بيان ختامي صادر عن المؤتمر الوطني الأول للاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة

الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة
بيان ختامي
صادر عن المؤتمر الوطني الأول للاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة

انعقد، كما كان مقررا، المؤتمر الوطني الأول للاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة أيام 30 و31 أكتوبر و01 نونبر 2015، بالمجمع الدولي مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، تحت شعار”نضال مستمر، مطالب عادلة، وفعل في التنمية”. وقد تخللت أشغال هدا المؤتمر روح وحدوية مفعمة بالنقاش الجاد والبناء والمسؤول، بحيث حج مؤتمروا ومؤتمرات الاتحاد من جميع أقاليم وجهات الوطن للتعبير عن مشروعية مطالبهم ووحدة مصيرهم وإطارهم.

وإذ نحيي الإرادة الثابتة التي عبر عنها المتصرفون والمتصرفات في إنجاح هذه المحطة التنظيمية النوعية، فإننا نسجل بأن تنظيم مؤتمرنا الأول هذا، يأتي في سياق دولي يتسم بتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، والتي تعمل الدوائر الاقتصادية والمالية الكبرى “منظمة التجارة العالمية ، صندوق النقد الدولي والبنك العالمي …” على تصريفها عبر آليات المديونية والتحرير الشامل للاقتصاد وغيرها من الآليات، على كاهل الشعوب في خرق سافر لإرادتها واختياراتها الديمقراطية الحرة.

وعلى الصعيد الجهوي، لازالت المنطقة العربية والمغاربية تشهد استمرار مسلسل قمع الشعوب المنتفضة من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وفي اختيار مستقبل أفضل لأوضاعها، سواء من خلال دعم الأنظمة الاستبدادية والفاسدة عبر تأييد أنظمة الثورة المضادة والسكوت على جرائمها في حق الشعوب، أو من خلال التدخل العسكري الأجنبي السافر في الشؤون الداخلية لهده البلدان.

هذا، في ظل استمرار الكيان الصهيوني في فرض استيطانه الغاشم ومواصلة سياسته العدوانية والإجرامية ضد أبناء الشعب الفلسطيني المنتفض من أجل تحرير أرضه وبناء دولته الديمقراطية المستقلة.

أما على الصعيد الوطني، فإنه منذ انعقاد المؤتمر التأسيسي في يوليوز 2011 إلى يومنا هذا، فإننا نسجل بأن الأوضاع العامة ببلادنا ازدادت سوءا، على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بحكم انعدام سياسات عمومية نابعة من الاستجابة للحاجيات الملحة والفعلية للمواطنات والمواطنين، وارتهان معظم المخططات والبرامج المتبعة بإملاءات الدوائر المالية المتحكمة في مصير الاقتصاد المغربي.

ما نتج عنه، اتباع سياسات تفقيرية ضد السواد الأعظم من المواطنين والمواطنات، عبر تفكيك منظومة دعم المواد الأساسية المسيرة من قبل صندوق المقاصة، ومواصلة سياسة تحرير الخدمات الاجتماعية الأساسية من قبيل النقل والماء والكهرباء …، وخوصصة القطاعات الاجتماعية الحيوية، ولاسيما في مجالي الصحة والتعليم، مع تجميد واضح للتشغيل والتوظيف.

ومن أجل مواجهة كل أشكال المقاومة الاجتماعية والمدنية لهذه السياسات اللاشعبية، مافتئت السلطات العمومية تلجأ إلى تصعيد حملة القمع والتضييق على الحق في التظاهر والاحتجاج السلميين تحت يافطة “استرجاع هبة الدولة”، بهدف تجفيف ينابيع الصمود والمقاومة العادلة والمشروعة للمواطنين من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

وفي هدا السياق، لم يخرج تعامل الحكومة مع نضالات ومطالب الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة، طيلة الأربع سنوات الماضية، عن هذا النهج القائم على أساس التضييق والقمع، والتعنت في فتح حوارات جدية ومسؤولة على قاعدة الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة لهيئة المتصرفين.

بل الأنكى من ذلك، لجأت الحكومة إلى فرض كل أشكال الحصار على الاتحاد من خلال ضرب حقه في التنظيم المكفول بمقتضى القوانين الوطنية والمواثيق الدولية المصادق عليها من قبل المغرب. وذلك عبر تماطل السلطات العمومية وتعنتها في منح وصولات الإيداع القانونية سواء للمكتب التنفيذي أو لمجموعة من المكاتب الإقليمية، وكذا منع الاتحاد، بشكل ممنهج، من استعمال وسائل الإعلام العمومية للتعبير عن مواقفه ومطالبه، فضلا عن لجوء الحكومة إلى الاقتطاع اللاقانوني من أجور المتصرفين في محاولة يائسة منها لتجميد نشاطاتهم النضالية وكسر إرادتهم الثابتة في تحقيق مطالبهم العادلة.

كل ذلك، في ظل تهميش مقصود للاتحاد وإقصائه، كقوة اقتراحيه، في كل ما يتعلق بإعداد وبلورة الإجراءات القانونية والتنظيمية التي تهم منظومة الوظيفة العمومية.

غير أنه في الوقت الذي تتذرع فيه الحكومة، بوجود إكراهات مالية مستعصية تحول دون الاستجابة لمطالب المتصرفين في مقدمتها مطلب العدالة الأجرية أي أجور متساوية لعمل ذي قيمة متساوية، لم تتردد في تسوية مطالب العديد من الهيئات، من قبيل رجال القضاء ورجال السلطة، ناهيك عن تسويتها لملفات المهندسين وكتاب الضبط…في الوقت الذي تعلق فيه الحكومة الاستجابة لمطالب المتصرفين العادلة والمشروعة، على مايسمى “بالمراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية” و”إصلاح منظومة الأجور”، مما يكرس سياسة التمييز المهني المقصود والمنهج في حق هيئة المتصرفين.

وبالإضافة إلى كل ماسبق، تتهدد المتصرف بصفته موظفا، عددا من المخاطر المحدقة اجتماعيا ومهنيا ومعنويا، والناتجة عن طبيعة الإجراءات والتدابير التي تسعى الحكومة إلى فرضها في مجال الوظيفة العمومية، ولاسيما في مجال التقاعد عبر تخفيض الأجور ورفع سن العمل وتخفيض المعاشات، والحركية عبر فرض النقل التلقائي للموظف دون إرادته، مما يفتح إمكانية لجوء الإدارة إلى اتحاد قرارات تعسفية وانتقامية تحت غطاء تفعيل الحركية، بالإضافة إلى التحضير لتقنين الاقتطاع من أجور المضربين من خلال المراجعة المرتقبة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، واستمرار تنكر الحكومة للعديد من البنود التي تضمنها اتفاق 26 ابريل 2011، وخاصة ما يتعلق منه، بإحداث الدرجة الجديدة، والتصديق على الاتفاقية الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية، ومراجعة الفصل 288 من مدونة القانون الجنائي في اتجاه يلغي تجريم ممارسة حق الإضراب.

وبناء على كل ماسبق، وإذ يحيي الاتحاد بحرارة كافة المتصرفات والمتصرفين على النجاح الكبير والمتميز الذي عرفه مؤتمرهم الأول على جميع المستويات الأدبية والتنظيمية والبرنامجية، يعلن للرأي العام مايلي:

– تشبثنا بمطالبنا العادلة والمشروعة، وفي مقدمتها مطلب العدالة الأجرية، وذلك بمساواتنا مع الفئات المماثلة الأخرى على صعيد الأجور والترقية والتعويضات؛
– مطالبتنا الحكومة المغربية بفتح حوار جاد ومسؤول وآني، يقطع مع جلسات الاستماع السابقة التي باشرها بعض أعضاء الحكومة مع ممثلي الاتحاد؛
– مطالبتنا بالتنفيذ الفوري لما تبقى من بنود في اتفاق 26 أبريل 2011، والمتعلقة منها أساسا بإحداث درجة جديدة لفائدة المتصرفين كما هو معمول به لدى هيئتي المهندسين والمهندسين المعماريين المشتركة بين الوزارات وكتاب الضبط، والتصديق على الاتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية، مع إلغاء جميع النصوص القانونية والتنظيمية المجرمة لممارسة الحق في الإضراب؛
– تنديدنا بالسياسات والممارسات التمييزية التي تستهدف هيئة المتصرفين في خرق سافر لتعهدات المغرب الدولية في مجال القضاء على كل أشكال التمييز المهني بين الموظفين؛

– تندينا بالحيف الذي يطال المتصرفين العاملين بوزارة الداخلية، عبر منعهم من الحق النقابي وحرمانهم من التمثيلية في اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء…؛
– إدانتنا لكل أشكال التضييق والقمع والتعسف التي تطال حق المتصرفين في التنظيم والتظاهر والاحتجاج السلميين؛
– شجبنا للقمع الاقتصادي الذي يستهدف هيئة المتصرفين وعموم الموظفين المضربين ودلك بالاقتطاع اللامشروع من أجورهم؛
– رفضنا لمشروع قانون المالية لسنة 2016، الذي ينتصر، مرة أخرى لمبدأ التوازنات المالية بهدف تكريس المزيد من السياسات التقشفية والتفقيرية على حساب الأبعاد الاجتماعية والتنموية؛
– رفضنا لكل السياسات اللاشعبية التي تعتزم الحكومة تفعيلها في مجالات التقاعد والتوظيف بفرض عقود عمل محددة المدة، والترقية عبر ضرب الحق في الترقي عن طريق الأقدمية، وتقييد حق الإضراب، ومواصلة تفكيك منظومة الدعم العمومي المسير من قبل صندوق المقاصة؛
– تضامننا مع نضالات الشغيلة المغربية، وسائر الحركات الاجتماعية الاحتجاجية من معطلين وطلبة…، ومع مختلف النضالات الاجتماعية الجارية ضد غلاء المعيشة وخوصصة الخدمات الاجتماعية؛
– تضامننا مع انتفاضة الشموع التي تشهدها مدينة طنجة والعديد من مدن الشمال ضد سياسة التدبير المفوض، وضد تفويت الخدمات الأساسية للمواطنين للشركات الأجنبية التي تضع منطق الربح فوق كل اعتبار آخر؛
– تضامننا مع نضالات الشعوب من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية وفي مقدمتها الشعوب المنتفضة في المنطقة العربية والمغاربية؛
– تضامننا مع انتفاضة الشعب الفلسطيني الباسل في مواجهة الغطرسة الصهيونية وتواطؤ الأنظمة العربية.

وفي الأخير، ندعو كافة الهيآت السياسية والنقابية والجمعوية والشبابية المناضلة إلى تغليب النضال الوحدوي المشترك على طريق بناء جبهة اجتماعية واسعة لمناهضة التراجعات والسياسات اللاشعبية المتبعة في بلادنا.

عاش الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة صامدا ومناضلا من أجل مطالبه العادلة والمشروعة.

بوزنيقة، في فاتح نونبر 2015
عن المؤتمر الوطني الأول

شارك المقالة

اقرأ أيضا