale  البيئية، أو السياسات التعويضية لأحد الشركات الكبرى والقليلة متعددة الجنسيات.

كما أشارت وثيقة معهد القارات الثلاث، الأزمة البيئية نتيجة لأزمة رأس المال التي، بالإضافة إلى عدم حلها للمشاكل الاجتماعية مثل الجوع وعدم المساواة، لا ترى في كل أزمة سوى فرص للبحث عن وسائل جديدة لتوليد الأرباح.

  ولكن إذا كانت الرأسمالية عاجزة عن إيجاد حلول لما تسبب  من أزمات بنفسها، فكيف يمكن حلها؟ أولاً، يجب أن تكون مواجهة نمط الإنتاج الرأسمالي، وتجاوزه، في صميم النضال البيئي. ثانياً، بما أن القضية البيئية هي مشكلة هيكلية، يجب أن تكون مرتبطة ارتباطاً جوهرياً بقضايا هيكلية أخرى في المجتمع الرأسمالي، مثل قضية الطبقة والعرق والجنس. ثالثاً، من الضروري بناء شكل آخر من أشكال الإنتاج وإعادة إنتاج الحياة في كل مجال من مجالات الحياة. على سبيل المثال، أن يجري إجراء إصلاح زراعي، وأن يكون النموذج الجديد للإنتاج الزراعي قائماً على أسس زراعية بيئية؛ وأن يكون هناك نموذج جديد للتصنيع في المدن بحيث لا تكون الصناعة غاية في حد ذاتها، بل وسيلة تهدف في نهاية المطاف إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي؛ أن تكون الثورة التكنولوجية في هذا العصر الجديد في خدمة البشرية، وليس في خدمة نصف دزينة من الشركات التي تعيق تقدم التنمية البشرية الكامل. وهكذا دواليك، من سيقود هذه العملية؟ لن يتمكن من تحقيق ذلك سوى الأشخاص المنظمون. كيف يمكن تنظيم ذلك؟ هنا سؤال المليون دولار.

نعم، هذا كله يبدو مستحيلاً. بعد كل شيء، إذا نجحنا في ذلك – وفقط -سيكون من الممكن مواجهة تغير المناخ حقاً – فسنكون في ظل الاشتراكية، كما سيقول البعض. إذا كان الأمر كذلك، فلْنشيد الاشتراكية إذن. لأنه لا يوجد مخرج آخر. ما هو على المحك هو وجود الحياة البشرية نفسها على كوكب الأرض.

لويز فيليبي ألبوكيركي هو صحفي وعضو في قسم الاتصالات في معهد القارات الثلاث للبحوث الاجتماعية.

المصدر:

https://jacobin.com.br/2025/11/o-fracasso-anunciado-da-cop30/

شارك المقالة

اقرأ أيضا