صراع إنتخابي لنهب خيرات البلد في جماعة واركى بقلعة السراغنة

تشهد جماعة واركى بقلعة السراغنة تفجرا لصراع بين رئيس الجماعة وباقي أعضاء المجلس، نستعرض سياقه العام في المقال التالي:

صراع على الانتفاع الشخصي من خيرات البلد:
كلفنا الصمت أكثر مما كلفنا الاحتجاج، فقد آن الأوان لفضح الاتفاق القائم على الانتفاع المتبادل الذي يجمع رئيس المجلس الجماعي لواركي عن حزب الدولة ” الأصالة والمعاصرة ” ونائبه، والذي استمر في نفس المنصب عقودا من الزمن. يجتمع الاثنان على الاغتناء من خيرات البلد ومقدراته في تواطؤ مكشوف وشراكة دائمة تحت رعاية الدولة. لم يلتحق تجار الانتخابات بحزب الدولة سوى لخدمة الدولة ورجالها الفاسدين، لا لخدمة الكادحين المخدوعين ببرامج انتخابية ووعود زائفة ضحيتها الفقراء من أبناء الوطن.
تعود أحداث هذا الصراع الدائر إلى دورات المجلس الجماعي، إذ يتم الاتفاق على استغلال الرمال والاحجار من المقلعين اللذين في ملكية الجماعة لاصلاح الطرقات الرئيسية والفرعية بالمنطقة، وترصد لذلك ميزانية من المال العام يكون مصيرها مجهولا. فالرمل والحصى يتم تهريبهما الى مدينة مراكش لتشييد عمارة خاصة. أثار هذا الوضع غضب الأعضاء الآخرين الذين هددوا بفضح كل شيء. لم يكن غضب الأعضاء نابعا من قناعة نضالية للدفاع عن ثروات البلد ومصلحة كادحيه، بقدر ماهو غضب على انفراد الرئيس بالانتفاع دون اشراكهم فيه. لتدارك الوضع و احتوائه، قام الرئيس في شهر دجنبر من سنة 2014 بإسكات بقية أعضاء الجماعة وجبر خواطرهم بالطرق التي يعرفها الجميع مقابل صمتهم .
لا يتوقف أمر رئيس جماعة واركي بقلعة السراغنة عند هذه الخروقات، حيث تم الاتفاق على تخصيص 60 مليون لاصلاح طرقات الجماعة الرئيسية و الفرعية ليتفاجأ الأعضاء يوم الثلاثاء الماضي بتصرف انفرادي و أحادي الجانب من طرف الرئيس الذي عقد شراكة مع مندوبية التجهيز لاصلاح ثلاث طرقات فقط. و بعد الاطلاع على العقد المبرم بين الطرفين، تبين أن المبلغ المعتمد هو 17 مليون .
قرارات الرئيس المجحفة في حق ساكنة الجماعة و حرمانهم من اصلاح الطرقات تعود بالأساس الى كون غالبية سكان الجماعة قاطعوا مهزلة الانتخابات و لم يصوتوا لصالحه في الانتخابات البرلمانية .
الانتخابات القادمة عجلت بإعلان الحرب بين الفاسدين بواركي
تجدر الاشارة أن جماعة واركي تتوفر على مقلعين للرمال في ملكيتها ولا تستفيد منهما المنطقة في اصلاح الطرقات ، حيث تغرق الساكنة عموما والتلاميذ بشكل خاص في الأوحال في فصل الشتاء، بينما يعقد كل من الرئيس ونائبه صفقات لاستغلال هذه المقالع من قبل الشركات الرأسمالية التي تقوم باستغلال مكثف للرمال وكل همها هو الربح عن طريق نهب وتهريب كميات كبيرة لاعادة بيعها، وكل ذلك بتواطؤ مع الشركة الأولى التي تستغل مقلع “المرابيط” الذي يتحكم فيه الرئيس ، و مع الشركة الثانية التي تستغل مقلع “شهيد” و تستفيد من الأرباح الطائلة كل من الشركتين المذكورتين .
كما أن الرئيس الذي اغتنى كثيرا وأصبح من كبار رجال الأعمال بالمنطقة ، حيث يملك بمدينة مراكش العديد من العقارات بالاضافة إلى دوره مع نفس الشركة في تهريب الرمال والأحجار من مقالع الجماعة لبناء مجموعة من التجزئات السكنية بدوار السراغنة و بيعها بأثمان باهظة للفقراء. في المقابل يحصد الكادحون البؤس والفقر في ظروف معيشية كارثية، حيث البنيات التحتية ضعيفة التجهيز فساكنة المنطقة غارقة في الأوحال بفعل الطرق غير المتوفرة ، وبسبب مخلفات الفيضانات التي جرفت أجزاء كبرى منها .
إن كلا من الرئيس ونائبه غارقان في الخروقات المالية والادارية لسنين عديدة وهم يقتاتون من مختلف أشكال الانتفاع واستعمال النفوذ وبتواطؤ مع مسؤولي الدولة وأمام أعينهم وبمباركتهم ، كما هو حال جميع المجالس الجماعية بالمغرب ( الصراع المتفجر في مدينة كلميم ). فالنهب والفساد المستشريان بالمنطقة هما بمثابة رشوة متاحة تقدم للأدوات الانتخابية الفاسدة ( أحزاب ، رجال أعمال …) من قبل نظام هو رأس الفساد وراعيه.
صراع بين أطراف بطانة غارقة في الفساد
تعد الانتخابات محطة تاريخية ومهمة لتجديد أواصر الارتباط بالمؤسسات العمومية لنهبها واستنزافها. فتجار الانتخابات يغذقون الوعود ويكثرون الكلام عن التنمية ، لكن القصد هو تنمية ثرواتهم بنهب منظم تسهر عليه أجهزة الدولة الفاسدة والراعية لكل فساد. فهذا الصراع حول خيرات البلد بين الرئيس وباقي الأعضاء ليس سوى دفاع عن مصالح خاصة بعيدا كل البعد عن مصالح الساكنة، حيث لا يأتي رئيس جماعة بواركى إلا عندما يقترب موعد الانتخابات. فمقر الرئيس وسكناه يقع في أفخم الفيلات بمدينة مراكش، حيث يسهر على تسيير مشاريعه الاستثمارية، تاركا سكان المنطقة غارقين في مشاكل اجتماعية لاحصر لها، فلا طرقات شيدت و لا مستشفى تم بناؤه ولا مدارس اصلحت و لا دار للشباب بنيت.
أما المعارضة التي يتزعمها نائبه، فليست لمحاربة الفساد كما تدعي، أو دفاعا عن مصالح السكان المهمشين والمفقرين، بل معارضة فرضها صراع مصالح. هذه الأخيرة تعتبر نفسها مقصية من الاغتناء من الصفقات العمومية، وهي شريكة في الخروقات سنين عديدة . هي اليوم تحاول استغلال الفرصة لتلميع صورتها و لتظهر بمظهر النزيه الذي يحارب الفساد. هذا كله يدخل ضمن حملة انتخابية سابقة لأوانها لرص صفوف رجال الدولة وتنظيمها من أجل مواجهة كل نهوض شعبي قادم قد يعصف بمسرحية الانتخابات وبالقائمين عليها من حكام فاسدين .
مقالع تكسير الأحجار أداة لنهب الثروات الطبيعية للمنطقة
الشركتان صاحبتا محطات تكسير الأحجار بالمنطقة هما شركة أم الربيع ڤيڤا وشركة عبر القارات العقارية والصناعية، منذ تم الترخيص لهما من أجل استغلال مقلعي “المرابيط” و”شهيد” لم نلاحظ أي تغيير بخصوص البنية التحتية رغم استنزاف الشركتين للثروات الطبيعية وتدميرهما لبيئتنا، فهما تستغلان مواردنا المتمثلة في ترسبات الأحجار والرمال على امتداد عدة كيلومترات بوادي تساوت، ورغم أن هذا المقلع يعتبر موردا جبائيا للجماعة، فإن المداخيل المستخلصة تبدو هزيلة ، بالنظر للخسائر المجالية والايكولوجية المترتبة عنه.
* إن حوالي 400 شاحنة على الأقل تغادر يوميا المقلع وهي محملة بمختلف المواد المستخرجة وتبلغ حمولة كل واحدة 9 امتار مكعبة، أي ما مجموعه 3600 متر مكعب في اليوم، وتبعا للرسم الجبائي المفروض على كل متر مكعب وهو 6 دراهم يكون المبلغ الحقيقي المستحق للجماعة المستفيدة هو:21600 درهم (1/2) يوميا أي ما يفوق 7 ملايين درهم(1/2) سنويا، في حين أن المداخيل السنوية لرسوم المقالع تبقى هزيلة جدا، مما يطرح أكثر من سؤال حول سبب عدم استخلاص قيمة الرسوم الحقيقية، بل يتم رفض مناقشة مداخيل رسوم المقالع سواء في الدورات العادية أو الاستثنائية.
* إن اشتغال الآلات العملاقة على مدار كل اليوم في تكسير الأحجار لانتاج مواد الخرسانة الاسمنتية ومواد الأشغال الطرقية وما يصاحب ذلك من صخب وتلوث سمعي، فضلا عن الغبار المتناثر على طول المساحة الشاسعة للمحيط المجاور، قد أدى إلى إتلاف المئات بل الآلاف من أشجار الزيتون إضافة إلى المحصولات الزراعية الموسمية والى تهديد الساكنة بمختلف الأمراض.
كما يشتكي العديد من ساكنة الدواوير المجاورة ، من استنزاف مياه الآبار الجوفية العذبة نتيجة آبار معمل التكسير المجاورة، التي يبلغ عمقها 200 متر، والتي باتت حسب ذات المصادر تستنزف في غسل الرمال والأحجار من الأتربة والطين …، بينما يجد المواطنون صعوبة بالغة في الحصول على الماء الشروب بعد جفاف آبارهم نتيجة الاستغلال المفرط للفرشة المائية بمحيط المقالع المعنية، اضافة الى كون الأشغال العشوائية تؤدي الى انحراف المسار الطبيعي لنهر تساوت وانجراف التربة الخصبة وتحريف الوادي عن مساره مما يهدد الساكنة.
الواقع أن الشركات المستغلة للمقالع تجني عشرات الملايين كل يوم وباتفاق مسبق مع رئيس الجماعة والسلطات المحلية وكل المنتفعين من هذا الاستغلال ، أما نصيب الساكنة فهو الفقر المستشري في المنطقة والخصاص المهول في المرافق الاجتماعية، وتردي البنيات التحتية. هذا فيما البيئة تستغيث يوميا فلا تجد مغيثا.
ستظل مظاهر النهب فاضحة للمفارقة بين الثروة الطبيعية التي تتوفر عليها المنطقة وواقعها المزري، مما يكشف غياب أي دور يذكر للمقالع في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية التي تتطلبها المنطقة.

بدائل ممكنة وضرورية وجب تثبيثها بالمنطقة
يتوجب على شباب وشابات المنطقة والمناضلين الديمقراطيين والغيورين على مصالحها أن ينحازوا الى جانب الكادحين وقضيتهم الطبقية ضد الاستغلال والظلم، و ألا ينحازوا الى أحد هذه الأطراف الغارقة في الفساد والتي تبحث مجددا على تثبيث مكانتها للاستمرار في سياسة النهب، وأن لا يجعلوا من أنفسهم ناطقين بلسانها ومدافعين عن مصالحها الخاصة .
لا يجب المراهنة على معارضة الرئيس الفاسدة لمحاربة الفساد، بل الواجب فضح كل المتورطين ومحاربتهم جميعا.
يجب على شباب المنطقة من المناضلين-آت التقدميين-ات العمل على تشكيل أدوات تنظيمية تحتية كلجان الدواوير تضم الطلبة والمعطلين والتلاميذ وآبائهم الفلاحين والأساتذة… يتم فرزها عن طريق جموعات عامة للسكان لمراقبة ميزانية المجلس الجماعي وتوجيهها لتصرف لبناء المشاريع الضرورية لسكان المنطقة، وكذا تحفيز النضال على الملفات المحلية والتصدي لجذور النهب و الفساد وطنيا.
غيور من المنطقة

شارك المقالة

اقرأ أيضا