حصيلة النضال الطلابي لمطلع موسم 2013/2014: مقاومة طلابية صاعدة، لكن ثمة حاجة ماسة الى تنسيقيها وتنظيمها

الشباب و الطلبة11 يناير، 2015

 
معاد- طالب ثوري

نشر النص التالي ضمن العدد 55 من جريدة المناضل-ة.

ككل موسم جامعي جديد، تتفجر معارك طلابية أولية، لا سيما مع تطبيق إجراءات جديدة، تخريبية للمكاسب الطفيفة. لكنها معارك مشتتة، فكل جامعة معزولة، بل كل شعبة معزولة عن باقي طلاب نفس الجامعة والكلية، وبعيدة عن تضامنهم. فانتفاء المنظمة الطلابية، الموحدة للمعارك، والممركزة للمقاومة، مطالبا وأشكال نضال..جعل الدولة هي المنتصرة كل سنة، هذا ما ينزع الفعالية عن المعارك الراهنة، لتبدو كتفجير للإستياء أكثر منها نضالات تصبو نحو تحقيق أهداف.

تشمل معارك الطلاب هذه، كل الجامعات والمؤسسات تقريبا، من أجل التسجيل بالشعب، والسكن الجامعي، والنقل الجامعي، والمطعم، ومشاكل الطرد… أكيد أن مشاكل طلاب المغرب قائمة ومتشابهة، وكلها مرتبطة بسياسة الدولة المخربة للتعليم العمومي، ولا إمكان لمواجهتها سوى بمعارك وطنية لطلاب الجامعة المغربية، تخلق الأدوات اللازمة لذلك.

لإطلاع قراء جريدة المناضل-ة وقارئاتها، عن مستجدات النضال الطلابي، نضع بين أيديكم، حصيلة لبداية الموسم الحالي، وابرز المعارك التي خاضها الطلاب، بهدف التعريف بها.

جامعة محمد الخامس بالرباط

تشهد الكليات التابعة لجامعة محمد الخامس، تراجعا ممنهجا على مكاسب عدة، كإقصاء الطلاب من الحق في التسجيل في عديد من الشعب والتخصصات الجامعية، و فرض شروط تعجيزية على الطلبة والطالبات، فالقادمون من خارج جهة الرباط مثلا، الراغبون في التسجيل في إحدى المسالك الجامعية يتم رفض طلبهم مباشرة، أو في أحسن الأحوال، يشترط إدلائه بشهادة سكنى إدارية مصادق عليها… هذا بالإضافة إلى وثائق أخرى لا يمكن الحصول عليها في الأجل المحدد للتسجيل، واشتراط عتبة نقطة فوق معدل 12/20 في جميع الشعب، ناهيك عن حرمان الطلاب-ات من الحق في التسجيل بسلك الماستر.

تنعدم شروط الاستقرار الدراسي بجامعة محمد الخامس، بعد إقدام إدارة الحي الجامعي سويسي الأول، مطلع سنة 2012 على إغلاق هذا الحي الجامعي، و الذي يستوعب أزيد من 1000 طالب. هؤلاء تم رميهم في شوارع الرباط لمدة سنة. إنها معاناة أخرى تضاف لأوضاع الدراسة، ويلات البحث عن كراء غرف ضيقة في أحياء شعبية.

ومع الدخول الجامعي 2013/2014 دشن الطلبة المحرومون من حقهم في السكن الجامعي، معركة للمطالبة بإعادة فتح الحي الجامعي سويسي الأول، بعد سنة من إغلاقه، إلا أن الطلبة تفاجئوا بإقصاء عدد منهم بشروط تعجيزية، وباشتراط الإدلاء بوثائق لا تفيد في أي شيء. إنها اجراءات تهذف لإقصاء الطلاب من حقهم في السكن الجامعي لا غير.

لذلك سعى مناضلوا الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الى تنظيم حلقيات ووقفات أمام باب الحي واستنكروا إقصاءهم، والفوضى العارمة التي تتخبط فيها إدارة الحي، و تم توسيع التعبئة في الأوساط الطلابية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية وكلية العلوم القانونية.

كلية العلوم السملالية/ بمراكش

تصنف كلية العلوم السملالية، إحدى كليات جامعة القاضي عياض بمدينة مراكش، في المرتبة الأولى بين الجامعات و المعاهد المغربية، وتشمل 12 الف طالب مسجل بالكلية. لكن وراء هذا التصنيف الخادع، أوضاع دراسة مزرية. فعلى سبيل المثال، نجد أن نسبة استيفاء الأسدس الأول و الثالث و الخامس هي على التوالي 22،10% 40،78% 55،99% يعني ان نسبة الحصول على الإجازة في ظرف ثلاث سنوات هي 5،04%،إذن فالأغلبية الساحقة من الطلاب، عرضة للطرد، ومغادرة الكلية..

ضد هذا الطرد، يخوض الطلبة المطرودون بكلية العلوم السملالية معركة نضالية لأزيد من شهر، تمثلت في اعتصام داخل عمادة الكلية تم فضه بالليل مرتين من قبل الشرطة وطرد الطلبة من العمادة.

نظم الطلاب مسيرات وحلقيات، إضافة لمقاطعة الدروس. كما دخل المعتصمون، بشكل جماعي منذ يوم الإثنين 7 أكتوبر 2013، في إضراب مفتوح عن الطعام، نتجت عنه إغماءات في صفوف الطالبات يوم الأربعاء 9 أكتوبر 2013، نُقِلن على إثرها للمستشفى، و في اليوم الموالي نقل طالب آخر مضرب عن الطعام إلى المستشفى. خاض الطلاب المعتصمون، أشكال تواصل مع الطلاب، من حلقيات مكثفة، وتعبئة الطلبة داخل المدرجات ووقفات شبه يومية مرفقة بشعارات تنديدية أمام العمادة.

هذا وتعاني كلية العلوم، من مشكل الاكتظاظ بشكل يومي، نظرا لقلة القاعات و المدرجات، إذ تتكدس أعداد هائلة من الطلاب في مدرج يفوق طاقته الإستعابية بكثير، بالاضافة للنقص المستفحل في أعداد المدرسين والمثمثل في 16 أستاذ جامعي على الأقل، وكذا غياب وتقادم أجهزة الأعمال التطبيقية بخصوص كلا من شعبتي الفيزياء وعلوم الحياة و الأرض. ناهيك عن صعوبة الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية للحياة اليومية والتي لا تخفى على اي كان، خاصة بعد الزيادات الأخيرة، التي أدت إلى ارتفاع تسعيرة الحافلات (ألزا) و ثمن الكراء و الوجبات الغذائية… كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بعين السبع

كطلاب كلية العلوم بمراكش، تفاجأ، مئات طلاب كلية العلوم القانونية، و الاقتصادية و الاجتماعية بعين السبع، بعدم إدراج أسمائهم ضمن لوائح الطلاب المسجلين، منذ افتتاح الموسم الدراسي الجامعي الحالي. و نظموا وقفات احتجاجية مطالبين من خلالها بتفسير ما يقع بالحرم الجامعي، و سبب هذا التماطل في عدم إدراج أسمائهم رغم بداية الموسم الجامعي منذ أزيد من شهر، إلا أنهم في كل مرة كانوا يتلقون وعودا بأن أسماءهم ستدرج ضمن لوائح المسجلين، إلى أن تفاجأ الطلبة بقرار الطرد.

بعد إصدار العمادة لقرار طرد ما يقرب 1000 طالب وطالبة، دخل المطرودون في اعتصام مفتوح منذ 10 أكتوبر 2013، و يتمثل مطلب المعتصمين في استكمال باقي المواد التي لم يتم استيفاء نقط النجاح فيها. ويردد الطلبة شعارات مختلفة تنديدا بهذا الطرد. و قد أصيبت إحدى الطالبات بجروح متفاوتة الخطورة، بعد أن أقدم رجال الأمن الخاص بالإدارة بتفريق الطلبة، و تم الاعتداء عليها بالضرب. وهذه إحدى مظاهر مصادرة الحريات، فجامعات المراكز الكبرى فرضت عليها الدولة حصارا مطبقا، بوضع أجهزة الأمن الخاص، بهدف خنق أية دينامية طلابية بها…

الطرد، بمبرر عدم استيفاء الوحدات المطلوبة، ليس إلا إحدى طرق تعامل الدولة مع الاكتضاض. فبدل إحداث بينة تحتية جديدة تتناسب مع ازدياد أعداد الطلاب، يتحمل مئات الطلاب، في كل الجامعات تقريبا، ضريبة إفراغ مقاعدهم لزملائهم، بمبرر عدم استيفاء المواد والوحدات المطلوبة..

لا زال الطلاب مستمرون في معركتهم، بأشكال نضال عديدة، وقفات ومسيرات.. رافضين جميع مقترحات العمادة، بتسجيل الطلاب بالتدريج، على شكل مجموعات، ومتمسكين بإعادة تسجيل جميع المطرودين.

جامعة عبد المالك السعدي/تطوان

(الكلية المتعددة التخصصات/مرتيل)

خاض طلاب جامعة عبد المالك السعدي عددا من التحركات الاحتجاجية، شارك فيها آلاف الطلاب من جامعة عبد المالك السعدي (كليات العلوم والآداب والحقوق)، والتي عرفت أشكالا متعددة من بينها الخروج بمسيرات طلابية جماهيرية إلى الشارع العمومي والتظاهر والاحتجاج وسط مدينتي تطوان ومرتيل، وقطع الطريق الرئيسية الرابطة بين المدينتين. من أجل تخفيض تمن تذكرة الحافلات، بعد دخول إحدى الشركات الجديدة الى المدينة.

تفاجأ الطلاب يوم الاثنين29 أكتوبر 2013، بتدخل أجهزة القمع بشكل عنيف لتفريق الوقفة الاحتجاجية الطلابية منددة بارتفاع ثمن التذكرة الخاصة بالطلبة. كانت الحصيلة، ستة من الطلبة من جامعة عبد المالك السعدي وخاصة كليتي الحقوق والآداب قد تم الإبقاء على اعتقالهم، من بين آخرين تم إطلاق سراحهم. و لازالت حملة الاعتقالات مستمرة في صفوف الطلبة ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بموقع تطوان.

ونظمت بالساحة المقابلة للمحكمة الابتدائية بتطوان يوم الأربعاء 30 أكتوبر 2013 وقفة احتجاجية شارك فيها المئات من الطلاب والطالبات تحت لواء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وذلك بالموازاة مع تقديم رفاقهم أمام وكيل الملك بهذه المحكمة. كلية العلوم و التقنيات بالحسيمة

شهدت كلية العلوم و التقنيات بالحسيمة “FST” التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة، يوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2013، إحتجاج طلبة الكلية للمرة الثانية على التوالي، ضدا على الأوضاع المزرية التي تعرفها هذه المؤسسة الجديدة.

و جاء هذا الشكل الإحتجاجي لطلبة العلوم و التقنيات، ضد التماطل في تحقيق ملفهم المطلبي الذي تم الاتفاق عليه، صباح يوم الاثنين 28 أكتوبر. وقد توج بمقاطعة الدراسة بعد حلقية في ساحة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، لتتجه الجماهير الطلابية بعد ذلك، صوب إدارة المؤسسة بمسيرة احتجاجية.

جدير بالذكر أن طلبة الكلية يعانون من العديد من المشاكل داخل المؤسسات. و من بينها، الخصاص في الأساتذة، و نقص في شعب التخصص.. والمطعم الجامعي، الى جانب عدم حصول الطلبة على بطاقة الطالب كما هو الشأن في السنة الفارطة…إلخ.

جامعة ظهر المهراز/فاس

انطلقت المعركة الطلابية بجامعة ظهر المهراز منذ بداية الموسم الحالي بمختلف الكليات، حيث نظمت أشكال احتجاجية عديدة، اعتصامات مفتوحة أمام إدارات الكليات، مقاطعة إنذارية لمدة ساعتين بكليتي الحقوق والعلوم، وأشكال أخرى موازية. وتمثلت المطالب التي دفعت الطلاب الى الاحتجاج في: فتح الحي والمطعم الجامعيين، وبناء حي آخر بالمركب الجامعي ظهر المهراز، تسجيل حاملي الباكالوريا، إلغاء بند الطرد، التعميم والزيادة في المنح، توفير الكم والنوع المطلوب من حافلات النقل الجامعي وتخفيض ثمن التذكرة والبطاقة…

وفي ظل التماطل والاستهتار من طرف إدارات الكليات والأحياء الجامعية ورئاسة الجامعة، تم يوم الأربعاء 30 أكتوبر 2013، تنظيم مقاطعة شاملة للدروس النظرية بالكليات الثلاث (الحقوق، العلوم،الآداب) انطلاقا من الساعة العاشرة صباحا إلى غاية الرابعة بعد الزوال، تخللتها تظاهرات عارمة بساحة 20 يناير وعقد نقاش موسع.

قوة طلابية مقدامة.. لكنها مشتتة

يظهر بجلاء انتشار موجة الاحتجاج الطلابية بكل الجامعات تقريبا، فإضافة للجامعات والمؤسسات السالفة الذكر، هناك معارك طلابية قائمة منذ بداية الموسم الحالي، لا يتسع المجال لسردها كلها.. بجامعة ابن زهر بأكادير، وبجامعة ابن طفيل بالقنيطرة. وجلي أيضا أن كل هذه المعارك المتعددة، مشتركة المطالب، رغم تفاوت حجم المشاركة الطلابية بها، ونفس المعارك، وهذا كله مرتبط بدرجة وجود تقاليد النضال بالمؤسسة المعنية من عدمها.

مادام الوضع بكافة الجامعات لا يختلف، يستدعي الرد الطلابي أكثر من معارك محلية، لكي يكون نضالا ناجحا، لا بد من تنسيقه على صعيد وطني، أو بالأقل تعاون المواقع الجامعية التي بها حاليا وجود نضالي أوطمي، بقصد وقف الهجوم الكاسح و تحقيق حد أدنى من المكاسب يكون قاعدة لمواصلة كفاح ظافر.

إن بقاء كل حالة نضالية جامعية مشتتة ومنطوية حول ذاتها لن يوقف إجراءات ذات طبيعة وطنية، كما ستظل المكاسب الطفيفة التي ستحققها، مهددة في كل لحظة، ولا تُحقق أي تراكمات تنظيمية ، مما يجعل حركة النضال تدور في دوامة مفرغة، وتطبيق السياسة الرسمية يتقدم عاما بعد عام.

تنسيق النضالات الطلابية، ليس خيارا، إنه ضرورة مستعجلة.

معاد- طالب ثوري

شارك المقالة

اقرأ أيضا