فكيك نضال مستمر ضد خوصصة خدمات الماء والكهرباء

تعيش مدينة فكيك والواحات المجاورة لها شرق البلاد منذ زهاء الشهرين موجه نضالات شعبية، رفضا لتفويت قطاع الماء الصالح للشرب والكهرباء بالجماعة لفائدة الشركة الجهوية “الشرق للتوزيع”، وانخرط في الأشكال الاحتجاجية والمسيرات الشعبية مختلف شرائح وفعاليات المجتمع بالمدينة، خاصة النساء اللواتي تشكلن قوة كبيرة وذات حضور بارز في ظل هذه الدينامية النضالية، واشعل فتيل الاحتجاج قرار رئيس الجماعة بالتصويت على التفويت بعد أن كان الاتفاق قبل أسابيع من الاحتجاج بالإجماع بمعارضة ورفض التفويت كما هو حال مدينة جرادة، وتحمل الشعارات المرفوعة بالحراك المسؤولية للرئيس الذي خضع لضغط ونوابه من طرف عمالة الإقليم وتم طمأنته أن للمدينة خصوصية ولن ترتفع الفواتير وهذا ما لم تتقبله الساكنة وبفعل التجربة لا يثق المحتجون/ات في وعود الدولة.
سياق الهجوم على الخدمات الاجتماعية
جاء سياق ظهور هذه الشركات الجهوية الخاصة بتدبير قطاع الماء والكهرباء، والتي يؤطرها قانون رقم 83.21 المؤطر بظهير شريف رقم1.23.53 صادر يوم 12 يوليوز 2023، الذي صادقت عليه الحكومة وصدر بالجريدة الرسمية 17 يوليوز 2023، وهذا القانون هو طور متقدم من أطوار اجهاز الدولة على الخدمات والهجوم عليها، التي كانت تسيرها مؤسسات عمومية و/أو شبه عمومية -المكتب الوطني للماء والكهرباء- عبر تفويتها للقطاع الخاص، تنفيذا لسياسات مملات من المؤسسات الدولية المانحة، ووضع الشعب تحت يد الرأسمالين. ومن مهامها حسب المادة الأولى من القانون « توزيع خدمات توزيع املاء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، والإنارة العمومية عند الاقتضاء؛
يهدف القانون إلى تفويت خدمات اجتماعية (كالماء والكهرباء وتطهير السائل)التي تعد قطاعات اساسية تمس أجيُب الفقراء والمفقرين وقدرتهم الشرائية، كما هو شأن الخدمات الصحية فيما سمي حماية اجتماعية، والغرض من تفويض تدبيرها للشركات الجهوية فتح مجال لمراكمة الأرباح على حساب الفقراء من الشعب، أي ضرب القدرة الشرائية الخاصة بهم التي تتوالى ضرباتها مع ارتفاع الأسعار، وذلك بارتفاع سومة الاستهلاك والخدمات وهو ما يعني فواتير مرتفعة، إضافة الى منح امتيازات عديدة للشركات مثل الاعفاء الضريبي أو تخفيفه، كما تنقل لها المكاتب والبنيات، إضافة الى أن هذه الشركات ستستثمر ما يفوق 90%، مقابل نسبة ضعيفة للجماعات والدولة، ما يضع المستهلك تحت رحمة ارتفاع الفواتير. إضافة الى ان الشركة يمكن أن تجهز على ملكيات الافراد تحت ذريعة المنفعة العامة كما جاء في المادة 4 من القانون. علاوة على ذلك فالشركة يمكن ان تعهد تدبير هذه الخدمات لشركات أخرى أو اشخاص معنويين فالمادة 10 تسمح بذلك، الذي يعني التلاعب بالفواتير من أجل أن يربح الجميع.
نضال مستمر
واكب اصدار القانون إضرابات واحتجاجات موظفي القطاع منذ أشهر ضد، هذا التفويت الذي سيحولهم من اجراء تابعين للمكتب الوطني للماء والكهرباء إلى مستخدمين تابعين للشركة، لهذا يعيش القطاع دينامية نضالية ضد خوصصة القطاع وتحويل الاجراء الى الشركات الذي تم تضمينه القانون في المادة 16 «ينقل إلى الشركة، ابتداء من دخول عقد التدبير حيز التنفيذ، المستخدمون التابعون للمكتب الوطني للكهرباء واملاء الصالح للشرب وللوكالات المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء ولشركات التدبير المفوض المعنية والعاملون بالمرافق المعهود بتدبيرها إلى الشركة»، وقد انتظم اجراء القطاع في تنسيق نقابي من ثماني نقابات من أجل المطالبة بحقوقهم وكذا الدفاع عن الخدمات العمومية، أذ يرفضون تفكيك المكتب الوطني للماء والكهرباء وتسليع خدمات الماء وضرب حق المواطنين فيه اذ ستصبح سلعة وستخضع لقانون السوق(العرض والطلب)، ويطالبون بالزيادة في الأجور في ظل موجة الغلاء، وعدم مس حقوقهم بعد نقلهم للشركات الجهوية.
في ظل هذه الأوضاع انتفضت ساكنة فكيك مطالبة بعدم خصخصة الماء الصالح الشرب، ورفض تفويت شبكة من الخدمات والمرافق التي ناضلت الساكنة من أجلها لمد، ستدخل الشركة على هذه الشبكة دون صرف ولو سنتيم عليها، لأن الجماعة تملك شبكة ماء جيدة وموسعة، ما يعني منح هدية للشركة تدر عليها الأموال وتراكم الأرباح من خلالها. لهذا تطالب الساكنة المفقرة الجماعة إلغاء الشراكة والانضمام لشركات الشرق للتوزيع، وقد هدد المحتجون بمقاطعة الفواتير وعدم الأداء، وترفض تفويت الخدمات لأي قطاع خاص، وهذه الخطوة كانت قد اتخذت فيما سبق بمدن مجاورة كـ «جرادة دجنبر 2017» و»بوعرفة 2006» والتي اججها غلاء الفواتير الخاصة بالماء والكهرباء في سياق زيادات متتالية بداية الالفية الثالثة.
ويأتي احتجاج ساكنة فكيك في سياق استشعار الخطر القادم عبر منح خدمات توزيع الماء لهذه الشركة، وما قد يواكبها من رداءة الخدمات وغلاء الفواتير، إضافة أن المحتجين يدركون أن اهداف الشركات الرأسمالية، ربحية ومراكمة الثروة على حساب الفقراء من ساكنة الهامش الشرقي، الذي يعاني بشكل دائم. ومن أمثلة هجوم الشركات على قدرات الشعب المادية، يتجلى في شركة «امنديس» بطنجة التي اكتوت الساكنة بلهيب فواتيرها سنة 2015، أطلقت شرارة دينامية شعبية آنئذ. وانخرطت ساكنة فكيك وابدعت أشكال الاحتجاج من وقفات ومسيرات شعبية وكذا اضراب للمحلات التجارية وارباب الشاحنات ما شلّ الحركة بكل ارجاء المدينة، وأثارت الاحتجاجات مشاكل التنمية بالمنطقة والبطالة المستشرية وقيود رخص البناء، وأُسست تنسيقة محلية للحراك وأخرى وطنية لدعم.
ما العمل إزاء هذه الهجمات المتتالية؟
لا يختلف اثنان على ان موجة النضال التي تشهدها فكيك ستكون الوحيدة في سياق تعدد وتجدد الهجمات والتعديات التي تواكب الجفاف والغلاء الممتدين، التي ستواجهها الدولة بقمع شديد وتعزل النضالية الجارية وستستمر في هجماتها الى مداها، وهو ما يحصل بفكيك من تعتيم الإعلام الرسمي، لهذا وجب التضامن الشعبي مع نضالات فكيك من خلال:
رفض تسليع وخصخصة الماء ورهنه بشركات ربحية والتي تستهدف جيوب الفقراء
تشكيل لجان شعبية بجميع المناطق على شاكلة تنسيقيات الغلاء بداية الالفية، لرفض الهجوم على الخدمات الاجتماعية ومواجهة موجة الغلاء.
صهر نضالات الساكنة ضد الشركات الجهوية مع نضالات موظفي القطاع، وانضمام باقي القطاعات المناضلة بالميدان
الاستفادة من دروس النضالات الشعبية التي مرت بالمنطقة كذلك بعموم المغرب (بوعرفة/الريف/ جرادة/طنجة/طاطا..)

بقلم، ماسين

شارك المقالة

اقرأ أيضا