المواطنة من الدرجة الثانية لفلسطينيي 48

مقابلة مع   إيلان بابيه   Ilan Pappé

تُرتكب في الوقت الراهن فظائع إبادة مروعة ضد الفلسطينيين في غزة. لكن المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه يشرح أن فلسطينيي 48 يوجدون هم أيضاً في ”دولة فصل عنصري“ داخل إسرائيل.

تربط فلسطينيي 48 علاقة معقدة بالدولة التي يعيشون فيها. فهم مواطنون في هذا البلد منذ أكثر من ستين عامًا، لكن بمواطنة غير كاملة، كما يشير المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه في كتابه The Forgotten Palestinians (الفلسطينيون المنسيون). فهم يعيشون في وضع هش بين الإسرائيليين اليهود وفلسطيني الأراضي المحتلة. لكن تجاربهم نادرًا ما تكون مركز الاهتمام.

في مقابلة مع مجلة جاكوبين، يتحدث بابيه عن هذا الدور الخاص. يناقش تاريخ الفلسطينيين و ما يعانون من تمييز داخل الأراضي الإسرائيلية، الذي تغير منذ نشر الكتاب لأول مرة في عام 2011 — ولماذا يمكن لفلسطينيي 48 أن يؤدوا دوراً مركزياً في جهود السلام.

ماغدالينا بيرغر    Magdalena Berger

 

  • توجد بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن أساسًا ثلاث مجموعات من الفلسطينيين: أولئك الذين يعيشون في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأولئك الذين يعيشون في القدس الشرقية، ومن هم مواطنو إسرائيل. هل يمكنك وصف كيف تختلف حالة الفلسطينيين في إسرائيل بشكل كبير عن الآخرين، ولماذا هم ”منسيون“، كما يوحي عنوان كتابك؟

  • الفلسطينيون الذين يعيشون في إسرائيل هم الفلسطينيون الذين لم يُطردوا إبان النكبة، عام 1948. تاريخهم مختلف تمامًا عن تاريخ المجموعات الفلسطينية الأخرى، لأنهم كانوا جزءًا من الدولة اليهودية منذ البداية. أما الفلسطينيون الآخرون، فكانوا إما لاجئين داخل فلسطين التاريخية أو خارجها؛ وأصبحوا تحت الحكم المصري في قطاع غزة أو الحكم الأردني في الضفة الغربية عام 1967. إبان تلك الحقبة ذاتها، بين العامين 1948 و1967، خضع فلسطينيو في إسرائيل للحكم العسكري.
  • مثل الضفة الغربية اليوم؟

 

  • نعم، يعرف معظم الناس اليوم الحكم العسكري السائد في الضفة الغربية وقطاع غزة. إنه نفس الحكم العسكري القائم على نفس القوانين الاستعمارية البريطانية التي تمنح الجيش حرية مطلقة في تنظيم حياة السكان المحتلين. يمكن للجيش أن يسجن أشخاصا بلا محاكمة، ويمكنه تدمير منازلهم، وبالطبع، في بعض الحالات، طردهم أو إطلاق النار عليهم. كان هذا واقع الفلسطينيين في إسرائيل حتى العام 1966.

بينما تم إخضاع فلسطينيي غزة والضفة الغربية للحكم الإسرائيلي بعد العام 1967، تحسنت أوضاع الفلسطينيين في إسرائيل خلال هذه الفترة. أصبحوا مواطنين. لا أقول مواطنين كاملين، لكنهم على الأقل لم يعودوا مُخضَعين للحكم العسكري.

لكنهم عانوا من صنوف عزل وميز مخفية أكثر. بيد أن معظم هذا الميز لم يكن قانونياً بعد. قبل العام 2000، حاول معظم السياسيين الإسرائيليين، على الأقل نظرياً، عدم الدفع باتجاه تشريعات تميز ضد اشخاص لكونهم عربا وليسوا يهوداً.

  • في السنوات الخمس والعشرين الماضية، تحرك النظام السياسي الإسرائيلي بنحو كبير نحو اليمين. أعتقد أن هذا أثر بشكل كبير على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.

  • نعم. في العام 2000، بدأت النخبة السياسية الإسرائيلية في سن قوانين ضد الفلسطينيين في إسرائيل. فجأة أصبحت جميع الممارسات غير الرسمية ضدهم قانونية. على سبيل المثال، كان الفلسطينيون دائماً يتمتعون بحق محدود للغاية في امتلاك الأراضي – لم يكن بإمكانهم توسيع مناطقهم – ولكن الآن أصبح ذلك غير قانوني أيضاً. كما حظر عليهم الكلان عن النكبة.

وأفضى هذا إلى قانون الجنسية للعام 2018، الذي نص رسمياً على أن الفلسطينيين يمكن أن يكونوا مواطنين أفراداً في إسرائيل، لكن لا يمكنهم أن يكونوا جزءاً من جماعة قومية. وهذا لا يقتصر على أراضي العام 1948 – من النهر إلى البحر، هناك أمة واحدة فقط، بحسب القانون، وهي الأمة اليهودية. لا توجد أمة أخرى هناك.

الميز ضد الفلسطينيين في إسرائيل ليس مأساويا بنفس القدر الذي في الضفة الغربية، ناهيك عما يحدث في غزة. لكنهم  مواطنون من الدرجة الثانية قياسا بالمواطنين اليهود، وحتى من الدرجة الثالثة. وحتى قبل تغييرات القانون في مطلع سنوات 2000، كما أوردت في الكتاب، كانوا يعيشون في دولة شبه فصل عنصري — وحتى فصل عنصري كامل بحسب البعض. كان الفلسطينيون دوما ضحايا ميز بسبب هويتهم وليس بسبب أفعالهم.

  • تصف مدى قلة التفاعلات الحقيقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. في مرحلة ما، تقول إن عدد الزيجات بين المجموعتين قليل جدًا لدرجة أنه لا يمكن حتى دراسة هذه الظاهرة.

  • نعم، نحن دائماً نمزح حول هذا الموضوع. قال أحد علماء الاجتماع في حيفا إنه لا حاجة لعينة، لأنه يعرفهم جميعاً. الصهيونية هي حركة استعمارية استعمرت فلسطين على مدى 120 عاماً. لكنها واحدة من الحركات الاستعمارية القليلة التي لم تتعلم لغة الشعب المستعمر ولم تختلط به أبداً.

حتى في جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري، كانت العلاقات بين البيض والأفارقة أكثر من العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في فلسطين. لكن هذه طبيعة الصهيونية ذاتها: إنها  ايديولوجية تفوق  اليهود وحصريتهم ، وبالتالي فإن الضغط على الأزواج المختلطين هائل. ينتهي الأمر بمعظمهم أنفسهم إلى مغادرة البلد.

 يتبع

شارك المقالة

اقرأ أيضا