المناخ والحياة و حيوات البشر، لا الأرباح. منشور الأممية الرابعة بشأن دورة قمة المناخ السادسة والعشرين COP 26

سياسة7 نوفمبر، 2021

ستنعقد الدورة السادسة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ،COP 26 ،من 1 نونبر حتى 12 منه. وسيلقي زعماء الدول و المؤسسات العالمية خطابات جميلة واعدة بإنقاذ المناخ. لكن بطولة محاربة الكارثة المناخية الشاملة لا تعود إلى هؤلاء الزعماء أو ممثلي الشركات الرأسمالية العالمية، الذين سيجتمعون بمدينة كلاس كاو الاسكتلندية، و يتحمل معظمهم مسؤولية مباشرة في هذه الكارثة المحدقة التي تهدد البشرية. إنها بطولة المئات من المناضلات و المناضلين، و ممثلي و ممثلات الشعوب الأصلية، الذين يدافعون عن الأرض و البيئة ضد المشاريع الاستخراجية و المدمرة ،و الذين تعرضوا و تعرضن للقمع و التعذيب، و حتى الاغتيال، في كولمبيا و الفيليبين و البرازيل و الهندوراس و الهند وكينيا و المغرب و مصر و نيكاراكوا…. من قبل الذين سيذهبون للاستعراض أمام الكاميرات أو بتواطؤ منهم.
إن الشعوب والنساء والشباب، الذين يتصدون لتدمير الغابات و للاستيلاء على الأراضي وللاستحواذ على المياه و لتلويث الهواء و التربة من طرف الصناعات المعدنية او الزراعة الصناعية، إنما يناضلون من أجل الإنسانية قاطبة ضد التغيرات المناخية، و من أجل انقاذ التنوع البيولوجي بمواجهتم للشركات متعددة الجنسيات وللدول.

جائحة كوفيد-19 إنذارٌ بالقادم من أزمات بيئية واتهامٌ للنظام

لقد قتلت جائحة كوفيد -19 أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وأحدثت اضطرابًا عميقًا في حياتنا، وعمقت التفاوتات الاجتماعية بين الشمال والجنوب وداخل كل بلد، سواء في الحصول على الرعاية واللقاحات أو في إمكان الوقاية. وفاقمت البطالة والفقر، و عرضت للخطر و للإنهاك كل القائمين والقائمات بالرعاية والعلاج والتغذية والنظافة والتعليم. ومن جانب الحكومات، التي لم تتح سياساتها في تدمير الخدمات العامة أي خيار آخر سوى وقف جميع أشكال الحياة الاجتماعية، فقد انتهزت الجائحة فرصة لتعزيز السياسات المستبدة وتشديد القمع. أما المجموعات الرأسمالية، ولا سيما الصناعات الرقمية والدوائية، فقد تنامت أرباحها بشكل هائل.

الاختيار ما بين مكافحة الجائحة أو انقاذ المناخ غير وارد

يبرز هذا المرض بجلاء، على غرار أمراض أخرى عديدة منتقلة من الحيوانات البرية إلى البشر، ترابطنا مع الطبيعة ، التي نمثل جزءا منها لا يتجزأ. إن نمط حياتنا في العالم قد دمره منطق الربح الرأسمالي الذي يخلق صناعة اللحوم ومعتقلاتها لتربية المواشي، والاتجار بمختلف الأنواع البرية، والزراعات الأحادية الصناعية، واجتثاث الغابات والنظام الاستخراجي المدمرين للنظم البيئية والملائمين لانتشار الجوائح. وهذا المنطق مسؤول أيضًا عن زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسببة لتغير المناخ. إننا، بعكس الحكومات التي تسعى إلى استخدام الأزمة الصحية وآثارها الاقتصادية والاجتماعية لوضع المسألة البيئية واستعجالية حالة المناخ في مرتبة ثانية، ندعم الدعوة إلى “تعاف عادل” ، يضع المسألة البيئية والاجتماعية في صلب جميع السياسات العامة.

ماذا عن وضعية المناخ؟

أدى تباطؤ الاقتصاد إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة بلغت -17٪ في بعض الأيام، وبين 4.2 و7.5٪ في العام 2020، لكنه لم يحل دون جعل العام 2020 الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث سجل ارتفاعا بنسبة 1.25 درجة مئوية قياسا بحقبة ما قبل عصر الصناعة. وبوجه خاص، لم يقلص تركز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الناتج عن تراكم الانبعاثات السابقة والحالية. فقد ارتفع هذا التركز بنسبة 45٪ في الثلاثين سنة الماضية، ويفوق اليوم بنسبة 50٪ مستويات ما قبل عصر الصناعة، وسيتجاوز قريبًا مستواه في العصر البليوسيني Pliocène (قبل 2.6 إلى 5.3 مليون سنة)، حيث لم يكن غطاء جليدي دائم في نصف الأرض الشمالي وكانت المحيطات في مستوى أعلى بـ 25 مترًا مما هي اليوم. إن الكوارث الناجمة عن تغير المناخ أمر واقع -ذوبان الجليد الطافي، وموجات حرارة استثنائية، وأعاصير، وفيضانات، وحرائق ضخمة … -لكن الأسوأ قادم، وما اضطراب حياتنا بفعل الجائحة سوى لمحة طفيفة عنه. لا وقت لأنصاف الحلول ، يجب التحرك على الفور وبشكل جذري مع احترام العدالة الاجتماعية والمناخية.

ما المتوقع صدوره عن الكوب COP26؟
تتفق أكثر الدول نفثا لغازات الدفيئة – الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين – على السعي لتحقيق حياد الكربون، في العام 2050 بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، وفي العام 2060 بالنسبة للصين. يوقع جو بايدن عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس، وينظم “قمة الفرصة الاخيرة” ، ويعلن شي جين بينغ أن الصين ستشرع في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل العام 2030 ، ويرفع الاتحاد الأوروبي هدف الخفض بنسبة 40٪ إلى 55٪. بحلول العام 2030 … إن الكبح الصريح من قبل منكري تغير المناخ في تراجع، والدول مطالبة بـــ “بالرقي بتطلعاتها “. إذ يتعذر فعلا تجاهل الهوة السحيقة بين هدف قمة المناح الواحدة و العشرين COP21 (باريس، 2015 ) المتمثل في “إبقاء الاحترار دون 2 درجة مئوية مع مواصلة جهود عدم تتجاوز 1.5 درجة مئوية قياسا بعصر ما قبل الصناعة” وبين تعهدات الدول الحالية المؤدية إلى احترار بـ 3.3 درجات مئوية بحلول متم القرن. لكن ثمة دوما خلف النوايا المعلنة وقاحة الرأسماليين والحكومات الخادمة لمصالحهم وغياب أي قرار حقيقي وجذري للاستغناء عن الوقود الأحفوري.

الحياد الكربوني في العام 2050: نبأ سار زائف، إمبريالي وخطير.

انبعاثٌ صاف صفرٌ لا يعني انبعاثا صفراً
و هو يعني استخدام ما يسمى بتقنيات الانبعاثات السلبية، مثل احتجاز ثاني أكسيد الكربون وعزله ، بدعوى إزالة الكربون من الهواء ، بقصد مواصلة الانبعاث و الاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري. إنه استعمار أخضر جديد يتهرب من الاعتراف بمسؤوليات دول الشمال التاريخية عبر آليات تُحمّل الجنوب العالمي عبء تعويض غازات الدفيئة المنبعثة بفعل الأغنياء ولصالحهم، بتجريد الشعوب من أراضيها وغاباتها.

التركيز على العام 2050 يعني رفض التحرك الفوري.

هذا يعني ترك غازات الدفيئة تتراكم وتسخن المناخ. والأسوأ من ذلك أن هذا الموعد البعيد يدع الباب مفتوحًا حتى ذلك الحين لــ “تجاوز مؤقت” لعتبة 1.5 درجة مئوية ، بدعوى إمكان تعويضه بتبريد مفترض بنسبة محتملة ضئيلة. وحتى عند إمكان هذا التبريد ، يتجاهل هكذا رهان ما قد ينتج عن التجاوز المؤقت من انقلابات لا رجعة منها. على سبيل المثال، تحدد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ نقطة تحول صفائح الجليد في جرينلاند بين 1.5 و2 درجات ، عند بلوغها لن يتيح أي تبريد لاحق عودة إلى وراء.
تظل المفاوضات الدولية تحث سيطرة المجموعات المالية والصناعية الكبرى، وخاضعة المتطلبات الرأسمالية والإمبريالية. لا يمكن أن نأمل منها اتخاذ تدابير في مستوى حالة الاستعجال، ولا احترام العدالة الاجتماعية والمناخية الواجبة إزاء بلدان الجنوب وشعوبه.

” لن ينبثق الحل من هذه المفاوضات ، و لا يمكن أن يأتي سوى من نضالات الشعوب”
غريتا ثومبرج

يجب أن نجعل من قمة المناخ السادسة و العشرين فرصة لتحدي القادة ، و فضحهم بتعرية أكاذيبهم ، وزعزعة استقرارهم سياسيًا بقوة تعبئتنا ، واستعادة السلطة بالتقدم بحلولنا الخاصة من أجل العدالة الاجتماعية والمناخية:
– خطط خفض الانبعاثات في مختلف قطاعات النقل والبناء والطاقة والزراعة ، للبقاء دون 1.5 درجة مئوية ، بإشراك مباشر للعمال والعاملات المعنيين والمجتمعات المتضررة ، بدءا من تصميم الحلول البديلة حتى تحقيقها.
– رفض “التجاوز المؤقت”
– محاربة التقنيات الخطرة (النووية ، الكائنات المعدلة وراثيًا ، الهندسة الجيولوجية …
– إنهاء آليات التعويض، واحترام شعوب جنوب الأرض وخاصة الشعوب الأصلية.
– وقف المشاريع الاستخراجية المدمرة الكبرى المفروضة على السكان
– خفض إنتاج المواد و عمليات النقل غير ضرورية.

من أجل انقاذ مناخ الــــــ 99٪ ، يجب على الــــ 1٪ دفع الثمن

شارك المقالة

اقرأ أيضا