رسالة رابعة إلى مناضلات ومناضلي “التوجه الديمقراطي” داخل الاتحاد المغربي للشغل

 للتحميل، أنقر على الرابط: Lettre 4 CD-UMT. 06 mars 2015

“المفاوضات” مع البيروقراطية:
لا لمساومات تفكيك “التوجه الديمقراطي” والحد من كفاحه لصد الهجوم على حقوق الشغيلة ومكاسبها

تجربة “التوجه الديمقراطي” داخل الاتحاد المغربي للشغل في مفترق الطرق
تسير قيادة الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، وهي المؤثرة أيضا على قيادة “التوجه الديمقراطي”، نحو العودة إلى الاتحاد المغربي للشغل (إ م ش). فقد قامت بعدة جولات “تفاوض” مع بيروقراطية إ م ش في اتجاه “تطبيع” علاقتها بها، ضاربة عرض الحائط شروط التفاوض الرئيسية، ألا وهي بقاء مكونات “التوجه الديمقراطي” كتنظيمات مستقلة بشكل تام في قراراتها فيما يخص التنظيم وبرنامج العمل والنضال، أي بعيدا عن تسلط الجهاز البيروقراطي. كما بدأت الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية نفس مسار “التفاوض” مع البيروقراطية بعد أن بعثت هي أيضا رسالة طلب لقاء على غرار ما قامت به الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي. في حين رفضت أغلبية المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم بعث رسالة طلب لقاء إلى بيروقراطية إ م ش، حيث هناك تشكيك في جدوى التفاوض (تشكيك موجود بين باقي مكونات “التوجه الديمقراطي”) حول العودة إلى المركزية، في ظل استعداد البيروقراطية لعقد مؤتمرها، واشتراطها عدم الخوض في الحياة الداخلية للمنظمة وسياستها. وهذا ما يعني أن تأثير خيار العودة بشروط “التفاوض” الحالية سيكون محبطا للطلائع التي عقدت آمالا على تجربة “التوجه الديمقراطي” لكونها فضاء قد يسمح بتحفيز تجارب نضالية كفاحية جديدة وبمضمون ديمقراطي حقيقي.
يوجد “التوجه الديمقراطي” اليوم إذن في مفترق الطرق. فإما أن يستمر في مراكمة الشروط النضالية والتنظيمية، رغم كل النواقص والصعوبات، لتحقيق تحول من موقع الدفاع لفرض الذات في الساحة وتحصينها من ضربات البيروقراطية والنظام، إلى طور هجوم يأخذ فيه زمام المبادرة النقابية الكفاحية من أجل المصالح الفعلية لطبقة الأجراء. وهذا ما يقتضي القطع مع أوهام إمكانية تحقيق هذا السبيل عبر تمتين الجبهة الداخلية للاتحاد المغربي للشغل والعودة وفق شروط البيروقراطية. وإما أن يتنازل عن الاضطلاع بهذه المهمة ويستنكف عن التشهير بخيانات البيروقراطية النقابية، ويكون بذلك عرضة لإفلاس سياسي ونضالي ونقابي مهول، ويساهم في تبديد جهود تاريخية في بلورة قوة نقابية ديمقراطية وكفاحية في الساحة النقابية قد تبدو ضعيفة كميا، ولكن تشكلها كنموذج نقابي مكافح من شأنه أن يجعل منها قبلة وراية تناضل تحت لوائها خيرة العناصر النقابية.

الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تسرع مسار “التفاوض” مع بيروقراطية إ م ش

التخلي عن إمكانية “فك الارتباط”…
كانت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تناقش إمكانية “فك الارتباط” في سياق مواصلة بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل حربها الاستئصالية ضدها. وتجلى ذلك بشكل كبير في اجتماع اللجنة الإدارية الاستثنائي يوم 19 دجنبر 2014 حضره غالبية الأعضاء والعضوات وخصص أساسا لحسم آفاق علاقة الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بالاتحاد المغربي للشغل. وخلص الاجتماع إلى أن استراتيجيتنا هي فك الارتباط التنظيمي بالبيروقراطية، وليس لدينا وهم بخصوص خطة الاستئصال النهائية التي تقوم به هذه الأخيرة، وعلينا الإعداد التنظيمي -مؤتمر وطني أو مؤتمر استثنائي-بشكل عاجل. لكن حفاظا على الوحدة الداخلية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، لابد من مواصلة دق باب التفاوض مع البيروقراطية حتى يقتنع مترددون في الجامعة باستحالة ذلك. كما علينا الحرص ألا نمنح البيروقراطية ذريعة لتسريع هجومها المباشر علينا. ويبقى شرط العودة إلى الاتحاد المغربي للشغل هو بقاء الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تنظيما مستقلا بشكل تام في قراراته فيما يخص التنظيم وبرنامج العمل والتنسيق النضالي. إنه الشرط الوحيد الذي يحكم التفاوض. وتقرر عقد مؤتمر وطني عادي في 28 فبراير 2015 مع إبقاء اجتماع اللجنة الإدارية مفتوحا لاتخاذ أي قرار مستعجل بما في ذلك عقد مؤتمر استثنائي.

والتسرع إلى “التفاوض”
لكن مسار التفاوض سيسير بسرعة كبيرة نحو “تطبيع” العلاقة مع بيروقراطية إ م ش والشروع في وضع آلياته. ولفهم هذا الانعطاف النوعي، لابد من سرد مجريات مسار التفاوض الذي بدأته الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي من أجل العودة إلى الاتحاد المغربي للشغل وتسعى لفرضه على مكونات “التوجه الديمقراطي”.
بعثت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي برسالة ثانية يوم 22 دجنبر 2014 (الأولى كانت بتاريخ 9 من نفس الشهر) إلى الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل تطلب عقد لقاء. وأجابت هذه الأخيرة بالقبول ليعقد الاجتماع الأول يوم 16 يناير 2015 تلته أربع اجتماعات (23 و 30 يناير 2015، ثم 06 و 13 فبراير 2015). وتشكل وفد الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي من 5 أعضاء قياديين في الكتابة التنفيذية وعلى رأسهم الكاتب العام. وضم وفد الأمانة الوطنية كلا من ميلودي موخاريق، وفاروق شهير، وآمال العمري، والحاج زروال (أو أحمد بهنيس في بعض الأحيان).

وعود محدودة من طرف البيروقراطية
تمحور مضمون النقاشات حول طبيعة العلاقة بين الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي ومركزية إ م ش، وكيفيات الانتقال من “وضعية غير عادية الى الوضعية العادية”. ويتعلق الأمر بتسليم بطائق الانخراط لسنة 2015 (تسلمت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي دفعة أولى)، وفتح المقرات بدءا بالمقر الجهوي بالرباط، وإشراك الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تحضير المؤتمر الوطني الحادي عشر للاتحاد المغربي للشغل، ورفع التعرض على تسليم وصولات الايداع للملفات القانونية التي تقدمها فروع ونقابات الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي إلى السلطات. في ظل المفاوضات حاولت بيروقراطية إ م ش إفشال المؤتمر الوطني للمحافظة العقارية كنقابة وطنية داخل الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، وساعدتها السلطات في ذلك بمنعها عقده في قاعة حجزت من قبل. ورغم ذلك انعقد المؤتمر بمقر جامعة الفلاحة يوم 31 يناير 2015، وتم انتخاب لجنة إدارية. لكن تقرر تأجيل فرز المكتب الوطني بطلب من البيروقراطية في انتظار البحث عن اتفاق حول تشكيلته لتوحيد النقابتين. فقد سبق أن قامت بيروقراطية إ م ش بعمل تخريبي تجلى في تأسيس نقابة تابعة لها في نفس القطاع في 8 نونبر 2014. وهذا ما جعل الكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل ميلودي موخارق يعلق:” كانت عندنا عقبة دزناها سالمين، ونهنيو نفوسنا على تجاوز المرحلة الصعيبة التي كادت تخسر علينا كولشي، دابا خاصنا نشوفو كيفاش نجمعو الشمل”. واضطرت النقابة الوطنية للمحافظة العقارية التابعة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي لفرز مكتبها الوطني يوم 27 فبراير بشكل أحادي لكون البيروقراطية مازالت تتلاعب لربح الوقت وخلق البلبلة.

التحاق الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية بمسلسل “التفاوض”
شهد الاجتماع الخامس بين الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي والأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل بتاريخ 13 فبراير حضور وفد الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية المكون من أربعة قياديين برئاسة الكاتب العام. وجرى الاتفاق على عقد اجتماع بين المكتبين الوطنيين للجامعتين (جامعة “التوجه الديمقراطي” وجامعة البيروقراطية) بحضور الأمانة الوطنية، وفرز خريطة نقابية لفروع الجامعتين لتسهيل عملية إدماج الهياكل، ودعوة الاتحادات المحلية والجهوية لفتح المقرات في وجه مناضلي/ات الجامعة، وفرز قيادة موحدة للجامعة لتدبير المرحلة الانتقالية في أفق عقد المؤتمر الوطني الخامس للجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية. كما فرزت لجنة متابعة مشكلة من أمال العمري، وأحمد بهنيس، ونورالدين سليك ممثلين للأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، وثلاث قيادين ممثلين للجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية. وللتسريع بمسار العودة طرحت قيادة الجامعة (“التوجه الديمقراطي”) في اجتماع اللجنة الإدارية المنعقد في 27 فبراير الماضي، نقطة أساسية في جدول الأعمال تتعلق بالإجراءات التقنية التي من شأنها تيسير عملية دمج الأجهزة محليا ووطنيا، مع إعطاء المكتب الوطني كامل الصلاحية في تدبير هذا الأمر مع ممثلي الأمانة الوطنية للمركزية. كل هذا في ظل تغييب نقاش حقيقي للتقرير في مسار “المفاوضات” وخلفياتها وأهدافها في ظل السياق الحالي، وهو الأمر الذي رفضه بعض المناضلين بحزم مؤكدين على ضرورة مراكمة الشروط النضالية والتنظيمية لتطوير العمل النقابي للجامعة والتعامل بحذر شديد مع مناورات البيروقراطية.

اللجنة الوطنية “للتوجه الديمقراطي” تثمن مسلسل “التفاوض”
عقدت اللجنة الوطنية “للتوجه الديمقراطي” اجتماعا يوم 08 فبراير 2015 وكانت خلاصاته الرئيسية كالتالي:
-تثمين أداء الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في الحوار مع الأمانة الوطنية
– اقتناع الجميع بأهمية الحوار الذي انطلق في 16 يناير مع العمل على تعميمه ليصبح حوارا مع مجمل التوجه الديمقراطي والتأكيد على ضرورة بذل المجهودات اللازمة لإنجاحه.
– تشكيل لجنة لمواكبة الحوار مع الأمانة الوطنية هدفها التتبع والعمل على إنجاح الحوار المذكور.
– اتخاذ قرار بترك دورة اللجنة الوطنية للتوجه الديمقراطي مفتوحة إلى غاية انعقاد المؤتمر الحادي عشر للمركزية
– العمل على عقد الدورة الرابعة لمجلس التنسيق الوطني للتوجه الديمقراطي في النصف الأول من شهر مارس القادم.
جاءت لغة بيان اللجنة الوطنية مغايرة لمضامين البيانات السابقة، وتميل إلى التصالح المهادن مع قيادة البيروقراطية. وهكذا لم يعد “تطهير الاتحاد المغربي للشغل من فاروق شهير وأمثاله هو اليوم أول الطريق نحو بناء الاتحاد المغربي للشغل كمنظمة جماهيرية قوية، موحدة، مستقلة، ديمقراطية، تقدمية ومناضلة” كشعار صدر عن ثلاثي الأمانة الوطنية أمين وادريسي وغامري الصادر في بيانه بتاريخ 21 يوليوز 2012. كما أن العودة إلى “الوضعية الطبيعة” لم تعد مشروطة بوضع آليات احترام الديمقراطية الداخلية والمطالبة بضبط مالية الاتحاد وموقفه من الهجوم الطبقي على مكتسبات الطبقة العاملة، وإرجاع المطرودين وإلغاء التقسيم الفوقي للجامعات الوطنية، إلخ.

المؤتمر الوطني السابع للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي ضغط نوعي على مكونات “التوجه الديمقراطي” لقبول “التفاوض” حول العودة إلى الاتحاد المغربي للشغل
عقدت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي مؤتمرها الوطني السابع يوم 28 فبراير 2015 بالرباط شارك فيه أزيد من 1000 مؤتمر-ة. وليس هذا الحشد غير المسبوق سوى استعراض القوة في اتجاه البيروقراطية لتيسير التفاوض، وثانيا، في اتجاه مكونات “التوجه الديمقراطي” لنهج نفس طريق “التفاوض” لأجل تسريع إدماجها داخل الاتحاد المغربي للشغل. وطغت على المؤتمر أجواء احتفالية بانتصار الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تفادي “فك الارتباط” وصواب “تدبير الصمود وفق شعار بت نبت”. وتجلى هذا في افتتاح المؤتمر بتلاوة رسالة ثناء للأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، والكلمة التوجيهية لأمين عبد الحميد بصفته رئيسا شرفيا أكد فيها على ما يلي: “نحن على يقين بأن الأمور ستعود إلى نصابها طال الزمن أم قصر لأننا متشبثون بمركزيتنا وبوحدتها…إننا نقدر، رغم الحذر، أن المياه ستعود إلى مجاريها لأن الحكمة ومصلحة مركزيتنا الكامنة في وحدتها الداخلية وبكل مكوناتها وفي احترام مبادئها الأصيلة وشعارها الخالد “خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها” ستكون لهما الكلمة الأخيرة”. ثم تلتها كلمات ممثلي مكونات “التوجه الديمقراطي” الثلاث (الاتحاد النقابي للموظفين، الجامعة الوطنية للتعليم، الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية) أكدت أيضا على نفس المرتكزات مشيدة بالدور الريادي للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تجربة “التوجه الديمقراطي”. هذا النشوة التي خيمت على المؤتمر لم تسمح لقواعد الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بنقاش واستيعاب ما جرى حقيقة. فقد مررت قيادة الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي عملية “التطبيع” على قواعدها بحسم الأمر قسريا في اتجاه العودة إلى الاتحاد المغربي للشغل وكون “التفاوض” مع بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل هو الخيار الوحيد. ويبدو أن الأمر ينطبق أيضا على قواعد “التوجه الديمقراطي” عامة. فقد فرضت قيادة الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي إيقاعا ضاغطا أيضا على باقي مكونات “التوجه الديمقراطي” في نفس الاتجاه. وغاب النقاش العميق حول هذا المسار النوعي.

تسرع نحو “التطبيع” ودوس على شروط التفاوض
ليس قبول البيروقراطية التفاوض سوى مناورة خسيسة. فهي تريد أن تحتوي مكونات “التوجه الديمقراطي” حتى يمر المؤتمر الوطني الحادي عشر في مارس 2015 في “جو عائلي”، كي تضمن التمثيلية الكبيرة في انتخابات المأجورين المزمع تنظيمها هذه السنة. وقد انساق مفاوضو الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي والجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية مع تطمينات البيروقراطية وهم يرددون لازمة “التشبث بالاتحاد المغربي للشغل المنظمة النقابية الأصيلة، وضرورة طي صفحة الماضي من أجل الوصول الى أهداف حقيقية تخدم مصلحة الاتحاد المغربي للشغل. واعتبار ما وقع مجرد خلاف عائلي بين أفراد وأبناء الاتحاد المغربي للشغل، وبالتالي وجب تجاوزه من أجل جمع الشمل تحت راية الاتحاد المغربي للشغل، وبمبدأ لا غالب ولا مغلوب، والتشبث بالوحدة كخيار استراتيجي لا محيد عنه”. وجرى الشروع في آليات الانتقال من “وضعية غير عادية الى الوضعية العادية داخل الاتحاد المغربي للشغل”.
إن مسار المفاوضات يتجه نحو ما تصبو إليه البيروقراطية، ألا وهو حل مكونات “التوجه الديمقراطي” كتنظيمات قائمة. ولن تسمح البيروقراطية سوى بوجود جامعات خاضعة لسيطرتها بالكامل وفارغة من أي دينامية نضالية أو تنظيمية. هذا علاوة على شرط عدم إثارة أي تساؤلات بصدد الخروقات التنظيمية والتلاعب بالملفات النقابية والتدبير الفاسد لمالية المنظمة، إلخ. هكذا ستدعم البيروقراطية سطوتها وسيفتح لها المجال لطرد أي معارض لخطها النقابي المهادن، وستتلاشى بالكامل تجربة “التوجه الديمقراطي” مع يستتبع ذلك من إحباط في صفوف الطلائع النقابية، وكل الذين اعتبروا التوجه الديمقراطي نقطة ضوء في النفق البيروقراطي وكل الملتحقين حديثا به كممارسة وهياكل، وخاصة من عمال القطاع الخاص الذين يعانون من تجار وسماسرة العمل النقابي في الاتحادات المحلية.
لقد أكدنا في مواقفنا السابقة المعبر عنها داخل مجلس التنسيق الوطني، وعبر رسائلنا الثلاث المفتوحة الموجهة لأعضائه، ونكرر الآن، أن شرط العودة الوحيد إلى الاتحاد المغربي للشغل هو بقاء مكونات “التوجه الديمقراطي” كتنظيمات مستقلة بشكل تام في قراراتها فيما يخص التنظيم وبرنامج العمل والتنسيق النضالي وطنيا وإقليميا ودوليا. فخناق البيروقراطية سيزداد حدة على أي تجربة كفاحية داخل الاتحاد المغربي للشغل. هذا علاوة على ضغط الدولة لجعل المنظمة النقابية مجرد مؤسسة “حوار” تساعد على تحميل أعباء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة بالهجوم على مكاسبها وحقوقها. إن الرهان على العمل داخل الاتحاد المغربي للشغل، بشكل يسمح بتطور المعارك العمالية وانتزاع مكاسب نوعية، فاشل في سياق الردة والهجوم الواسع للدولة على الحقوق والحريات ودور البيروقراطية كداعم حقيقي لتمرير التعديات. وبعبارة أخرى، لن يسمح الاندماج التنظيمي لمكونات “التوجه الديمقراطي” في أجهزة الاتحاد المغربي للشغل، بمواصلة المعارك العمالية من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية، والوقوف في وجه مخططات الدولة ومراكز القرار الأجنبية المدمرة لحقوق الشغيلة. هذا بالخصوص في ظل الظرف الحالي المتسم بتحضير الدولة لتمرير مخططات تدميرية كبيرة في مجال التقاعد وفرض العمل بالعقدة، ومراجعة مدونة الشغل في اتجاه يزيد من تعميق وضعية الهشاشة والمرونة في أوضاع الشغل، والتضييق على الحرية النقابية عبر قانون النقابات والقانون التنظيمي للإضراب…وغيرها.
نحن نؤمن بأن إمكانية تطوير تجربة “التوجه الديمقراطي” لتكون نبراسا لممارسة نقابية عمالية حقيقية كامنة موضوعيا نظرا لهجوم الدولة الشرس على الحقوق والمكاسب وتواطؤ البيروقراطية النقابية، وأن خيار العودة إلى الاتحاد المغربي للشغل هو أفق ضيق سيكبل إمكانات بناء تجارب كفاحية. وطالبنا مرارا بفتح نقاش عميق حول هذه الخيارات في صفوف قواعد “التوجه الديمقراطي” ومنظوراتنا للعمل النقابي : دروس أزمة الحركة النقابية ودور البيروقراطية، تدقيق الملفات المطلبية في السياق الحالي، تقييم حصيلة “الحوار الاجتماعي” وجدواه، أساليب النضال وطرق ادارتها، التدبير الديمقراطي داخل النقابة وحقوق العضو ومسؤولية الأجهزة والعلاقة بين الاتحادات فيما بينها وبين القيادة، المالية تحصيلا وصرفا وطريقة ضبطها وشفافيتها ثم مالية الدولة ودعم البرجوازية للنقابة، شروط التفرغ ومهامه وتقييمه، التكوين والاعلام، الوحدة النقابية اليوم كيف نفهمها ومع من سنجسدها، النقابة في سياق احتداد الهجوم النيو-ليبرالي، النقابة والاقسام العمالية الاخرى من مطرودين وعاطلين ومتقاعدين، إلخ. هذا هو التقييم العام لحصيلة الممارسة في مجمل الحركة النقابية المغربية الذي نحتاج إليه اليوم حتى نبني تجربتنا على أسس متينة وبأهداف واضحة. وقد طالبنا مرارا بعقد مؤتمر وطني فعلي “للتوجه الديمقراطي” نتبنى فيه رأيا جماعيا من خلال عملية تصويت بناء على وجهات النظر المعبر عنها بأرضيات برنامجية، وتحتفظ فيه الأقلية (إن وجدت) بكامل حقوقها في مواصلة الدفاع عن رأيها. لكن قيادة “التوجه الديمقراطي” تفادت هذا النقاش وبأساليب لاديمقراطية نبهنا إلى خطورتها، وأحكمت الخناق عليه وتعمدت الغموض والبلبلة. وعملت ما بوسعها حتى تكون العودة الى الاتحاد المغربي للشغل بأي ثمن الخيار الوحيد الواقعي وحرصت على جعله يتطابق مع قناعات غالبية الساحقة لقواعد “التوجه الديمقراطي”، وعلى تسفيه الآراء المعارضة لتبدو مجرد مغامرة لا حظ لها في النجاح.

من أجل تعبئة عمالية واسعة لصد تعديات الدولة ودور البيروقراطية النقابية في تمريرها
تكمن مهمتنا المركزية اليوم في التوجه إلى قواعدنا لتعبئتها ورفع معنوياتها للتصدي للهجوم النيو-ليبرالي على مكاسب الطبقة العاملة، واصطفاف قيادات النقابات إلى جانب النظام وعقد تسويات هدنة وخيانة. علينا التعبئة من أجل رد عمالي وحدوي بدءا بتنفيذ الالتزامات النضالية السابقة لـ “التوجه الديمقراطي” بالدعوة إلى إضراب عام في قطاع الوظيفة العمومية مع تنظيم مسيرة وطنية ممركزة في الرباط. إنها محطة نضالية ضرورية في هذه اللحظة الدقيقة والحاسمة من شأنها تدعيم ثقة الأجراء في مبادراتهم ويقوي التضامن فيما بينهم. فالدفاع عن مكاسب التقاعد عبر إسقاط الثالوث الملعون (المتجسد في رفع السن إلى 65 سنة، وتقليص نسبة احتساب المعاش من 2.5% إلى 2%، وتخفيض المعاشات باعتماد معدل الاجور لثمان سنوات الأخيرة عوض آخر أجر في احتساب معاش التقاعد) هي معركة مصيرية. فنجاح الدولة في تمرير إصلاحها سيفتح الباب على مصراعيه لتفعيل كل مشاريعها التراجعية سواء تعلق الأمر بفرض العمل بالعقدة في الوظيفة العمومية، أو تكريس ضرب الحريات النقابية عبر تمرير القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات فضلا عن الحديث عن مراجعة جديدة لمدونة الشغل في اتجاه يضمن للباطرونا فرض المزيد من شروط المرونة والهشاشة في التشغيل. ناهيك عن تجميد الأجور، والهجوم على صندوق المقاصة فيما يخص دعم أثمان البوطاكاز، والزيادة في أسعار فاتورات الكهرباء والماء والنقل الحضري، وتفكيك النظام العمومي في الصحة والتعليم وجعلهما مجالا للاستثمار الرأسمالي الذي يربط الاستفادة من الخدمات بالقدرة على الأداء. كل هذا في سياق الهجوم الحاد على الحريات العامة وضمنها الحريات النقابية عبر الاقتطاعات المتتالية من أجور المضربين في الوظيفة العمومية وحملة مسعورة لمحاربة النقابة في القطاع الخاص في قطاعات حيوية كالمناجم والفنادق كما يجري حاليا بورززات. وليس ما يسمى بــ “الحوار الاجتماعي” سوى محاولة لشرعنة هذه الهجومات الطبقية.
ليكن شعارنا اليوم، هو لا بديل عن الاستمرار في الميدان وساحة المقاومة العمالية والشعبية، والعمل على حفز أكبر حركة إضرابية ممكنة باعتبارها البديل الحقيقي إزاء سياسة المساومة الخيانية التي تنهجها القيادات البيروقراطية النقابية. وأي تنازل عن هذا المسار باسم إنجاح المفاوضات مع الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، بمسميات الحفاظ على “وحدة الصف الداخلي” و”وحدة المنظمة النقابية” قد يعصف بجهود الجيل الحالي من المناضلين النقابيين، وبآمالهم في بناء تجربة نقابية كفاحية وديمقراطية. ولنا في مجريات المؤتمر العاشر للمنظمة وتدبير تركة ما بعد رحيل المحجوب بن الصديق درسا نتمنى ألا يتكرر في المؤتمر الحادي عشر.
إن الوحدة الحقيقية التي نتصورها هي وحدة القوى العمالية ووحدة تياراتها واتجاهاتها المناضلة على أرضية برنامج نضالي يستجيب لتطلعات طبقة الأجراء ولآمالها العريضة في الكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية. وهي تطلعات تتعارض جوهريا مع مصالح البيروقراطية وامتيازاتها. امتيازات تنالها بسبب التخريب الممنهج لوحدة العمال ونضالاتهم.
إن مقومات معارضة نقابية كفاحية وديمقراطية قائمة وتجد جذورها فيما يعتمل داخل ساحة الصراع الطبقي من تباين في المصالح الحيوية بين الطبقات الاجتماعية وتعبيراتها السياسية والنقابية. ونعتبر أن التضحية بتجربة “التوجه الديمقراطي” في هذه الظرف الحاسم مقابل عودة إلى ركن ضيق جدا داخل الاتحاد المغربي للشغل هو خطأ سياسي كبير للمشرفين على قيادة التجربة.
إننا سنواصل معركتنا من أجل تشكيل قطب ديمقراطي وكفاحي يكون نبراسا جذريا على مستوى الخط النضالي والتسيير الديمقراطي. وندعو جميع مناضلات ومناضلي “التوجه الديمقراطي” إلى:
– المطالبة بعقد مؤتمر وطني “للتوجه الديمقراطي” يسمح بتقييم حقيقي لتجربة “التوجه الديمقراطي” وتحديد خياراتها المستقبلية، مؤتمر وطني يشكل فرصة حقيقية أمام كل الشغيلة وأنصار القضية العمالية لطرح آرائهم ومنظوراتهم بكل حرية،
– طرح خيار العودة للاتحاد المغربي للشغل وخيار الاستمرار في تحصين تجربة التوجه الديمقراطي كنقطة أساسية ضمن جدول أعمال مجلس التنسيق الوطني المزمع عقده في 08 مارس القادم،
– بلورة برنامج نضالي دقيق من حيث المبادرات النضالية وتوقيت أجرأتها، كفيل بالاستجابة للتحديات المطروحة علينا اليوم للتصدي للهجوم الطبقي على مكتسبات الأجراء، وكرد عملي على سياسة التعاون المخزي الذي تقومه به البيروقراطيات النقابية مع الحكومة في إطار ما يسمى بجولات الحوار الاجتماعي،
– تكثيف حملة التشهير ضد بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل ودورها في كبح النضالات وتكسير المعارك العمالية واستئصال المناضلين والتجارب الكفاحية وفسادها المالي ونهبها لممتلكات الاتحاد،
– التنسيق بين جميع ضحايا العسف البيروقراطي في جميع النقابات وتوحيد القوى لتشكيل توجهات نقابية ديمقراطية تخترق جميع المنظمات النقابية القائمة بالمغرب، والعمل على توفير الشروط الملائمة ذاتيا وموضوعيا لبناء الوحدة النقابية في النضالات والمعارك.

لا للتفريط في تجربة “التوجه الديمقراطي”
من أجل وحدة عمالية حقيقية مع الاتجاهات المناضلة في الحركة النقابية ومع عموم الحركات الاجتماعية للطلاب والمعطلين والمناضلين من أجل عولمة بديلة والحقوقيين من أجل بناء جبهة عمالية واجتماعية لمواجهة الهجوم الطبقي السافر على مكتسبات العاملات والعمال والجماهير الشعبية.
06 مارس 2015

مناضلون في “التوجه الديمقراطي”
الاسم والقطاع والمدينة والبريد الالكتروني والهاتف
أزيكي عمر الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي أكادير azikiomar2008@gmail.com 0661173039
بوطيب محمد الاتحاد النقابي للموظفين الرباط ernestorifi@gmail.com    0606092170
الدرقاوي أحمد الجامعة الوطنية للتعليم طنجة ed.derkaoui@yahoo.fr 0662045641

شارك المقالة

اقرأ أيضا