النّضال من أجل الثّورة الاشتراكية يفقدُ أحد جُنوده الأوفياء: وفاةُ الرّفيق اللّبناني مصلح مصلح

توفي  رفيقنا مصلح مصلح، في السادس من هذا الشهر، أغسطس/آب 2019، بعد خمسة وأربعين عاماً من الكفاح المتواصل في صفوف التجمع الشيوعي الثوري، في لبنان.
انتسب الرفيق للتجمع الشيوعي الثوري، منذ العام 1976، وكان مذاك يعمل في سلك الدرك. وقد لعب دوراً لافتاً في كسب العديد من الرفاق إلى التجمع والفكر الثوري، في المنطقة التي ولد فيها وعاش، معظم ايام حياته، منطقة الجبل، المشرفة على العاصمة بيروت، كما في تنظيم مدارس فكرية وسياسية لهم. لا بل سعى ايضاً على امتداد وجوده في الامن الداخلي لإدخال الفكر الثوري إلى هذا الوسط، وفي الحد الادنى تنظيم أفراد منه كأصدقاء للتجمع.
ولا يقل أهمية عن ذلك الدور الذي اضطلع به، خلال الاجتياح الصهيوني للبنان ، صيف العام 1982، وبعده، ولا سيما من حيث تسهيل انخراط رفاقنا، وأصدقائنا السياسيين، في المقاومة الوطنية للاحتلال الإسرائيلي، على صعيد نقل الأسلحة، والمعدات، على حواجز المحتلين. وكانت له مشاركة مؤثرة، في تنظيم المقاومة، في منطقته الجغرافية. وهي منطقة بدت ذات حساسية خاصة، في تلك الفترة، بسبب غلبة الانتماء الطائفي الدرزي فيها، ولا سيما أن الاحتلال تعمَّد ان يكون معظم الجنود والضباط الإسرائيليين، الذين اختارهم للتواجد فيها، من دروز دولة إسرائيل!
وعلى رغم المشكلات والتعقيدات التي تلازمت مع عملنا التنظيمي والسياسي، في العقود الاخيرة، ولا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ومغادرة جزء هام من رفيقاتنا ورفاقنا صفوف التجمع الشيوعي الثوري، وحتى العمل السياسي، عموماً، بقي الرفيق مصلح على حماسه للعمل الثوري، واهتمامه بمواصلة النضال تحت راية الماركسية الثورية، وعمل عن كثب، لإدخال روح التفاؤل، في وسطه الاجتماعي، بمواجهة الافكار التي راجت فترة عن مقولة نهاية التاريخ، مدافعاً عن الامل بأفق مشرق لقضية التغيير الثوري، في لبنان، كما باقي المنطقة العربية والعالم. وبالطبع كان الرفيق على حق، وهو ما أكدته الانتفاضات العربية المتتالية، في السنوات العشر الاخيرة، على الرغم مما رافقها من انتكاسات وثورات مضادة.
كان بين آخر نضالات الرفيق، ذات البعد الجماهيري، مشاركته في حراك الجنود والضباط المتقاعدين، الذين عمدت الحكومة اللبنانية إلى استحداث ضريبة إضافية على معاشاتهم التقاعدية، مثلهم مثل باقي الموظفين، بذريعة حاجة الاقتصاد اللبناني، في نظر الطبقة البرجوازية الحاكمة لدينا، لاعتماد سياسة تقشفية، تفادياً للإفلاس المالي، الذي تبدو نذُرُه جدية، إزاء الديون الهائلة المستحقة، والتي رتبتها هذه الطبقة على البلد، وتبلغ لا اقل من مئة مليار دولار! وقد أخذ نضاله هذا منحيين اساسيين، أولهما التصدي لتنطح الضباط المتقاعدين الكبار لقيادة التحرك، من مواقع مصالحهم الخاصة بهم، وبالطريقة العسكرية التسلطية الممجوجة، المعتمدة عادة في السلك العسكري؛ وثانيهما البدء بالسعي لإنشاء نقابة للجنود والرتباء المتقاعدين.
لقد غادرنا الرفيق مصلح، فيما كانت لا تزال تنتظره مهام نضالية جُلّى، وفيما كان لا يزال، على المستوى الشخصي، في أقصى جاهزيته لمواصلة الكفاح، رغم بلوغه منذ سنوات سن التقاعد. فهو من الذين كانوا يعتبرون أنه لا تقاعد، على الإطلاق، في مجال النضال الثوري. ونحن سنبقى نتذكره كرفيق مخلص وشجاع، مفعم بالروح الأممية النادرة، وممتلئ القلب والنفس بالمحبة العارمة لبشرية تتعرض للظلم الدائم، في غالبيتها العظمى، كما لمخاطر عبث الرأسمالية المحلية والعالمية بأمن كامل كوكب الارض، المعيشي، كما البيئي، مع ما يهدد به ذلك من كوارث مدمرة شاملة.

  • النص أعلاه نعي صادر عن رفاقنا بلبنان.

العنوان من  المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا