إلى فاتح مايو النضال، لا للتلاعب بمصير الشغيلة

سياسة29 أبريل، 2015

على نحو مباغث، في آخر اللحظات قبل فاتح مايو، وبدون إتاحة فرصة نقاش، قررت القيادات العليا للنقابات الثلاث الكبرى – ك.د.ش و ف.د.ش و إ.م .ش- ما سمته “مقاطعة تظاهرة فاتح مايو 2015″، بمبرر عدم استجابة الحكومة لدعوات “الحوار”. مضيفة جعل مايو شهر احتجاج، محملة الحكومة مسؤولية تردي أوضاع العمال وما أسمته “تهديد السلم الاجتماعي”.

هذا، ويأتي فاتح مايو 2015 في سياق هجوم متواصل للدولة المغربية على مكاسب الطبقة العاملة التاريخية، على جبهات عدة: تجميد الأجور واستفحال الهشاشة، وقمع الحريات النقابية والاقتطاع من أجور المضربين، والتحضير لتعديات أخطر، منها إصلاح مضاد لقانون الوظيفة العمومية، ومشاريع تقييد الإضراب قانونيا وتجريمه جنائيا، ونسف ما تبقي من المدرسة العمومية، ناهيك عن ضرب القدرة الشرائية للأجراء، وإنهاء وجود صندوق المقاصة(صندوق دعم المواد الأساسية).

بعد إضراب وطني يوم 29 أكتوبر 2014 دعت إليه القيادات النقابية، وحرصت على إفراغه من طابعه الطبقي الكفاحي، وبعد تهديدها لفظيا باستئناف النضال لإرغام الحكومة علي تلبية مطالب الشغيلة، تجاهلت الدولة تماما توسلات القيادة النقابية، وتهديداتها الجوفاء، وأقبرت آمالها بنيل تنازلات شكلية، بل حتى مجرد وعود، قبل فاتح مايو، تتيح لها تدبيج خطابات النصر الكاذبة، ورفع الحرج أمام قواعدها.

طبعا، لم تأبه حكومة الواجهة لاستجداء البيروقراطيات، إذ هي نفسها مصرة على الوفاء بالتزاماتها للمؤسسات المالية الدولية، وخاضعة لرقابتها، والأهم أنها ليست إزاء مواجهة قوة حقيقية تجبرها على الانصياع والتنازل.

ألغت القيادات النقابية تظاهرات فاتح مايو بمزايدة لفظية بجعل مايو كله شهر إحتجاج. يا لها من مزايدة فارغة يكذبها الموقف من نضالات العمال الجارية، مثل 700 عاملة بمصبرات ضحى، المضربات منذ شهر ونصف في عزلة تامة دفاعا عن الحق النقابي، وكفاح فوفسفاطيي خريبكة منذ سنوات ضد هشاشة التشغيل، وإضراب جبل عوام شهر غشت 2014 بكامله، و الأمثلة أكثر من أن تعد . ولو كان لدى القيادات إرادة لمواصلة النضال لإجبار الحكومة والحكام الحقيقيين، لأطلقت مسلسل نضال طيلة شهور عديدة بعد الإضراب الوطني الأخير، ولكان فاتح مايو تتويجا لذاك المسلسل.

لن يبلع العمال والعاملات المكافحون الأكاذيب، ولن تنطلي عليهم مزاعم البيروقراطيات. إنهم مدركون أن إلغاء تظاهرات فاتح مايو قرار خياني يضر في المقام الأول بالطبقة العاملة، ويضر بالنضال العمالي القادر وحده على إرساء تلاق نضالي للقسم المنظم من الأجراء والأجيرات الذين قسمتهم الرأسمالية، وأدامت تشتتهم البيروقراطية التي وضعت حواجز بين قطاعات النقابة الواحدة، وبين المركزيات، وقضت بذلك على واحدة من مبادئ التضامن الطبقي الأساسية.

ليس لدى القيادات النقابية أية نية نضال حقيقية. تريد مناوشة حكومة الواجهة فقط، لا خلق ميزان قوى حقيقي يجبر الحكومة الفعلية والرأسماليين على التنازل. هذه القيادات كل همها هو الانتخابات المهنية. إنها مستعدة لكل شيء لتحقيق أعلى النتائج، لأن تلك الانتخابات تحدد حصتها من المنافع المجزية داخل مجالس الاستبداد، والمنظمات العمالية الدولية، ومن المبالغ التي ستضخها الدولة في صناديق القيادات، وأعداد المتفرغين باسم النضال للاهتمام بشؤونهم الخاصة.

إن حالة التردي النقابي هذه تتطلب من التوجهات النقابية الديمقراطية، والمجالس المحلية، والتنسيقيات النقابية الإقليمية، ومن كل المناضلين الكفاحيين والمنظمات الشعبية، كشف حقيقة قرار القيادات النقابية، والإعلان عن التشبث بالتظاهر والاحتجاج يوم فاتح مايو 2015 من أجل مطالب الشغيلة:

الى النضال

  • رفع الحد الأدنى للأجور إلى 4000 درهم ، وتوحيده بمختلف القطاعات
  • تطبيق السلم المتحرك للأجور
  • إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، وما شابهه بمدونة الشغل، وسحب مشروعي قانوني الإضراب و النقابات
  • إلغاء المقاولات من الباطن، وإدماج عمالها وترسيمهم
  • رفض مشاريع الهجوم على أنظمة التقاعد، وصون المكاسب وتحسينها، وفرض إجبارية تسجيل العمال بالضمان الاجتماعي
  • وقف الإجهاز على ما تبقي من صندوق دعم المواد الاستهلاكية، وإعادة الدعم لتلك المواد التي رفع عنها.
  • وقف خصخصة خدمات الصحة العمومية والمدرسة العمومية وخدمات الماء والكهرباء وإلغاء المخططات الجاري تحضيرها لتلك الغاية
  • افتحاص الديون العمومية والجهات المستفيدة من شفط ثروة الشعب، سواء الرأسماليين الأجانب أو المحليين.

ليست الطبقة العاملة عاجزة عن إرغام حكومة الواجهة على مفاوضات حقيقة، بل هي قادرة على جعل الحكام الحقيقيين والرأسماليين يقدمون تنازلات جوهرية لا تخطر على بال القيادات البيروقراطية المفلسة، وهذا ما دلت عليه تنازلات 2011 بفضل ميزان قوي فعلي ملائم.

ما أقدمت عليه بيروقراطية النقابات العمالية إعلان هزيمة دون معركة، وهو بالغ الضرر على نضال الحركة العمالية المغربية ومصالح طبقة العمال والعاملات، لذا يمثل الإصرار على الاحتجاج يوم فاتح مايو 2015 تأكيدا على أن العمال المتقدمين ليسوا قطيعا يساق وفق مصالح قمم قيادية منفصلة عن هموم القاعدة النقابية.

جميعا إلى فاتح مايو الأممي للاحتجاج على استئساد رأس المال وحكومته

النصر لنضال العمال الطبقي، يحيا فاتح مايو الأممي محطة للاحتجاج والنضال.

تيار المناضل-ة

29 أبريل 2015

شارك المقالة

اقرأ أيضا