اليونان: حزب سيريزا منقسم حول الاتفاق الذي يجري التفاوض بشأنه في بروكسل

بلا حدود4 يوليو، 2015

 

 

 

 

بعد خمسة أشهر من المفاوضات وسبعة اجتماعات لمجموعة اليورو، يؤكد الاتفاق ارتسمت ملامحه بداية هذا الأسبوع في بروكسل العديد من الانتكاسات للحكومة اليونانية. وعدد من نواب سيريزا قد أعلنوا بالفعل أنهم سيصوتون ضده، بينما الوسط والاشتراكيون يعولون على تقارب مع حزب تسيبراس.

“لن تمر المقترحات التي بعثت بها الحكومة عبر جهاز الحزب. فمن شأن هذا الاتفاق أن يؤدي إلى ما هو أسوأ من مذكرات الإملاءات السابقة”. جاء هدا الهجوم من النائب هيراكليون يانيس Micheloyannakis الاثنين مساء. أعلن البرلماني عن سيريزا بشكل قاطع أنه لن يصوت على نص الاتفاق بين أثينا ودائنيها الذي سيعرض لموافقة البرلمان. لا بد من القول أن الحكومة تسيبراس لم تنفك تتراجع بشكل مطرد منذ وصولها إلى السلطة، في يناير. باستثناء عدد قليل من القوانين لمواجهة الأزمة الإنسانية التي تم التصويت لصالحها في أبريل، لقد تراجعت على مجموعة من “الخطوط الحمراء” التي كانت قد وضعتها في بداية المفاوضات. وتتألف النقاط الأخيرة التي بقيت حازمة حولها ضد محاوريها من صندوق النقد الدولي ومجموعة اليورو من رفض المس بمعاشات  التقاعد وزيادة الضرائب، وخاصة ضريبة القيمة المضافة.

أخيرا، كما أشار مصدر حكومي يوناني الاثنين 22 يونيو مساء، وافقت حكومة تسيبراس على المس بصورة غير مباشرة بالمعاشات وقدمت اقتراحا بديلا لزيادة الإيرادات الضريبية: إنها ملتزمة ب”الحد تدريجيا في عام 2016 من فرص التقاعد المبكر”، والتي سيتم إزالتها تماما بدء من 2025، وتقترح زيادة معدل “ضريبة التضامن” لذوي الدخل فوق 20000 اورو سنويا. حتى أنها خلقت شريحة جديدة لهذه الضريبة التي تم إقرارها في ظل الحكومة السابقة: بالنسبة لدخل فوق 500000 € سنويا، فإن معدل ضريبة التضامن ستصل إلى 8٪. أخيرا، تقترح الحكومة زيادة الضرائب على الشركات (من 26 إلى 29٪) مع إضافة ضريبة استثنائية 12٪ على أرباح الشركات أعلى من 500000 أورو سنويا.

إذا تم استثناء دافعي الضرائب الصغار من هذه التغييرات، تظل الحقيقة: الإصلاحات التي يبدو أن الحكومة اليونانية ملتزمة بها تبقى تدابير تقشف مالي صارمة. لا حديت لا عن الإنعاش ولا عن مكافحة البطالة أو تخفيف الضرائب عن الدخول الصغيرة المثقلة بخمس سنوات من الصرامة. قبل كل شيء، خريطة الطريق في تناقض تام مع البرنامج الذي قادت حوله سيريزا حملتها الانتخابية، حتى انتخابات 25 يناير. لا عجب، إذن، أن السخط يزداد أكثر وأكثر وسط منتخبي حزب اليسار الراديكالي. “موقفي الشخصي هو أن لا يمكن تمرير هذه التدابير” هذا ما أعلنه الكسيس ميتروبولوس، نائب آخر لسيريزا مساء الاثنين على قناة التلفزيون اليونانية.

ليس من المستغرب، أن يصعد الجناح اليساري للحزب من لهجته هذه المرة، بعد أن لعب لعبة الولاء لخط تسيبراس خلال الأسابيع الأولى من ممارسة السلطة، وكان قد كتم أطروحاته بخصوص الخروج من منطقة اليورو – حتى لو أنه قد أعرب بقوة عن شكوكه حول الإصدار الأول من اتفاق 20 فبراير. في مقابلة مع صحيفة دي تسايت الألمانية، أكد النائب والخبير الاقتصادي كوستاس Lapavitsas، المؤيد منذ فترة طويلة للعودة إلى الدراخما، أنه من الضروري لليونان أن تخرج من منطقة اليورو كي يستعيد اقتصادها عافيته. وحسبه فإن الاتفاق مع الدائنين لن يحدث بتاتا “العودة إلى النمو”. واضاف متسائلا “كيف يمكننا العودة إلى محافظاتنا الانتخابية وتفسير ذلك لمن انتخبونا إذا وقعنا هذا الاتفاق؟. لأن هناك سابقة لانهيار حزب يسار- وسط، في اليونان. انتقل حزب بازوك(الاشتراكي) الذي يتبنى بمهارة برامج التقشف منذ عام 2010، في أربع سنوات من قرابة 40٪ إلى حوالي 6٪ من الأصوات. وأعضائه، الذين يتم التضييق عليهم من قبل ناخبيهم، حدوا تدريجيا من فرص ظهورهم العام في البلاد. يدرك جيدا نواب سيريزا أنه بمصادقتهم على اتفاق لا يحيد كثيرا عن مسار التقشف، فإنهم يخاطرون بأن يطالهم نفس المصير …

هدا نفس ما ذهب له النائب الشاب ديميتريس كوديلاس من خلال تعليقه على حسابه بالفيسبوك. “ليس لدينا الحق في إحباط توقعات شعبنا عبر إتمام البرنامج الموروث عن أسلافنا المؤيدون للتقشف، هذا ما كتبه صباح هذا الثلاثاء. ما زلت اعتقد أنه من أجل بقاء البلاد وكرامتها وإعادة بناءها، فإن الشرط هو التحرر من نظام التقشف”.

بين الناخبين، حيت الأغلبية مازالت تقول أنها جاهزة دائما، في استطلاعات الرأي، للتصويت لصالح سيريزا، لا شك أن توقيع اتفاق في تناقض تام مع وعود الحملة الانتخابية قد يثير الرفض العميق. ستاثيس كوفيلاكيس، عضو الجناح اليساري في الحزب، يدعو إلى التعبئة. كتب في تدوينة على الفيسبوك بعد اجتماع مجموعة اليورو مساء الاثنين: “غني عن القول أن كل”الخطوط الحمراء” قد تم تجاوزها وأن قليلا جدا يندرج ضمن برنامج سيريزا. لا داعي كذلك للقول أن “تطهير” جديد بقدر 8 مليارات يورو في بلد فقد بالفعل 25٪ من ناتجه المحلي الإجمالي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى الركود جديد، والفقر والبطالة. ولكن، بطبيعة الحال، هذا لا يزال غير كاف للترويكا. يتبع الاتحاد الأوروبي بصرامة خط سنة 68 الايطالي « Tutto vogliamo »/ ” نريد كل شيء!” وهذا الأمر يعمل،  لأنه في كل مرة يتمكنون من الحصول على المزيد من التنازلات حتى دون أن أقل جهد من جانبهم! يجب علينا وقف هذه الدوامة الجهنمية قبل فوات الأوان! لقد حان الوقت كي تستيقظ الحركات الاجتماعية وقوى اليسار المكافحة وتناضل! “

إذا كان اتفاق جديد بين أثينا ودائنيها يهدد بانشقاق سيريزا، ففي الوسط، سيستفيد البعض عن طيب خاطر من إعادة تشكيل الطيف السياسي وسيكون بإمكانه الحكم أيضا جنبا إلى جنب مع تسيبراس. في إشارة معبرة، أصدر زعيم حزب باسوك ايفانجيلوس فينيزيلوس بيانا يوم الثلاثاء يعلن بجلاء دعم الاتفاق المقبل. “إن الحل الوحيد لمشكلة الديون، هو الاستمرار على أسس عام 2012. الحكومة مضطرة إلى الاعتراف بحقيقة تاريخية رمتها ومموهتها”.

من جانبه، أعلن ستافروس ثيودوراكيس، زعيم Potami (“النهر”، وهو حزب ليبرالي صغير تكون العام الماضي حول شخصيات في وسط الأعمال والإعلام)، الأسبوع الماضي انه مستعد للتصويت على اتفاق يعقد بين أثينا ودائنيها. وقد التقى حتى جان كلود يونكر، وناقش معه البرنامج الاستثماري … علامة على أن رئيس اللجنة الأوروبية قد يكون بالفعل يراهن على تشكيل حكومة ائتلافية في المستقبل. يبقى أنه داخل سيريزا، يمثل مثل هذا التحالف إعادة تركيز قاسية، تشمل أبعد من مجرد الجناح اليساري للحزب. إذا قام  تحالف مع اليمين السيادي والمضاد للتقشف ANEL في يناير، سيكون ذلك بسبب رفض أغلبية سيريزا الساحقة  أي تحالف مع حزب بازوك (المعتبر مسؤولا عن وضع البلاد تحت الوصاية) وPotami (المعتبر حزبا مؤيدا للتقشف).

حذر المتحدث باسم الحكومة غابرييل ساكيلاريديس صباح اليوم الثلاثاء: إذا لم يحصل اتفاق على الأغلبية في Vouli، ستتم الدعوة إلى انتخابات مبكرة جديدة. هل ستكون أصوات Potami وحزب بازوك كافية لتعويض خسائر سيريزا؟ أو هل حكومة تسيبراس تسعى على وجه التحديد إلى إثارة انتخابات جديدة لتحوز على الأغلبية المطلقة؟ يبدو الرهان محفوفا بالمخاطر … ولكنه غير مستبعد.

أميلي POINSSOT

23 يونيو 2015

المصدر: http://www.europe-solidaire.org/spip.php?article35248

تعريب المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا