إجرام في حق أساتــذة ســد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية

بقلم: فودة إمام. نشر بالعدد 59 من جريدة المناضل-ة، مارس-أبريل 2015 

منذ تراجع حركــة العشرين من فبراير والدولة تقود هجوما منظما وشاملا على كــافة القطاعات العمومية والاجتماعية: الصحة و التعليم والضمان الاجتماعي وأنظمة التقاعد و صندوق المقاصة وغيرها.

ويأتي هـذا الهجوم المسنود بآلة إعلامية مضللة بخطط وطرق مختلفة للنيل من طفيف المكاسب. حيث تشن دولة البرجوازية قصفا على عموم طبقة الأجراء بترسانة قانونية تجرم العمل النقابي والحق في التنظيم والاحتجاج، كقانون الإضراب والاقتطاع من رواتب المضربين، بل بلغت حدة الهجوم درجــة التنصل كليا من شرائح اجتماعية تشتغل بالقطاع العام، كما هو الشأن مؤخرا في تصريح وزير التعليم بلمختار الذي قال في برلمان الإستبداد إن أساتذة سـد الخصاص والتربية غير النظامية ليسوا أســاتذة.

أساتذة سد الخصاص: استغلال وحكرة
لجأت وزارة التربية الوطنية ومن ورائها دولة الأغنياء لتغطية النقص المهول في الموارد البشرية بقطاع التعليم إلــى شريحة اجتماعية عريضة من حملة الشهادات العليا، هذا العجز هو في الأصل نتيجة سياسات نيوليبرالية مملاة من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في اطار ماسمي بالتقويم الهيكلي للعصف بالخدمات العمومية وعلى رأسها التعليم الشعبي لأبناء الكادحين، حيث استعانت الدولة بجيش من العاملين المؤهلين من حملة الشواهد، لسد الخصاص بالتعليم العمومي (ابتدائي واعدادي وثانوي تأهيلي) الغارق في التخلف بسبب حزمة المخططات التخريبية التي سميت اصلاحا بيداغوجيا آخرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
ظلت فئة أساتذة سد الخصاص طيلة سنوات اشتغالها عرضة للاستغلال المفرط والقائم على الهشاشة والقهر، حيث يعمل الأساتذة بشكل منتظم و عادي مثل بقية الأطر التربوية والادارية بالقطاع، تمارس فئة أساتذة سد الخصاص التدريس وفق البرامج التعليمية التي تضعها وزارة التربية الوطنية، يتوفرون على وثائق تثبت ﻣﺰﺍﻭﻟﺘﻬﻢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ، هي نفس وثائق الأساتذة الرسميين (تكليفات نيابية، محاضر ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻕ، المذكرة اليومية، الجدادات، سجل الغياب، التوزيع الشهري و السنوي و يخضعون للمراقبة والتفتيش الدوري الذي يخضع له الأساتذة الرسميون و يسهر عليه مفتشي الوزارة، ويتحملون مسؤولية تقييم التلميذ(ة) عبر المراقبة المستمرة و إجراء فروض و اختبارات، و منحه النقطة التي يستحقها خلال نهاية كل دورة في السنة الدراسية، ومسك النقط في منظومة مسار و ملزمون بالتقيد باستعمال الزمن الوطني ما يعادل 30 ساعة في الأسبوع ومنهم من شغل مناصب في تسيير الإدارة.
اكتسب ملف أساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية مشروعيته بكونه امتداد لفئات سابقة: (الخدمة المدنية، المتطوعون، المعلمين العرضيين…) فقد تختلف ﺍﻟﻤﺴﻤﻴﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻓﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ السابقة انكبت بجدية على تسوية وضعيتهم في سلك التعليم العمومي دون اجتياز المباريات المشبوهة باستتناء أفواج 2012 -2013- 2014 .

è-è
تمت تسوية وضعية أزيد من 4700 معلم عرضي التي تمت على التوالي سنوات 2001 و2002 و2005 و2007 ثم منشطي التربية غير النظامية ومكوني محاربة الأمية والأساتذة المتطوعين الذين اشتغلوا بهذه الصفة أكثر من 3 سنوات وبعد نضالات واحتجاجات تمثلت في اعتصام مفتوح استمر من 2004 إلى 2007!!!.. تُوِّج بإدماج الأغلبية سنتي 2007 ثم 2008 ليستمر الاحتجاج ويتم آخر إدماج سنة 2011 لفئة منشطي التربية غير النظامية فقد تم إدماج وتسوية وضعية 1222 منهم بناء على رسائل منها الرسالة الوزارية عدد 18/12 بتاريخ 20 يناير 2012 ورسالة الوزير الأول عدد 00747 بتاريخ 04 ابريل 2011، ثم رسالة وزارة تحديث القطاعات العامة رقم 002636 بتاريخ 22 ابريل 2011، ورسالة الوزير الأول عدد 957 بتاريخ 25 ابريل 2011.
مشكلة أساتذة سد الخصاص والتربية غير النظامية كما الملفات السابقة، ليست مشكلة عرضية أو تجليا لسوء التسيير والتدبير، بل إستراتيجية متعمدة تنهجها الدولة المغربية لتصريف هجومات المؤسسات المالية الدولية على الحق في التعليم وﺍﻟﻬﺎﺩﻓﺔ ﺇﻟﻰ خوصصة ما تبقى من المدرسة العمومية وضربا لمجانية الخدمات العمومية.
تستعين البرجوازية عادة بجيش عمل احتياطي متوفر في سوق الشغل بدون تكـاليف تثقل كاهل دولة الاستبداد (تكوين، تدريب…) ، يتعرض هذا الجيش الاحتياطي لأبشع صنوف الاستغلال والقهر، وتجدر الاشارة إلى أن أســاتذة سد الخصاص يشتغلون في وضع يتسم بالهشاشة وعدم الاستقرار حيث يعملون بأجر لا يصل إلى الحد الأدنى للأجور (ما بين 1800 درهم و 2000 درهم) تدفع بشكل غير منتظم و لا تدفع في بعض الأحيان الا في آخر السنة الدراسية أو بداية الموسم الدراسي الموالي ويشتغلون دون تغطية صحية ودون ضمان اجتماعي.
هذا بالاضافة الى ظروف ووسط الاشتغال حيث عمل القسم الأكبر من أساتذة سد الخصاص لمدة سنوات في مناطق نائية ( جبال، قرى مقطوعة الأوصال …).
أمام هذا الوضع خاض أساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية معارك نضالية موحدة في الزمان ومتفرقة في المكان في اطار شبكة تنسيقيات للمطالبة بتسوية ملفهم المطلبي وذلك بادماجهم في قطاع التعليم وتسوية وضعهم المالي و القانوني،. قوبلت هذه المطالب بقمع همجي للدولة في مجموعة من المناطق. و تجدر الاشارة إلى أن فروع التنسيقية الوطنية لأساتذة سد الخصاص ومنشطي التربية غير النظامية بعدد من المدن (زاكورة، ورزازات، تنغير، طاطا، الشمال، اكادير، مراكش…) يخوضون إعتصامات مفتوحة أمام النيابات والأكاديميات، وبعد التصريح المستفز للوزير قرر الأساتذة التحضير لمعركة نضالية وطنية بالرباط في الأيام القريبة والتي ستكون بمثابة رد على الوزارة والحكومة من أجل الاستجابة لحقهم المشروع في تسوية وضعيتهم القانونية والمالية.
لم يكن من المفاجئ أن تتنصل الدولة من وعودها والتزاماتها، فقضية معطلي محضر 20 يوليوز لازالت لم تعرف تسوية مع البرجوازيــة الحاكمة التي لن تتنازل قيد أنملة عـن أبسط الحقوق دون معارك نضالية ضارية موحدة وممركزة يخوضها ضحايا الاستغلال.
لم يكن ليجرؤ الوزير على التنصل من أساتذة سد الخصاص لولا خيانة البيروقراطية النقابية لمصالح الغالبية من المستغلين حيث لم تساند النقابات معارك أساتذة سد الخصاص سواء بالاعلان عن الاضراب الموحد لنصرة أبناء الكادحين أوللتضامن معهم في معركتهم الطبقية، فواجب كل الديمقراطيين الدفاع بشكل لاهوادة فيه عن مطالب هذه الفئة الاجتماعية ونصرة قضيتها عن طريق:
– الدعم الاعلامي لقضيتها والتشهير بالعنف الممارس تجاه الأستاتذة
– المواكبة الاعلامية لنضالاتها بتقارير مفصلة حول مستجدات الوضع
– دعوة عموم طبقة الأجراء لمساندة أبناء طبقتهم في معاركهم ضد الدولة.
– الدعوة إلى بناء جبهة موحدة تضم ضحايا الاستغلال والحكرة للدفاع عن حقوقهم الاجتماعية وقوتهم اليومي .
– نشر أدب كفاحي وثق نضالات أفواج من الأجراء خاضوا معارك ضد البرجوازية للإستفادة من دروس الهزائم والانتصارات.

شارك المقالة

اقرأ أيضا