نشرة المناضل-ة الاليكترونية عدد فبراير 2022

سياسة, غير مصنف3 فبراير، 2022

نشرة المناضل-ة pdf

افتتاحية النشرة:

بعد أن أفلحت الدولة في تنظيم «انتخابات» على مقاسها، وتجديد «المؤسسات» وبمقدمتها حكومة الواجهة، ها هي تنكب على مواصلة نفس السياسة المضحية بسيادة البلد الاقتصادية، راهنة مستقبله لدى المؤسسات المالية للاستعمار الجديد. وهي سياسة ينتفع منها الرأسمال الأجنبي، ومعه قسم من البرجوازية المغربية. وفي الآن ذاته سياسة تلقي بسواد المغاربة الأعظم في براثن الفقر و المرض و الجهل.
أخرجت الدولة صيغتها الجديدة لمواصلة سياسة درجت عليها منذ عقود،ابتكرت لها اسم «نموذج تنموي جديد»، مُضْفيةً عليها طابع اجماع، وحتى القوى المعارضة التقليدية التي انتقدتها لم تطعن في جوهرها الرأسمالي التابع. بل ثمة تصفيق لما يسمى تعميم الحماية الاجتماعية.
إن المصلحة الطبقية للرأسماليين المحليين وحلفائهم الدوليين هي المحدد لكل ما يطبق، وإن تم تغليفه بالكثير من الكلام «الاجتماعي» و «الديمقراطي». ولا شك أن ما يسمى «تعميم الحماية الاجتماعية» مثال بارز عن ذلك. فالجاري تنفيذه وصفات من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي تستخدم الحماية الاجتماعية لخدمة الخطة النيوليبرالية الاجمالية [++] بمنطق مُجَدِّد لما يسمى محاربة الفقر، حيث ستقوم الدولة بتجميع شتات «محاربة الفقر» وترشيده وتعزيزه. وكذلك شأن سياسة التشغيل الرسمية، التي تحكم على ملايين المغاربة بالحرمان من أي أساس يمكن بناء حياة لائقة عليه، فلا شيء غير البطالة و شتى صنوف الهشاشة. وها هو ترقيع «الانعاش الوطني» يتخذ حلة جديدة، حيث عمدت الدولة إلى إعادة تسخين حسائها البارد في شكل برنامج «اوراش» (250 الف فرصة عمل توفر دخلا لمدة محددة في اوراش مؤقتة) الذي شرعت في تنفيذه، ساخرة من ملايين العاطلين/ات التواقين/ات إلى شغل قار.
أوضاع قاعدة المجتمع العريضة كارثية كشفتها الجائحة، وزادتها طابعا مأساويا حيث النساء ضحية أولى على جميع الاصعدة. فالأجور مجمدة و الاسعار في ارتفاع مطرد، والسلم المتحرك للأسعار و الاجور ألغي حتى على الورق منذ العام 2004 بصدور مدونة الشغل، وظروف العمل إجرامية بكل المقاييس.
هذا ضمن تدبير طبقي لجائحة كورونا، حيث يفتك المرض بالكادحين المكتظين في الأحياء الشعبية في شروط غير لائقة، و كذا في أماكن العمل ووسائل النقل، وانهيار منظومة صحية مهترئة أصلا. فيما الدولة تخصص الميزانيات لدعم الرأسماليين الكبار.
ليس نجاح الدولة البرجوازية في كل ما سلف ناتجا عن إحكامها قبضة القمع، مستغلة ظروف الجائحة، وحسب، بل نتيجة لحالة ميزان القوى، حيث توجد أدوات النضال، العمالية والشعبية، في وضعية عُسر.
إذ توَغلت القيادات النقابية في تعاون مع الدولة، اتخذ لدى بعضها طابعا صريحا غير مسبوق بمساندة حزب اخنوش، المدفوع من الدولة لتبوأ المكانة الاولى، وحتى بعد 100 يوم من وجود حكومته اعتبر موخاريق حصيلتها ايجابية. أما اليسار الاصلاحي المهيمن على قسم من الحركة النقابية فلا سياسة مستقلة لديه، يراوح نقده السطحي للأوضاع، ويساير عمليا السياسة الرسمية ، ولا ريب أن مآل ما سمي «جبهة اجتماعية» دال على هذه الحقيقة.
أما النضال الشعبي، ذو المطالب الاجتماعية أساسا، فقد انكفأ بدرجة غير مسبوقة منذ سحق حراك الريف-جرادة بقوة القمع دون أن يعني ذلك نفاذ طاقة الكفاح، الأمر الذي دلت عليه هبة الشباب المعطل والجامعي بعد قرار حرمانه من العمل بشرط العمر و الانتقاء، وكذا التململ المناهض للغلاء.
وهذا ما يؤشر إلى رجحان انبعاث نضالات شعبية قوية تفرض العمل لجعلها تتجاوز مكامن الضعف السابقة: عدم التقاء الروافد في حركة موحدة على صعيد البلد، وغياب اهداف عامة مشتركة، والافتقار إلى أشكال تنظيم للسير نحو بديل اجمالي لواقع القهر الطبقي القائم.
هذا الانبعاث القادم لكفاحية الشغيلة وسائر الفئات الشعبية يقتضي مد المناضلين والمناضلات بما يستدعيه الوضع من معدات لفهم الواقع والإسهام في تنوير قوى النضال وتنظيمها واستعادة ثقتها بالذات، والسير على طريق نضال عام، فهو الوحيد خلاصنا.
. هذا مبتغى هذه النشرة، وعسى ان تحققه.
موقع المناضل-ة
=====
++ أنظر/ي مقال الحماية الاجتماعية: أهي حصانُ طروادةَ النيوليبراليةِ الجديدُ؟

شارك المقالة

اقرأ أيضا