مسيرة آسفي 5 ماي 2019، تنسيقية المفروض عليهن/هم التعاقد لا زالت صامدة وتقاتل

استقبلت مدينة آسفي، المدينة ذات التاريخ النضالي العمالي العريق، مسيرة شغيلة التعليم التي دعت لها “التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد- جهة مراكش آسفي”، احتجاجا على تكتم الدولة على الملف الطبي لعبد الله حاجيلي الذي أصيب على إثر التدخل القمعي لفض اعتصام 24 أبريل 2019.

تضامن يحتاج لتنظيم وتطوير

يمتاز نضال الشغيلة بالحس التضامني العالي. فكونها طبقة واحدة تعاني نفس شروط الاستغلال، تتمتن أواصر الرفاقية، خاصة في ميادين الكفاح والقتال من أجل صون المكاسب وانتزاع الحقوق.

شكل الإنزال الأخير بالرباط محطة التحام أجيال الشغيلة، الجيل القديم/الأب عبد الله حجيلي، والجيل الجيل الجديد/ابنته هدى حجيلي الأستاذة التي فرض عليها التعاقد. وقد توجهت آلة قمع الاستبداد لكسر هذا التضامن بين أجيال الشغيلة، وأصابت الأب إصابة بليغة لا زال يرقد على إثرها في المستشفى، وفي ظل تعتيم إعلامي مفضوح، يسعى لإعادة تكرار مأساة عماد العتابي بالحسيمة 20 يوليوز 2017.

لم تتخلى التنسيقية الوطنية عن عبد الله حجيلي، واعتبرته أب التنسيقية الجماعي. وحملت ملفه وناضلت من أجله إعلاميا وميدانيا. كانت مسيرة آسفي محطة لتنبيه الجماهير وتنظيماتها [النقابات العمالية، خاصة التعليمية منها]، بأن ملف الأب تتلاعب به الدولة كي تدفنه بطريقتها المعهودة: لا محاسبة للمتورطين في فض المعتصم وفي إصابة حجيلي.

ولم يكن المفروض عليهن/هم التعاقد لوحدهن/هم في شوارع آسفي، بل كان إلى جانبهن/هم، مناضلات/ون كفاحيات/ون من الفروع المحلية للنقابات والجمعيات الحقوقية والهيئات السياسية المناضلة.

لا زالت جذوة النضال متقدة

جابت مسيرة المفروض عليهن/هم التعاقد شوارع المدينة، صادحة بشعارات التضامن مع أسرة حيجيلي، ولكن أيضا تذكيرا بأن النضال ضد مخطط التعاقد ومن أجل الإدماج في الوظيفة العمومية، لم يتوقف رغم كيد الكائدين ومناورات الدولة وقمعها.

رغم الصعاب (اقتطاعات الأجور) والبعد ونفسية العودة من إضراب مديد، حضر المئات من المفروض عليهن/هم التعاقد إلى المدينة، تلبية لنداء تنسيقيتهن/هم.

يدل هذا على أن التنسيقية التي تواطئ الكل من أجل تدميرها: الوسطاء (المرصد الوطني للتعليم، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أحزاب الاستبداد، بيروقراطيات النقابات)، لا زالت حية ولا زالت مصرة على القتال والكفاح.

مناورة الحوار لإطفاء جذوة الكفاح

أدركت الدولة وكل خدامها [الوسطاء الحقوقيون والحزبيون، بيروقراطيات النقابات..]، مبلغ الخطر الذي يمثله نضال شغيلة تعليم قادم من أسفل، منفلت أي ضبط بيروقراطي. وتواطأ الكل من أجل إخماد هذه الخضة العمالية، كي لا تنتقل العدوى إلى باقي شغيلة الوظيفة العمومية والقطاع الخاص.

لقد بدأ فعلا تململ نضالي في صفوف شغيلة التعليم [المرسمات/ين]، بحفز من قتالية المفروض عليهن/هم التعاقد. كانت الدولة تراقب- بعين الخبير- هذا التململ الذي قد يتحول إلى كرة ثلج ستبلغ من الضخامة أحجاما تجبر الدولة على الركوع.

اعتمدت الدولة سياسة المناورة لكسر هذه الدينامية النضالية غير المسبوقة، فجندت الكل لجر التنسيقية الوطنية إلى حبائل “الحوار الاجتماعي”. وقد نجحت نسبيا في ذلك، حيث فرض على المفروض عليهن/هم التعاقد “عدم تمديد الإضراب”، مقابل التزام الوزارة بالاستمرار في الحوار و”وقف الإجراءات العقابية” إضافة إلى التزامات أخرى.

التزمت التنسيقية الوطنية بتعهدها، ولكن الدولة استمرت في مناوراتها بتأجيل موعد الحوار، ولكن الأخطر في الأمر هو الاقتصار على “وقف الإجراءات العقابية” بدل إلغائها بالكامل. هكذا تكون “توصيات الحوار” سيف ديموقليس معلق على رقبة التنسيقية الوطنية مستقبلا، كلما أرادت استئناف النضال.

الاستمرار في ملاحقة سراب الحوار فخ يستحسن أن تتفاداه التنسيقية الوطنية. سراب كلما لاحقته زادتك الملاحقة عطشا وزاد السراب ابتعادا.

مرة أخرى: فقط نضال مشترك كفيل برد الهجمات

تتحمل التنسيقية الوطنية للمفروض عليهن/هم التعاقد عبئا ثقيلا، لن تستطيع وحدها تحمله. إنه النضال ضد مخطط تفكيك الوظيفة العمومية الذي يمس ما يقارب مليون من الشغيلة. والدولة تسعى للانتقام من التنسيقية لأنها حملت مشعل النضال ضد ما تعتبره “مخططا استراتيجيا”.

إن حماية تنظيم التنسيقية الوطنية وطلائعها المستهدفة بإجراءات انتقام الاستبداد، ليست مهمة حصرية للتنسيقية الوطنية. إن المفروض عليهن/هم التعاقد جزء من شغيلة المغرب، وعلى تنظيمات الشغيلة، وعلى رأسها النقابات التعليمية أن تضع ضمن أولوياتها الانخراط في النضال ضد مخطط التعاقد وتفكيك الأوضاع القانونية لشغيلة القطاع وفي نفس الوقت رد انتقام الدولة من التنسيقية وطلائعها.

بقلم، شادية الشريف

شارك المقالة

اقرأ أيضا