آلان كريفين: 1941-2022 – تفاؤل الإرادة

بلا حدود27 مارس، 2022

 

كان رفيقنا آلان، طيلة أكثر من أربعين سنة، في صلب حياة أمميتنا وقيادتها وفرعها الفرنسي، مع إسهامه في بناء فروع أخرى. وكان أحد الأصوات المعبرة عن أفكارنا، وعن معاركنا الأممية، ساعيا دوما إلى  صون المكاسب السياسية لحركتنا، وإلى بنائها بصبر، مع الدفع دوما إلى الانفتاح على التجارب الجديدة، والتعبئات الجديدة، والاندماج  فيها  مع حرص دائم على العمل الوحدوي وانعدام العصبوية.

ولد الرفيق آلان في منتصف الحرب العالمية الثانية في فرنسا احتلها النازيون، وكان شبابه طبعا مطبوعا بجرائم الفاشية، وكذا بازدهار النضالات ضد الاستعمار، والثورتين الكوبية والجزائرية، وكلها أحداث عظيمة بالنصف الثاني من القرن العشرين حفزت  بزوغ جيل جديد من عشرات آلاف الشباب الذين انضموا، في كل القارات، إلى النضال الثوري.

في اثناء تلك السنوات بدأ  الرفيق آلان  مسارا سياسيا قادهم، منذ متمِّ سنوات 1950 من المعارضة اليسارية في الحزب الشيوعي الفرنسي إلى العصبة الشيوعية/العصبة الشيوعية الثورية، ثم إلى خلق الحزب الجديد المناهض للرأسمالية.  وقد تقاطع هذا المسار بسرعة مع الأممية الرابعة.

 

بدأ الرفيق آلان نشاطه، على غرار العديد من مناضلي/ات ما بعد الحرب،  داخل الحزب الشيوعي الفرنسي.  وسيجد نفسه، هو المناضل الشيوعي المثالي، بسرعة في صدام وتعارض مع موقف الحزب الشيوعي الفرنسي من الحرب الاستعمارية في الجزائر. وكان نصيرا لجبهة التحرير الوطني وللنضال من أجل استقلال الجزائر، وانخرط في متم سنوات 50 في شبكات  مساندة جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وقام، هو المناضل باتحاد الطلاب الشيوعيين، بتنشيط الجبهة الموحدة المناهضة للفاشية  بجامعة السوربون في باريس. وبعد التحاقه بالحزب الشيوعي الأممي (فرع الأممية الرابعة بفرنسا، حيث كان شقيقاه  جان-ميشال و هوبير يناضلان)، قام بدور مركزي  في بناء  المعارضة اليسارية داخل اتحاد الطلاب الشيوعيين التي أفضت إلى قطيعة  مع الحزب الشيوعي الفرنسي في اثناء مساندة هذا الأخير لترشيح فرانسوا ميتران  في العام 1965، و إلى تأسيس الشبيبة الشيوعية الثورية. وكان  الرفيق آلان أحد أبرز الفاعلين فيها، مع مشاركته  في تأسيس  لجنة فيتنام الوطنية للتضامن مع نضال الشعب الفيتنامي.

وفي فبراير العام 1968، مع لجنة فيتنام الوطنية، شارك  الرفيق آلان مع رفاق آخرين من قبيل دانيال بنسعيد، في تجمع عالمي ضد التدخل الأمريكي في فيتنام منظم في برلين  من طرف  رابطة الطلاب الاشتراكيين الألمان  مع رودي دوتشكه. وكان هذا التجمع مناسبة مظاهرة شارك فيها 20 الف شخص و ألهمت لجنةَ فيتنام الوطنية  فيما يخص  منهجيات التظاهر المذهلة.

وكان من أبرز الفاعلين الديناميين في حركة مايو 68، حيث كان للشبيبة الشيوعية الثورية دور  مهيمن  في الشبيبة الطلابية، لاسيما بمنطقة باريس.  وبعد حل نظام ديغول لمجمل منظمات أقصى اليسار، ومنها الشبيبة الشيوعية الثورية، تم سجن الرفيق  آلان مع رفاق آخرين  في اثناء صيف 1968 ثم جرى تجنيده  في الخدمة العسكرية.

وبالموازاة،  وضع مناضلو/ات الشبيبة الشيوعية الثورية أسسَ ما سيغدو  العصبة الشيوعية، التي  ستضم ايضا  اعضاء الحزب الشيوعي الأممي وتصبح  في ربيع العام 1969  فرع الأممية الرابعة الفرنسي.  ومُذاك  ستنصهر حياة  الرفيق آلان  مع حياة العصبة الشيوعية التي أصبح حامل لوائها ، منذ انتخابات الرئاسة في 1969 حيث كان مرشح العصبة.  وفي الآن ذاته، انخرط ،مع  رفاق شباب آخرين من العصبة، في قيادة الأممية الى جانب قادة قدامى ، منهم بوجه خاص ارنست ماندل و ليفيو مايتان و بيار فرانك.

أصبح ولمدة 40 سنة الموجه السياسي للمناضلي/ات العصبة الشيوعيةالثورية، والدعامة اليومية للقيادة وللصلة مع المدن. والناطق الرئيسي باسم التنظيم ـ والوحيد المعروف فعلا على نطاق واسع حتى العام 2002، وكان  صوت العصبة الشيوعية الثورية، والمحرك الذي لا يكل  لمئات التجمعات لفروع العصبة، صغيرة وكبيرة.  وكان بكل تأكيد القائد الأوفر دراية بفروع ورفاق المدن، وخريطة سياسية حية للعصبة الشيوعية الثورية. كان مشدودا للعمل النضالي الدقيق، وبالقدر نفسه  كان منتبها للنشاط السياسي اليومي للحزب  ولالتقاط كل امكانات تنظيم حملات وحدوية وربط الصلة مع تيارات مناضلة أخرى و التعاون معها.

وعلى صعيد دولي، كان يبدي نفس المقدرة، مسافرا بلا كلل، جاعلا أمميتنا تستفيد من صيت أحد وجوه مايو 68 لتطوير  العديد من جولات التجمعات، ومبادرات  من قبيل أوربا الحمراء  في بروكسيل، أو ذكرى كومونة باريس في العام 1971. ومقدرة أيضا على تطوير التضامن مع الشعب الفلسطيني، ومع جبهة التحرير الوطني الكناكية و الاشتراكية ،و مع المقاومة المناهضة للبيروقراطية  مجسدة في حركة تضامن البولونية ، والتضامن مع  النضال المناهض للبيروقراطية  في تشيكوسلوفاكيا  بيتر أوول Petr Uhl ورفاقه، وفي الصلات مع  رفاق البلدان المخضعة للاستعمار الجديد. وقد شهد مكتبه في مقرات مطبعة Rotographie في مونترويْ  مرور مئات الرفاق، ممثلين لمنظمات مناوئة للإمبريالية وثورية، وكرس هو نفسه طاقة كبيرة للتوجه الى بلدان عديدة كي يدافع فيها عن أفكارنا ويلتقي  الحركات الثورية.

وفي سنوات 70 و 80، كان، و هو القارئ اليومي لجريدة لومانتيه،  منتبها لما يجري في الحزب الشيوعي الفرنسي وغيره من الأحزاب الشيوعية، ولتطور الأزمة العالمية للستالينية. ما جعله مشدودا دوما ، في فرنسا، إلى إمكانات العمل الوحدوي مع التيارات القادمة من الحزب الشيوعي الفرنسي.  وكان مهموما بتخطي حدود العصبة الشيوعية الثورية، والتقدم نحو تجميع سياسي كفيل بالحلول، داخل الطبقات الشعبية، مكان الحزب الشيوعي الفرنسي.  وكان ضمن الأوائل الذين التقطوا  أهمية الحركات، من قبيل حركة عام 1995،ونضالات  المهاجرين معدومي الأوراق الثبوتية، وشارك بنشاط ، بفعل رسوخ مناهضة الاستعمار في أعماقه، في العلاقات  مع الرفاق و المنظمات في الجزائر و منطقة بحر الكرايبي، وكورسيكا وكاناكي. وبعد انتصار الثورة الساندينية في نيكاراغوا، شارك مرتين  كملاحظ  في انتخابات  العام 1984 و العام 1990، وزار أيضا فنزويلا  الثورة البوليفارية. كما أشرف في مطلع سنوات 2000 على الصلة  مع الرفاق الراغبين في تأسيس منظمة للأممية الرابعة في روسيا.

وكان انتخابه إلى البرلمان الأوربي ، من 1999 إلى 2004، مع روزلين فاشيتا، أعطى مزيدا من الصدى والامكانات  للعمل الأممي، لا سيما  في حقبة تطور  الحركة من أجل عولمة بديلة والمنتديات الاجتماعية  الأوربية و العالمية في فلورنسا، ولندن، و بورتو اليغري، ومومباي. كما منح هذا الحضور صدى أكبر لمساندة آلان و روزلين  لنضالات عديدة، وأتاح أيضا تطوير عمل هام  من الأنشطة المشتركة  مع اليسار الأوربي المناهض للرأسمالية ( منه الحزب الاشتراكي السكتلندي، وحزب اعادة البناء الشيوعية في ايطاليا،  وحزب العمال الاشتراكي البريطاني،  وكتلة اليسار في البرتغال، و التحالف الأحمر الأخضر في الدنمارك).

كان الرفيق  آلان  من المحركين الرئيسيين لحملة أوليفييه بوزانسونو  في العام 2001 ، ومناصرا  متحمسا لتأسيس الحزب الجديد المناهض للرأسمالية بدءا من العام 2009، وقد مده حتى النهاية بمزاياه  السياسية و الانسانية.

وفي العام 2015، في أثناء حضوره في فاتح مايو في كييف، التحق  بندوة اليسار الأوكراني  المفضية إلى إطلاق  الحركة الاجتماعية الأوكرانية Socialny Rukh

عمل الرفيق آلان الكثير من أجل تنظيم تيارنا، وفي العمل السياسي الملموس للسير قدما  بأفكارنا، و في المبادرات الوحدوية، وفي النقاش المباشر  مع قوى عالمية أخرى، وتيارات أخرى من أجل ايجاد  سبل العمل المشترك.  وكان أحد صناع  توطد الأممية الرابعة وانفتاحها الذي أتاح  استقبال مناضلين ومنظمات  متحدرة من تقاليد مغايرة.

كان ذكاؤه يسعى إلى تعويض تشاوم   النكسات بتفاؤل الإرادة. لقد علمنا   ماركسيةً ثوريةً خُلواً من  التكبر، ووحدوية ، وساعية دوما  نحو طريق العمل الملموس . سنسعى لنبقى اوفياء لها.

بقلم: ليون كريميو

16 مارس 2022

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا