ارتسامات مشارك في المؤتمر الحادي عشر للإتحاد المغربي للشغل

نشر هذا النص ضمن مواد جريدة المناضل-ة لشهر مايو 2015

أولا: الاعداد للمؤتمر
يمكن أن نميز هنا ما بين مستويين، مستوى وطني عرف تنظيم ما يسمى بالمؤتمر القبلي أو التمهيدي، في 7 مارس 2015، وهو عبارة عن مجلس وطني موسع تداعى إليه ممثلو الاتحادات المحلية و الجهوية و الشبيبة العاملة وباقي الهياكل و الأجهزة وقد تم توزيع عدد من الأوراق، وللدقة هي عبارة عن عناوين أو فهرس للوثائق التي ستوزع خلال المؤتمر. كما تقدم الأمين العام بكلمة توجيهية حول الاستحقاق التنظيمي الذي ينتظره الجميع والظروف العامة التي ينعقد فيها المؤتمر الذي يصادف الذكرى الستين لتأسيس الاتحاد. كما قدمت بعض العروض التأطيرية من طرف بعض أعضاء اللجنة التحضيرية. أما على المستوى المحلي فلم يكن هناك أي إعداد يذكر باستثناء الاجتماع اليتيم الذي عقد على مستوى الاتحاد المحلي، قبيل موعد المؤتمر حيث لم يتم مناقشة مشارع المقررات ولا تنظيم ندوات تعبوية ولا انتخابات للمؤتمرين وفق معايير مضبوطة وموحدة. لقد تم انتقاء المشاركين من طرف المكتب الجهوي وتكفل بإخبارهم فيما بعد.
ثانيا: الأجواء أثناء المؤتمر
أول ما يلفت الانتباه حول هذه الأجواء هو رتابتها الشديدة. بحيث غاب الحماس والتنافس عن المؤتمر الذي عادة ما يميز مؤتمرات المنظمات الجماهيرية. واتت نتائجه الختامية معروفة منذ اليوم الأول. وكان هذا نتيجة الخطة المحكمة التي وضعتها اللجنة التحضيرية للتحكم في دواليبه. هكذا بدأ اليوم الأول صباحا بتوزيع المحافظ التي تحتوي مشاريع وثائق المؤتمر. إن حصول المؤتمرين والمؤتمرات على مشاريع المقررات في آخر لحظة لن يسمح لمشاركين الأكثر جدية من الاطلاع عليها لإبداء الملاحظات والتعديلات التي يرونها ضرورية.
في مساء اليوم الأول تمت الجلسة الافتتاحية في جو من البهرجة والاحتفال في محاولة للتغطية على كل النواقص والعيوب الكامنة في الأحشاء، كما عرفت الجلسة الافتتاحية حضور عدد من الوجوه أقل ما يقال عنها انها معادية للطبقة العاملة فكرا وسياسة، من قبيل رئيس الحكومة ورئيسة منظمة أرباب العمل والعديد من الوزراء… وكل مناصر لتحرر الطبقة العاملة شاهد وقائع الجلسة الافتتاحية عبر اليوتوب سيلاحظ ذلك وسيشمئز منه.
انتهت الجلسة الافتتاحية على الساعة الحادية عشر ليلا وكان أهم ما ميزها الكلمة الطويلة للأمين العام الميلودي مخاريق والتي اعتبرت فيما بعد بمثابة التقرير الأدبي الذي سيتم مناقشته خلال اليوم الثاني بدون ان يكون مصحوبا بأي تقرير مالي، وبرر ذلك بكون مكتب محاسبة سيتكلف بإعداده وقد تلى ذلك تصفيق لمباركة هذا السبق العظيم وللإشارة فقد لوحظ أن هناك تزكية مسبقة عند شريحة مهمة من المؤتمرين لكل ما يصدر عن رئاسة المؤتمر بدون تمحيص ولا نقد. كما أن نقاش التقرير الأدبي من طرف المؤتمرين لم تكون فيه أي نبرة انتقادية للقيادة، بينما العديد من التدخلات كانت طبيعتها شكلية، وأخرى لا علاقة لها بالتقرير الأدبي، أما المداخلات التي بها حس سياسي فكانت قليلة. هذا ما يكشف طبيعة المؤتمرين المنتقين على المقاس في أغلبيتهم الساحقة (2197 مؤتمر ومؤتمرة)، وأغلبية المؤتمرين كانت عبارة عن الأطر العليا في الوظيفة العمومية والقطاعات العامة والشبه العامة والتي لا تعكس تركيبة الطبقة العاملة اليوم. قبل الشروع في نقاش التقرير الأدبي دون المالي، «تشكلت» لجنة الرئاسة ولم تكون سوى اعضاء الأمانة الوطنية المنتهية ولايتهم بالإضافة إلى اخرين اختارتهم الأمانة وليس المؤتمرون. أعضاء الأمانة لم يغادروا ولو لحظة واحدة المنصة للجلوس إلى جانب باقي المؤتمرين كما جرت الأعراف في المؤتمرات. وهذه طريقة معبرة عن التشبث بمصالح الطبقة العاملة على الطريقة البيروقراطية.
بعد ذلك تم تشكيل سبع لجان موضوعاتية باشرت أشغالها بالموازاة مع استمرار نقاش ما سمي بالتقرير الأدبي. بالإضافة لفرز لجنة الترشيحات والتي ضمت من بين أعضائها المرشحين لعضوية الاجهزة الوطنية بحيث قاموا بدور الخصم والحكم، واستمر الأمر إلى ما بعد منتصف الليل، حيث تم الاعلان عن النتائج النهائية. جدير بالذكر أنه تم إحياء جهاز جديد سمي بالمكتب الوطني كان قد حذف في المؤتمر السابق حيث أعلن عنه الأمين العام لترضية الطامحين لتسلق الأجهزة. أما اللجنة الادارية فقد تم رفع عدد أعضائها من 160 عضو إلى 333 عضو خلافا للقانون الأساسي علما أن هذا العدد سيجعل منها مجالا لمباركة قرارات الأمانة لأنها من انتقتها فعليا (علما أن الأمانة عينت بعد المؤتمر ما سمته مجلسا للأطر لا تعرف اختصاصاته ولم يتداول بشأنه في المؤتمر). كما احتفظت الأمانة الوطنية بحق إضافة عشرة أعضاء إليها محسوبين على التوجه الديمقراطي (نتيجة المفاوضات الجارية) وعضوين للمكتب الوطني، علما أنه لم تتم الاشارة للتوجه الديمقراطي ولا للمشكل التنظيمي الذي تعرفه القطاعات لا من قريب ولا من بعيد، وكأن ما وقع في ثلاث سنوات من صراع داخل المنظمة لا يستحق حتى الذكر.
ثالثا: أفاق الاتحاد المغربي للشغل بعد المؤتمر
باستحضار المنهجية العامة التي يشتغل بها الاتحاد سواء محليا أو جهويا أو وطنيا، و باستحضار خط القيادة التنظيمي والسياسي، الذي تصر عليه، فإن الآفاق المستقبلية التي تنتظر المنظمة بعد 60 سنة على تأسيسها لن تختلف عن حاضرها ولا عن ماضيها، وخاصة بعد تخلص الأمانة الوطنية من كل معارضيها تقريبا. فبرغم أن قيادته الفعلية حاولت تغيير صورة المركزية بعد وفاة الزعيم التاريخي المحجوب بن الصديق والظهور بصورة المنظمة التي تتسع للجميع و خاصة بعد المؤتمر العاشر، في محاولة لإعطاء صورة ديمقراطية لها، فإن قرارات الطرد الجائر الذي طال خيرة المناضلين في مارس 2012، وما تلاه من ردة نقابية نضاليا وتنظيميا أعاد المركزية إلى طبيعتها الأصلية التي شبت عليها منذ عقود. نقابة للشراكة والوساطة بين أرباب العمل والدولة.
حادثة طريفة: الوفود النقابية الأجنبية الحاضرة في الجلسة الافتتاحية، أعلن أحد قادة المنظمة أنهم بعثوها في رحلة استجمام مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية إلى مراكش، لاكتشاف كنوز المغرب. فهل قيادة الاتحاد المغربي للشغل (امش) أرادت تفادي أي نقاش مع النقابيين من باقي العالم و كأنها تقول لهم أن لا فائدة من حضوركم غير أخذ الصور التذكارية في الجلسة الافتتاحية؟. وهل التجارب النقابية عبر العالم وتحديات العمل النقابي في ضل العولمة ليست على جدول أعمال قادة أمش؟ أم منظمة نقابية عمرها ستون سنة ليس لها ما تفيد به باقي المنظمات النقابية.
مارس 2015

شارك المقالة

اقرأ أيضا