أردوغان- فلسطين: النفاق والسياسة الواقعية

بقلم: أُوراز أيدين

“ليست حركة حماس منظمة إرهابية بل هي جماعة من محررين ومجاهدين يحمون وطنهم”.
بعد يوم من إلقاء هذه الكلمات في البرلمان كي تظهر بمثابة تحد بوجه الهيمنة الأيديولوجية للصهيونية والإسلاموفوبيا في الدول الغربية، نظم الرئيس التركي “تجمعاً كبيرًا من أجل فلسطين” في إسطنبول يوم السبت الماضي…
أكد رجب طيب أردوغان أمام مئات الآلاف من الناس – في حشد كبير لأنصاره- بأن “الغرب هو المسؤول الرئيس عن المذبحة في غزة”. ثم أضاف “لقد بكيتم كثيرا أطفال أوكرانيا المقتولين، لماذا تصمتون بشأن أطفال غزة المقتولين؟ سنُظهرك، يا إسرائيل، كمجرم حرب في أعين العالم”.
هجوم مضاد على الجمهورية العلمانية
عُقد هذا اللقاء عشية الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية. يحب الرئيس التركي اللعب بتواريخ الأحداث الرمزية لتاريخ البلاد محاولا طبعها ببصمته، عاكسا أهميتها التاريخية خدمةً لحكمه. هذا ما جرى إبان هذا التجمع الضخم حيث أكد الرئيس أهمية القضية الفلسطينية، مقدما إياها كقضية إسلامية مقدسة في مواجهة هيمنة الغرب.
كان هذا الاجتماع بمثابة حدث مضاد بوجه إحياء الذكرى في اليوم الموالي، وقد جرى في سياق استقطاب مجتمعي، ثقافي وديني (%52 مقابل %48 لصالح أردوغان في الانتخابات الرئاسية، مايو 2023)، وأتاح للرئيس استعراض القوة هذا، وفي الآن ذاته التعبير عن معارضته لتأسيس الجمهورية التركية وللعلمانية، وهي قيم أساسية للمعارضة.
الديماغوجية
حاول أردوغان بداية، عقب عملية طوفان الأقصى والهجوم الإسرائيلي الإجرامي على غزة، أن يقوم بدور المفاوض بين حركة حماس وتل أبيب، على شاكلة ما قام به إثر الغزو الروسي لأوكرانيا. لم يمض وقت طويل على إعادة أنقرة ربط علاقاتها مع إسرائيل بعد سنوات قطيعة عديدة (منذ العام 2018). وكان متوقعاً إنجاز مشاريع تعاون اقتصادي كبرى بين الدولتين، خاصة في مجال الطاقة.
لكن لهجة الرئيس التركي اشتدت بعد قصف المستشفى الأهلي في غزة، مُحدثاً قطيعة جديدة. أُعلن الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام تضامنا مع المتوفين/ات. وأمام ضغط قاعدته الانتخابية وبسبب رغبته في الظهور بمثابة ممثل الأمة (جماعة المسلمين/ات)، اضطر أردوغان للتضحية بجزء من هذه العلاقات مع الدولة الصهيونية.
القطيعة مع دولة إسرائيل الاستعمارية
كان حزب العمال التركي (حيت يناضل رفاقنا في الأممية الرابعة)، ولا سيما عبر المتحدثة باسمه سيرا كاديجيل Sera Kadıgil، قد انتقد بشدة استعمال النظام التركي للقضية الفلسطينية: “لماذا تبكون حين يُقتل المدنيون في غزة، ولكن ليس عندما يقتلون في روج آفا Rojava؟”. ودعا الحزب بالفعل إلى وقف العلاقات الدبلوماسية والعسكرية والتجارية مع دولة إسرائيل الاستعمارية: “نحن نعلم أن حكومة حزب العدالة والتنمية هي الشريك التجاري الرئيس لإسرائيل رغم تصريحاتها المزعومة المؤيدة للفلسطينيين. يتعاون نظام قصر أنقرة سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا مع إسرائيل في عدة مناطق، من القوقاز إلى شرق البحر الأبيض المتوسط. ولا نتوقع من الصهاينة أو الإسلاميين السياسيين أو المراكز الإمبريالية “الليبرالية” أن يقوموا بخطوة باسم الإنسانية والسلام”.
وفي البرلمان، قرأ أيضا نواب/ات من حزب العمال التركيTIP وحزب المساواة وديمقراطية الشعوبHEDEP (الاسم الجديد للحزب الكردي) وEMEP (حزب العمل اليساري الجذري) إعلان حركة المقاطعة (BDS) التركية التي تعارض أي تعاون مع إسرائيل.

المصدر: اسبوعية أنتي كابيتاليست L’Anticapitaliste عدد 681 بتاريخ (02/11/2023).

شارك المقالة

اقرأ أيضا