من أجل أفق مطلبي لحملة “كشف الحقيقة ليس جريمة”

 

 

شهدت صفحة المفروض عليهن/هم التعاقد على الفايسبوك حملة واسعة إثر تهديد الوزير سعيد أمزازي أستاذة، نشرت فيديو يفضح واقع مؤسسة تعليمية في مديرية سيدي قاسم، بإجراء تأديبي.

للتصدي لهذا الإجراء أطلقت الصفحة حملة تحت عنوان: “كشف الحقيقة ليس جريمة”، حيث جرى نشر صور حول واقع البنيات التحتية للمدرسة المغربية خاصة بالعالم القروي. لاقت الحملة تعاطفا واسعا من طرف العديد من مناضلين نقابيين ومن عموم شغيلة التعليم.

عرت الحملة المعاناة الحقيقة التي يعيشها التلميذات/ التلاميذ والأستاذات/ الأساتذة على حد سواء، ومدى تدهور الوضع بسبب رفع الدولة يدها عن القطاع العمومي، وأبانت عن إمكانية توحيد جهود جميع المعنيين والمتضررين لمواجهة الوضع شريطة وضع هذه المبادرة ومثيلاتها على السكة الصحيحة تعطيها مضمونا مطلبيا وأفقا نضاليا يربطها بالنضال ضد تدمير التعليم كخدمة عمومية وضد مخطط التعاقد الذي يهشش أوضاع شغيلة التعليم.

إن الانتصار (ولو الجزئي) في هذه المعركة -تراجع الوزير عن قرار المجلس التأديبي- سيؤدي لا محالة إلى استعادة وزيادة ثقة الأساتذة في النضال، ما يفتح الباب لاستئناف معركة التنسيقية الوطنية على أرضية أشمل تضم مطلب إسقاط مخطط التعاقد إلى جانب النضال من أجل مدرسة عمومية جيدة ومجانية.

كل هذا سيتأتى إذا وضعت هذه المبادرة في سياقها، وكشف الغطاء عن الأسباب الجوهرية لتردي المؤسسات التعليمية. إلا أن هذه الحملة لم تتجاوز رد فعل تجاه قرار الوزير. وهو أمر يمكن استخلاصه من توقف الحملة بمجرد تراجع الوزير عن قراره، وهو ما سيمس من مبدئيتها في عيون الآباء والتلاميذ.

وجهت الحملة ضد شخص وزير التعليم وبصيغ تهكمية [نفس الشيء مع مدير المدرسة]، ما أغفل السبب الجوهري لتردي المؤسسات التعليمية. ليس الوزير إلا منفذا لسياسات مقررة من طرف المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية).

وضع البنيات المدرسية المتردي ليس وليد اليوم أو نتيجة سوء تدبير وزير بل نتاج سلسلة هجمات قائمة على التقشف وتقليص الميزانية الموجهة لنفقات التجهيز والاتجاه أيضا إلى تقليص تلك المخصصة لنفقات التسيير (خفض كتلة الأجور، إصلاح أنظمة التقاعد…)، وترك التعليم العمومي لحاله مع دعم مكثف للقطاع الخصوصي.

الحملة الحالية شبيهة بفيديوهات فاضحة لوضع المستشفيات العمومية دون أن يكون لها مفعول حقيقي على سياسة الدولة المدمرة للصحة العمومية. نفس الشيء مع حملة “كشف الحقيقة ليس جريمة” التي توقفت بمجرد إعلان الوزير تراجَعَه عن الإجراء التأديبي في حق الأستاذة، ما سيجعل المتضررين من واقع المدرسة المتردي (التلاميذ وأوليائهم) يفهمون الأمر على أنه محض ابتزاز لوزير أراد عقاب زميلة في العمل.

ما دام المتضررون من هذا الوضع الكارثي لا يتنظمون ولا يناضلون في الميدان فإن حملات الفضح هذه يكون تأثيرها لحظيا. طبعا لم يعد ممكنا استبعاد وسائل التواصل الاجتماعي في أي تعبئة نضالية، لكن الاقتصار على هذه الوسائل وعدم فهم حدود تأثيرها، سيحولها إلى ما يشبه قنابل صوتية أو سلاح فاسد يصيبنا قبل أن يصيب خصمنا.

لقد انحل النضال ضد مخطط التعاقد إلى مناوشات جزئية لا رابط بينها، أو علاقة بجوهر هجوم الدولة على شغيلة التعليم العمومي [إلغاء الإجراءات العقابية، الحركة الانتقالية، الاقتطاعات… إلخ]، وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت في تعميق هذا الاتجاه.

كي لا تبقى هذه الحملة في حدود الفضح وتصفية حسابات مع وزير قد يستبدل بأسوء منه، نقترح تنسيق هذه الحملة مع كل المعنيين بالقطاع خاصة أولياء التلاميذ وحفزهم للنضال من أجل:

= الزيادة في الميزانية المخصصة لقطاع التعليم العمومي، خاصة نفقات التجهيز.

= فرض ضريبة تصاعدية على مؤسسات التعليم الخصوصي، وتوجيهها لميزانية تجهيز التعليم العمومي.

= نزع طبع المقررات المدرسية من شركات القطاع الخاص وإسنادها لمؤسسات عمومية تحت رقابة ديمقراطية (من أطر التدريس وجمعيات أولياء التلاميذ…).

= النضال ضد ما يسمى “تنويع مصادر التمويل” الوارد في القانون الإطار ٥١.١٧ الذي يعفي الدولة من مسؤولية تمويل التعليم العمومي ويلقيه على كاهل الشعب. (التلاميذ وأوليائهم).

= إلغاء رسوم التسجيل في جميع مستويات التعليم.

= إلغاء ما يسمى بجمعيات مدرسة النجاح التي تلقي بعبء تمويل المدارس على عاتق الآباء.

= توفير النقل المدرسي المجاني.

= توفير السكن الوظيفي اللائق.

= إنشاء المطاعم المدرسية وترسيم المشتغلين فيها بدل منحها لشركات القطاع الخاص في إطار التدبير المفوض.

= إنشاء مرافق صحية لائقة.

بقلم، شادية الشريف

شارك المقالة

اقرأ أيضا