حراك التعليم: ديمقراطية مُعبرة عن إرادة القاعدة المناضلة… طريقنا إلى النصر

الافتتاحية28 نوفمبر، 2023

يعيش بلدنا حالة نضالية عمالية غير مسبوقة هي إحدى أعظم نضالات الطبقة العاملة المغربية على الإطلاق. إضرابٌ في قطاع التعليم، المُشغِّل لما ينيف عن 300 ألف أجير وأجيرة، سائرٌ إلى استكمال شهره الثاني.
يتميز هذا الحراك بالانخراط الواسع للشغيلة بحجم مشاركةٍ في الإضراب والمسيرات غير مسبوق بتاتا بهذا القطاع. واتخذ هذا الانخراط أشكالا ديمقراطية أولية طالما خنقها التحكم البيروقراطي المستشري، من قبيل النقاشات في قاعات الأساتذة والجموع العامة في أماكن العمل، وانتداب ممثلين- ات بديمقراطية. طبعا ككل حراك بهذا الحجم تشوبه سلبيات معظمها من الماضي نقلها من تمرسوا داخل منظماتهم- هن السابقة على إعدام الديمقراطية وعلى أشكال التحايل لمصادرة حق القاعدة في اتخاذ القرارات و في الإمساك بزمام نضالها بتسيير ذاتي قاعدي.
ونحن على مشارف الشهر الثالث، يرتفع السؤال إلى أين نسير، وما العمل؟
تستعين الدولة مجددا بقيادات نقابية انكشفت حقيقتها أمام أعين شغيلة التعليم، الذين نزعوا عنها شرعية التحدث بلسانهم/هن بعد تورطها في خيانة صريحة لمصالحهم/هن، وفي التدليس والخداع شهورا مديدة. إنها قيادات نقابية لم تعد تمثل سوى نفسها، بعد ان انخدعت بها القواعد مدة طويلة. وأول مهمات قاعدة تلك النقابات النضال لإزالتها تنظيميا بعد أن أزاحها الشغيلة في ساحة النضال.
عرضت الدولة يوم أمس، في حوارها مع شركائها في الإضرار بالشغيلة، ما بجعبتها من مناورات/تنازلات تتوخى امتصاص نقمة شغيلة التعليم دون استثارة مطالب قطاعات أخرى من أجرائها ومن أجراء- ات القطاع الخاص المكتوين- ات جميعا بنار الغلاء الفاحش غير المسبوق تاريخيا. عرضت ما لديها لتظهر بمظهر من يلبي المطالب، بعد أن تجاهلت الاستجابة لها ورفضت التفاوض بشأنها طيلة شهرين بغاية إنهاك الشغيلة سيرا على قاعدة البرجوازية لما تواجه إضرابات الطبقة العاملة بكل مكان بالعالم.
وتوازيا مع ذلك، شرعت الدولة في تنفيذ اجراءات قمع وتضييق متعددة الصيغ، منها اقتطاعات من أجور المضربين/ات، واستفسارات تمهيدا لتنزل عقوبات بشريحة من الشغيلة لتخلق جوا من الارتعاب، وستزيد حملتها لتأليب أسر التلاميذ على الشغيلة شدَّةً. الغاية من هذا كله إبراز الشغلية كطرف معاند لا يقبل حلا وسطا، ويصعد لغايات “مشبوهة”، هذا كله بغاية تبرير رفع حدة القمع أمام الرأي العام.
تسعى الدولة بما سمته “تجميد النظام الأساسي الجديد في أفق تعديله” إلى الظهور بمظهر المستجيب فعلا للمطلب المركزي لشغيلة القطاع، مطلب الغاء تام لذلك النظام. وليس ربط ذلك كله بتاريخ 13 يناير سوى تحايلا يتيح تمرير قانون مالية سنة 2024 في نهاية شهر ديسمبر. إنها مناورة لضمان سلم اجتماعي في قطاع يشهد أكبر دينامية نضالية حاليا، كي تتمكن من تمرير التصويت على قانون المالية بسلام.
لحد الآن فرض الشغيلة في القاعدة إرادتهم/هن في الوحدة النضالية على أجهزة مختلف الهيئات المشاركة في النضال الجاري. وهذا ما يحافظ للحراك على نَفَسٍ قوي، ويرفع ثقة الشغيلة في أنفسهم- هن. وهذه الوحدة هو ما ستسعى الدولة لنسفه بالمناورة بمحاولة استغلال النزوع الفئوي لشق صف الشغيلة الموحد، بدفع فئات تُلَبَّى مطالبها إلى الانسحاب من المعركة دون إسقاط النظام الأساسي وتحقيق سائر المطالب الكبرى التي توحد الجميع، لا سيما الزيادة في الأجور وسن قانون للسلم المحرك للأجور والأسعار الذين من شأنهما إبطال مفعول الغلاء المدمر للقدرة الشرائية.
وطبعا ستعمد الدولة إلى الاستعانة بمن عهدت فيهم ذلك من بيروقراطيات لا تزال مسيطرة على منظمات قسم من الشغيلة، والتعويل حتى على انفكاك داخلي للحراك بمجمله قد يسببه عدم احترام الديمقراطية داخله، وهي ميول قائمة في كل أدوات النضال الحالية، من نقابة ومن تنسيقيات بدرجات متفاوتة.
لذا، ليس بيد الحراك لمواجهة المرحلة المقبلة، المحتمل أن تزداد صعوبة للعوامل الوارد أعلاه، سوى:
1) أوسع إعمال للديمقراطية بالجموع العامة في أماكن العمل ذات السيادة في اتخاذ القرار، وجعل هذا القرار ملزما لقيادات يجب الاستمرار في الضغط عليها وإخضاعها للرقابة والحذر منها، سواء التي فضلت “الحوار القطاعي” أو التي تقود النضال حاليا، وجعل نتائج التفاوض موضوع نقاش واستفتاء في القاعدة.
2) توسيع قاعدة النضال بخرط كل أقسام شغيلة قطاع التعليم (هيئة الإدارة التربوية، ومربيات التعليم الأولي وعمال- ات الحراسة والنظافة والإطعام والإيواء والنقل المدرسي، مع الدفاع عن مطلب دمج هذه الفئات)، ومجمل شغيلة الدولة والقطاع الخاص سيرا نحو إضراب عام عمالي وشعبي.
إن قرارا جماعيا ديمقراطيا يتخذه كافة المشاركين والمشاركات في النضالات الجارية هو الكفيل بضمان النصر، وبضمان مكاسبه ومواصلة وحدة الشغيلة لمواجة القادم قريبا من هجمات وبمقدمتها حق الإضراب المستهدف بمنع عملي. ولنتذكر أن لولا حق الإضراب لمر النظام الأساسي وتكرس وتعمق استعباد الشغيلة وتجويعهم. وثاني أعظم الهجمات استهداف ما تبقى من مكاسب التقاعد وتعديل مدونة الشغل في اتجاه يشدد الاستغلال والهشاشة خدمة لمصلحة الرأسمال.
اللحظة مصيرية ولا سبيل إلى النصر غير الديمقراطية العمالية: ديمقراطية الجموع العامة ذات السيادة في اتخاذ القرار.
المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا