الجماهير الشعبية في طنجة،ضد الاستبداد الاقتصادي والسياسي البورجوازي

سياسة2 نوفمبر، 2016

كانت جماهير طنجة الشعبية، على غرار باقي مدن المغرب، في الموعد للتنديد بالجريمة النكراء التي استهدفت الفقيد  الشباب محسن فكري في مدينة الحسيمة، الذي تعرض  للتصفية  بطريقة وحشية ومذلة، حيث تم سحقه بواسطة شاحنة نقل النفايات بعد أن اعترض على مصادرة بضاعته ورميها في شاحنة الأزبال، دون إتباع أي مسطرة قانونية.

تقاطرت، يوم الأحد 30 من أكتوبر، أفواج من المواطنين نساء ورجال، جلهم شباب، على ساحة الأمم بقلب المدينة، تلبية لدعوات عبر وسائط التواصل المختلفة وبدأ ترديد الشعارات وعلامات السخط بادية على الوجوه عاكسة عدم الثقة في الاجراءات التي تم الإعلان عنها ومستنكرة الاستخفاف بالكرامة الإنسانية من قبل أجهزة وسلطات طالما أنفقت عليها موارد هائلة بدعوى حماية أمن وكرامة المواطنين.

لقد احتلت الجماهير الغاضبة على امتداد أكتر من ساعتين الشارع الرئيسي على طول يناهز الكيلومتر وقد تشكلت المسيرة في أربع مجموعات يفوق عدد المشاركين في كل واحدة منها الألفين مشارك فيما فضلت آلاف أخرى من المشاركين التنقل بين المسيرات على طول الشارع، وتوجهت إحدى المسيرات إلى باب ولاية طنجة حيث اختتمت بوقفة. والملاحظ هو غياب شبه كلي لقوى القمع، كدليل على تخوفها من غضب الجماهير. لقد كانت مشاركة واسعة تذكر بالاحتجاجات التي شهدتها المدينة سنة 2015 في نفس الفترة، ضد النهب الذي تمارسه شركة أمانديس ضد جيوب المواطنين وما تمارسه على شغيلتها من استغلال بشع في ظل ظروف عمل قاسية.

إجراءات تحقيق ومطالب

أعلنت الدولة عزمها إجراء تحقيق نزيه، ونيتها اتخاذ إجراءات بعد أن هبت مدينة الحسيمة ونواحيها للاحتجاج على الحط من كرامة المواطنين منذ عقود، أي منذ مذابح سنة 1959 بالريف مرورا بانتفاضة 1984 التي  هدد خلالها النظام أهل الشمال مباشرة عبر التلفاز. تهديد بنفس مصير انتفاضة الريف ضد الاستعمار الجديد سنة 1959 وهي جرائم لم تجرأ هيئة  إنصاف ومصالحة الاستبداد على كشف الغطاء عنها. وللتذكير فهذا التهديد شهد تنفيذا عمليا من خلال ما شهدته قرية تماسينت و بلدة بني بوعياش حيث عومل السكان بوحشية منقطعة النظير.

كانت إقالة مندوب الصيد محل سخرية حسب العديد من المواطنين، فالأجدر أن يستقيل رئيس الحكومة ووزيره في الداخلية ومدير الأمن الوطني ووالي الجهة وعامل الإقليم ورئيس الجهة إذا كانت هناك أدنى جدية واحترام لكرامة المواطنين.

نظام لا يلتزم بوعوده و يحمي جلاديه و خدامه

كل مرة يتعهد فيها المسؤولون بإجراء تحقيق نزيه، وكشف الحقيقة وتقديم الجناة للعدالة يتمخض الجبل فيلد كذبة، فأين التحقيق في عشرات القضايا من القتل في المخافر السرية والاختطاف للمناضلين والمواطنين العاديين؟

  • أين التحقيق في اختطاف و اغتيال الشهيد المهدي بن برك و أين قبره بعد 51 سنة على اغتياله؟
  • أين التحقيق و الحقيقة في قضية الشهيد الحسين المنوزي؟
  • أين التحقيق و الحقيقة في قتل الشهيدين عبد اللطيف زروال و التهاني أمين؟
  • أين التحقيق و الحقيقة في اغتيال القائد النقابي الشهيد عبد الله مناصر؟
  • أين التحقيق و معاقبة الجناة و أين قبر الشهيد مصطفى الحمزاوي؟
  • أين التحقيق و من عوقب في قضية اغتيال و حرق خمسة شباب يوم 20 فبراير 2011 بالحسيمة؟ و كريم الشايب….
  • أين التحقيق في قضية اغتيال كمال الحساني آيت بوعياش.. و قضية كريم لشقر؟ من حوكم و من عوقب فيها؟
  • و أين التحقيق في قتل الطلبة بالجامعات عند التدخلات القمعية بالحرم الجامعي؟
  • أين و أين …و أين

ستطول لائحة ضحايا الاستبداد الاقتصادي والسياسي وتطول وتطول….لا تكفي لائحة من آلاف الصفحات لحصرها فكل مناطق البلاد اكتوت بنار الاستبداد  ومناطق همشت وتركت للإهمال… فهل سيُحاسِب القتلة أنفسهم؟

 

التنظيم أولا وثانيا وثالثا…

يطرح العديد من المواطنين هذا السؤال وهو يعبر عن حاجة لمنظمات النضال في اللحظات العصيبة حيث يقف العديد منهم على أهمية التنظيم والقيادة في النضال… لكن التنظيم لا يبنى في الوقت الضائع و القيادة لا تكتسب بالصدفة… العمل الدءوب وتخصيص الجهد والمال لبناء تنظيمات الأجراء لحظة الهدنة، من نقابات منغرسة في الإدارات والوحدات الإنتاجية والخدماتية، وكذا بناء الجمعيات والأحزاب العمالية، هذا العمل الصبور وحده سيصقل ويقوي عزيمة الطبقة العاملة وعموم الأجراء.. لأن الاستبداد دائم ويستعرض قوته حتى في قمع العميان ومعاقي الحركة بشوارع الرباط ويسحل الأساتذة والقضاة والأطباء، خدمة لبورجوازية نهابة تعتصر الأجراء في الضيعات والمناجم  والوحدات الصناعية والخدماتية وتحرمهم من حقهم في التنظيم النقابي بكل الوسائل لإبقائهم مفككين وخاضعين لضرورة استخلاص فائض القيمة ومراكمة الأرباح…

لهذا فمناسبة السخط الشعبي من قبيل ما حدث في مدينة الحسيمة هي مناسبة لمناضلي الطبقة العاملة لبناء تلك التنظيمات.

ينبغي توجيه سهام النقد للاستبداد البورجوازي الاقتصادي والسياسي القائم بقوة التحايل والتضليل من جهة، وبقوة السياط والتعذيب والسجن والقتل من جهة أخرى.

إن التاريخ يسجل ما يقوم به قادة البورجوازية وخدامها من جرائم وما يخونونه من وعود تشمل البشر والطبيعة، ويشهد التاريخ أن البرجوازيين لا يصيرون أقزاما ترتعد فرائصهم إلا حينما تنتصب الطبقة العاملة وعموم الأجراء والعاطلين عن العمل للنضال.

فلتجعل كل القوى المنتسبة للنضال الشعبي من مطلب محاسبة الجلادين قدماء وجدد نقطة ارتكاز لتقوية الحركة الجارية حتى تتم المحاسبة الشعبية للقتلة وحتى يكون الشعب العامل سيد نفسه ومصدر السلطة وممارسها لأنه هو مصدر الثروة ومنتجها.

ن.ش

30 أكتوبر 2016

شارك المقالة

اقرأ أيضا