طنجة: مناطق التصدير الحرة، بشاعة الاستغلال والمقاومة العمالية: نموذج مصنع رونو- نيسان

بقلم: عمالي- 1 مارس 2015، نشر بالعدد 59 من جريدة المناضل-ة، مارس-أبريل 2015 

تقديم
تعد مجموعة رونو إحدى كبريات الشركات العالمية لصناعة السيارات. تتواجد في 128 بلد، ولها وحدات إنتاج و صيانة و تطوير في القارات الخمس، لكن يبقى تركزها الانتاجي في أروبا، و خاصة فرنسا. وقد سعت للانفتاح على ضفة البحر المتوسط الجنوبية بتقوية تواجدها بالمغرب والجزائر.
تعزز وجود رونو، في مجال صناعة للسيارات بالمغرب، باستكمال استحواذها على مصنع صوماكا بالدار البيضاء منذ سنة 2005، و كذا بإطلاق مصنعها بمنطقة التصدير الحرة بملوسة في ضواحي مدينة طنجة، بتحالف مع شركة نيسان لصناعة السيارات. وقد دشن رسميا في شهر فبراير 2012. بالإضافة لقطبها التسويقي و قطبها المالي، (RCI Finance Maroc)، تشغل المجموعة في كافة فروع نشاطها بالمغرب ثمانية آلاف أجير، 12,5% منهم نساء.
يشغل مصنع رونو بطنجة زهاء 5500 أجير، قرابة الألف منهم مستخدمو مكاتب (حسب تصريح عبد العزيز مهاجر – جريدة ليكونوميست عدد 4175 بتاريخ 19 دجنبر 2013)، و حوالي 600 نساء. بيفيمانما يعمل بمصنع صوماكا نحو 1400 شغيل (سنة 2012). (الموقع الالكتروني لمجموعة رونو / فبراير 2015)
مصنع رونو نيسان بطنجة مملوك لمجوعة رونو بنسبة 52.4 % و لصندوق الإيداع و التدبير بنسبة 47.6 % (حسب الموقع الرسمي للرونو / فبراير 2015). أما مصنع صوماكا بالدار البيضاء فملوك لمجموعة رونو بنسبة 80 % و مجموعة PSA بنسبة 20 % (حسب الموقع الرسمي للرونو / فبراير 2015)

لماذا استوطنت رونو بالمغرب و خاصة بطنجة؟
ما جذبشركة رونو لصناعة السيارات إلىالمغرب، بخاصة مدينة طنجة، جملة امتيازات مغرية ومربحة نذكر منها:
– الاستفادة من استثمارات ضخمة قدرت بمليار أورو من المالية العامة شملت تمويل البنية التحتية : شبكة طرق و سكك حديد، و الميناء المتوسطي و الأراضي التي أقيم عليها المصنع.
– تحمل الدولة المغربية تكاليف تكوين الأجراء في معهد التكوين في مهن السيارات، الذي تشرف عليه مجموعة رونو.
– إعفاءات من الضريبة لمدة خمس سنوات. بعد ذلك، ستستفيد من ضريبة على الشركات لا تتعدى نسبها 8.5 %.
– القرب من أوربا يتيح تصدير 85 % من إنتاج المصنع بأسعار جد تنافسية.
– متوسط أجر شهري بالصناعة في المغرب هو 248 يورو في سنة 2012، فيما الأجر الصافي لعامل في مصنع رونو برومانيا هو 446 يورو في الشهر. أما الاجر الأدنى في فرنسا في يناير 2015 فيبلغ 1136 يورو ، بينما متوسط الأجر في تركيا 530 يورو.
– مدة العمل الفعلية في سنة 2013 بلغ معدلها في فرنسا، 1661 ساعة و في رومانيا 2099 ساعة و في البرتغال 1834 ساعة. في حين يصل في المغرب إلى 2500 ساعة (حسب جريدة ليكونوميست عدد 4235 ليوم 18 مارس 2014) علما أن مدة العمل القانونية محددة في 2288 ساعة في السنة حسب قانون الشغل المغربي.
هذا فضلا عن جعل مصنع رونو- نيسان بطنجة وسيلة لدفع الأجور نحو الانخفاض في مجموع مصانع رونو عبر العالم.
لهذا، يجب أن يكون وجود مصنع رونو- نيسان بالمغرب مناسبة لتحسين مجمل شروط عمل وعيش أجراء قطاع صناعات السيارات بالمغرب، من أجل أن يرتفع الأجر إلى مستوى معدل الأجر بمجموع مصانع المجموعة من حيث قدرته الشرائية، و ألا تنخفض أجور العمال في المصانع الأخرى عبر العالم في اتجاه مستوى الأجر البئيس بمصنع رونو – نيسان بطنجة.

في البداية كانت الحملة الاعلامية المسوقة للمشروع … الحلم
سوقت وسائل الاعلام المحلية في مجملها المشروع بما هو إنجاز كبير و ثورة صناعية، ستمكن البلد من رفع قيمة صادراته و بالتالي مواجهة عجز الميزانية و غيره من مشاكل الاقتصاد المغربي و من ضمنها البطالة. و لم تتم إلا نادرا الاشارة إلى أن المشروع يدخل في إطار استراتيجية الشركات المتعددة الجنسيات (الرونو) من أجل مواجه متطلبات الأزمة الاقتصادية التي تعرفها صناعات السيارات في البلدان الرأسمالية الكبرى وكذا اشتداد المنافسة بين مكوناتها، هذا ما دفعها إلى السعي لإعادة التوزيع الجغرافي للإنتاج للتمكن من خفض كلفة اليد العاملة والاستفادة من المزايا المذكورة أعلاه بقصد إعادة رفع أرباح حاملي الأسهم على حساب الأجراء و الشعوب.
كان للحملة مفعول على الأجراء و الشباب المعطل، فقد توقعوا أجور افضل من المعدل الوطني ومكاسب أهم بالنظر إلى مستواهما في أروبا. خاصة أن المسيرين وعدوا عند بداية الالتحاق بالمعمل كان بمزايا كبيرة و مستقبل مهني زاهر…لكن سيكتشف الأجراء أن أجور المرسمين لا تتعدى 2800 درهم و أقل للعمال المشغلين عبر شركات السمسرة في اليد العاملة.
مع قسوة ظروف العمل سقط القناع و تبين أن الأجراء لن ينالوا مكاسب و أجور ترقى لجزء بسيط من تضحياتهم. في هذا السياق بدأت الوشوشات بين العمال و العاملات…. «نصنع سيارات مثل عمال أوروبا لكن الأجور هزيلة إلى هذا الحد»….. فبدأت تظهر الكتابات على أبواب المراحيض من قبيل «أقل أجر يجب أن يكون 4000 درهم»…. هذه الأجواء ستدفع الادارة إلى التوجس و الحيطة و التفكير في مواجهة الوضع لكي لا تتعرقل سيرورة انطلاق المصنع… خاصة أن شركة رونو تتوفر على خبرة في إدارة مثل هذه الأوضاع نظرا لتجربتها المديدة في محاربة العمل النقابي متى استطاعت ذلك أو التعايش معه مكرهة.
تجربة الرونو تجعلها تحاول إدماج المكاتب النقابية في استراتيجيتها الادارية، و جعلها أداة للسيطرة على العمال و دفعهم لقبول واقع العمل و الأجور تحت مبررات التنافسية و المردودية …. هكذا تم تأسيس مكتب نقابي بتغاضي الادارة و السلطة… حاولت الشركة أن يكون من بين أعضائه الخاضعون لتوجهاتها…

لكن لكل حساباته .. العمال يقبلون على الانخراط في النقابة…
المكتب النقابي الذي تشكل تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل في يونيو 2012 سيتمكن تدريجيا من نيل حظوة لدى العمال… (تم تأسيس مكتبين واحد تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل و الثاني تحت لواء الكنفيدرالية الديمقراطية للشغل لم يستقطبا انتباه الأجراء) و بدل أن تكون النقابة أداة تخويف، كما يروج اعداؤها ارباب العمل : «النقابة تغلق المعامل» و النقابة «تسبب الطرد»… و النقابة تنفر المستثمر» إلى غيرها من السموم التي تنفثها البورجوازية ضد النقابة بما هي سلاح التضامن العمالي. بدل ذلك أحس العمال أن لا قيمة لهم مشتتين كأفراد، و توصلوا إلى ان النقابة التي يسيرها العمال و ينخرطون فيها بقوة ويتحملون المسؤولية داخلها يمكن أن تكون سلاحا يهابه المستغلون و من يحميهم. لقد كان لوجود تقنيين لهم احتكاك مباشر بالعمال داخل الأوراش من بين أعضاء المكتب النقابي الأول مفعول مبطل لنوايا الادارة.
سيعقد المكتب النقابي لقاءات مع الادارة كل شهر ابتداء من 4 يوليوز 2012 لكن المطالب العمالية لم تجد آذان صاغية، ولكي يتم إعطاء الأمر بعدا أكثر مسؤولية، وضع ملف مطلبي لدى الادارة العامة في أبريل 2013، و واصل العمال تعبئتهم من خلال المشاركة لأول مرة في تظاهرات فاتح ماي 2013، بحضور لافت و مميز . واجهت الادارة مطالب العمال بالرفض بمبرر أن المكتب النقابي لا يمثل كل العمال و بالتالي لاحق له في الحديث بإسمهم. إدارة الشركة قالت إنها ستقوم بتنظيم انتخابات مهنية لمناديب الأجراء لفرز التمثيلية الحقيقية للعمال، و قد اجريت الانتخابات يومي 17 و 18 يوليوز 2013.
كانت هذه مجرد مناورة لتقسيم صف العمال و محاولة لضرب النقابة و تقزيم نموها. لكن العمال و العاملات و النقابيين و النقابيات تفطنوا للمناورة الدنيئة للإدارة، هكذا و اندلع صراع حول التمثيلية بين النقابة و بعض أتباع الادارة، لكن النتيجة في النهاية كانت أغلبية ساحقة من المندوبين من أعضاء النقابة. بدل أن تضعف الانتخابات المهنية النقابة كما كانت تحلم الادارة، خرجت منها النقابة أكثر قوة و جاذبية بالنسبة للعمال.

ما بعد الانتخابات المهنية… الادارة في وضع محرج…
سيتم فتح تفاوض جديد في شتنبر 2013، من طرف الادارة في محاولة لإعطاء صورة إيجابية عنها، و ستقدم الادارة برتوكول اتفاق للمكتب النقابي، الذي لم يحظ برضاه، فرد بدوره بمذكرة مطالب أخرى. بعد أسابيع من انتظار المكتب النقابي لجواب الادارة على مطالبه، دون جدوى، قرر يوم 26 أكتوبر 2013 حمل الشارة من طرف الأجراء و حدد لها مدة ثلاث أيام للاستجابة للمطالب. عشية يوم 29 أكتوبر 2013 وقبيل ساعات من دخول حمل الشارة حيز التنفيذ تلقى المكتب النقابي دعوة من والي جهة طنجة- تطوان للتفاوض مع مسؤولي الشركة مساء نفس اليوم بمقر الولاية. تمخض الاجتماع عن و عود من قبيل:
– بلورة ميثاق لتسيير التفاوض الاجتماعي و ذلك قبل 30 يونيو 2014.
– الشهر 13 لكل العمال برسم سنة 2013
– رفع قيمة منحة العيد الكبير من 1400 إلى 1600 درهم. و منحة التمدرس برسم سنة 2014، ( 500 درهم).
– رفع الأجور بشقين واحد معمم و آخر حسب الاستحقاق و تعميم الشهر 13 بالنسبة للجميع
– رفع منحة السكن ب 150 درهم في الشهر
– إحداث صندوق للتآزر (يدفع منح في حالة وفاة أحد الوالدين أو الأبناء أو الزوجة). على أن يتم التطبيق في افق سنة 2014 بحجة أن الظرفية المالية للشركة تفرض ذلك (…) حسب ما جاء في تصريح لمدير الموارد البشرية لمجموعة رنو المغرب، لجريدة ليكونومست عدد 4175 بتاريخ 19 دجنبر 2013.
طيلة النصف الاول من سنة 2014، انتظر العمال تطبيق الاتفاق، لكن النتائج الفعلية على صعيد الأجور و مستوى المعيشة بقيت هزيلة للغاية. في فاتح مايو من نفس السنة شارك أجراء رونو- نيسان بقوة في المسيرة العمالية ، بشعارات غاضبة تكشف شروط الاستغلال و القهر التي يقاسونها. استمرت النقابة في النمو رغم المؤمرات المتنوعة التي نسجها الشركة و السلطة من أجل وقف تطور و تجذر الوعي العمالي و ما يمكن أن ينتج عنه من تأثير إيجابي على العمل النقابي بالمدينة، و خاصة إذا علمنا أن من بين عمال رونو من له تجارب نقابية سابقة.
كان الاضراب الوطني الذي دعت إليه المركزيات النقابية مناسبة لتثبيت العمل النقابي و إبراز وحدة العمال، و التأكيد على مطالبهم في الكرامة وشروط عمل لائقة، و أجور تضمن مستوى عيش لائق. لقد كان نجاح الاضراب بالمصنع شاملا، لدرجة أن الادارة لم تحاول التدخل لإفشاله مخافة تعقيدات لا تُحمد عقباها.
بعد الاضراب الوطني -29 أكتوبر 2014- رفض العمال زيادة الساعات الاضافية و الاشتغال يوم الراحة الأسبوعية بعد أن قرروا ذلك في جمع عام. كما رفضوا جماعيا للذهاب للمطعم في شهر دجنبر 2014 بسبب رداءة الوجبات. وطالبوا بمراجعة نظام الزيادة في الأجور الذي يبلغ نسبة 6 % سنويا موزعة على 2 % للجميع و 4 % متوقفة على قرار رئيس الأجير في العمل، ما أدى إلى فروق كبيرة جدا في الأجور، نظرا لمزاجية الرؤساء و تعليمات الادارة.

وعود كاذبة ….. ما لم يتحقق بالنضال ينتزع بمزيد من النضال
بعد انقضاء سنة 2014، و أكثر من شهر من سنة 2015 ، أصبح واضحا لجميع العمال ان الوعود المكتوبة بحبر الادارة قد تلاشت، و وجب إعادة كتابتها بحبر النضال حتى تبقى عالقة بالأذهان و تخرج لأرض الواقع. هكذا عم السخط وسط العمال و العاملات، و بدأ التحرك النقابي بحمل الشارة، و مقاطعة المطعم يوم 11 فبراير 2015 و تنظيم وقفة احتجاج يوم الخميس، بالنسبة للفوج الأول بعد الخروج من العمل. و تقرر الإضراب عن العمل يوم الخميس 12 فبراير 2015، لكن تم تعليقه (لم يم إخبار الفوج الثاني بالقرار مما أثار حالة من الارتباك والاستياء وسطه) بعد تدخل السلطات الاقليمية و دعوتها المكتب النقابي للتفاوض بحضور مدير مصنع رونو- نيسان طنجة. شهدتحركة الاحتجاج نجاحا ساحقا. هكذا تم فرض التفاوض وأسفر عن عدة مكاسب للأجراء وقع الاتفاق بشأنها مع الادارة يوم 14 فبراير 2015 وعرض مكتب النقابة نتائج التفاوض يوم الأحد 15 فبراير 2015 في جمع عام بحضور مئات الأجراء بالقاعة الكبرى لقصر البلدية.
وقد كانت أهم نتائج التفاوض بالنسبة للأجراء:
– زيادة نسبة 6 % في الأجر الأساس لجميع العمال، سواء كان عقد العمل غير محدد المدة أو محدد المدة، على أن يكون العامل قد اشتغل بالشركة أكثر من 6 أشهر. و زيادة نسبة 3.5 % في الأجر الأساس للمستخدمين يضاف لها نسبة 1 % من الأجر الأساس حسب «الاستحقاق» يمنحها الرئيس المباشر في العمل. أما بالنسبة للأطر فنسبة الزيادة هي 1 % من الأجر الأساس و نسبة 2 % من الأجر الأساس حسب «الاستحقاق» يمنحها الرئيس المباشر في الادارة.
– محفظة الدخول المدرسي لأبناء العمال في كل دخول مدرسي.
– منحة شهرية بقيمة 125 درهم مقابل وقت الراحة، و تناول الوجبات (نصف ساعة) على أن ترفع قيمتها إلى 250 درهم خلال عام 2016. تشمل جميع العمال و المستخدمين، الذين يعملون بالأفواج. أما الذين يعملون بدوام عادي ، فتقدر المنحة ب 100 درهم في 2015 و 200 درهم في 2016. بالتناسب مع الأيام التي سيتم اشتغالها. و لا تشمل هذه المنحة فئة الأطر.
– إلغاء بنك الساعات، و الالتزام باحترام مدة العمل الأسبوعية القانونية أي 44 ساعة في الأسبوع
– إلغاء أيام العمل التي كانت في ذمة العمال، و هي أيام تم تقاضي أجرها دون اشتغالها فعليا (عطلة رسمية تكون مدتها أطول من المدة القانونية)
– قسيمة شراء عند بداية شهر رمضان لجميع الأجراء بقيمة 500 درهم.
– توسيع مجال تدخل صندوق التآزر الاجتماعي، الذي كان يمنح منحة عند وفاة الوالدين، ليشمل الزوجة والزوج و الأبناء، و كذا الزواج و ولادة الأبناء، لم تحدد قيمة المنحة.
– تمويل حج أربعة أجراء بمدة مدفوعة الأجر. و إعداد مكان مناسب للصلاة.
– تطبيق المادة 274 من مدونة الشغل على الأجراء العاملين بالساعة.
باقي البنود هذا البرتوكول، الثاني من نوعه الذي توقعه الشركة مع المكتب النقابي، جاءت عبارة عن وعود ستعمل الادارة على النظر في كيفية تحقيقها. من قبيل:
– تمكين الأجراء من الحصول على سيارات بأسعار تفضيلية و بقروض دون فوائد.
– تشجيع الأجراء على الحصول على مساكن عن طرق تعهد الادارة بتسهيلها للشراكة بين المنعشين العقاريين و الممولين؟؟
– تسهيل الولوج إلى التكوين و متابعة الدراسة. يمكن أن تمول الشركة تكوين بعض الأجراء يتم انتقائهم من طرف المسيرين ما دام ذلك يخدم مصلحة الشركة. و عقد اتفاقات شراكة مع القطاع الخاص لتسهيل حصول الجراء على تكوين بأثمنة مخفضة.
(هل بمثل الأجور الهزيلة التي تمنحها رونو – نيسان طنجة، التي لا تغطي حتى متطلبات العيش الضرورية سيقتني العمال السيارات و يشترون المساكن و يواصلون الدراسة؟؟)
مقابل هذا يلتزم المكتب النقابي، حسب ما جاء في برتوكول الاتفاق الثاني الذي سيشمل سنة 2015، بتنمية حس المسؤولية عند الأجراء و دفعهم إلى الانخراط في أهداف الشركة، و خاصة المتعلقة بتنافسية المصنع فيما يخص السلامة و الجودة و الكلفة. و هي نفس الالتزامات التي طلب من المكتب النقابي الوفاء بها بعد توقيع البرتوكول الأول في نونبر 2013.
بنود الاتفاق تتهم العمال مباشرة بعدم المسؤولية، وتحملهم وزر الحوادث التي تقع، علما أن المسؤول عن هذه الحوادث هو التقشف في وسائل السلامة و التكوين المناسب و المستمر في التقنيات المتطورة، و كذا تكثيف وتائر العمل المرهقة التي تفقد الاجراء التركيز و تسبب لهم الارهاق الشديد. بالإضافة إلى الضغوط الاجتماعية و النفسية الناتجة عن تدبير أجرة لا تسد متطلبات العيش الكريم. إن الأمراض المهنية المرتبطة بصناعة السيارات، و خاصة الاضطرابات العضلية و المرتبطة بالمفاصل (troubles musculo-squelettiques)، تسبب معاناة للأجراء لا حدود لها. لهذا تبقى حوادث الشغل كثيرة، و إن كان أحيانا بعض العمال يتهربون من استخدام وسائل السلامة فلأنها مرهقة و تخنقهم نظرا لوجود أماكن عمل تهويتها غير جيدة و حرارتها لا تحتمل. طب الشغل يبقى هزيلا، و اهتمامه بوضعية العمال الصحية ناتج فقط عن خوفه من حوادث الشغل المكلفة بالنسبة للشركة. يضاف إلى ذلك أن معاملة الأجراء ليست في المستوى المطلوب.
نقص الأموال و الأزمة مبرر تنصل الادارة من تلبية مطالب الأجراء؟ ما صحة هذا المبرر؟
طبعا هذا غير صحيح، فالمجموعة حققت، عالميا، على امتداد السنوات الأربع الأخيرة 2010-2014 ما مجموعه 8 ملايير و 59 مليون أورو من الأرباح الصافية. و قد استفاد المساهمون برسم سنة 2013 فقط من توزيع أرباح بلغت 508 مليون أرورو. في حين تصل قدرة المجموعة على التمويل الذاتي إلى 2 مليار و 914 مليون أورو خلال سنة 2013. و يحصل مدراؤها على أجور خيالية، و على رأسهم كرلوس غصن «Carlos Ghosn» الذي تقاضى 2.7 مليون أورو كمدير لشركة رونو و 7.2 مليون أرور كمدير لشركة نيسان، بالإضافة للأسهم التي يملكها، أي حوالي عشرة ملايين أورو و هو ما يعادل حوالي 1818 أورو في السنة لكل عامل من عمال مصنع رونو ال 5500 .
أية مطالب نقابية لقطاع السيارات؟
يشغل قطاع صناعات السيارات في المغرب آلاف الأجراء (55 ألف أجير أو يفوق)، يشتغل جلهم في صناعة الأسلاك الكهربائية للسيارات و أغلفة الكراسي و بعض المركبات الأخرى، في شروط عمل قاسية: يوم عمل طويل و مرهق، و اجور بئيسة و امراض مهنية متفشية، و حريات نقابية شبه معدومة، هذا ما يقتضي توحيد جهود النقابيين و النقابيات بالقطاع، من أجل فرض العمل النقابي، من أجل المطالبة:
– بأسبوع عمل من أربعين ساعة في الأسبوع و منع الاشتغال وقت الراحة الأسبوعية، و منع زيادة الساعات الاضافية لما لها من تأثير مدمر على مستقبل الأجراء. ومن أجل خلق فرص شغل جديدة لمواجهة وحش البطالة الذي ينهش إخوانا لنا.
– رفع الأجور بما يضمن تلبية متطلبات الحياة الأساسية في السكن و التغذية و الصحة و التعليم والترفيه. فلا يعقل أن تنعم البورجوازية بالسيارات و اليخوت و القصور و الفيلات الفاخرة بينما يحشر العمال و أبناءهم في مساكن تنعدم فيها شروط الصحة و السلامة.
– من اجل حد أدنى للأجور لا يقل عن 4000 درهم، و منع عمل النساء ليلا.
– ترسيم كل العمال المؤقتين، و منع التشغيل عن طريق شركات السمسرة في اليد العاملة، التي تتاجر في بؤس العاطلين.
– تكوين مكتب نقابي لكل أجراء مصنعي رونو بطنجة و الدار البيضاء. و تعميم المكسب التي عند الاجراء بالمصنعين.
إن بناء نقابة خاصة بقطاع السيارات يعتبر مدخلا حيويا لمواجهة حرب الاستنزاف التي تخوضها الطبقة البورجوازية ضد العمال و العاملات مستغلة سلاح التنافس بين الأجراء للحصول دوما على شروط، استغلال اكثر بشاعة للأجراء.
على سبيل الخاتمة:
يعد فرض العمل النقابي بمصنع رونو نيسان من أهم المكاسب التي حققها العمال و العاملات، بالاضافة للمكاسب المادية الأخرى، لكن يجب الانتباه إلى مناورة الادارة التي تسعى إلى إضعاف النقابة واستخدامها، لتنفيذ خططها. لكي ينجح العمل النقابي و يتصلب بشكل أكبر لا بد من تنمية مشاركة كافة فئآت الأجراء في تسيير النقابة و في التكوين النقابي و في الحوارات لتعزيز جو الثقة و التضامن بين الأجراء و المساهمة في تكوين و تمرس أكبر عدد من النقابيين و النقابيات.

شارك المقالة

اقرأ أيضا