تركيا: محاولة الانقلاب وتحركات الإسلاميين

بلا حدود21 يوليو، 2016

 

 

 

 

شهدت تركيا، البلد المشهور بدور التدخل العسكري في الثقافة السياسية، في ليلة 15 يوليوز محاولة انقلاب عسكري – دموي بشكل خاص – على الهواء مباشرة من خلال شاشات وسائل الإعلام الاجتماعية.

إنه من خلال نشر المعلومات المتعلقة باحتلال جسور اسطنبول التي تربط بين القارتين بالدبابات العسكرية وتحليق منخفض للمقاتلات كما شهد سكان العاصمة ذلك، استطاع الرأي العام إدراك أن محاولة الانقلاب جارية.

محاولة انقلاب فاشلة وتطهير

في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للقوات المسلحة، تم إعلان أن القيادة العليا قد سيطرت على السلطة، ثم في قناة التلفزيون الحكومي أعلن جنود احتلوها، مجموعة عسكرية تطلق هذه المرة على نفسها “مجلس السلام في البلاد”، أنهم تولوا السلطة لاستعادة الحرية والديمقراطية ولاستعادة الجمهورية العلمانية وقيم أتاتورك أمام الهجمات المنهجية على الدستور من طرف السلطة السياسية. وهذا يظهر إذن أنها مسألة انقلاب خارج سلسلة القيادة، خاصة مع تعميم المعلومات أن رئيس القيادة العليا قد تم احتجازه، فضلا عن آخرين من كبار الضباط.

عبر اتصال من هاتف ذكي على قناة سي ان ان تورك – التي سيتم احتلالها أيضا لاحقا – دعا اردوغان الشعب للنزول الى الشوارع والاحتجاج ضد الانقلاب. نداء ردده طوال الليل أئمة المساجد. حدثت صراعات عنيفة طوال الليل، ولا سيما في أنقرة واسطنبول، بين العسكريين (الذين بتنا نعلم ان عددهم 5000 من أصل 675،000) والشرطة الموالية لأردوغان بدعم من المدافعين عن النظام. لنشر إلى أنه، خلافا للصورة التي يتم الترويج لها بالخارج ويحاول أردوغان أيضا إلى تقديمها، لا يتعلق الأمر بمقاومة جماهيرية ضد الانقلاب للدفاع عن الديمقراطية. إذا نزل بالفعل الآلاف من الناس إلى الشوارع، فهم في المقام الأول القاعدة النشيطة لحزب العدالة والتنمية (الذي حصل على 49.5٪ في الانتخابات الأخيرة)، اسلاميون وفاشيون يتظاهرون صارخين “الله أكبر” ويطالبون بإعادة عقوبة الإعدام.

بعد الفظائع التي ارتكبها كلا المعسكرين، وقصف البرلمان أربع مرات (!)، وقصف الفندق حيث كان أردوغان، ودعوة القوى الغربية لدعم الديمقراطية، فشلت محاولة الانقلاب أخيرا عند الصباح تاركة خلفها 265 قتيلا (بما في ذلك زهاء مئة من بين الانقلابيين والباقي من المدنيين والشرطة) و1500 جريح. أعلن أردوغان أن الانقلاب كان يقوده الأتباع العسكريون لجماعة فتح الله غولن، الحليف السابق لحزب العدالة والتنمية الذي صار الآن عدوه الملعون. وفي اليوم التالي، بدأت عملية كبيرة في الجيش والقضاء (بما في ذلك اعتقال كبار القضاة)، والشرطة وغيرها من فروع أجهزة الدولة مخلفة ما مجموعه 6000 معتقل احتياطي (منهم 2850 عسكري).

رفض الانقلابات العسكرية وأردوغان

في حين أنه من السابق لأوانه الحديث حول القادة الحقيقيين لهذه الحركة الانقلابية، فربما شارك بها الكوادر الموالين لحركة غولن، التي لا تزال قائمة في الجيش على الرغم من عمليات تطهير سابقة، ولكن من المرجح لهم صلة بمجموعات عسكرية أخرى معارضة للنظام. واحدة من الفرضيات هي أنه في مواجهة اعلان موجة جديدة من عمليات ل “تطهير” جهاز الدولة، فإن هذه القطاعات حاولت تحقيق مشروع انقلابها أسرع مما كان متوقعا، معولة على دعم مدني وعسكري في عز نشوب الأحداث من خلال “تأثير كرة الثلج” … ما لم يحدث فعلا!

في حين أن الأحزاب البرلمانية الأربعة (حزب العدالة والتنمية، واليمين المتطرف، ويسار الوسط العلماني واليسار المرتبط بالحركة الكردية) استنكرت محاولة الانقلاب واحتفلت بالمقاومة المدنية عبر بيان مشترك، فمن الواضح أن ليلة 15 يوليوز ستعطي الفرصة لأردوغان لتشديد أكثر قوة لنظامه وإقامة نظام رئاسي ديكتاتوري يتمناه. وقد دعا هذا الأخير أنصاره إلى عدم مغادرة الشوارع حتى إشعار آخر، مما تسبب في تعديات بالأحياء السورية والكردية والعلوية مند الليلة الثانية …

مقاومة هجوم النظام وميليشياته وفي الحين نفسه إدانة أي تدخل عسكري تبقى مهمة عاجلة لجميع القوى الديمقراطية واليسارية، دون أن ننسى أنه فقط بناء صبور وطويل النفس لحركة طبقية هو ما من شأنه أن يسمح بتغيير نهائي لموازين القوى.

أسبوعية مناهضة الرأسمالية – 346 (2016/07/21)

الأربعاء 20 يوليوز، 2016

من اسطنبول، أيدين اوراز Uraz

تعريب جريدة المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا