الحركة النسوية الفتية والجذرية في طليعة المقاومات الشعبية في اليونان
منذ سنتين تحتل مسألة حقوق النساء مكانة بالغة الاهمية في النقاش العمومي في اليونان، مع هجمات حكومية على تلك الحقوق ومقاومة شديدة من قبل الحركة النسوية.
متشجعةً بفوز حزب “الديمقراطية الجديدة” في انتخابات العام 2019 التشريعية، أبدعت الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية يوما مكرسا “للطفل الذي سيولد”، بهدف حماية حياة الطفل قبل الولادة وحل المشكل الديمغرافي للأمة اليونانية. هكذا، بعد 36 سنة من الترخيص القانوني للإجهاض في اليونان، تطلق الكنيسة إشارة هجوم مباشر على هذا الحق المكتسب بقوة. وأياما قلائل قبل السنة الجديدة 2020 واليوم المكرس “للطفل الذي سيولد”، اثارت الصفحة الاولى لمجلة رياضية موجة عارمة من الاستياء لأنها وضعت في الغلاف يدا كبيرة ماسكة بجنين في راحتها. وكتبت تحت تلك اليد: أتركوني أعيش”
سارع وزير التنمية الى تهنئة المجلة، مؤكدا أن التفاوتات بين الاجهاضات والولادات في اليونان قد يخلق مشاكل مواليد و يهدد بقاء الامة. وجرت استعارة صورة المجلة وشعارها في ملصقات ضخمة بمحطات قطار الميترو ، وقامت قائمة طويلة من الجمعيات المسيحية الأرثوذكسية الأصولية بتبني تلك الحملة. ولقيت مساندة من عدة وزراء وموظفين حكوميين سامين. بيد أن ردا قويا من الرأي العام أجبر وزير النقل على سحب الملصقات.
عودة قانون الأب
في مايو العام 2021، تبنت الحكومة قانونا خاصا بسلطة الأبوين المشتركة، مُعدلا لبنود أساسية من القانون المدني في مضمار قانون الأسرة. تفرض صيغة القانون الجديدة إجبارية الحضانة الأبوين المشتركة. وبهذا النحو يجبر الطفل على قضاء ثلث وقته مع الوالد الذي لا يعيش معه عادة، حتى لو لم يرغب، وحتى إن كان هذا الأب عنيفا.
تعرض مشروع القانون لنقد حاد من قبل فقهاء القانون اليونانيين، لضعفه القانوني ولانتهاكه حقوق الانسان واتفاقية استانبول في الآن ذاته. كما رفضته الحركة النسوية.
وأخيرا بالكاد صادق عليه البرلمان، لكن المقاومة النسوية بثت الاضطراب حتى داخل مجلس الوزراء وسببت خلافات في المجموعة البرلمانية لحزب الديمقراطية الجديدة، وهي سابقة مند العام 2019 !
بعد التصويت على القانون، وجه أعضاء مجموعات ضغط ذكورية تهديدات بالاعتداء على القضاة و المدعين العامين لإرغامهم على تطبيق القانون لصالح الأب.
موجة وأنا ايضا #Metoo اليونانية، استيقاظ الوعي وتجدد الحركة النسوية.
في منتصف شهر يناير العام 2021، وفي عز جائحة كوفيد-19، وبعد ثلاث سنوات من ظهور حركة أنا أيضا #Metoo بالولايات المتحدة الأمريكية، تدفقت موجة #Metoo اليونانية بقوة في واجهة الساحة الاجتماعية و السياسية للبلد عندما قامت البطلة الأولمبية صوفيا بكاتورو ، ذات 43 سنة، بالتصريح علنا بتعرضها لاغتصاب في سن 21 من قبل مسؤول كبير في فيديرالية رياضة الأشرعة. ووجهت رسالة إلى كافة نساء البلد: “إكسرن حاجز الصمت، تكلمن !”
في صيف العام 2021، ادى العدد الكبير من حالات قتل النساء من قبل رفقائهن إلى وضع مسألة تعنيف النساء في واجهة المشهد الاعلامي و السياسي. فقياسا بماض قريب، باتت وسائل الاعلام تتحدث عن حالات قتل النساء هذه، وانحلت الألسن وخرجت الأحزاب السياسية عن صمتها المألوف، وبوجه خاص نزلت النساء إلى الشوارع، وبمقدمتهن النسويات، ليصدحن بغضبهن وبالدعوة الى التضامن.
وفي الآن ذاته، قامت الأمانة العامة للسياسة الديمغرافية و العائلية و المساواة بين الجنسين، الى جانب الكنيسة ومقاولات المساعدة على الانجاب ورئاسة الجمهورية ذاتها، بدعم “الندوة اليونانية الأولى حول الخصوبة” . وبعد موجة استنكار عامة جديدة وتعبئة نسوية قوية، اضطرت الرئيسة إيكاتيريني ساكيلاروبولو الى سحب مساندتها للندوة. وكذلك فعل معظم المشاركين الرسميين فتم الغاء الندوة.
وشهد العام 2021 تجددا للحركة النسوية في اليونان، حركة فتية و جذرية، ووحدوية، باتت تتقدم النضالات الشعبية ضد الحلف المقدس بين النيوليبرالية والظلامية والقومية و الأرثوذكسية . الحدث عظيم، ويكاد يكون تاريخيا، في مجتمع يوناني محافظ وفاقد للبوصلة، لا يزال يبحث عن يسار جدير بهذا الاسم.
صونيا ميتراليا
ترجمة المناضل-ة
المصدر : جريدة Solidarités السويسرية عدد 400، بتاريخ 13 يناير 2022
اقرأ أيضا