قمة المناخ كوب 30:ترسيخ أزمة سياسة المناخ

البيئة1 ديسمبر، 2025

بقلم براين أشلي  Brian Ashley

بينما تهدأ جلبة مؤتمر المناخ كوب 30 في بيليم، بات مستحيلا تجاهل حجم الفشل. العالم متجه صوب احترار كارثي، والنُظم البيئية تنهار، وملايين البشر في بلدان الجنوب مهددون بالفناء، ليس في مستقبل بعيد، بل اليوم. وصلت النخب السياسية والاقتصادية العالمية إلى الأمازون للتفاوض عندما كان هدف 1.5 درجة مئوية قد أصبح بعيد المنال، وغادروا ومعهم بالكاد إيماءات رمزية. لا تقليص ملزم للانبعاثات، ولا خطة جادة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ولا تمويل مناخي ذو مغزى من أجل التكيف، ولا تحديد للمسؤولية عن الدمار الحاصل.

لم يسبق للفجوة، بين السياسة المناخية الدولية الرسمية وواقع عالم متزايد السخونة، أن بلغت هذا الحجم اتساعا، وأصبحت في بيليم هاوية.

يتجه العالم نحو ارتفاع درجة الحرارة بنحو 2.8 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. هذا السيناريو لا يتوافق مع كرامة الإنسان — بل ولا يتوافق، بالنسبة لكثيرين، مع الحياة نفسها. ارتفاع منسوب مياه البحار، والحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات، كلها عوامل تقوض الأمن الغذائي، وتشرد الجماعات السكانية، وتدفع التفاوت إلى مستويات تاريخية.  وترتفع التكاليف الاقتصادية للكوارث المناخية بنحو صاروخي، لكن التكاليف الاجتماعية والبشرية لا حصر لها: أرواح تزهق، وسبل عيش تتدمر، ونظم بيئية تتضرر بنحو غير قابل للتدارك.

تتفاقم هذه الأزمات في عالم يشكله التقشف النيوليبرالي والاعتماد على الديون. تضطر البلدان التي تكافح الصدمات المناخية إلى خفض الإنفاق الاجتماعي وخصخصة الممتلكات العامة والتنازل عن سيادتها للدائنين. وتواصل الحكومات ضخ المليارات في الجيوش ودعم الوقود الأحفوري وإثراء النخب المؤسسية. ويعمل الاقتصاد السياسي الحالي على تسريع الاحترار والحرب.

تناقص وجاهة الكوب

لم يقترح مؤتمر كوب 30 أي آليات تطبيق، ولا مواعيد نهائية محددة، ولا مسارات واضحة لإبقاء ارتفاع درجة الحرارة أقل من 1.5 درجة مئوية. كما لم ينص على تخلص تدريجي من الوقود الأحفوري؛ فقد عرقلت الدول المنتجة للنفط أي لغة مُلزمة، وركز الاتفاق النهائي عوضا عن ذلك على خرائط طريق طوعية. ما اقترح المؤتمر هو مساحة موسعة للشركات، وتجار الكربون، ومصالح المستثمرين في المناجم الذين يسعون إلى إضفاء صبغة خضراء على مشاريعهم الاستخراجية.

ما يصدم المجتمع – ولا استعداد للاعتراف به سوى لدى عدد قليل جدًا من العلماء – هو أن نظام أزمة المناخ غير قابل للفصل عن منطق الرأسمالية. ما يسمى”الانتقالات الخضراء“ تفتح ببساطة مجالات جديدة للربح بينما تظل راسخة في نفس نظام التراكم العالمي. قد تكون الطاقة المتجددة في توسع، لكنها لا تحل محل الوقود الأحفوري؛ إنها تضيف إلى توسع الطاقة بدلاً من حفز انتقال حقيقي ليس إلا.

أصبحت قمم المناخ ”صمام أمان“ لرأس المال. فهي توهم بوجود فعل، بينما تتيح استمرار علاقات الاستغلال الأساسية. فيما يخص الشغيلة والجماعات التي تعاني بالفعل من انهيار المناخ، لا جدال في أن مؤتمر المناخ قد خذلهم.

سرقة الانتقال العادل

اعتمد مؤتمر كوب 30 آلية عمل بيليم من أجل انتقال عالمي عادل— وهو ترتيب مؤسسي جديد مقترح في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) مصمم لمعالجة التشظي الحالي وعدم كفاية جهود الانتقال العادل العالمية. يجب ألا يكون لدى النقابيين والعمال أي أوهام بشأن هذه الآلية. إذ أنها مفتقرة إلى موارد مالية أو خطط ملموسة لحماية الشغيلة وجماعات السكان المتضررة من مبادرات الطاقة وغيرها من مبادرات إزالة الكربون. لا توجد موارد لإعادة التصنيع بما يتوافق مع حماية الطبيعة. لذا، سيتم ببساطة التخلي عن الشغيلة والقطاعات الضعيفة الأخرى. ليست تصريحات كوب 30 وسياساته سوى كلام مطلق على عواهنه. لكن الواقع أقسى.

لماذا الحركات الجماهيرية مهمة — ولماذا ليست المؤسسات كذلك

إذن لم يتمكن مؤتمر كوب 30 من إرساء آليات لإزالة الكربون أو الحماية الاجتماعية، لذا يجب تعليق الأمل على الحركات الشعبية: الشغيلة والفلاحون والسكان الأصليون والنساء والشباب وفقراء المدن. خارج نطاق حركة جماهيرية عالمية راسخة في الواقع الوطني، لن تتخذ الخطوات اللازمة لمواجهة أزمة المناخ. والحال أنه لا يمكن بناء هكذا حركة إذا لم تستجب لتلبية الحاجات الآنية للطبقات الشعبية والفقيرة. لذلك يجب أن تبدأ المعركة من أجل حماية المناخ والعدالة البيئية بالمعركة من أجل الحياة ذاتها — من أجل مياه صالحة للشرب وسكن اائق وفرص عمل وغذاء وأمان بوجه العوامل الطبيعية.

يستغل منكرو تغير المناخ من اليمينيين يأس الفقراء لزرع الشقاق بين المواطنين العاديين والفعل المناخي. إنهم يصورون حماية البيئة على أنها تهديد لسبل العيش بدلاً من كونها طريقاً للبقاء. يجب على حركتنا ، لكي نكسب الأغلبية، أن تربط الانتقال البيئي بالعدالة الاجتماعية. يجب أن نطالب بإعادة توزيع الثروة والسلطة بعيداً عن طبقة المليارديرات وشركات التكنولوجيا الكبرى والنخب الحاكمة التي تنهب الكوكب من أجل الربح.

براين أشلي عضو في Zabalaza for Socialism  و في هيئة التحرير لـ Amandla!

المصدر: https://links.org.au/cop-30-entrenching-crisis-climate-politics

شارك المقالة

اقرأ أيضا