كرونولوجيا الاحتجاج الاجتماعي بامينتانوت

الاحتجاج على تردء الوضع الصحي بالبلدة:
شهدت الخدمات الصحية تدهورا مهولا علما أن المدينة بلا مستشفى يليق الكثافة السكانية، إذ لا يرقى المركز الصحي بوسط المدينة لتطلعات المواطنين. غياب المداومة داخل المركز الصحي، وارتفاع حجم الحالات المستعجلة خاصة النساء الحوامل، وتسجيل وفيات الأطفال خاصة الرضع، والتباين والنقص المهول في مستوى البنايات، والموارد البشرية، والتجهيزات والخدمات…
منذ شتنبر 2015 انتظمت الساكنة في إطار تنسيقيات وجبهات للدفاع عن الحق في الصحة والحق في العلاج، وتمت التعبئات في الاحياء والدواوير والجبال بمشاركة الهيئات الديموقراطية والتقدمية بالمنطقة، وتم تسطير برنامج نضالي منتوع (وقفات احتجاجية، مسيرات، اعتصامات، ندوات تعبؤية). استجابت الجماهير الشعبية للنداءات ونزل ازيد من 1000 مشارك/ة إلى ساحة المسيرة يوم 31 يناير 2016 في مسيرة شعبية من أجل مطالب اجتماعية على راسها الحق في الصحة.
الاحتجاج على انعدام البنيات التحتية
خلفت الأمطار الرعدية التي شهدتها المدينة يوم 30 شتنبر2008 خسائر مادية وبشرية، نتيجة انعدام البنيات التحتية اللازمة من قناطر وطرق معبدة، وكشفت تلك الأمطار عيوب وهشاشتها المغشوشة أصلا، وقد تغنى بها المسؤولون طيلة 10 سنوات، وهذا ما دفع السكان لتنظيم مسيرات شعبية عفوية في بداية اكتوبر 2008 نحو مركز الجماعة، وقد شارك فيها مئات المحتجين.
نضالات عمال مناجم سكساوة ضد الاستغلال
بدأ استغلال منجم “ايت حدو يوسف” الغني بمعدن النحاس سنة 1974، وتأسست أول نقابة للعمال سنة 1992، نجحت إدارة المنجم في نسفها. مباشرة بعد تأسيس النقابة وتشكيل مكتبها، أقدم العمال على الانخراط، قبل أن تتمكن إدارة الشركة من شراء ذمة أغلبهم، لقد دفعت مقابل بطائق انخراطهم 1500 إلى 2000 درهم، ووعدت آخرين بالترقية، ونقلهم لمناصب إدارية أو ليصبحوا مسؤولين عن العمال وبهذا السلوك تم ابعادهم بطرق مخزية عن العمل النقابي.
اليوم، كما في السابق، يطالب العمال بتحسين ظروف عملهم وحياتهم. فرغم أن كل العمال مرسمون، إلا أنهم محرومون من التأمين عن حوادث الشغل، وأجورهم تتراوح بين 2500 للعمال و8000 للعمال المتخصصين، ولا يستفيد العمال من التعويضات العائلية، ولا من الأدوية ومن سيارة الإسعاف رغم وجودها لدى الشركة، ولا يقوم الطبيب الخاص بالشركة بالفحوصات الدقيقة الضرورية بشكل دوري. ولا يستفيدون أيضا من عطلة الولادة، وتعويضات الأعياد.
كل هذه الأسباب دفعت عمال الشركة المستغلة لمناجم أيت حدو يوسف بجماعة سكساوة وعددهم 314، بدائرة امنتانوت يوم الخميس 15يونيو 2017 لخوض إضراب مرفوق بوقفة احتجاجية أمام مقر إدارة الشركة، احتجاجا على تماطل الإدارة في تطبيق محضر الاتفاق الذي جرى توقيعه على إثر إضراب سابق، حيث خاض العمال معركة (إضراب ووقفات احتجاجية بالمنجم وأمام مقر الشركة) توج بحوار مع المسؤولين، لكن لم يسفر عن شيء حيث اقترحت إدارة الشركة أداء أجور العمال المتراكمة لثلاثة أشهر بالتقسيط على دفعات لن تنتهي لشهور، ووعدت بالاستجابة لمطالب أخرى دون تدقيق، مثل توفير النقل للعمال.
رفض العمال عرض الشركة، وقرروا التوجه في مسيرة على الأقدام لمدينة شيشاوة للاعتصام أمام العمالة، ما فرض على عامل شيشاوة الإسراع بعقد لقاء بين الأطراف المعنية. خلص إلى توقيع محضر من طرف ممثلي العمال وممثل الشركة ورئيس الجماعة وقيادة سكساوة، حيث تمت الاستجابة لمطالب العمال والالتزام بجدول زمني محدد لتلبية أغلب نقاط الملف المطلبي للعمال: “صرف الأجور المتأخرة، والتعويض عن النقل والكراء، ونقل الحماية الاجتماعية للعمال والتعويضات العائلية إلى صندوق الضمان الاجتماعي، والالتزام بأداء الأجور شهريا في وقتها، الاستفادة من التأمين ضد الأخطار، وحوادث الشغل والمرض، الاستفادة من النقل، حيث أن عددا كبيرا من العمال يتنقلون على الأرجل لساعات وسط الجبال والطرق الوعرة للوصول للمنجم، والتعويض عن الاشتغال بباطن الأرض.
نضالات المعطلين والتلاميذ بالبلدة
لعب فرع الجمعية الوطنية للمعطلين حاملي الشهادات أدوار مهمة في تحفيز نضالات الجماهير الشعبية ونضالات الحركة التلاميذية، فقد نظم الفرع أشكال احتجاجية متنوعة من وقفات ومسيرات واعتصامات أمام المؤسسات العمومية مطالبين بالشغل للشباب ضحايا سياسة التشغيل المفلسة، كما لعبت هذه الفئة أدوار في تجدير نضالات حركات 20 فبراير منذ ظهورها 2011، حيث تم تأسيس تنسيقيات الاحياء الشعبية وسطروا ملف مطلبي محلي متكامل، ونظرا لتركيز الاعلام على تجارب المراكز الكبرى )الرباط، البيضاء ،مراكش(، لم تنل تجارب كفاح شباب 20 فبراير امينتانوت نصيبها من التعريف بمشاكل المنطقة، كما أن التجربة تعرضت لقمع شرس من طرف أجهزة الدولة في صمت.
الاحتجاجات بسبب غلاء أسعار
منذ تشكيل التنسيقيات المحلية لمناهضة غلاء الأسعار سنة 2005 وطنيا، انخرطت الفعاليات السياسة والحقوقية التقدمية بامينتانوت في هذه المبادرة، ونظمت عدة أشكال احتجاجية طيلة سنوات 2006 الى غاية بروز حركة 20 فبراير، وفي سياق الحراك الشعبي الذي عرفته منطقة الريف وباقي الهوامش، ظهرت من جديد موجة من الاحتجاجات على غلاء الأسعار في مجموعة من المدن والقرى، وكانت امينتانوت في مقدمة هده الاحتجاجات، فقد تأجج السخط الشعبي سنة 2017 في المدينة بسبب غلاء فواتير الماء الصالح للشرب بعد إضافة قيمة استغلال التطهير السائل. أثارت هذه الزيادة سخط السكان، وتم تأسيس “لجنة متابعة الشأن المحلي بامنتانوت” التي نظمت احتجاجات عارمة أمام مقرات الباشوية وإدارة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمجلس الجماعي للتنديد بغلاء فواتير الماء الصالح للشرب والمطالبة بإلغاء هذا القرار.
بعد موجة الاحتجاجات الشعبية المستمرة لسكان امنتانوت، وكان أقواها تنفيذ اضراب عام مرفوق بمسيرة احتجاجية حاشدة يوم الجمعة 9 يونيو 2017 بتأطير من طرف “لجنة متابعة الشأن المحلي بامنتانوت” ضد غلاء فواتير الماء الصالح للشرب ومطالب أخرى، سارعت السلطات المحلية بالمدينة لاحتواء الوضع بإعلان الاستجابة للمطلب، عن طريق حلول ترقيعيه التفافية. وتم تنفيذ إضراب عام ثان يوم 16 يونيو 2017 مع مسيرة احتجاجية حاشدة تحت شعار “جميعا من أجل رفع الاقصاء والتهميش عن امنتانوت” للتنديد بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المزرية، والمطالبة بتنمية حقيقية للمنطقة: رفع التهميش والاقصاء الذي يعاني منه السكان، وتوفير الماء الصالح للشرب، وإسقاط تسعيرة التطهير السائل، وتوفير البنية التحتية، وفرص الشغل للشباب العاطل، وبناء مستشفى متعدد التخصصات.
سلوك السلطة: القمع والتسويف والمماطلة
منذ سنة 2008 لم تنجح السلطات في وقف الحراك الاحتجاجي ببلدة امينتانوت. لم ينفع القمع في ذلك ولا حصار الاحتجاج والاعتقال. ولم تنفذ الوعود، واستمر التهميش والاقصاء وتفقير كادحي البلدة. لكن وعي الشباب تجذر ولم تعد تخدعه أساليب المراوغة والتماطل فلجأ لإرساء آليات التنظيم الذاتي من قبيل لجن وتنسيقات الأحياء التي لم تستطع السلطات تفكيكها، وأيضا إلى غرس أشكال تضامن محلية خاصة من طرف الهيئات الديموقراطية والتقدمية الداعمة والمنخرطة في الحراك الاحتجاجي.
إن الحركة الاجتماعية المناضلة بامينتانوت تعرف تطورا نوعيا وكميا منذ بروز حركة 20 فبراير، وتجدرت خلال السنوات الأخيرة بفعل استمرار سياسيات الدولة اللا شعبية في تفقير الغالبية العظمى من كادحي المغرب وبالأخص امينتانوت كمنطقة معزولة بشكل مطلق، وبالتالي فنضالات هذه البلدة في وثيرة تصاعد تستلزم من القوى المناضلة المكافحة امدادها بجسور التضامن وطنيا والتعريف بنضالاتها إعلاميا واشعاعيا من اجل تقويتها أكثر لتحقيق انتصارات وتحقيق مطالبها المشروعة.
بقلم، الرفيقة تهيا

شارك المقالة

اقرأ أيضا