لمادا يجب على تنسيقياتنا الحفاظ على التنسيق الوحدوي؟

لیست الوحدة النضالية خيارا بين خيارات نختار أفضلها، بل ضرورة مطلقة لانتصار نضالاتنا، في وجه دولة تستفید من فئویتنا الناتجة عن هجومها وقمعها.

منذ بدایة سنوات 2000 أسس شغیلة التعلیم تنسيقيات عدة للنضال من أجل مطالب محددة تهدف لإسقاط ما تعتبره حرمانا غير مشروع من حقوقها.

أظهرت التجربة الواقعية أن تلك التنسيقيات تناضل ضد نفس الجهة التي تنفد نفس سياسة العدوان. ورغم ذلک تتجاور تلك التنسيقيات في ذات المكان في عزلة عن بعضها بعضا، لكن يوحدها تجاهل الوزارة، والوعود الكاذبة أو ضربات القمع.

لو لم تجمد البیروقراطیات نقابات الشغيلة التعليمية، لکانت هذه النقابات توحد الجميع وتناضل لتحقيق مطالبه،  وما كان هناك مبرر موضوعي لتأسيس التنسیقیات الفئویة.

ما یؤکد ضرورة الوحدة، أن التنسيقيات تجد نفسها وهي تناضل،  تحت ضغط الضرورة تبحث عن سبل التنسيق النضالي الميداني لخلق ميزان الضغط الضروري لإجبار الوزارة على تلبية مطالبها.

الوحدة بين شغيلة التعليم ضحايا سياسة الدولة المنظمین في تنسيقيات والذين يخوضون نضالات في الميدان مسألة ضرورية وحاسمة، فالوحدة هي الكفيلة بإرغام الدولة على تلبية المطالب التي كانت تعتبرها مستحيلة التحقيق بمبررات واهية من قبيل أنها تتجاوز صلاحياتها وغيرها من الخدع.

لا يمكن لنضال مشتت تخوضه التنسيقيات التعليمية تحقیق النتيجة المرجوة لسبب بسيط، هو أن الدولة ما دامت متأكدة أن اضراب جزء من شغيلة التعليم لا يؤثر على السير العام لمرفق المدرسة فإنها ليست مضطرة لإيجاد الحلول ولا حتی إعارة الاهتمام للمحتجين. وطالما تسترد بالاقتطاع أيام الاضراب فالحاجة المالية تجبر الأجراء على وضع سقف محدود لا يمكن تخطيه لحركتهم النضالية.

فيما حققته الخطوة الوحدوية الأخيرة

بجهود صادقة من مناضلين- ات من مختلف التنسيقيات انطلقت بادرة النقاش حول ضرورة التنسيق العملي. أثمر هذا وقفات موحدة تزامنت مع تاريخ انعقاد المجالس الادارية لبعض الأکادیمیات، ثم التحاق باقي التنسیقیات بالدعوة لإضراب 03 ینایر 2019. مما أجبر القيادات النقابية بدورها على اعلان اضراب 03 يناير2019 الذي شاركت فيه نسب تاريخية من المضربين بشكل لم يشهده قطاع التعليم مند عقود بعيدة.

طبعا للقيادة النقابية حساباتها الخاصة لكن ما يهمنا أن الحركية التي انطلقت من الأسفل بدفع من العمل النضالي الوحدوي للتنسيقيات كان له الأثر الأساس في تحريك الشغيلة عموما وفي إجبار القيادة النقابية على القيام بخطوة نضالية وحمل الوزارة على أخذ التحركات النضالية محمل الجد.

طبعا كان المطلوب ليس اضراب يوم واحد بل معركة تبتدأ ب03 يناير 2018 وفق خط تصاعدي نحو إضراب عام وطني.

کان هذا ممكنا لو بلغ النضال الوحدوي بين التنسيقيات من النضج والصلابة المطلوبة درجة تربك العملية التعليمية برمتها في عز الامتحانات ولأجبر الوزارة بل الحكومة على إجراء مفاوضات حقيقية عوض تصريحات ولقاءات تافهة لا تعبر إلا عن استخفاف بالشغيلة التعليمية.

لقد حقق العمل الوحدوي البسيط ما لم تحققه عشرات النضالات المعزولة رغم حجم التضحيات والجهود التي بذلت. وهذا دليل حاسم على أن تحقيق مطالبنا رهين بقدرتنا على تجسيد نضال ملموس وحدوي يضم كل التنسيقيات المنخرطة في النضال لأجل مطالبها.

رفض التنسيق تراجع ولا يخدم النضال

علينا التأكيد أن هناك من له مصلحة في منع تحقق الوحدة النضالية بين التنسيقيات المناضلة. فلا مصلحة للدولة في توحد صفوف ضحايا سياستها. كما أن البیروقراطیات النقابية نفسها لن تقبل بحركية نضالية نابعة خارج قبضتها التسلطية ومستقلة عن طرق اشتغالها عبر التسكع بين مكاتب مديرية الموارد البشرية وديوان الوزير. لكن هناك صادقين- ات يتحفظون من التنسيق الميداني بدافع حرص وغيرة بمبررات يعتبرونها سبيلا لتحقيق مطالبنا، لکنها مبررات خاطئة تماما من وجهة نظر تقدم النضال وتؤدي إلی عكس النتيجة المرجوة :

– مطالبنا خبزية وليست سياسية: ربما عندما يتوفر الخبز (أي تحسين الدخل وظروف العمل) حينها يمكننا القول اننا نكف عن ممارسة السياسة لأن همنا هو حماية هذا الخبز ورفع مستواه.

یعرف الجميع أن النضال لأجل الخبز هو نضال ضد سياسة قائمة الذات تحرمنا من الخبز (أي تحسين الدخل وظروف العمل).

صحيح أیضا أننا لا نجتمع حول قضايا سياسية محضة، فمكانها الأحزاب السیاسیة. وصحيح كذلك أننا مرغمون ونحن نناضل لأجل مطالبنا الخبزية علی ممارسة نوع من السياسة إلی هذا الحد او ذاك: عندما نحاور وزير التعليم كمسؤول سياسي في جهاز سياسي ويطبق سياسة ما ونعارض حججه ونناضل ضد سياسته فنحن نمارس نضالا خبزيا في مواجهة قرارات مصدرها سياسي. ورفض الإقرار بذلك بمبرر أننا نمارس السياسة هو بدوره سياسة. السؤال الحقیقي هو أي سياسة نمارس؟ هل سياسة تدافع عن تلبية مطالبنا الخبزية (تحسين الدخل وظروف العمل) أم سياسة تحرمنا من الخبز(تجميد الدخل وتقهقر ظروف العمل)؟ هل نناضل من أجل اجتثاث جذور استغلالنا، أم نسعی فقط لتحسین شروط هذا الاستغلال؟

– إعطاء فرصة للدولة للهجوم إن شاركنا في 20 فبراير:

ما يجب أن يكون في صلب اهتمامنا هو تفادي أن نكون سببا في ضرب محاولات توحيد النضالات مع إخواننا من شغيلة التعليم لما له من أضرار جسيمة على توفير الشروط الضرورية لتحقيق مطالبنا.

سنرتكب خطأ صعب التدارك بتخلفنا عن المشاركة في البرنامج النضالي الذي يسطره اتحاد التنسيقيات التعليمية بما هو تراجع عن حركية ساهمنا فيها ولعبنا دورا رئيسيا في تحقيقها بمبررات ما سترد به الوزارة وهي مبررات أعتقدها خاطئة.

علينا كشغيلة الوظيفة العمومية برمتها الاعتراف بأن حركة 20 فبراير2011 هي ما أتاح زيادة 600 درهم من أجرتنا في سابقة تاريخية، وتشغیل 4000 من الأطر العلیا دفعة واحدة. وفرضت علی الدولة رفع مبالغ صندوق المقاصة (دعم مواد أساسية وهو شكل غير مباشر للدخل).

من حقنا نقاش موعد تجسيد محطات النضال، ويمكن أن تتباين التقديرات. لكن علاج الأمر يتطلب جعل تنسيقنا الميداني أكثر صلابة بتعميق التفاهمات بين كل التنسيقيات في اختيار تاريخ المحطات النضالية المشتركة وعدم الاكتفاء بإطلاق إحداها لمبادرة ويستجيب الباقي.

يتطلب الأمر أن نتقدم بمقترحات وحلول للآخرين وتنظيم لقاءات معهم. لكن هل عدم مشاركتنا في محطة 20 فبراير 2018 تفيد تحقيق هذا الهدف؟ جوابي قطعا لا. لأجل ذلك أدعو اخواني واخواتي إلی تعمیق التفکیر في ما يخدم مصلحة نضالنا ودعم ما بدأناه من محاولات أولية للنضال الوحدوي الميداني بإعلان مشاركتنا في محطة 20 فبراير 2018 .

أوهام شائعة لتقسيم ضحايا تعديات الدولة

تشيع الوزارة عبر تصريحات الوزير أو عبر ما تسربه مكاتبها لبعض ناقلي الرسائل أوهام  تفهمها لمطالب هذه الفئة. أو أنها بصدد دراسة أوضاع تلک الفئة قصد إيجاد الحلول. وقد تلمح أن هذه عددها قليل ولا يطرح صعوبات مالية. أو أن اولائك ضحية خطأ يجب تصحيحه. بالمقابل هناك من يعتقد أن كمه العددي يغنيه حاجة الوحدة مع آخرين أقل عددا أو بساطة ملفهم وسيستعملون قوته العددية لتحقيق مطالبهم.

إن اقتطاع أجرة أيام الاضراب والقمع الذي يسلط على المحتجين وأسلوب بث الشائعات لها هدف واحد هو تقسيم ضحايا سياسة الدولة في التعليم من الأجراء. ليست الدولة مستعدة أن تتوحد شغيلة القطاع للدفاع عن مطالبها المشروعة في تحسين الدخل وظروف العمل، إنها تريد تقسیمهم وأن تكذب عليهم بالوعود وببعض التنازلات التي تشتت شملهم .

إن من يناضل بصدق لتحقيق مطالبه الخبزية عليه أن يدافع بكل ما يملك من جهد عن توسيع وتصليب النضال الوحدوي الميداني وأن يدعم كل ما يجمع ويوحد ضحايا سياسة الدولة وأن يعارض بوضوح كل ما يشتث شملهم ويبث الانقسام في صفوفهم لأجل ذلك:

نعم لمشاركة تنسيقياتتا في مبادرة 20 فبراير 2019 

نعم لتطوير التنسيق الميداني النضالي وتوسيعه 

قوتنا في وحدتنا وهزيمتنا في تشتثنا

بقلم، فاطمة بلا

شارك المقالة

اقرأ أيضا