نفس جديد للثورة السورية ودلالته في مقابلة مع المناضل السوري جوزيف ضاهر

شهدت مدينة السويداء السورية حركة احتجاج شعبي فجرها قرار رفع الدعم عن المحروقات، وما خلفه من غلاء المعيشة وتدهور حياة شعب منكوب، في بلد خربه عقد من الحرب الاهلية الدموية وسيطرة الميليشيا المسلحة وفرق الشبيحة على مصادر عيش جماهير الشعب.
سرعان ما توجهت أصابع المحتجين إلى  أصل الداء، ورددت حناجر الغاضبين شعار اسقاط النظام، واعادوا الوصل بما انقطع من أهازيج وشعارات الثورة السورية قبل أن يخرسها النظام الدموي بالبراميل المتفجرة وبالقصف بالسلاح الكيماوي (2013).  وبفضل التدخل الروسي والايراني وأدرعه الميلشاوية بالمنطقة، وبتمدد الجماعات الرجعية الدينية المسلحة.حينها توارث الثورة الشعبية الجماهيرية إلى الخلف.

التحقت بلدات ومدن بالشمال والساحل السورى بنضالات السويداء وكأن الثورة السورية تصر على انجاز مهمتها التاريخية بدفن الثورة المضادة بكل أدرعها رغم ما تحملته من أهوال الفتك الشرس على يد أنواع شتى من الوحوش الكاسرة من أعداء الثورة السورية التحررية.
لاطلاع قراء المناضل-ة على النفس النضالي الحالي بسوريا، ودلالاته توجهنا بأسئلة إلى المناضل السوري المقيم بسويسرا الرفيق جوزيف ضاهر.

******

1- شهدت الكثير من المدن والبلدات في عموم المناطق السورية خروج مظاهرات مناديةً بإسقاط النظام وتأييداً للإضراب الذي تشهده محافظة السويداء. هل لك أن تحدثنا عن أسباب النفس الجديد للثورة السورية ودلالتها؟

جوزيف ضاهر: جذور الاحتجاجات في محافظة السويداء، والتظاهرات الأخرى في محافظتي درعا وريف دمشق، ترجع إلى الأسباب السياسية والاقتصادية. ويدين المتظاهرون بوضوح السياسات الاقتصادية ولكن أيضًا الاستبدادية للنظام السوري.

إلا أن الشرارة وراء المظاهرات الأخيرة مرتبطةٌ بالقرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة السورية والتي أدت إلى مزيد من التدهور في الظروف المعيشية للطبقات الشعبية في البلاد. وبينما ارتفعت الرواتب بنسبة 100%، أعلنت الحكومة السورية بالتزامن عن رفع الدعم كلياً عن البنزين ورفع الدعم جزئياً عن المازوت. وارتفع الآن سعر ليتر البنزين المدعوم (بنزين 90 أوكتان المدعوم) إلى 8000 ليرة سورية، مقارنة بـ 3000 ليرة سورية سابقاً (بنسبة زيادة 167%)، وسعر لتر المازوت المدعوم إلى 2000 ليرة سورية مقارنة بـ 700 ليرة سابقاً ( بنسبة زيادة 186%). وتمت زيادة سعر البنزين 95 أوكتان غير المدعوم مرتين في شهر آب/أغسطس ليصل إلى 14,700 ليرة سورية مقارنة بـ 10,000 ليرة سورية في تموز/يوليو ( بنسبة زيادة 47%). إن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية يؤثر على جميع مستويات الاقتصاد والمجتمع بأكمله، ويتآكل أي مكسب إيجابي من ارتفاع الرواتب.

ويؤثر ارتفاع أسعار المشتقات النفطية سلباً على المشاريع الزراعية والصناعية من خلال زيادة تكاليف الإنتاج، والتي تمرر بعد ذلك على أسعار السلع. وتشمل الآثار السلبية أيضًا ارتفاع تكاليف النقل على الأشخاص الذين يعيشون خارج المراكز الحضرية الرئيسية، حيث تقع معظم مؤسسات الدولة والأنشطة الاقتصادية الكبرى. كما أدى ارتفاع تكاليف النقل إلى زيادة التغيب عن العمل في المؤسسات العامة، حيث تمثل تكاليف النقل في بعض الأحيان حوالي نصف راتب الموظف أو أكثر. يتزايد عدد الموظفين في القطاع العام السوري الذين يستقيلون من مناصبهم بسبب انخفاض الرواتب وزيادة تكاليف النقل. رداً على ذلك، اتخذ النظام عدداً من الإجراءات لتشديد شروط قبول الاستقالة. كما أن ارتفاع أسعار النفط له آثار سلبية على السكن والحياة اليومية، لأن تكاليف تشغيل المولدات الخاصة مرتفعة للغاية، مما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي لفترة أطول. وقد أدى ذلك إلى تغيير عادات وسلوك المستهلك. فالكهرباء، سواء المقدمة من القطاع العام أو المولدات الخاصة، غير قادرة على تشغيل الثلاجات، لذلك تقوم الأسر عموماً بشراء المواد الغذائية ليوم واحد فقط، أو شراء المنتجات التي تصل مدة صلاحيتها إلى بضعة أيام دون الحاجة إلى التبريد.

لكن النظام ليس مستعداً للتوقف عن إجراءاته التقشفية التي تؤثر سلباً على الطبقات الشعبية. سرت شائعات في وسائل إعلام مختلفة بأن النظام السوري يخطط لمزيد من خفض الدعم عن السلع الغذائية مثل السكر والأرز والخبز وإلغاء الدعم بشكل كامل عن المشتقات النفطية قبل نهاية العام. علاوة على ذلك، تخطط دمشق لإلغاء الدعم عن جميع السلع بحلول عام 2024.

وللتعويض عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، منحت الحكومة بشكل عام مكافآت أو زيادة في رواتب وأجور موظفي الدولة والمتقاعدين. لكن هذه القرارات لا تعوض إلا جزئيا الانخفاض الكبير في القوة الشرائية للسكان، في حين لا يستفيد الأفراد العاملون لحسابهم الخاص من أي تدابير مماثلة.

بلغ الحد الأدنى لسلة الإنفاق، وهو مقياس لحساب تكلفة المعيشة بناءً على تدابير برنامج الأغذية العالمي، لأسرة مكونة من خمسة أفراد 1,440,841 ليرة سورية في يوليو/ تموز 2023 (ما يعادل 168.7 دولارًا أمريكيًا سعر الصرف الرسمي البالغ 8,542 ليرة سورية /دولار أمريكي)، ولكن بحوالي 110 دولارات أمريكية بسعر الصرف في السوق السوداء في بداية سبتمبر/أيلول 2023)، وهو ما كان أعلى بنسبة 90٪ عن العام السابق. وبالمقارنة، فإن الحد الأدنى للأجور الذي تمت مضاعفته في آب/أغسطس في القرار المذكور أعلاه في النص، لم يتجاوز 185,940 ل.س (ما يعادل 21.8 دولاراً أمريكياً سعر الصرف الرسمي 8,542 ليرة سورية/دولاراً، ولكن نحو 14.3 دولاراً أمريكياً في بورصة السوق السوداء المعدل في بداية سبتمبر/أيلول 2023). ويمثل هذا 13٪ فقط من الحد الأدنى لسلة الإنفاق لشهر يوليو/ تموز 2023. وبالمقارنة، كان متوسط أجر الموظف الحكومي في عام 2011 يتراوح بين 200 إلى 320 دولاراً أمريكياً، مع تداول 47 ليرة سورية مقابل دولار واحد.

2- انطلقت شرارة النضال من السويداء ذات الغالبية الدرزية. ما أثر ذلك في كسر اسطوانة النظام المتلاعب بمخاوف الاقليات الطائفية ؟

جوزيف ضاهر: يجب أولاً أن نفهم الخصوصيات السياسية لسويداء، قبل تعميم هذا الوضع على كامل البلاد أو على الأقليات الأخرى. علاوة على ذلك، فإن  الإحباط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي تجاه هذا النظام تجاوز  مسألة الأقليات. هناك إحباطات وغضب شعبي أوسع بين قطاعات كبيرة من السكان ضد السياسات الاقتصادية الفاشلة للحكومة والفساد والممارسات الاستبدادية، وقد تم التعبير عنها أيضًا على وسائل التواصل الاجتماعي. تم اعتقال العديد من الأفراد بسبب انتقاداتهم لسياسات النظام على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك من المناطق التي تعتبر “موالية” كما هو الحال في المناطق الساحل.

بالنسبة لسويداء، هنا خلفية توضيحية.

بين عامي 2011 و2013، خرجت عدة مظاهرات في محافظة السويداء مناهضة للنظام . ومع تزايد عسكرة الانتفاضة وصعود القوى الأصولية الإسلامية، اتخذت غالبية السكان الدروز في السويداء موقفاً محايداً بشكل متزايد. ومع ذلك، شهدت المحافظة المزيد من أشكال المعارضة والاحتجاجات في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية منذ نهاية عام 2019. وتركزت الاحتجاجات والمظاهرات بشكل أساسي على مطالب مرتبطة بتحسين الظروف المعيشية. و في نفس الوقت، كانت القضايا السياسية حاضرة دائمًا أيضًا، على سبيل المثال، تم تنظيم احتجاجات تندد بالحملة الرئاسية لـ “إعادة انتخاب” بشار الأسد في مايو / أيار 2021. إن السياسي والاقتصادي مترابطان تمامًا ولا يمكن فصلهما، كما ظهر في الاحتجاجات الأخيرة التي وصف فيها المتظاهرون النظام بأنه مذنب بالانتهاك المستمر لحقوق الإنسان وتدهور ظروفهم المعيشية.

وفي حين أن وسائل الإعلام الموالية للنظام كانت تصف المتظاهرين كذباً بأنهم عملاء أجانب يتبعون أجندة انفصالية، يُزعم أنها مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، فقد امتنعت قوات أمن النظام بشكل عام حتى الآن عن استخدام القمع العنيف. وفي حين أن هناك استعداد النظام لتجنب استخدام القمع العنيف ضد المحافظة كجزء من سياسته المتمثلة في استغلال الطائفية في الظهور كحامي للأقليات الدينية، فإن السبب الرئيسي لعدم قدرة النظام على قمع هذه الاحتجاجات مرتبطة بضعف نفسه، الذي سمح بشكل من أشكال الحكم الذاتي المحدود في محافظة السويداء. أجبره ضعف دمشق على تقديم تنازلات لمنطقة السويداء، ومنح المزيد من الحكم الذاتي لبعض القوات المسلحة المحلية والتسامح مع مستوى معين من المعارضة. على سبيل المثال، هناك عشرات الآلاف من رجال المحافظة يرفضون أداء الخدمة العسكرية والخدمة في جيش النظام. ومع ذلك، مع قيام النظام بتعزيز سلطته في جميع أنحاء البلاد منذ عام 2019، بذلت دمشق عدة محاولات لتعزيز وجودها العسكري والسياسي في السويداء، بما في ذلك محاولة خلق فوضى أمنية في محافظة السويداء من خلال شبكاتها الأمنية واستخدام عصابات مسلحة. لكن ذلك لم ينجح، ولم يتمكن النظام من استعادة كامل سلطته في محافظة السويداء، بسبب عجزه الموضوعي عن تقديم حلول للأزمات الاقتصادية والاستجابة للمطالب المحلية، كما أظهرت المظاهرات الأخيرة.

3- كيف تفاعلت مناطق سيطرة الحركة الكردية وتجربة روجافا مع النضالات الأخيرة؟

جوزيف ضاهر: مجلس “سوريا الديمقراطية” المظلة السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) تضامن  مع المحتجين-ات في المدن السورية، وقال في بيان نشر على منصاته بمواقع التواصل الاجتماعي، إن المواطنين السوريين «عبّروا عن سخطهم ورفضهم لسياسات الحكومة السورية، ونؤكد دعمنا ومناصرتنا لهذه الاحتجاجات والمطالب المحقّة للمحتجين وندعو السوريين كافة للتضامن معها».

لكن المواجهات العسكرية التي اندلعت لاحقاً في دير الزور، استحوذت على اهتمام الإدارة. وفي نفس الوقت، هناك محاولات من قبل النظام، وكذلك النظامين الإيراني والتركي، لتصوير الاضطرابات في شمال شرق البلاد على أنها نتيجة صراع عرقي بين العرب والأكراد من أجل تقسيم السوريين مرة أخرى على أسس عرقية وطائفية، وصرف انتباه الطبقات الشعبية السورية عن التحركات الاحتجاجية في السويداء.

4- واجه النظام السورى بدعم مباشر من روسيا وايران وادرعها بالمنطقة، الثورة السورية بحرب دموية وبارتكاب مجازر جماعية بلغت حد استعمال السلاح الكيماوي. هل للنظام السورى طريقا آخر غير إعادة سيناريو الرعب لقمع الدينامية الجديدة؟ وما العمل لمنعه من تكرار جريمته؟

جوزيف ضاهر: نعم بالطبع. وتشهد مدن مختلفة مثل اللاذقية وحلب، منذ بداية الاحتجاجات في السويداء، حملات اعتقالات، وسط تخوف الأجهزة الأمنية التابعة للنظام من امتداد الحركة الاحتجاجية إلى مناطق أخرى. وفي نفس الوقت، تم قمع بعض المظاهرات في محافظة درعا بعنف.

في حين أن بقاء النظام أصبح مضموناً إلى حد ما، ويرجع ذلك أساساً إلى دعم حلفائه الأجانب إيران و روسيا، فإن الحفاظ على شكل من أشكال الهيمنة على قطاعات واسعة من السكان لم يعد كذلك. وهذا يغذي حالة من عدم الاستقرار المستمر، كما أظهرت حركة الاحتجاج الأخيرة والتعبيرات الواسعة عن الإحباط الشعبي والغضب بين السكان.

5- ما حال قوى اليسار راهنا في سوريا؟ وما إمكان اسهامها في السيرورة النضالية الحالية؟

جوزيف ضاهر: من الواضح جداً أن هناك  توجهاً يسارياً في مظاهرات السويداء، وإن ظل الطابع السائد للحركة الاحتجاجية ديمقراطياً، وهو ما تعكسه بعض الشعارات واللافتات. هناك تقليد طويل من الخلفية والحركات اليسارية في المنطقة.

وبالمثل، ظهرت مجموعة أخرى قبيل الحركة الاحتجاجية الأخيرة تسمى حركة 10 أب،  ذات توجه يساري من خلال مطالبها. الهدف الأساسي لحركة 10 أب ، كما هو موضح في بيانها الأولي، هو معالجة المعاناة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للشعب السوري الناتجة عن سياسات النظام، مع التأكيد على المقاومة السلمية واللاطائفية. كما تدعو، من بين أشياء كثيرة، إلى زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 100 دولار، وتحرير جميع السجناء السياسيين، ورحيل جميع قوات الاحتلال الأجنبي وتنفيذ قرار الأمم المتحدة 2254، الخ… هذه المجموعة الجديدة تشمل بآلاف الأعضاء داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام، وتنظم بطريقة لا مركزية، عبر الإنترنت ويقودها في المقام الأول الشباب السوري. وبينما بدأت الحركة أولاً في مدينة اللاذقية، إلا أنها تظم أفراداً من مختلف أنحاء البلاد ومن مختلف الطوائف والأعراق. لكن الحركة الجديدة امتنعت حتى الآن عن الدعوة إلى الاحتجاجات حتى تصل إلى كتلة حرجة من الدعم، وخوفاً من القمع العنيف.

ولكن بشكل أعم على المستوى الوطني وخارجا، لا يزال اليسار السوري منقسماً وضعيفاً سياسياً وتنظيمياً. لا تزال قدرة الطبقات الشعبية على التنظيم الذاتي والعمل الجماعي مقيدة إلى حد كبير من قبل قوات الأمن القمعية و المليشيات الرجعية، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وهيئة تحرير الشام أو الخاضعة للاحتلال التركي. في نفس الوقت، وفي ظل أزمة اجتماعية واقتصادية مستمرة ومتعمقة وغياب جبهة مقاومة موحدة منظمة على المستوى الوطن، من الصعب أن نتصور أن الطبقات الشعبية تواجه أو تقاوم بشكل هادف تدهور وتفاقم ظروفها المعيشية أو الهياكل الاستبدادية للدولة و لسلطات أخرى المذكرة فوق. وبالنسبة لقطاعات كبيرة من الطبقات الشعبية، أصبحت الهجرة في كثير من الأحيان الخيار الوحيد لحياة أفضل.

وتظل إحدى المهام الأولى هي تشكيل الجبهة الموحدة التي تجمع بين القوى اليسارية، ثورية و إصلاحية. يجيب هذه الجبهة أن تمثل قطب سياسي مستقل وتعارض كلاً من النظام الدكتاتوري، ولكن أيضًا الحركات الأصولية الإسلامية، التي تشكل أيضًا قوة مضادة للثورة، والجهات المعارضة المحافظة والنيوليبرالية المدعومة من تركيا وقطر مثل الإئتلاف، الذي يتمتع بسياسة رجعية وفاسدة. وفي نفس الوقت، هناك حاجة إلى الحد الأدنى من النقاط البرنامجية المشتركة، مثل الدفاع عن الحقوق الديمقراطية، ومعارضة النيوليبرالية، ومعارضة الطائفية والعنصرية، ومعارضة جميع أشكال الإمبريالية والقوى الإقليمية، وما إلى ذلك…

في هذه الجبهة الموحدة، أعتقد أنها يجب أن تشمل القوى السياسية الكردية اليسارية مثل حزب الاتحاد الديمقراطي. كما هو الحال في جميع أشكال الجبهة الموحدة، فإن انتقاد الجهات الفاعلة الأخرى أمر ممكن دائمًا، مع وجود أشكال من التعاون السياسي. لكن أي جبهة موحدة اليوم في سوريا عليها أن تتخذ موقفاً تقدمياً وديمقراطياً واضحاً فيما يتعلق بالقضية الكردية، كما أن هناك حاجة لموقف واضح مضاد لكافة أشكال الطائفية و العنصرية، وإلا فسنكرر نفس الأخطاء ولن نقدم مشروعاً حقيقياً جامعاً قادراً على جمع الطبقات الشعبية من مختلف الخلفيات الطائفية والعرقية.
هناك اضطهاد تاريخي ضد السكان الأكراد منذ الاستقلال عام 1946، على نطاق وطني (سياسات ذات تحامل شبه ممنهج ضد الأكراد، سياسات استعمارية في إطار “الحزام العربي” وقمع ثقافي على كافة المستويات)، و لكن أيضا كان لهذا القمع نتائج اجتماعية-اقتصادية.

لا تزال غالبية الأحزاب السياسية العربية المعارضة للقضية الكردية، على أنها مجرد قضية جنسية حصراً. بمعنى آخر، تعتقد المعارضة العربية أنّ الأكراد مواطنون سوريون عاديون، حرموا من بعض حقوقهم، وأنّ المشكلة، بالتالي، هي مقتصرة فقط على مسألة مسح عام 1962، والذي نتج عنه حرمان حوالي 120 ألف كردي من الجنسية واعتبارهم أجانب.

أخيرًا، هناك حاجة أيضًا إلى مشاركة اليسار، عندما يكون ذلك ممكنًا، في بناء منظمات مستقلة وجماهيرية، مثل النقابات العمالية المستقلة أو الحركات النسوية، والتي ستكون ضرورية لتحسين ظروف معيشة وعمل القوى العاملة في البلد.

6- ما المطلوب اقليميا وأمميا لدعم الدينامية الشعبية الجديدة من القوى الديمقراطية والاشتراكية؟

جوزيف ضاهر: وبالطبع فإن التضامن الأممي ضروري دائمًا، لا سيما من خلال الدعم السياسي والمادي، إن أمكن، لحركة الاحتجاج في السويداء، ولقوى اليسار التقدمي في سوريا، ورفض تطبيع هذا النظام.

و في نفس الوقت، تظل إحدى أفضل طرق المساعدة هي معارضة الطبقات الحاكمة في بلادكم التي تهتم جميعًا بإعادة فرض شكل من أشكال الاستقرار الاستبدادي على المستوى الإقليمي للسماح بإطار سياسي يسهل تراكم رأس المال لصالح النخب السياسية و القتصادية.

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا