الأساتذة/آت المتدربون/آت: مسيرة تأكيد الصمود والإصرار على النصر

 

 

دخلت معركة الأساتذة/آت المتدربين/آت شهرها الخامس من المقاطعة والنضال الميداني المستميت من أجل إسقاط المرسومين التراجعيين(مسيرات واعتصامات وحملات تعبئة شعبية ووقفات…). خمسة أشهر من الحصار والقمع الدموي والتعتيم الإعلامي والمحاولات الحثيثة لكسر المقاومة الشبابية ضد مخطط تدمير الوظيفة العمومية وتخريب ما تبقى من التعليم العمومي.

مر كل هذا الوقت ولا زال الأساتذة/آت المتدربون/آت قادرين على مواصلة النضال بنشاط وحماس كبيرين، إنهم/هن يملكون النفس الطويل الذي تحتاجه معركتهم/هن الكفاحية والمصيرية.

لقد أدهشت الحشود المشاركة في مسيرة 20 مارس 2016 الأعداء الطبقيين الذين راهنوا على الزمن لتراجع الزخم الجماهيري للأشكال النضالية الوطنية التي يدعوا لها مجلس التنسيق الوطني، لكن الفتور والإعياء لم يجدا منفذا وسط الشباب المقاوم في الساحات والشوارع طيلة هذه المدة.

يقاتل الأساتذة/آت المتدربون/آت بكل هذا العزم وهم/هن محرومون من تضامن منظمات النضال العمالية التي اختار قياديوها موقفا مخزيا، واستنكفوا عن الدعوة  لإضرابات تضامنية مكتفين بالتفرج وانتظار ما ستؤول إليه المعركة. بل إنهم اختاروا أن يلعبوا دور وسيط “محايد” مخادع كل همه الاجتهاد في عرض مقترحات على الأساتذة/آت المتدربين/آت أقل من إسقاط المرسومين المشؤومين ومن الحرص على استقرار الوظيفة العمومية ودوامها. بذلك تقدم بيروقراطية النقابات البرهان الواضح لاصطفافها في غير معسكر حركة النضال من أجل الحقوق وصيانة المكاسب، وهي تواصل تواطؤها الذي نجح مرات كثيرة في سحق معارك شعبية وعمالية عديدة.

فضلا عن ذلك، يناضل الأساتذة/آت المتدربون/آت نيابة عن الكل في سياق سياسي يشهد ضعفا كبيرا لمنظمات النضال الشبابي الرئيسية: الحركة الطلابية وحركة المعطلين، وهما حركتان معنيتان مباشرة بما يحاك ضد الوظيفة العمومية وتعليم الكادحين والكادحات

لقد نجحت المسيرة وكانت جماهيرية وجيدة التنظيم ومرت في ظروف عادية، وهي بذلك نجحت، مرة أخرى، في تسفيه مبررات المنع والقمع مثل ” الإخلال بالنظام العام” وما شابه. شارك آلاف المحتجين في مسيرة 20 مارس بالدار البيضاء قادمين من مختلف المدن المغربية، ولم تسجل أي حالة عنف أو “فوضى”… احتجاج جماهيري “سلمي” بدون ترخيص بمطالب عادلة وواضحة.

لم يخفت الزخم الجماهيري، وأكيد أن المعركة لم تنتهي بعد، وأنها لا تزال مرهونة بطول نفس المحتجين وإصرارهم على النصر، وأكيد أيضا أن تعنت الدولة مستمر وأنها ستباشر مناورات عديدة أخرى للنيل من صمود المحتجين وإصرارهم. لقد بلغت المعركة مرحلة كسر العظام، وكل شيء متوقف الآن عن من سيصرخ أولا.

بالنسبة للأساتذة/آت المتدربين/آت، مع أنهم الأضعف في هذا النزال القاسي، فلا شيء يجبرهم على الصراخ أولا، فالوقت في صالحهم والكرة في ملعب الدولة، وليس أمامها من خيار سوى تقديم حل مرضي يضمن حقوق المحتجين وكرامتهم.

أضف لذلك أن ما يناضل من أجله الأساتذة/آت المتدربون/آت يهم كل الطبقات الشعبية الكادحة من عمال وفلاحين فقراء وأجراء في القطاعين العام والخاص… وهم يحضون بتعاطف شعبي واسع قد يتحول، بتضافر عوامل أخرى، لنصرة حقيقية لمعركتهم، بخاصة لو اختارت الدولة اللجوء لسحق مقاومة الشباب المناضل بواسطة القمع.

تطرح المعركة على كاهل الهيئات الداعمة والمساندة لنضالات الأساتذة/آت المتدربين/آت مسؤولية تاريخية: الوقوف إلى جانب أبنائنا ضد الأعداء الطبقيين خدام البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.

سينعقد مجلس التنسيق الوطني بعد المسيرة كما جرت العادة، وستخيم عليه أجواء السموم التي ينشرها الإعلام الرسمي والمتواطئ حول المعركة، وسيكون المجلس في مواجهة السؤال العريض: ماذا بعد المسيرة، وبعد كل هذه المدة من المقاطعة والاحتجاج؟

الجواب بسيط للغاية: مواصلة النضال ومواصلة الدعوة للتضامن والنصرة

لكن، مع ذلك، ماذا بعد مسيرة 20 مارس 2016 ؟

ليس للبشر طاقة دائمة على التحمل فهناك فترات يحتاج فيها المرء إلى إعادة ما استنفذه من جهد أي الحاجة إلى لحظة لالتقاط الأنفاس، لقد بلغت معركة الأساتذة/آت ذروتها بالمقاطعة الناجحة والشاملة للدروس النظرية والتطبيقية، وخاضوا أشكالا نضالية عديدة وكثيفة.

لاشك أن كل تلك النضالات لم تذهب سدى، فهي رسخت المعركة وصلبتها ومنحت المشاركين فيها خبرة كفاح وإيمان بالنضال هامين. يبقى أن يعطي سعي هذا الشباب الذي يقاتل وحيدا ومعزولا أكله في كسب تضامن شعبي وعمالي حقيقي يسهم بقوة في تعديل الكفة لصالح المحتجين

لذا، تفاديا لتبديد الطاقة وإرهاقها بأشكال يومية بعيدا عن أي تضامن فعال وبارز، سيكون من الجيد على مجلس التنسيق أن يضع خطة نضال تواصل الضغط على الدولة، ومتوجهة أساسا لإيقاظ الحاضنة الشعبية للنضال

لسنا هنا بصدد إعطاء الدروس في الكفاح لأية حركة مقاومة اجتماعية لكن واجبنا النضالي يلزم علينا تقديم ما نراه في صالح الكفاح.

على كل أعضاء المجلس أن يضعوا في الحسبان معنويات الأساتذة/آت المتدربين/آت، ليس فقط خلال المسيرة الأخيرة، بل خلال كل أطوار هذه المعركة البطولية عبر مختلف المراكز. أي أنه على كل أعضاء التنسيق تقديم تقارير مفصلة للمجلس حول ما يجري طيلة الأسبوع في المراكز مثلا: عدد المشاركين في الأشكال النضالية(الوقفات، المبيت…) وعن ظروف النضال وحجم التضامن ومشاركة الأستاذات والحالة المعنوية للأساتذة طيلة مدة النضال…الخ. إنه عمل شاق ويتطلب وقتا لكنه ضروري ومهم فعليه يتوقف مصير القادم من جولات النضال.

تقديم التقارير عن كل مركز بأمانة، وثقة نضالية لمجلس التنسيق ومناقشة الإكراهات والمشاكل ونقاط الضعف والقوة بشكل ديمقراطي هو السبيل الوحيد لوضع برنامج نضالي لا يبدد طاقة النضال بل يشحذ الهمم ويعزز الثقة فيه.

سيسطر مجلس التنسيق الوطني برنامجا نضاليا كفاحيا مثل سابقيه، والمعركة حاليا في مرحلة اللا عودة، فقط المضي قدما هو الخيار، وليس على الأساتذة/آت المتدربين/آت سوى الصبر والصمود حتى النصر

سامي إمام

6156_1115276521840269_543328693126019144_n 1240522_1115276251840296_4518955820196915421_n

شارك المقالة

اقرأ أيضا