نسوانية لأجل الــ 99% – بيان – أطروحة 3. نحن بحاجة إلى نسوانية مناهضة للرأسمالية- نسوانية لأجل الـ99%

النساء15 سبتمبر، 2019

بقلم، تشينسيا  أروتسا Cinzia Arruzza * تيتي باتاشاريا  Tithi Bhattacharya**  نانسي فرايزر Nancy Fraser***

إن النسوانية التي ندافع عنها مطالبة بالجواب على أزمة تاريخية المدى: انهيار مستوى المعيشة والكارثة البيئية المُحدقة، واشتداد الحروب وسلب الملكية، والهجرات الجماهيرية المصطدمة بالأسلاك الشائكة، وتفاقم كره الأجانب والعنصرية، وتراجع الحقوق المكتسبة بضراوة- على صعيد اجتماعي وسياسي على السواء.  نتمنى رفع هذه التحديات. ترفض النسوانية التي نبنيها أنصافَ التدابير، وتسعى إلى اقتحام مباشر للجذور الرأسمالية للهمجية السائرة إلى الانتشار. وترفض التضحية بسعادة الأغلبية لحماية حرية أقلية، وتركز على حاجات الأغلبية وحقوقها، أي النساء الفقيرات ونساء الطبقة العاملة، والمهاجرات وضحايا العنصرية، والنساء المختلفاتQueer  [1]، والمعانيات من إعاقة، وكذا اللاتي يُشجّعن على اعتبار أنفسهن من “الطبقة الوسطى” فيما هن ضحايا استغلال من طرف الرأسمال. لكن هذا ليس كل شيء. هذه النسوانية لا تقتصر على “مشاكل نساء” كما جرت العادة على تحديدها. تطمح نسوانيتنا، وهي تساند كل ضحايا الاستغلال والسيطرة والاضطهاد من الجنسين، إلى أن تغدو مصدر أمل للبشرية برمتها. لهذا نسميها  نسوانية لأجل الـ99%.

يتم بناء النسوانية لأجل الـ99% انطلاقا  من تجارب عملية ومن جهود تفكير نظرية. فيما تعزز النيوليبرالية، تحت أنظارنا، صنوف الاضطهاد الجندري، تتمثل الطريقة الوحيدة المتاحة للنساء وللأشخاص غير الثنائيين، للاستفادة فعلا مما لديهن من حقوق على الورق ومن تلك التي بوسعهن الظفر بها، في تغيير النظام الاجتماعي الذي يقضم  تلك الحقوق بنحو غير مرئي. ليست شرعنة الإجهاض شيئا ذا بال بحد ذاته بالنسبة للـنساء الفقيرات وللعاملات اللاتي تعوزهن وسائل أداء ثمنه ولا يمكنهن الإفادة من المصحات. تتطلب العدالة الإنجابية نظام صحة مجانيا، شاملا ولا يبتغي الربح، وكذا نهاية الممارسة العنصرية والمتعلقة بتحسين النسل في مهنة الطب. وعلى النحو ذاته، لا يمكن للمساواة في الأجر أن تعني لأفقر النساء غير مساواة في البؤس. يجب إذن أن تُرفق بفرص عمل بأجور لائقة، محاطة بحقوق أساسية وملموسة، وبتنظيم جديد للعمل المنزلي وبالمهام المرتبطة بالرعاية. ومن جهة أخرى، ليست  قوانين تجريم العنف الجندري غير خديعة فظة ما دامت تغض الطرف عن الميز الجنسي والعنصرية، الراسخين في بنية أنظمة العدالة الجنائية، وتطلق العنان لعنف البوليس وللاعتقالات الجماهيرية، وللتدخلات العسكرية، وللتحرش ولأوجه الشطط في البيئة المهنية. وأخيرا يظل التحرر بواسطة القانون قوقعة فارغة ما لم يحتو على خدمات عامة، وسكن اجتماعي وتمويلات تتيح للنساء مغادرة بيت أو منصب عمل يتعرضن فيه للعنف. 

 تطالب النسوانية لأجل الـ99%  إذن بتغييرات اجتماعية عميقة. ولهذا لا يمكنها أن تكون حركة منعزلة. على العكس، نحن نقترح الاتحاد مع كل الحركات التي تكافح من أجل الـ99% ، سواء بالنضال من أجل العدالة البيئية، أومن أجل تعليم مجاني وجيد، أو من أجل خدمات عامة موسعة، أو من أجل سكن في المتناول، أو من أجل حقوق الشغيلة، أومن أجل تغطية صحية شاملة ومجانية، أو من أجل عالم بلا عنصرية ولا حرب.  إنه فقط بتحالفنا مع هذه الحركات يمكننا امتلاك القدرة والرؤية الضروريين من أجل تفكيك العلاقات الاجتماعية والمؤسسات التي تضطهدنا. 

 تربط النسوانية من أجل الـ99%  ربطا وثيقا بين الصراع الطبقي والنضال ضد العنصرية المؤسسية. وتضع بالمقدمة انشغالات مجمل نساء الطبقة العاملة: سواء كن ضحايا عنصرية أو مهاجرات أو بيضا؛ ومهما تنوعت هويتهن الجنسية: أو كن ربات بيوت أو عاملات جنس؛ وسواء كانت أجورهن بالساعة أو الأسبوع أو الشهر أو كنّ بلا أجرة؛ أو عاطلات أو بعمل هش، شابات أو مسنات. إن نسوانية الـ99% أممية النزعة بعزم، ومعادية بصلابة للامبريالية والحرب. إنها ليست مناهضة للنيوليبرالية وحسب، بل حتى للرأسمالية. 

 ترجمة:  جريدة المناضل-ة 

[1] Queer   : كلمة انجليزية يُقصد بها مجمل الأقليات الجنسية والجندرية

============

  •  تشينسيا  أروتسا Cinzia Arruzza : أستاذة فلسفة في New School for social Research  في نيويورك. لها مؤلفات عديدة تستكشف العلاقات بين الاشتراكية والنسوانية.

**  تيتي باتاشاريا  Tithi Bhattacharya:  أستاذة ومديرة برنامج Global Studies  في جامعة بوردو Purdue [انديانا]. تقيم مؤلفاتها تقاطعا بين النظرية الماركسية ومسائل الجندر.

*** نانسي فرايزر  Nancy Fraser: أستاذة الفلسفة والسياسة في  New School for social Research بنيويورك. لها مؤلفات عديدة، وهي إحدى الممثلات الرئيسة للنظرية النقدية  في العالم الناطق بالانجليزية . 

شارك المقالة

اقرأ أيضا