طنجة: محاربة التنظيم النقابي للعمال والعاملات: وسيلة الطبقة البورجوازية لإخضاع الأجراء لشروط استغلال قاسية

 

 

تقديم

عندما تكون الشركات تحقق الأرباح الطائلة  ويكون أرباب العمل يتمتعون بدخل مرتفع لا يستفيد  الأجراء إلا نادرا من بعض المكاسب وبعد نضال مرير. لكن كلما اندلعت أزمة اقتصادية سواء كانت تشمل بعض القطاعات الاقتصادية أو بعض الوحدات الانتاجية أو اقتصاد البلد برمته ومهما كانت حدتها، يسعى أرباب العمل إلى تحميل نتائجها للشغيلة ويعملون على استمرار جني معدلات أرباح مرتفعة من خلال:

  • تكثيف الاستغلال عبر رفع وتيرة العمل وفرض الساعات الاضافية لتصل إلى 12 ساعة في اليوم
  • خفض الأجور والمنح
  • تشغيل الأجراء أيام العطل وخاصة يوم الراحة الأسبوعية
  • التهرب من أداء واجب الانخراط في الصناديق الاجتماعية
  • الطرد من العمل بعد افتعال أزمات ومشاكل للعمال
  • تشغيل الأجراء بعقد عن طريق شركات الوساطة…
  • الاستفادة من عمل مجاني من خلال التداريب الطويلة التي تفرض على الاجراء
  • تخفيض الميزانية المخصصة لتوفير شروط الصحة والسلامة
  • التهرب الضريبي

شركة “ميد بابير”  MED PAPER:  فساد واحتيال  ونصب على حقوق ومكاسب العمال: رفاهية الباطرونا وبذخها من بؤس الأجراء

يوجد المقر الاجتماعي  لشركة ميد بابر بمدينة طنجة وكذا مصنعها لإنتاج مختلف أنواع الورق، بالإضافة لمركزين بكل من الدار البيضاء وفاس مخصصان للبيع، وقد تم تكوينها بعد اندماج  كل من سافري باك  SAFRIPAC وبابيليرا تطوان  PAPELERA DE TETUAN في سنة 2008.

تشغل الشركة في المجموع 300 مستخدم (الموقع الالكتروني للشركة  بتاريخ 15 شتنبر 2015)، فيما يقول المكتب النقابي أن عدد العمال 240 عامل وعاملة حسب لوائح انتخابات مناديب الأجراء الأخيرة، منهم 180 بمدينة طنجة (حسب المكتب النقابي).

عند إنشاء شركة “ميد بابر” سنة 2008 كانت نسبة 61 في المئة من أسهمها مملوكة لعائلة الصفريوي (حسب جريدة ليكونوميست عدد 3373 بتاريخ 30 شتنبر 2010 ) و 24 في المئة لسوللوز المغرب و 10 في المئة لصندوق الايداع والتدبير تنمية، والباقي لمساهمين صغار. الشركة لم تحقق أي نتائج إيجابية منذ سنة 2008 حسب ما ورد في الصحافة (…..) وشهد سعر سهمها انخفاضا متواليا نتيجة سياسة إدارتها فقد مر من 133 درهم في 2009 إلى 20 درهم في 2015 إن لم يكن أقل. لكن الغريب في الأمر هو أن المدير الصفريوي قام بالتحايل على قوانين البورصة فقد باع نسبة مهمة من أسهم العائلة حيث انتقلت حصتها من الأسهم من 58 في المئة إلى 27,35 في المئة في منتصف مارس 2015 [حسب جريدة ليكونوميست] دون أن يسلك المساطر المنظمة لهذه العملية  داخل البورصة (الأمر الذي عبر عنه مجلس القيم   المنقولة (CDVM) في بلاغ  منشور على موقعه الالكتروني بتاريخ 13 مارس 2015). هذا ما اعتبره صغار المساهمين بمثابة تحايل هدفه إنقاذ مصالح العائلة مقابلة إغراق الآخرين. وتعتبر مغادرة محسن الصفريوي لإدارة الشركة مسألة واردة، لأن المساهم الأغلبي أصبح هو صندوق الايداع و التدبير (CDG Développement).

بالإضافة إلى ذلك يعزوا النقابيون الوضع الذي وصلته الشركة لسوء التسيير وبيع المنتج خارج الضوابط القانونية  ودون تحصيل ضريبة القيمة المضافة وإلى وجود شبهة الاختلاسات.

المكتب النقابي لماذا؟

جاء تأسيس المكتب النقابي بعد أن استمرت الشركة لوقت طويل في ضرب بعض المكاسب البسيطة التي كان يتمتع بها العمال، من قبيل التقاعد التكميلي  الذي توقفت عملية المساهمة في صندوقه منذ 2012 علما أن الشركة ما زالت مستمرة في اقتطاع نسبة 3 في المئة من أجور العمال زيادة على أنها كانت ملزمة بدفع نفس النسبة من جانبها.  وصندوق الدعم والتآزر الذي لا يقدم عنه أي تقرير مالي منذ سبع سنوات علما أن ماليته يتم تحصيلها من مساهمة شهرية للعمال قيمتها 20 درهم لكل عامل ومثلها تقدمها الشركة، والذي لم تستخدم ماليته في المنح والقروض البسيطة للعمال لمواجهة المتطلبات العاجلة من قبيل حالات وفاة الأقارب او الولادة…).

تجدر الاشارة إلى أنه قد تم تأسيس المكتب النقابي الأول في 18 نونبر 2014  لكن تراجع العمال وحلوا هذا المكتب بعد أن قدم الرئيس المدير العام الصفريوي مساومة للمكتب تتضمن الاستجابة لتحسين شروط العمل والسلامة من قبيل: تنقية الهواء داخل المصنع وتوفير أدوات الحماية من الغازات والروائح الكريهة الناتجة عن الاشتغال بعجينة الورق والأصباغ واللصاق، وكذا الحد من الضجيج الذي ينهك حاسة السمع وإيجاد حل للدخان الذي يتسرب داخل المعمل ويخنق أنفاس العمال والعاملات… والزيادة في الأجور. لكن بمجرد ما أن تم حل المكتب، تراجع المدير عن كافة وعوده وشرع في حملة ترغيب وترهيب اتجاه النقابيين، تهديد بالطرد للبعض وزيادة أجور لنقابيين.

لقد كان حل المكتب خطأ مكن الشركة من المناورة بسهولة. إن الدرس المهم هو أن الشركة تحارب العمل النقابي لأنه هو السلاح الوحيد الذي في يد العمال للدفاع عن انفسهم. والدرس الثاني هو لا ثقة في المشغل أبدا.

جاء تأسيس المكتب النقابي الأخير بعد مرور الانتخابات المهنية وانتخاب بعض من مناديب الأجراء لهم غيرة على مصالح العمال، علما أن الادارة حاولت جاهدة التلاعب بالنتائج من خلال وضع موالين لها من الطاقم الاداري بين المرشحين على لوائح العمال. وقد نجحت في تمرير ثلاث مناديب يأتمرون بأمرها. مباشرة بعد الانتخابات المهنية تم طرح  ملف التقاعد التكميلي وصندوق الدعم والتآزر مع الادارة. هذه الأخيرة لم يرقها الأمر فبدأت في استفزاز مندوبي الأجراء. في شهر يوليوز 2015 سيقرر العمال خوض احتجاج عبر حمل الشارة دون توقيف الانتاج احتجاجا على سد باب الحوار واستفزاز مناديب العمال. بعد ذلك استجابت الادارة  للحوار بحضور الرئيس المدير العام للشركة، تم بعدها وقف حمل الشارة مقابل تعهد الادارة بتسوية مستحقات التقاعد التكميلي المتراكمة على دفعات تقدر ب 300 ألف درهم في الشهر.

لكن العمال سيكتشفون مناورات الادارة وسعيها لتفتيت وحدة العاملات والعمال، هذا ما دفعهم إلى تأسيس مكتب نقابي يوم 20 غشت  تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل. مباشرة بعدها تم طرد الكاتب العام يوم 22 غشت 2015،  ليليها استكمال طرد جميع العمال الذين حضروا الجمع العام التأسيسي للمكتب النقابي (بحضور عون قضائي).

كان رد الفعل الطبيعي هو الاحتجاج على هذا التسلط والطرد التعسفي حيث تم الاعتصام أمام المصنع وأمام الإدارة ظهيرة يوم 23 غشت، وبعد تدخل السلطات المحلية المعنية ليلة السبت/ الأحد على الساعة الثالثة صباحا وتقديمها وعودا بعقد جلسة حوار يوم الاثنين 24 غشت صباحا، بعد التزام مدير الشركة بحل المشكل امام المعتصمين. لكن مناورة وخداع مدير الشركة سينكشفا صباح الاثنين حيث سيمنع العمال غير المطرودين من الالتحاق بالعمل بدعوى أن هناك حوار مع المكتب النقابي.

 خلال جلسة الحوار التي جمعت الباشا ومفتش الشغل وستة عمال من المكتب النقابي وممثلين عن الاتحاد المحلي للاتحاد المغربي للشغل،  اللذين انسحبا بعد اعتراض مدير الشركة الصفريوي  على حضورهما بدعوى أنه لم يتسلم أي إخبار بتأسيس المكتب النقابي من الاتحاد المحلي، هكذا تنصل الرئيس المدير العام من كل وعوده التي قطعها في الصباح الباكر. تستعمل الشركة بمباركة السلطة المناورة لإطالة مدة اعتصام العمال ودفعهم للاستسلام هذا ما تؤكده التجارب السابقة. دون تحرك كل قطاعات الاتحاد المحلي لن تسمع السلطة والمشغل مديح فضائل الحوار. فالمسؤولون كبيرهم وصغيرهم يعرف معانة الأجراء وظروف عملهم وعيشهم القاسية ويستفيد منها.

مناورة المشغل ذهبت بعيدا حيث أعلن عن طرد 70عامل وعاملة وزعم أن العمال اتلفوا سلع وكسروا آلات للشركة في محاولة يائسة لتحريف مجريات الصراع مع المكتب النقابي. بل وصلت به الوقاحة حد رفع دعوة قضائية ضد العديد من العمال والعاملات. علما أن منهم من كان غائبا برخصة أو في عطلة رسمية. هذا ما يكشف خداع وكذب الادارة ومحاولة تجريم العمل النقابي والزج بالنقابيين في السجن.

هذا الطرد لقي استنكار أغلبية الأجراء ، هكذا انطلق اعتصام أمام باب الشركة من جديد عشية نفس اليوم وقد وصل عدد المشاركين في الاضراب 130 عامل وعاملة، وقد شهدت المعركة دعم العديد من المناضلين النقابيين من خلال الزيارة وإصدار بيانات الاحتجاج (المكتب النقابي لأمانور الذي استهدف أحد أعضاء مكتبه النقابي بالطرد وفرض إرجاعه بعدة وقفة نضالية حازمة، والمكتب النقابي للطرق السيارة…)، كما قام العمال بالعديد من الوقفات الاحتجاجية أمام مقر الولاية (26 غشت و 8-9 -15 سبتمبر). إن مطالب العمال بسيطة وعادلة ويمكن إجمال الملف المطلبي للمطرودين في الوقت الحاضر في:

  • عودة المطرودين دون قيد أو شرط
  • حرية العمل النقابي داخل الشركة
  • حل مشكل عدم أداء المساهمات لفائدة صندوق التقاعد التكميلي (الصندوق المهني المغربي للتقاعد) CIMR –
  • حل مشكل صندوق الدعم والتآزر وتقديم التقرير المالي الخاص به وتمكين العاملات والعمال من الاستفادة منه
  • تطبق شروط الصحة والسلامة داخل المصنع وخلال كل مراحل الانتاج
  • نشر القانون الداخلي للشركة بالسبورة الادارية.

ما راكمه السيد المدير من مزايا مالية، مقابله عبث بصحة الأجراء وسلامتهم

حسب ما أورد النقابيون، هناك أجراء يشتغلون على جهاز يتعرضون خلال عملهم عليه للأشعة السينية، حيث تقتضي شروط السلامة وحماية صحتهم حملهم لجهاز يقيس كمية الاشعاع الذي يتعرضون له خلال سنة. الجهاز من المفترض أن يتم إرساله إلى المركز الوطني للأبحاث النووية بالمعمورة للتحليل للتأكد من عدم تجاوز العتبة المسموح بها والتي إذا تم تجاوزها هناك إصابة مؤكدة بداء السرطان. لكن المثير للدهشة والاستنكار هو أنه لم يتم استعمال هذا الجهاز (dosimètre) الخاص بمراقبة نسبة الأشعة منذ سنة 2008.

بالإضافة إلى ذلك يتعرض العمال للأخطار الناتجة عن المواد الكيماوية المتعددة والخطيرة التي تستعمل في صناعة الورق، زيادة على تأثير الحرارة المنبعثة من الآلات ومن تأثير الغبار والأدخنة وتسربات البخار والغاز. هذا ما يتطلب توفير معيار السلامة والأمان في البنيات والتجهيزات وحسن صيانتها. كما يتطلب أيضا توفير ادوات الحماية من قبيل القفازات المضادة للمواد الكيماوية حسب خطورة كل واحد منها وقفازات مضادة للحرارة والقطع وتوفير الأقنعة المضادة للغبار والغازات التي توجد في هواء المعمل. زيادة على تهوية مكان العمل بشكل جيد. إن المواد المستعملة في صناعة الورق تسبب امراض مهنية عديدة (السرطان والحساسية…) وخطورتها معروفة عند المشغلين وسلطات المراقبة، لهذا يعتبر عدم توفيرها بمثابة الشروع في القتل البطيء بالنسبة للأجراء.

 صحة الأجراء ليست رخيصة إلى هذا الحد، وهي أغلى من أرباح الرأسماليين، ولا سبيل لحمايتها سوى بتنظيم عمالي نقابي واعي وقوي.

من أجل توسيع التضامن:

تتضامن السلطة مع المشغل من خلال عدم إلزامه باحترام القوانين وتتغاضى عن طرد العمال دون سبب وتشغيله لعمال جدد… لهذا يجب التضامن بين القطاعات العمالية والمكاتب النقابية على مستوى الاتحاد المحلي، من خلال الدعم المالي للمعتصمين وكذا من خلال تنظيم مهرجانات تضامنية تعرف بأوضاع العاملات والعمال وتشهر بالاستغلال والقهر الذي يتعرض له الأجراء وكذلك تنظيم مسيرة احتجاجية من طرف الاتحاد المحلي يوم الأحد مثلا. فلا معنى لوجود اتحاد نقابي يجمع الأجراء في نقابة واحدة إن لم يكن التضامن والاحتجاج الجماعي على تعسف المشغلين. إن استنزاف كل مكتب نقابي وكل معركة عمالية على حدة، يشجع أرباب العمل على العدوان على الحقوق العمالية.

من واجب المناضلين النقابين وكافة العمال الواعين نشر ثقافة التضامن والنضال الوحدوي بين القطاعات، لكي تتم الاستفادة من توحيد القوى في وجه عدو بورجوازي لا يرحم، لكنه يخاف من اتحاد العاملات والعمال.

عاش التضامن والنضال العمالي

طنجة في 19 شتنبر 2015

أ.ع

شارك المقالة

اقرأ أيضا