النقابات التعليمية الأربع بزاكورة : مستمرون في مقاومة الهجوم على التعليم العمومي رغم القمع والحصار.

تنفرد النقابات التعليمية الأربع بزاكورة بميزة قدرتها على توحيد نضالات الشغيلة التعليمية بهذا الاقليم المشهود له بنضال نقابي كفاحي متنام باستمرار منذ انطلاقه بقوة بداية التسعينيات بقيادة النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الدمقراطية للشغل، وصولا الى اليوم، حيث تحقق النقابات التعليمية تطورا نوعيا، خاصة في ظل التراجع العام الحالي للنضالات وطنيا، ويتمثل في التنسيق الرباعي بين نقابات الفدرالية الدمقراطية للشغل، الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الدمقراطي داخل الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الدمقراطية للشغل و النقابة المستقلة للتعليم بزاكورة.
هكذا وفي اطار برنامجه النضالي لهذه السنة، نظم التنسيق الرباعي ندوة صحافية يوم 15 مارس 2015 بمقر كدش وذلك ل “مناقشة الشؤون النقابية والوضع التعليمي الكارثي بزاكورة” كما جاء في بيان للتنسيق النقابي الرباعي المناضل. وقد ندد الجميع خلال الندوة بالقمع والحصار المضروب على النقابات الأربع محليا، ومن مظاهره منعها من الاستفادة من قاعة البلدية لتنظيم هذه الندوة.
خلال مداخلاتهم شرح ممثلو النقابات التعليمية الاقليمية مختلف اوجه التردي الذي ينخر المدرسة العمومية بالمغرب عامة وضمنه منطقة زاكورة، وربطهم التردي المذكور بسياقه الحقيقي المتمثل في توصيات البنك الدولي والمنظمة العالمية للتجارة وصندوق النقد الدولي، التي تنفذها الحكومات المغربية المتواطئة حرفيا عبر “الميثاق الوطني للتربية والتكوين” و”البرنامج الاستعجالي” وغيرهما.. للاجهاز على التعليم العمومي تمهيدا لبيعه للخواص، ولوبيات البرجوازيات الكبرى الاجنبية والمحلية، المتلهفة لمراكمة الارباح بهذا القطاع وذلك ما ركزت عليه كلمة الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديموقراطي.
في هذا الاطار قدم ممثلو النقابات معطيات وتحليلات تبرز مدى المخاطر المحذقة بالمدرسة العمومية اليوم، والتي لم يسبق لها مثيل، فهذه الاخيرة “تعرف حالة انقلاب مخطط له” بفعل” تغيرات يعرفها الراسمال العالمي” حسب تعبير الرفيق محمد العثماني ممثل نقابة كدش في الندوة، حيث” يضغط لوبي الرأسمال العالمي لتحويل نفقات التعليم الى سوق والتي تقدربأكثر من 2000 مليار دولار، بما يوازي راسمال صناعة السيارات على المستوى العالمي”. هذا التحويل المفروض على كل البلدان التابعة على شكل اصلاحات، إذ الامر لايقتصر على المغرب، ولايرتبط بسياسة هذا الوزير او ذاك، بل بسياسة عالمية. وأن “الهجوم على التعليم ياتي في اطار هجوم شامل على كافة قطاعات الوظيفة العمومية” كما وضح ممثل الجامعة الوطنية للتعليم –التوجه الديموقراطي في الندوة.
تطبيق توصيات المؤسسات المالية الاجنبية تلك، يجد صداه، حسب الرفيق العثماني عن نقابة كدش، حتى في المذكرات المحلية والاكاديمية والوزارية التي تصدر، فعلى سبيل المثال، صدرت مذكرة لمنع أساتذة الثانوي من تقديم ساعات اضافية لتلامذتهم، في حين المقصود هو محاربة القطاع غير المهيكل وتعبيد لطريق دخول لوبي الراسمال الكبير مجال التعليم الخاص، بعد اقتناع اللوبي المذكور أن الآباء والامهات أصبحوا مجبرين على شراء التعليم لأبنائهم بأي ثمن. هذا فيما تصدر مذكرات اخرى لنزع المركزة ونزع التقنين وفسح المجال للمرونة، كما وقع مؤخرا حيث الطرد التعسفي بحق عمال وعاملات النظافة والحراسة والطبخ، خارج اي قانون. إنها رسالة لموظفي الدولة أنفسهم بما يتهددهم من اجراءات مماثلة. فالراسمال الطامح للربح يريد تثبيث سلم اجتماعي ولايرغب بوجود مقاومة تذكر لمشاريعه، لذلك يجري الحفاظ على سرية النقطة الادارية للتحكم بالموظف.
من أوجه تدابير الرأسمال كذلك، كما جاء في الندوة، تنامي استقلالية المدارس التعليمية (مشروع المؤسسة) والتفاوت في امتلاك “السلاح الفكري/سلاح المعرفة” الذي يتحقق لابناء الاغنياء دون أبناء الفقراء. تمت الاشارة كذلك لسعي تعميم تكنولوجيا المعلوميات كمحفز لخوصصة التعليم- التعلم بالأنترنيت- وإعفاء الدولة من الانفاق عليه. كل ذلك مرفوق بوقف التوظيفات الجديدة والبطش بأساتذة سد الخصاص تمهيدا لفرض العمل بالعقدة بالقطاع، وتكديس التلاميذ في الاقسام (52 تلميذا بالقسم بزاكورة) وتنامي أقسام المستويات المشتركة المكتظة، والمزيد من التضييق على الحريات النقابية، ومن أبشع مظاهره، القمع الشرس الذي تعرض له الاساتذة المجازون المحرومون من الحق في الترقية إثر نضالاتهم البطولية الممركزة بالعاصمة، وهي بدررها رسالة أخرى للجميع : كل من يناضل ليس له سوى المحاكم والسجون.
“النظام الاساسي المنظم للمهنة، لن يصدر دفعة واحدة، بل بالتدريج، ضربة ضربة، بدءا بحرمان الاساتذة والأستاذات من حق متابعة الدراسة الجامعية، وهكذا..” كما وضح الرفيق العثماني ممثل الكدش في الندوة، الذي أضاف أن سياسة “إعادة الانتشار” يجري توسيع دائرتها ليصبح تنقيل الاستاذ، ليس داخل المنطقة فحسب، بل داخل الجهة (الاستاذ المتحرك) في ضرب صارخ للحق في الاستقرار في الشغل، وكذا فرض تقديم الاساتذة والاستاذات لساعات اضافية اجبارية.. إنها الفوضى الواعية والتسيير خارج أية قوانين عن قصد وتخطيط مسبقين، إنها المرونة.
الاستخفاف بالعمل النقابي وعدم الوفاء بالالتزامات، أمر مقصود كذلك، ويندرج في صميم استراتيجية تخريب التعليم لتسهيل تحويله الى سوق مربح دون مقاومة.
في هذا الاطار ندد ممثل الفيدرالية الديموقراطية للشغل بتنصل النائب الاقليمي بزاكورة من التزاماته إزاء النقابات التعليمية وتهربه من ايجاد الحلول لمشاكل متراكمة (استعمالات الزمن، السكنيات المحتلة، الاكتظاظ، الخصاص الذي يصل 400 أستاذ بالاقليم.. الخ).
في الوقت نفسه يشن النائب الاقليمي عبر بياناته هجومات مسمومة على النقابات التعليمية المناضلة ويكيل لها التهم دون دليل، ويتهرب من عقد اللقاءات التفاوضية ويؤجلها باستمرار” كما أشار ممثل نقابة فدش بالندوة، كل ذلك في ظل تردي تعليمي لاسابق له بالمنطقة.
ومعلوم أن التنسيق الرباعي للنقابات التعليمية سبق ان رد على بيانات النائب الاقليمي ببيان تفصيلي للراي العام، أتبعه بتأكيده خلال هذه الندوة الصحافية على “مواصلته للكفاح” ضد التردي المتزايد للتعليم وضد”الحصار المضروب على العمل النقابي الجاد بالمنطقة” كما وضح ممثل النقابة المستقلة للتعليم بالندوة.
و اجمعت النقابات التعليمية المناضلة باقليم زاكورة في ردها على اسئلة المنابر الاعلامية والمناضلين على التمسك بالتنسيق النقابي ومواصلة البرنامج النضالي بحزم وبخطوات متواصلة استنادا الى اراء الشغيلة مباشرة بعد تجميع معطيات الاستمارات الموزعة على المؤسسات التعليمية.
ومما جاء في آخر الندوة في مداخلة الرفيق العثماني باسم كدش، أن “المقاومة كامنة في مختلف فئات الشغيلة التعليمية ، من مدرسين ومتقاعدين ومفتشين واداريين وغيرهم،جنبا الى جنب مع المعطلين وأساتذة سد الخصاص و اعوان، وأنه يجب مركزتها و توحيدها، وأن مقاومة الهجوم على التعليم آتية لامحالة”.

المراسل

شارك المقالة

اقرأ أيضا