لماذا جريدة المناضل-ة ؟

يتصاعد باطراد هجوم رأس المال على كادحي المغرب، بمواصلة سياسة اقتصادية لا تخدم غير الإمبريالية، التي تستنزف البلد بواسطة الديون، وقسم الطبقات المالكة الوثيق الارتباط بها. يجري تطبيق هذه السياسة عبر الإشراف المباشر لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي على التسيير اليومي وعبر ما يربط المغرب بالاتحاد الأوربي، والولايات المتحدة الأمريكية، من اتفاقات استعمار جديد سميت شراكة وتبادلا حرا.

قرار هذه السياسة بيد الإمبريالية وحلفائها المحليين، خلف واجهة برلمانية ليست سوى غرفة تسجيل. تؤدي هذه السياسة، المجمدة للأجور والتشغيل، والمكثفة للاستغلال، والمتقشفة بصرامة في النفقات الاجتماعية، والمخصخصة لكل شيء، إلى إفقار فئات متزايدة من الشعب، شغيلةً وعاطلين ومالكين صغار، وسد المستقبل بوجه الشباب، وسحق النساء. ولأن هذه السياسة لا تحظى بالقبول، يجري تطبيقها قسرا بتعزيز ترسانة القمع (مزيد من الإمكانات المالية والبشرية، تعزيز القوانين القمعية للحريات العامة، سن قانون الإرهاب، و إعداد قانون الإضراب وقانون الأحزاب)، وبجهد تضليلي تضطلع به مؤسسات قصف العقول (مدرسة ومؤسسة دينية وجرائد وإذاعة وتلفزيون).

إن للمغرب، بعد نصف قرن من الاستقلال، وجهان: خصخصة وبطالة وفقر وقمع وقوارب موت.

والوجه الآخر: اغتناء فاحش، ونهب مخرب للبلد، وبذخ ، وتهريب للثروات، وإفلات من العقاب. يقاوم ضحايا هذه السياسة بما أوتوا من أدوات ( نقابات عمالية، جمعيات …) وحتى دون أدوات. لكن الدفاع عن المكاسب الطفيفة القائمة لم ينجح في وقف العدوان، وبالأحرى في انتزاع مكاسب. فأدوات النضال معطوبة وغير مكتملة. وقسم من الرافضين منذ عقود لـ”الاختيارات اللاشعبية” انضم إلى طاقم تنفيذها. وبعد سبع سنوات من دخوله الحكومة بلغ الهجوم النيوليبرالي المدمر ببلدنا ما لا مثيل له بمنطقتنا.

وينحرف مقدار كبير من السخط الشعبي نحو الأحزاب الرجعية الدينية، المستفيدة من أعطاب أدوات النضال ومن تواطؤ “التقدميين سابقا” مع السياسة المعادية للكادحين.

دلت السنوات الماضية أن روافد الرد الشعبي لا تنضب، وإن تناثرت وتباين انتظامها . وأنها تمد بالطاقة اللازمة لعلاج الأعطاب وتنظيم الهجوم المضاد. فمناضلو الطبقة العاملة صامدون بمواقعهم، والشباب يتجند في جمعية المعطلين وفي الجامعة، والتلاميذ طليعة الهبة الشعبية المتضامنة مع شعب العراق وفلسطين، والنساء بالأحياء الشعبية يتصدرن الاحتجاج ضد غلاء الخدمات الاجتماعية الناتج عن خصخصتها ، وكادحو القرى يحتجون بأشكال مستجدة من أجل الخدمات الأساسية بعد خمول دام عقودا.

إن من ابرز ما ينقص طاقة الكفاح هذه، المتنوعة والواعدة، أداة إعلامية مكافحة،جديرة بهذه الصفة. فاغلب الإعلام “التقدمي”، مفعم بروح التوفيق بين الطبقات و الإشفاق على بؤس الكادحين والتماس الإنصاف من الظالم، أي في آخر المطاف الاستسلام للسياسات المعتدية . كادحو المغرب بحاجة ماسة إلى أداة إعلام ترصد جبهات الهجوم البورجوازي لتعرف بخطط العدو الطبقي، بقصد التعبئة في الوقت المناسب.

أداة تفك الحصار عن نضالات الطلبة والمعطلين والشغيلة والقرويين وتنظم التضامن معها وتعبأ لاجل التصدي. أداة تستخلص دروس الكفاحات، المحلية والعالمية، وتعممها. وتمد طلائع النضال بالأدوات الفكرية التي لا غنى عنها لفهم واقعنا من اجل تغييره. أداة النقاش الضروري بين كافة المناضلين المنتسبين لقضية تحرر العمال وكافة المضطهدين ، حول مسائل النضال البرنامجية والتكتيكية والمتصلة ببناء الأدوات وفي المقدمة منها الحزب العمالي الاشتراكي لقيادة نضال عمال المغرب وكادحيه نحو مجتمع خلو من الاستغلال والاضطهاد. أداة تستشرف معالم البديل العمالي والشعبي، بالاستناد إلى كنوز تجارب الكفاح، الجارية منها والتاريخية .

هذا ما تصبو إليه جريدة المناضل .

افتتاحية العدد الأول من جريدة المناضل-ة بتاريخ 1 أكتوبر 2004