الحكومة حكومة أرباب عمل برئاسة رجل أعمال: لا معارضة حقيقية لها غير الحركة النقابية

سياسة16 سبتمبر، 2021

الفريق الحكومي الناتج عن انتخابات 8 سبتمبر 2021، والذي سيقوم بتنفيذ سياسة الدولة مكوَّن من أحزاب كلها برجوازية، أي أحزاب رجال أعمال وأموال ويرأسها أحد كبارهم.

ومعظم تلك الأحزاب سبق أن شارك في حكومات من هذا القبيل، تنفذ برامج سببت للطبقة العاملة وللجماهير الشعبية الكثير من العذاب، بدءا من البطالة المتزايدة، والعمل المؤقت، وبشركات الوساطة، وأجور البؤس، والموت في أماكن العمل، وضعف الحماية الاجتماعية، وحتى انعدامها لدى قسم كبير من الأجراء، وتدهور الخدمات العمومية بسبب تشجيع الخواص للمتاجرة في التعليم والصحة، الخ.

ويكفي النظر إلى أعضاء مجلس النواب الـ ـ395، كم عدد المنتمين منهم الى منظمات الطبقة العاملة؟ وما علاقتهم بها؟  لفهم ما سيفعلون، وما يمكن انتظاره منهم.

إنها حكومة أرباب عمل، ونحن العمال والعاملات نعرف أرباب العمل حق معرفة.  هم مسببو العذابات التي يقاسيها الأجراء يوميا، وقد رأينا كيف واجهوا الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا بحل مشاكلهم على حساب العمال والعاملات، بالطرد من العمل، والاغلاق، وتشديد الاستغلال، وضرب المكاسب والحقوق العمالية.

رب العمل، البرجوازي، تهمه أرباحه، ومستقبل “مقاولته”، وليس خبز العامل ومدرسة أبنائه أو مرضهم. عندما يتباكي العامل أمام رب العمل يكون الجواب: “ما عندي خيرية”.   وغير واعٍ ذلك العامل الذي ينتظر رحمة أرباب العمل.

كذلك ناقص الوعي هو ذلك العامل أو العاملة الذي ينتظر من هذه الحكومة أن تنظر اليه بعين الرحمة والشفقة. وناقص الوعي أيضا من ينتظر من أحزاب من نفس النوع البرجوازي أن تعارض هذه الحكومة وتفرض عليها تحسينا لحالة الطبقة العاملة، من أجور لائقة وحماية اجتماعية شاملة، وخدمات صحة وتعليم جيدة ومجانية.

حكومة أرباب المال والأعمال لن تخدم سوى مصالح طبقتها، اي البرجوازية، وطبعا ستكذب على الشغيلة والجماهير الشعبية بالوعود، وببعض الفتات لا يسمن ولا يغني من جوع.

ليس داخل الحكومة الحالية أصدقاء أو حلفاء للطبقة العاملة، لأنه ليس هناك حزب خاص بالطبقة العاملة في الحكومة، كما لا يوجد خارجها مع الأسف.

لن يعارض حكومةَ أرباب العمل معارضةً حقيقية غير من تتعارض مصالحهم مع مصالح أرباب العمل، أي طبقة العاملين- ات بأجر، الطبقة العاملة.

يعارض العمال- ات رب عملهم في المقاولة عندما يحرمهم من حقوقهم، ويستغلهم، ويدفعهم للموت بحوادث الشغل وأمراضه. هذه المعارضة يجب أن تكون جماعية، على صعيد وطني، أي أن تعارض الطبقة العاملة كلها هذا الممثل الجماعي لأرباب العمل الذي هو حكومتهم.

هناك قضايا كبرى تهم الشغيلة كلهم كطبقة، وليس فقط  في هذه المقاولة أو تلك، إنها الحد الأدنى للأجور، والحماية الاجتماعية، والضريبة على الأجور، وخدمات الصحة والتعليم، والحرية النقابية وحرية الإضراب… إلخ، وهي قضايا لا تُحل داخل المقاولة، بل تقررها الدولة بقوانين، تمر عبر البرلمان، وتنفذها الحكومة. لا تكفي فيها معارضة رب العمل داخل أماكن العمل، بل تحتاج الى معارضة للحكومة.

لهذا فان المعارضة الحقيقية اليوم لحكومة أرباب العمل لن تكون غير النقابات العمالية، وعليها أن تقوم بهذه المعارضة كما يجب، أي بالدفاع عن مصلحة الطبقة العاملة.

ويجب أن تكون هذه المعارضة فعالة، قادرة على رد التعديات البرجوازية القادمة حتما، من قبيل تكريس واقع البطالة والعمل المؤقت وأجور البؤس، وقمع النقابيين- ات، وتقييد تأسيس النقابة (ما يسمى قانون النقابات)، ومعاملة المضربين- ات كمجرمين- ات (ما يسمى قانون الإضراب).

وكي تكون المعارضة فعالة يجب أن توحد النقابات العمالية مطالبها، ونضالها من أجل هذه المطالب. لا يعنى هذا توحيد الأجهزة النقابية فورا، بل التعاون من أجل أهداف موحدة: أهداف  معارضة حكومة أرباب العمل بمطالب الطبقة العاملة.

ستعرض حكومة أرباب العمل برنامجها في الأيام المقبلة، وطبعا سيكون كسابقيه، في عهد حكومات أخرى من هذا النوع، مُركِّزا على تنمية أرباح البرجوازيين المغاربة والأجانب، وفتح مجالات جديدة للرأسمال، بتعميم خوصصة المؤسسات والخدمات العمومية، وبمزيد مما يسمى “التدبير المفوض”، والتسهيلات الضريبية للرأسماليين واستمرار الثقل على الجماهير الشعبية بالضرائب على الأجور والضرائب غير المباشرة، وتكريس البطالة والعمل المؤقت، وفرض العمل بالعقود في التعليم ومجمل الوظيفة العمومية، وغير هذا كثير مما عهدنا من هذه الطينة من الحكومات. وطبعا سيتم تغليف هذا كله بكلام معسول عن الحقوق الاجتماعية، وكرامة المواطن، وتقدم البلاد، وما شابه من الكذب الرسمي المألوف منذ 60 سنة.

هذا البرنامج الحكومي يجب أن نعارضه، نحن في الحركة النقابية، ببرنامج مطالب تضمن للطبقة العاملة حياة لائقة وحريات عامة. التشغيل والاستقرار في العمل، وظروف عمل صحية، وأجور قادرة على مواجهة غلاء المعيشة، وسلم متحرك للأجور و الأسعار، وضمان اجتماعي للجميع، وتعليم وصحة جيدين ومجانيين للجميع، وحقوق المرأة العاملة كاملة، وحق تأسيس النقابة بدون قيد ولا شرط، وحق الإضراب غير المنقوص، وحرية التعبير، والحرية السياسية، فبدون حريات لا يمكن بناء منظمات النضال، وبدون هذه المنظمات لا يمكن حماية الحقوق والمكاسب و لا تحقيق مزيد منها.

برنامج المطالب هذا يجب أن تتوحد حوله جهود النقابات، وأسهل ما يمكن أن تتوحد فيه هو القاعدة، فالنقابات أهرام، المسافة بينها كبيرة في القمم، وصغيرة كلما اقتربنا من القواعد.

لهذا يجب البدء فورا في التعاون بين القواعد العمالية، التعاون على نشر الفكر العمالي المعارض لحكومة أرباب العمل، والتعاون في النضالات بتجسيد التضامن الطبقي، وتبادل كل أشكال المساعدة اليومية. فقوة الحكومة البورجوازية مستندة الى المال والمؤسسات، وقوة الطبقة العاملة في وحدة صفوفها ببرنامج النضال والتعبئة من أجل مطالب تحسن مقدرتها على النضال، سيرا نحو تغيير عميق وشامل.

هذه المعارضة العمالية ستتسع بجهود العمال والعاملات الواعين، وستصبح قوة يحسب لها حساب، قوة ستخاف منها حكومة أرباب العمل، وستضطر للتنازل لها لما فيه مصلحة الطبقة العاملة.

بقلم: مصطفى البحري

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا